رأيت ربي في أحسن صورة (رواية الشاب الأمرد)
روى عبد الرحمن بن عائش رضي الله عنه عن النبي e أنه قال « رأيت ربي في أحسن صورة، فقال لي: فيم يختصم الملا الاعلى يا محمد قلت: أنت أعلم يا رب فوضع كفه بين كتفي، حتى وجدت بردها بين ثدي، فعلمت ما في السموات والارض».
قلت: من صحح الرواية فليس من الوهابية. وهو إن صححها فعلى أنها منام.
قال السيوطي « وهذا الحديث إن حمل رؤية على المنام فلا إشكال وإن حمل على اليقظة فقد سئل عنه أستاذنا العلامة كمال الدين بن الهمام فأجاب بأن هذا حجاب الصورة» (اللآلئ المصنوعة1/38).
وقال ابن الجوزي « ورؤيا المنام وهم والأوهام لا تكون حقائق، والإنسان يرى نفسه كأنه يطير أو كأنه قد صار بهيمة» (دفع شبه التشبيه ص150).
وقال الذهبي « فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة وهذه الرؤية رؤية منام إن صحت» (ميزان الاعتدال1/593). فالذهبي سلفي وليس بأشعري وقد أنكر هذه الرواية وشكك في صحتها.
ويمكن للنبي أن يرى شيئا على خلاف حقيقته كما رأى إبراهيم أنه يذبح ولده اسماعيل ولم يفعل. قال تعالى ] فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ[.
وكما رأى يوسف في رؤياه الشمس والقمر له ساجدين. قال تعالى ] إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ[.
ولئن كانت هذه الرواية منكرة عند الرافضة فعلى فرض نكارتها لا تساوي شيئا أمام تصريح الخميني بأن فاطمة كائن إلهي ظهر بصورة امرأة.
والحديث رواه الترمذي في سننه (5/369) وحسنه مرة وصححه أخرى، والخطيب البغدادي في تاريخه (8/152) وابن الجوزي في الموضوعات (1/125) والطبراني في الكبير (1/317) وأورده السيوطي في (اللآلي المصنوعة1/31). وذكره الذهبي في (سير اعلام النبلاء10/113) وقال « وهو بتمامه في تأليف البيهقي وهو خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين...».
ورواه البيهقي في (الاسماء والصفات ص300 بتحقيق الكوثري) وقال عقبه « وقد روي من وجه آخر وكلها ضعيفة».
وقال عنه الحافظ ابن حجر في (النكت الظراف4/382) المطبوع بهامش تحفة الاشراف « قلت: قال محمد بن نصر المروزي في كتاب تعظيم قدر الصلاة هذا حديث اضطرب الرواة في إسناده وليس يثبت عند أهل المعرفة» اه.
وقال الدارقطني كما في (العلل المتناهية1/34) لابن الجوزي « كل أسانيده مضطربة ليس فيها صحيح» اه.
وقال أحمد رضي الله عنه: « أصل هذا الحديث وطرقه مضطربة يرويه معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل أسانيده مضطربة ليس فيها صحيح، ورواه قتادة عن أنس واختلف على قتادة فرواه يوسف بن عطية عن قتادة ووهم فيه، ورواه هشام عن قتادة عن أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس ووهم في قوله عن ابن عباس وإنما رواه خالد عن عبد الرحمن بن عائش وعبد الرحمن لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما رواه عن مالك بن يخامر عن معاذ.
وقال الامام أحمد عنه كما في تهذيب التهذيب (6/185) « هذا ليس بشئ».
وقال أبو بكر البيهقي: « فقد روي من أوجه كلها ضعيفة وأحسن طرقه تدل على أن ذلك كان في النوم» وقاله ابن الجوزي أيضا (دفع شبه التشبيه ص150).
وقد روي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه « قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أتاني آت في أحسن صورة. فقال: فيم يختصم الملا الاعلى؟ فقلت: لا أدري، فوضع كفه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثدي ، فعرفت كل شئ يسألني عنه». وروي من حديث ثوبان قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح فقال: إن ربي أتاني الليلة في أحسن صورة فقال لي: يا محمد: فيم يختصم الملا الاعلى؟ قلت: لا أدري يا رب، فوضع كفه بين كتفي، حتى وجدت برد أنامله في صدري، فتجلى لي ما بين السماء والارض». وروي عن أبي عبيدة بن الجراح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال « لما كنت ليلة أسري بي رأيت ربي في أحسن صورة».
وهذه أحاديت مختلفة، وليس فيها ما يثبت، وفي بعضها أتاني آت. وذلك يرفع الاشكال، وأحسن طرقها يدل على أن ذلك كان في النوم.
وروت أم طفيل امرأه أبي بن كعب أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه « رأى ربه عز وجل في المنام في أحسن صورة، شابا موفرا، رجلاه في خضرة، عليه نعلان من ذهب، على وجهه فراش من ذهب».
رواه الطبراني في الكبير (25/143) والحافظ البيهقي في الاسماء والصفات (446-447) وابن الجوزي في (الموضوعات1/125) وغيرهم.
وقد طعن في هذا الحديث أئمة هذا الشأن كالبخاري في تاريخه (6/500) وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين، والنسائي (تاريخ بغداد3/311) وابن حبان في الثقات (5/245) وابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب (10/95) حيث قال « وهو متن منكر» وابن عدي (الكامل في ضعفاء الرجال7/2482).
وهذا الحديث يرويه نعيم بن حماد بن معاوية المروزي، قال ابن عدي: كان يضع الحديث. وقال يحيى بن معين: ليس نعيم بشئ في الحديث. وفي إسناده مروان بن عثمان عن عمارة بن عامر، قال أبو عبد الرحمن النسائي: ومن مروان حتى يصدق على الله عز وجل؟ وقال مهنى بن يحيى، سألت أحمد عن هذا الحديث فأعرض بوجهه وقال: هذا حديث منكر مجهول يعني مروان بن عثمان قال ولا يعرف أيضا عمارة.
وقد صححه الألباني في تعليقه على (السنة لابن أبي عاصم رقم471) بالشواهد ولم يتنبه إلى متن الحديث المنكر الذي طواه ابن أبي عاصم ولم يذكره هناك فقال هناك: حديث صحيح بما قبله واسناده ضعيف مظلم»!
من صحح الرواية ليس وهابيا وهو يصححها على أنها منام. ويمكن للنبي أن يرى شيئا على خلاف حقيقته كما رأى إبراهيم أنه يذبح ولده اسماعيل ولم يفعل وكما رأى يوسف أن الشمس والقمر كانوا له ساجدين. وهذا تصريح بأن هذه رؤية منام. قال ابن الجوزي « ورؤيا المنام وهم والأوهام لا تكون حقائق، والإنسان يرى نفسه كأنه يطير أو كأنه قد صار بهيمة» (دفع شبه التشبيه ص150).