اللهم ان عبد عليا قد احتبس نفسه على نبيك فرد عليه شرقها - اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس
قال الامام الالباني : " 971 - " اللهم إن عبدك عليا احتبس نفسه على نبيك ، فرد عليه شرقها ، ( وفي رواية ) : اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس ، قالت أسماء ، فرأيتها غربت ، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت " .
موضوع .
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 9 ) من طريق أحمد بن صالح : حدثنا ابن أبي فديك : حدثني محمد بن موسى عن عون بن محمد عن أمه أم جعفر عن أسماء بنت عميس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بـ ( الصهباء ) ، ثم أرسل عليا عليه السلام في حاجة ، فرجع
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم العصر ، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي ( فنام ) ، فلم يحركه حتى غابت الشمس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( فذكره باللفظ الأول وزاد ) : قالت أسماء : فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال ، وعلى الأرض ، ثم قام علي فتوضأ وصلى العصر ، ثم غابت ، وذلك في ( الصهباء ) " .
قال الطحاوي : " محمد بن موسى هو المدني المعروف بـ ( الفطري ) ، وهو محمود في روايته ، وعون بن محمد ، هو عون بن محمد بن علي بن أبي طالب ، وأمه هي أم جعفر ابنة محمد بن جعفر بن أبي طالب " . وأقول : وهذا سند ضعيف مجهول ، وكلام الطحاوي عليه لا يفيد صحته ، بل لعله يشير إلى تضعيفه ، فإنه سكت عن حال عون بن محمد وأمه ، بينما وثق الفطري هذا ، فلوكان يجد سبيلا إلى توثيقهما لوثقهما كما فعل بالفطري ، فسكوته عنهما في مثل هذا المقام مما يشعر أنهما عنده مجهولان ، وهذا هو الذي ينتهي إليه الباحث ، فإن الأول منهما ، أورده ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 386 ) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " ( 2 / 228 ) على قاعدته في توثيق المجهولين ! وأما أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب ، فهي من رواة ابن ماجه ، أخرج لها حديثا واحدا في " الجنائز " ( رقم 1611 ) وقد أعله الحافظ البوصيري بأن في إسناده مجهولتين إحداهما أم عون هذه ، وقد ذكرها الحافظ في " التهذيب " دون توثيق أو تجريح ، وقال في " التقريب " : " مقبولة " يعني عند المتابعة ، وإلا فهي لينة الحديث عنده .
قلت : وقد توبعت من فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهي ثقة فاضلة ، إلا أن الطريق إليها لا يصح ، أخرجه الطحاوي ( 2 / 8 ) والطبراني في " الكبير " من طريق الفضيل بن مرزوق عن إبراهيم بن الحسن عن فاطمة بنت الحسين عن أسماء بنت عميس قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ، ورأسه في حجر علي ، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صليت يا علي ؟ قال : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... " فذكر الرواية الثانية ، قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 297 ) بعد أن ساق هذه الرواية والتي قبلها ، ومنه نقلت الزيادة فيها : " رواه كله الطبراني بأسانيد ، ورجال أحدها رجال الصحيح غير إبراهيم بن حسن وهو ثقة وثقه ابن حبان ، وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لم أعرفها " .
قلت : بل هي معروفة ، فهي فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب كما تقدم ، والظاهر أنها وقعت في معجم الطبراني منسوبة إلى جدها علي بن أبي طالب ، ولذلك لم يعرفها الهيثمي ، والله أعلم .
أما قوله في " إبراهيم بن حسن " أنه ثقة ، ففيه تساهل لا يخفى على أهل العلم ، لأنه لم يوثقه غير ابن حبان كما عرفت ، وهو قد أشار إلى أن توثيقه إياه إنما بناه على توثيق ابن حبان ، وإذا كان هذا معروف بالتساهل في التوثيق فمن اعتمد عليه وحده فيه فقد تساهل ، وقد أورد إبراهيم هذا ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 92 ) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وهو في أول المجلد الثاني من " كتاب الثقات " لابن حبان . ثم إن فضيل بن مرزوق وإن كان من رجال مسلم فإنه مختلف فيه ، وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في " التقريب " : " صدوق يهم " ، وقال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام له طويل على هذا الحديث في " منهاج السنة " ( 4 / 189 ) : " وهو معروف بالخطأ على الثقات ، وإن كان لا يتعمد الكذب ، قال فيه ابن حبان : " يخطىء على الثقات ، ويروي عن عطية الموضوعات " . وقال فيه أبو حاتم الرازي : " لا يحتج به " . وقال فيه يحيى بن معين مرة : " هو ضعيف " وهذا لا يناقضه قول أحمد بن حنبل فيه : " لا أعلم إلا خيرا " ، وقول سفيان : " هو ثقة " ، فإنه ليس ممن يتعمد الكذب ولكنه يخطىء ، وإذا روى له مسلم ما تابعه عليه غيره ، لم يلزم أن يروي ما انفرد به مع أنه لم يعرف سماعه عن إبراهيم ولا سماع إبراهيم من فاطمة ، ولا سماع فاطمة من أسماء ، ولابد في ثبوت هذا الحديث من أن يعلم أن كلا من هؤلاء عدل ضابط ، وأنه سمع من الآخر ، وليس هذا معلوما " .
قلت : ثم إن في هذه الطريق ما يخالف الطريق الأولى ، ففيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقظانا يوحى إليه حينما كان واضعا رأسه في حجر علي رضي الله عنه ، وفي الأولى أنه كان نائما ، وهذا تناقض يدل على أن هذه القصة غير محفوظة ، كما قال ابن تيمية ( 4 / 184 ) . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال ( 1 / 356 ) " موضوع بلا شك ، وقال الجوزقاني : هذا حديث منكر مضطرب " .
ثم أعله بالفضيل هذا فقط ، وفاته جهالة إبراهيم ، ولم يتعقبه السيوطي في هذا ، وإنما تعقبه في تضعيف الفضيل ، فقال في " اللآلىء " ( 1 / 174 - الطبعة الأولى ) : " ثقة صدوق ، واحتج به مسلم في " صحيحه " وأخرج له الأربعة " . وهذا ليس بشيء ، وقد عرفت الجواب عن ذلك مما سبق ، ثم ساق له السيوطي طرقا أخرى كلها معلولة ، وأما قول الحافظ في " الفتح " ( 6 / 155 ) : " وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في " الموضوعات " ، وكذا ابن تيمية في كتاب " الرد على الروافض " في زعمه وضعه والله أعلم " .
فهو مع عدم تصريحه بصحة إسناده ، فقد يوهم من لا علم عنده أنه صحيح عنده ! وهو إنما يعني أنه غير موضوع فقط ، وذلك لا ينفي أنه ضعيف كما هو ظاهر ، وابن تيمية رحمه الله لم يحكم على الحديث بالوضع من جهة إسناده ، وإنما من جهة متنه ، أما الإسناد ، فقد اقتصر على تضعيفه ، فإنه ساقه من حديث أسماء وعلي بن أبي طالب وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة ،
ثم بين الضعف الذي في أسانيدها ، وكلها تدور على رجال لا يعرفون بعدالة ولا ضبط ، وفي بعضها من هو متروك منكر الحديث جدا ، وأما حكمه على الحديث بالوضع متنا ، فقد ذكر في ذلك كلاما متينا جدا ، لا يسع من وقف عليه ، إلا أن يجزم بوضعه ، وأرى أنه لابد من نقله ولوملخصا ليكون القارئ على بينة من الأمر فقال رحمه الله : " وحديث رد الشمس لعلي ، قد ذكره طائفة كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما ، وعدوا ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن المحققون من أهل العلم والمعرفة بالحديث ، يعلمون أن هذا الحديث كذب موضوع ، كما ذكره ابن الجوزي في ( الموضوعات ) " .
ثم ذكر حديث " الصحيحين " في حديث الشمس لنبي من الأنبياء ، وهو يوشع بن نون ، كما في رواية لأحمد والطحاوي بسند جيد كما بينته في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " رقم ( 202 ) ثم قال : " فإن قيل : فهذه الأمة أفضل من بني إسرائيل ، فإذا كانت قد ردت ليوشع فما المانع أن ترد لفضلاء هذه الأمة ؟ فيقال : يوشع لم ترد له الشمس ، ولكن تأخر غروبها وطول له النهار وهذا قد لا يظهر للناس ، فإن طول النهار وقصره لا يدرك ، ونحن إنما علمنا وقوفها ليوشع بخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأيضا لا مانع من طول ذلك ، ولوشاء الله لفعل ذلك ، لكن يوشع كان محتاجا إلى ذلك لأن القتال كان محرما عليه بعد غروب الشمس ، لأجل ما حرم الله عليهم من العمل ليلة السبت ويوم السبت وأما أمة محمد فلا حاجة لهم إلى ذلك ، ولا منفعة لهم فيه ، فإن الذي فاتته العصر إن كان مفرطا لم يسقط ذنبه إلا التوبة ، ومع التوبة لا يحتاج إلى رد ، وإن لم يكن مفرطا كالنائم والناسي فلا ملام عليه في الصلاة بعد الغروب . وأيضا فبنفس غروب الشمس خرج الوقت المضروب للصلاة ، فالمصلي بعد ذلك لا يكون مصليا في الوقت الشرعي ولوعادت الشمس ، وقول الله تعالى " فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " يتناول الغروب المعروف ، فعلى العبد أن يصلي قبل هذا الغروب وإن طلعت ثم غربت . والأحكام المتعلقة بغروب الشمس حصلت بذلك الغروب ، فالصائم يفطر ولوعادت بعد ذلك لم يبطل صومه ، مع أن هذه الصورة لا تقع لأحد ، ولا وقعت لأحد ، فتقديرها تقدير ما لا وجود له .
وأيضا فالنبي صلى الله عليه وسلم فاتته صلاة العصر يوم الخندق ، فصلاها قضاء هو وكثير من أصحابه ، ولم يسأل الله رد الشمس ، وفي " الصحيح " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ، بعد ذلك لما أرسلهم إلى بني قريظة ، " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة " ، فلما أدركتهم الصلاة في الطريق ، قال بعضهم : لم يرد من تفويت الصلاة ، فصلوا في الطريق ، فقالت طائفة : لا نصلي إلا في بني قريظة ، فلم يعنف واحدة من الطائفتين ، فهؤلاء الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلوا العصر بعد غروب الشمس وليس علي بأفضل من النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا صلاها هو وأصحابه معه بعد الغروب ، فعلي وأصحابه أولى بذلك ، فإن كانت الصلاة بعد الغروب لا تجزي أو ناقصة تحتاج إلى رد الشمس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى برد الشمس ، وإن كانت كاملة مجزئة فلا حاجة إلى ردها . وأيضا فمثل هذه القضية من الأمور العظام الخارجة عن العادة التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها ، فإذا لم ينقلها إلا الواحد والاثنان ، علم كذبهم في ذلك . وانشقاق القمر كان بالليل وقت نوم الناس ، ومع هذا فقد رواه الصحابة من غير وجه ، وأخرجوه في " الصحاح " و" السنن " و" المسانيد " من غير وجه ، ونزل به القرآن ، فكيف ترد الشمس التي تكون بالنهار ، ولا يشتهر ذلك ، ولا ينقله أهل العلم نقل مثله ؟ ! ولا يعرف قط أن الشمس رجعت بعد غروبها ، وإن كان كثير من الفلاسفة والطبيعين وبعض أهل الكلام ينكر انشقاق القمر وما يشبه ذلك ، فليس الكلام في هذا المقام ، لكن الغرض أن هذا من أعظم خوارق العادات في الفلك ، وكثير من الناس ينكر إمكانه ، فلووقع لكان ظهوره ونقله أعظم من ظهور ما دونه ونقله ، فكيف يقبل وحديثه ليس له إسناد مشهور ، فإن هذا يوجب العلم اليقيني بأنه كذب لم يقع . وإن كانت الشمس احتجبت بغيم ثم ارتفع سحابها ، فهذا من الأمور المعتادة ، ولعلهم ظنوا أنها غربت ثم كشف الغمام عنها ، وهذا إن كان قد وقع ففيه أن الله بين له بقاء الوقت حتى يصلي فيه ، ومثل هذا يجري لكثير من الناس " .
ثم قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : " ثم تفويت الصلاة بمثل هذا إما أن يكون جائزا ، وإما أن لا يكون ، فإن كان جائزا لم يكن على علي رضي الله عنه إثم إذا صلى العصر بعد الغروب ، وليس علي أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد نام صلى الله عليه وسلم ومعه علي وسائر الصحابة عن الفجر حتى طلعت الشمس ، ولم ترجع لهم إلى الشرق . وإن كان التفويت محرما فتفويت العصر من الكبائر ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " . وعلي كان يعلم أنها الوسطى وهي صلاة العصر ، وهو قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في " الصحيحين " أنه قال : " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس ملأ الله أجوافهم وبيوتهم نارا " .
وهذا كان في الخندق ، وهذه القصة كانت في خيبر كما في بعض الروايات ، وخيبر بعد الخندق ، فعلي أجل قدرا من أن يفعل مثل هذه الكبيرة ويقره عليها جبريل ورسول الله ، ومن فعل هذا كان من مثالبه لا من مناقبه ، وقد نزه الله عليا عن ذلك ثم فاتت لم يسقط الإثم عنه بعود الشمس . وأيضا فإذا كانت هذه القصة في خيبر في البرية قدام العسكر ، والمسلمون أكثر من ألف وأربعمائة ، كان هذا مما يراه العسكر ويشاهدونه ، ومثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله ، فيمتنع أن ينفرد بنقله الواحد والاثنان ، فلونقله الصحابة لنقله منهم أهل العلم ، كما نقلوا أمثاله ، لم ينقله المجهولون الذين لا يعرف ضبطهم وعدالتهم ، وليس في جميع أسانيد هذا الحديث إسناد واحد يثبت ، تعلم عدالة ناقليه وضبطهم ، ولا يعلم اتصال إسناده ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر : " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " ، فنقل ذلك غير واحد من الصحابة وأحاديثهم في " الصحاح " و" السنن " و" المسانيد " ، وهذا الحديث ليس في شيء من كتب الحديث المعتمدة ، ولا رواه أهل الحديث ولا أهل " السنن " ولا " المسانيد " ، بل اتفقوا على تركه ، والإعراض عنه ، فكيف في شيء من كتب الحديث المعتمدة .
( قال ) : وهذا مما يوجب القطع بأن هذا من الكذب المختلق . ( قال ) : وقد صنف جماعة من علماء الحديث في فضائل علي كالإمام أحمد وأبي نعيم والترمذي والنسائي وأبي عمر بن عبد البر ، وذكروا فيها أحاديث كثيرة ضعيفة ، ولم يذكروا هذا ! لأن الكذب ظاهر عليه بخلاف غيره " . ثم ختم شيخ الإسلام بحثه القيم بقوله : " وسائر علماء المسلمين يودون أن يكون مثل هذا صحيحا لما فيه من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم : وفضيلة علي عند الذين يحبونه ويتولونه ، ولكنهم لا يستجيزون التصديق بالكذب فردوه ديانة ، والله أعلم " .
وقد مال إلى ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الحديث تلميذاه الحافظان الكبيران ابن كثير والذهبي ، فقال الأول منهما بعد أن ساق حديث حبس الشمس ليوشع عليه السلام ( 1 / 323 ) من " تاريخه " : " وفيه أن هذا كان من خصائص يوشع عليه السلام ، فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه أن الشمس رجعت حتى صلى علي بن أبي طالب صلاة العصر ، بعد ما فاتته بسبب نوم النبي صلى الله عليه وسلم على ركبته ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردها عليه حتى يصلي العصر فرجعت ، وقد صححه أحمد بن صالح المصري ، ولكنه منكر ليس في شيء من " الصحاح " والحسان " ، وهو مما تتوفر الدواعي على نقله ، وتفردت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها . والله أعلم " .
وقال الذهبي في " تلخيص الموضوعات " : " أسانيد حديث رد الشمس لعلي ساقطة ليست بصحيحة ، واعترض بما صح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن الشمس لم تحبس إلا ليوشع بن نون ، ليالي سار إلى بيت المقدس " . وقال شيعي : إنما نفى عليه السلام وقوفها ، وحديثنا فيه الطلوع بعد المغيب فلا تضاد بينهما .
قلت : لو ردت لعلي لكان ردها يوم الخندق للنبي صلى الله عليه وسلم أولى ، فإنه حزن وتألم ودعا على المشركين لذلك . ثم نقول : لو ردت لعلي لكان بمجرد دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لما غابت خرج وقت العصر ودخل وقت المغرب ، وأفطر الصائمون ، وصلى المسلمون المغرب ، فلو ردت الشمس للزم تخبيط الأمة في صومها وصلاتها ، ولم يكن في ردها فائدة لعلي ، إذ رجوعها لا يعيد العصر أداء .
ثم هذه الحادثة العظيمة لو وقعت لاشتهرت وتوفرت الهمم والدواعي على نقلها . إذ هي في نقض العادات جارية مجرى طوفان نوح ، وانشقاق القمر " . هذا كله كلام الذهبي نقلته من " تنزيه الشريعة " لابن عراق ( 1 / 379 ) وهو كلام قوي سبق جله في كلام ابن تيمية ، وقد حاول المذكور رده من بعض الوجوه فلم يفلح ، ولوأردنا أن ننقل كلامه في ذلك مع التعقيب عليه لطال المقال جدا ، ولكن نقدم إليك مثالا واحدا من كلامه مما يدل على باقيه ، قال : " وقوله : ورجوعها لا يعيد العصر أداء .
جوابه : إن في " تذكرة القرطبي " ما يقتضي أنها وقعت أداء ، قال رحمه الله : فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا ، وأنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه الصلاة والسلام " . والجواب على هذا من وجوه : أولا : أن يقال : أثبت العرش ثم انقش .
ثانيا : لوكان الرجوع نافعا ويتجدد الوقت به لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق وأولى به في غزوة الخندق ، لاسيما ومعه علي رضي الله عنه وسائر أصحابه صلى الله عليه وسلم كما تقدم عن ابن تيمية رحمه الله تعالى .
ثالثا : هب أن في ذلك نفعا ، ولكنه على كل حال هو نفع كمال - وليس ضروريا ، بدليل عدم رجوع الشمس له صلى الله عليه وسلم في الغزوة المذكورة ، فإذا كان كذلك فما قيمة هذا النفع تجاه ذلك الضرر الكبير الذي يصيب المسلمين بسبب تخبيطهم في صلاتهم ووصومهم كما سبق عن الذهبي ؟ !
وجملة القول : أن العقل إذا تأمل فيما سبق من كلام هؤلاء الحفاظ على هذا الحديث من جهة متنه ، وعلم قبل ذلك أنه ليس له إسناد يحتج به ، تيقن أن الحديث كذب موضوع لا أصل له " سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة – محمد ناصر الدين الالباني – ج 2 ص 395 – 401