عقيدة الحلول والهوج بذكر النساء
ويستغرب الباحث حينما يجد الصوفية يبّرؤن أنفسهم عن الاعتقاد بالحلول , ومع هذه التصريحات والتوضيحات التي لا تترك مجالاً للريب والشك في هذا الخصوص .
ومقام الفناء – على حد تعبيرهم – هو الذي ادعى فيه كثير من مشايخ الصوفية الحلول والاتحاد حسب روايات المتصوفية كما نقلوا عن أبي يزيد البسطامي أنه كان يقول :
" سبحاني ما أعظم شأني " [1] .
فيقولون : أن قائل هذه الكلمة ليس أبا يزيد بل الله سبحانه وتعالى هو الذي قال بها كما صرح بذلك القشيري في رسالته حيث قال :
" قال أبو يزيد : سبحاني , ما قال إلا الحق " [2] .
ويقول نجم الدين الكبري :
" تتجلّى سبحات وجهه الكريم ويجري على لسان السيار ( الصوفي ) بحكم الاضطرار : سبحاني سبحاني ما أعظم شأني " [3] .
لماذا هذا التستر وراء كلمة " التجلي " ولم يصرحون ويقولون " تحلّ " وما التجلّي غير الحلول باختلاف لفظي والمعنى واحد .
ونقل عن البسطامي أيضاً الهجويري يرى أنه كان يوماً في الصومعة , فجاءه رجل وقال :
هل أبو يزيد في البيت ؟
فقال : هل في البيت إلا الله [4] .
ونقلوا عنه أنه قال :
" ما في الجبة غير الله " [5] .
وذكر الوزير لسان الدين عنه أيضاً أنه قال :
" قال لي الحق : يا أبا يزيد , كل هؤلاء خلقي إلا أنت , أنت أنا , وأنا أنت " [6] .
وقال أيضاً : " رفعني مرة فأقامني بين يديه وقال لي : يا أبا يزيد , إن خلقي يحبون أن يروك .
فقلت : زيّني بوحدانيتك , وألبسني أنانيتك , وأرفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا : رأيناك , فتكون أنت ذاك , ولا أكون أنا هنا " [7] .
فهذا النص صريح في معناه , جليّ في محتواه , يدلّ على اتحاد اللاهوت بالناسوت , فالعجب ممن يؤولون مثل هذه النصوص يتأويلات سخيفة لتبرئة ساحة المتصوفة ويسمونها شطحات ويقولون : " لاعبرة بها لأن حكم أصحابها المغميّ عليهم " [8] .
مع أن هذه العبارات ومثلها تقضي خروج أصحابها عن الدين , وأنها ضلال عن قصد السبيل , ونتيجة للاشتغال بالفلسفات الاشراقية وغيرها وإلاّ فلم لم تصدر هذه العبارات من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وهم أعبد الناس وأخشاهم لله .
وإن الله يحفظ وليه من التفوه بهذه الكلمات الكفرية , والشيطان هو الذي يتكلّم على ألسنتهم ويستولي على أذهانهم وقلوبهم . أعاذ الله جميع المسلمين من ذلك .
هذا وقد نقل الفيتوري عن أبي راوي الفحل أنه كان يقول :
" لا إله غيري , ولا معبود سواي إلى أن سمع به علماء أفريقية فأنكروا عليه , وأفتوا بتكفيره ففرّ منهم " [9] .
ومن المعلوم أن أقوال الصوفية هذه ناتجة عن فكرة الفناء , فالصوفية يدّعون الألوهية لاعتقادهم بالحلول والاتحاد عند وصولهم إلى الله وفنائهم فيه حسب ما يزعمون .
فيقول الوزير لسان الدين بن الخطيب :
" ثم يفنى بعد ذلك الفناء الثاني . . . وكثير من الطوائف تدعي الحلول والاتحاد والكل متفقون على أنه لا يبقى في ذلك المقام إلا الله " [10] .
وينقل الشعراني عن أبي مدين المغربي أنه كان يقول :
" إذا ظهر الحق لم يبق معه غيره " [11] .
ويقول محمد القونوي :
" الإنسان الكامل مجلى تام للحق , يظهر الحق به من حيث ذاته " [12] .
وينسبون إلى الجيلاني أنه قال :
" قال لي الله : يا غوث الأعظم , ما ظهرت في شيء كظهوري في الإنسان " [13] .
وأما أمر الحلاج وأقواله وأشعاره في هذا الخصوص فهي معروفة مشهورة نذكر بعضاً منها ونعرض عن الباقي لأننا نريد أن نفرد له ولأمثاله من ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والرومي وغيرهم كتاباً مستقلاً إن شاء الله , فمنها أنه سئل :
من أنت ؟
قال : أنا الحق [14] .
ومن أشعاره المشهورة :
" سبحان من أظهر ناسوته سرّ سنا لاهوته الثاقب
ثم بدا في خلقه ظــــــاهراَ في صورة الأكل والشارب
حتى لقد عــــاينه خــــلقه كلحظة الحاجب بالحاجب " [15] .
وأيضاً :
" رأيت ربي بعين قلبي فقلت : من أنت ؟ قال : أنت
ففي بقائي ولا بـقائي وفي فنــــائي وجـــدت أنــت
أشار سري إليـك حتى فنــيت عــني ودمــت أنــت " [16] .
و مما يدلّ على جرأة المتصوفة على الكذب ونسبه القول إلى غير قائله أن ابن عجيبه الحسني نسب في إيقاظه نفس هذه الأبيات التي قالها الحلاج , نسبها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال :
" ومما ينسب لسيدنا علي كرم الله وجهه :
رأيت ربي بعين قلبي . . . إلخ " [17] .
ويقول الحلاج أيضاً :
فأنا الحق حق للحق حق لا بس ذاته فما ثمّ فرق [18] .
ومن أبياته المشهورة كذلك :
" أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحــــــان حللنا بدنا
روحه روحي وروحي روحه من رأى روحين حلّت بدنا " [19] .
هذا بالنسبة للحلول والاتحاد , والوصول والاتصال , الذي يسمونه بوحدة الشهود أيضاً .
وأما " وحدة الوجود " فسنذكر عقيدة الصوفية هذه بالتفصيل إن شاء الله عند ذكر ابن عربي وأفكاره في الكتاب المستقبل إن شاء الله , ولكننا نذكر هنا ملخصاً وإجمالاً .
فيعتقد كثير من الصوفية بأنه ليس هناك فرق بين الله وخلقه إلا أن الله تعالى كلّ , والخلق جزؤه , وأن الله متجلّ في كل شيء من الكون حتى الكلاب والخنازير , فالكل مظاهره , وما في الوجود إلا الله , فهو الظاهر في الكون , والكون مظهره .
فيقول ابن عربي :
" فلا مظهر له إلا نحن , ولا ظهور لنا إلا به , فبه عرفنا أنفسنا وعرفناه , وبنا تحقق عين ما يستحق الإله :
فلولاه لما كنا ولولا نحن ما كانا
فإن قلنا بأنا " هو" يكون الحق إيانا
فبدانا وأخفاه وأبداه وأخفانا
فكان الحق أكوانا وكنا نحن أعيانا
فيظهرنا لنظهر سراراً ثم أعلانا
ويقول أيضاً :
" فالكل أسماء الله , أسماء أفعاله أو صفاته أو ذاته , فما في الوجود إلا الله , والأعيان معدومة في عين ما ظهر فيها " [20] .
ويقول :
" فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات . فمن حيث هوية الحق هو وجوده ةمن حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات , فكما لا يزول عنه باختلاف الصور إسم الظل كذلك لا يزول باختلاف الصور إسم العالم أو إسم سوى الحق " [21] .
وأيضاً " أسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك , وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره " [22] .
ويقول :
" يا محجوب لم لم تروجه الحق في كل شيء , في ظلمة ونور , مركب بسيط و ولطيف و كثيف " [23] .
ونصوص أخرى كثيرة له لم نذكرها تجنباً عن الإطالة ز
هذا ويقول حيدر الآملي :
" ليس في الوجود سوى الله " [24] .
ونقل روزبهان بقلي شيرازي عن الشبلي أنه قال :
" ليس هناك غير الله " [25] .
ونقل ابن عجيبة الحسني عن ابن وفا أنه قال :
" جميع العالمين له ظلال " [26] .
ويقول : " ولا شيء في الكون سواه " [27] .
وأيضاً : " فهل في الوجود أحد سوى الملك الحق " [28] .
ويقول ابن عطاء الأسكندري :
" كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر في كل شيء إذ هو المتجلي فيها بمحاسن صفاته وأسمائه " [29] .
ويقول النفزي الرندي :
" لا موجود سوى الله تعالى على التحقيق , وإن وجود ما سواه إنما هو وهم مجرّد " [30] .
والوزير لسان الدين بن الخطيب يذكر وحدة الوجود بقوله :
" قال بعض كبارنا : أن الحق عين ما ظهر , وعين ما بطن , ويرون ( أي الصوفية ) أن وقوع التعدد في تلك الحقيقة , ووجود الإثنينية وهم , باعتبار حضرات الحس بمنزلة صور الظلال , والصدا , وصور المرائي ( جمع مرآة ) , وأن كل ما سوى عين القدم إذا استتبع فهو عدم , كان الله ولا شيء معه " [31] .
وأيضاً " فإذا سقطت الأوهام صار مجموع العالم بأسره وما فيه واحداً , وذلك الواحد هو الحق , وإنما العبد مؤلف من طرفي حق وباطل , فإذا سقط الباطل وهو اللازم بالأوهام لم يبق إلا الحق . . . فالكل واحد , وإن كان متفرقاً , فسبحان من هو الكل ولا شيء سواه " [32] .
ويشرح فلسفة وحدة الوجود بايزيد الأنصاري قائلاً :
" إن الموجودات واحدة مع ذات المعبود . . . قال الشاعر :
ها أنا أم أنت هذان الإلهان
حاشاك حاشاك عن إثبات الاثنين
لإاين ذاتك حيث كنت أرى
قد بان ذاتي حيث لا أنا
كما قيل : من أثبت الله نفى النفس , ومن أثبت النفس نفى الله . . . والموحّد لا يشرك وجود مع ذات المعبود حتى لا يصير مشركاً [33] .
فالشرك عندهم إثبات الأثنين إذ لا إثنينية عندهم .
وبذلك قال فخر الدين العراقي المتوفى 688 هـ :
" أأنت أم أنا هذا العين في العين حاشاي حاشاي من إثبات إثنين " [34] .
ويقول أيضاً :
" وما الوجه إلا واحد غير أنه إذا أنت أعددت المرايا تعدداً " [35] .
يعني لا وجود سوى وجه الله والعالم كله عكس لذات الله ووجهه .
ويقول النسفي :
" إن الله هو الموجود حقيقة , والعالم كله خيال ووهم " [36] .
ويقول الصوفي الشيعي محمد كاظم عصار : " أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله , وأن الحق تعالى أوجد العبادة في العباد , فهو في الحقيقة يعتبر معبوداً وعابداً وموجداً للعبادة , وحامداً وخالقاً للحمد ومحموداً " [37] .
ويقول محمد القونوي :
" إن الوسائط السببية ليست غير تعيّنات الحق في المراتب الإلهية والكونية على إختلاف ضروبها . . . من حيث أن ظاهر الحق مجلي لباطنه " [38] .
ويقول : " إن الله هو عين الظاهر وعين المظهر " [39] .
وأما ابن الفارض فيقول :
" لها صلــــواتي بالمــقام أقيــمها وأشهد فيها أنــــها لي صلّت
كـــلانا مـصــلّ ســاجـــد إلى حقيقته بالجمع في كل سجدة
وما كان لي صلى سواي ولم تكن صلاتي لغيري في أداء كل ركعتي " [40] .
وأيضاَ :
" فبي موقفي لا , بل إليّ توجهي كذلك صلاتي لي , ومني كعبتي " [41] .
وأيضاً :
" إليّ رسولاً كنت مني مرسلاً وذاتي بآياتي عليّ أستدلّت " [42] .
يعني أنه هو المرسل , والرسول , والمرسل إليه .
فالحاصل أن الصوفية يعتقدون أن العالم كله ظل وعكس لذات الله تعالى , فهل في الوجود إلا الله , والإنس والجن , والشجر والحجر , والدود والدواب , والطيور والسباع , والكلاب والخنازير صور مختلفة للتجلي الإلهي , فكل شيء من العالمين إله عند الصوفية , وعلى ذلك نقل الطوسي عن أبي حمزة الصوفي أنه كان إذا سمع صوتاً مثل هبوب الرياح وخرير الماء وصياح الطيور فكان يصيح ويقول : لبيك [43] .
ونقل عن أبي الحسين النوري أنه سمع نباح الكلاب فقال : لبيك وسعديك [44] .
وأما تجلّيه سبحانه وتعالى وظهوره في القرود والخنازير – عياذاً بالله من نقل الكفر الصوفي البواح – فهو كما ذكر ابن عجيبة الحسني حيث نقل عن الششتري أنه قال :
" محبوبي قد عمّ الوجود , وقد ظهر في بيض وسود , وفي النصارى مع اليهود , وفي الخنازير مع القرود , وفي الحروف مع النقط , أفهمني قط , أفهمني قط " [45] .
ونقل البقاعي عن بعض أهل العلم أنه " رأى شخصاً ممن ينتحل هذه المقالة القبيحة بثغر الأسكندرية , وأن ذلك الشخص قال له : أن الله تعالى هو عين كل شيء , فمرّ بهما حمار , فقال : وهذا الحمار ؟
فقال : ( أي الصوفي ) : وهذا الحمار .
فقال : وروث الحمار ؟
فقال : وروث الحمار . نسأل الله السلامة والتوفيق " [46] .
ويقول عبد الرحمن الوكيل محقق " مصرع التصوف " :
" ذكر الإمام ابن تيمية الصدوق مثل هذه القصة , فقال : مرّ شيخان منهم التلمساني والشيرازي على كلب أجرب ميت بالطريق عند دار الطعم , فقال الشيرازي للتلمساني : هذا ( وأشار إلأى جثة الكلب الأجرب ) أيضاً هو ذات الله ؟
فقال : وهل ثمّ شيء خارج عنها ؟ نعم : الجميع ذاته .
وليس هذا بمستغرب ممن يدينون بأن الله سبحانه وتعالى عين كل شيء , فالروث شيء , وحسب الصوفية أن تكون هذه بعض أربابهم وآلهتهم " [47] .
وقال في مقدمة كتاب " مصرع التصوف " :
" إن الصوفية ينشدون " وما الكلب والخنزير إلا إلهنا " [48] .
هذا وإن الصوفية يعتقدون أن الشيطان أيضاً صورة لذات الله , تجلّت الذات الإلهية فيه , كما ذكر ذلك بايزيد الأنصاري :
" فالشيطان صورة تجلّى فيها بصفة الإضلال والإغواء " [49] .
وبناء على هذه المعتقدات الكفرية الضالة وهذه الأباطيل الشركية الزائغة قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " كفر القائلين بالاتحاد أعظم من كفر النصارى " .
وقبل أن نتكلم عن الفكرة الباطلة الأخرى , فكرة وحدة الأديان نريد أن نبحث فكرة خبيثة نتجت عن " وحدة الوجود " , وهي : أن الصوفية قد عشقوا الصور الجميلة لاعتقادهم أنها مظاهر الحق , فتصوف وحدة الوجود دعوة إلى خلاعة ماجنة وإلى حبّ الشهوات الرذيلة , حيث جعلوا العشق الطبيعي سلّماً للحب الإلهي , وحاكوا في كتبهم الحكايات الغزلية والأساطير العشقية , وجعلوا مجنون ليلى قدوة لهم في حبّهم لله تعالى .
فيقول ابن عربي : " الجمال محبوب لذاته , فالعالم كله محب لله وجمال صنعه , سار في خلقه , والعالم مظاهره , فحبّ العالم بعضه بعضاً من حب الله نفسه , فإن الحب صفة الموجود و ما في الوجود إلا الله , والجلال والجمال لله . . . فلا محب ولا محبوب إلا الله عز وجل , فما في الوجود إلا الحضرة الإلهية , وهي ذاته وصفاته , وأفعاله " [50] .
ويصرح في فصوصه : " فمن أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي " [51] .
فحب الصور الجميلة من النساء وغيرهن هو حب لله , لأن الله الظاهر فيهما .
ويقول : " فما أحب الله إلا الله , والعبد لا يتصف بالحب , إذ لا حكم له فيه , فإنه ما أحبه منه سواه , الظاهر فيه , وهو الظاهر " [52] .
وأيضاً : " إن الحسن معشوقٌ لذاته في كل شيء ظهر " [53] .
وجعلوا الحب السفلي سلّماً للحب الإلهي كما صرّح بذلك الوزير لسان الدين بن الخطيب بقوله :
" عشق الحادث للحادث ربما كان سلّماً للحب الحقيقي الوصل للسعادة " [54] .
وصرح أيضاً ابن الدباغ حيث ذكر :
" وقد قلتما لي ليس في الأرض جنة أما هذه فوق الركائب حـورها
يقول خليلي والظباء ســـــوانح أهذا الذي تهوى فقلت نظيرها
لئن شابهت أجيادها وعيـــونها لقد خالفت أعجازها وصدورها
أراك الـــــحمى قل لي بأي وسيـــلة تــــوســلّت قبّلــتك تغــورها
فقد صحّ أن الجمال الظاهر هو المعنى اللائح على الهياكل الإنسانية التي في غاية كمال الشكل وتمام الهيئة .
وأما الجمال الباطن فهو ما تفيده الأنوار القدسية الإلهية إذا أشرقت على العقول الزكية من الإتصاف بأنواع العلوم الدينية وأسرار المعارف الربانية المؤدية إلى المحبة الحقيقية , ولا يدرك هذا الجمال إلا المعقول التي هي غاية الصفاء المستنيرة من أنوار الله التي تكون سبباً لحصول محبة الحق " [55] .
ويقول :
" النظر إلى الجمال عبادة إذا قصد بالتعليق به الوصول إلى خالقه إذ لا يستدلّ على علم الصانع وقدرته إلا بإتقان صنعته وأحكامها . . . وكيف لا يكون النظر إلأى الجمال بهذا الاعتبار عبادة والناظر إليه مطالع لفاطره وواهبه , ومستدلّ به على جماله الذي لا ينبغي إلا له , إذ لا يعطي الجمال إلا من هو أجمل منه , ولا نسبة بين الجمالين كما لا نسبة بين المجاز والحقيقة والفعل والفاعل , بل لا يسمى الجمال المبدع جمالاً إلا من حيث النظر إلى موجده , وأما بالنظر إلى ذاته فهو مجاز محض .
والنظر إلى الواهب هو المقصود , وهذا موصل إليه ودالّ عليه [56] .
فانظر إلى القوم كيف يدعون إلى معصية الله ورسوله بالحث على النظر إلى النساء الجميلة , بدليل أن النظر إلأى جمالهن يوصل إلى محبة الله ودال على حبّه إذ أنه هو خالق ذاك الجمال , وأن خالقه أجمل منه .
فأين قول الله عز وجل , الذي أمر فيه المؤمنين ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [57] .
ولكن حب الشهوات قد استعبد الصوفية وذهب بهم إلى أنهم كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" النظر إلى الوجه الحسن عبادة " [58] .
وفي ذلك يقول عبد الرحمن الوكيل :
" النساء عند الصوفية هنّ أجمل تعينات الذات الإلهية . . . ودائماً ترى الصوفية يلهجون بذكر النساء , ويرونهن أكمل وأجمل وأتم تعينات الذات الإلهية ومجاليها , وهذا يجعلك تؤمن بأن هناك في أعماق التصوف حيواناً ضارياً يستعبده الشبق والغلمة الداعرة , ويستعلن دائماً بالصريخ الملتهب عما يزلزله من رجفات الشهوات العارمة , وينزو بعربدته على كل مقدسات الدين ومحارم الفضيلة , وتؤمن كذلك أن من مقومات التصوف عبادة المرأة , وتعرف عن يقين لماذا يبحث الصوفية عن درويشات يسلكن معهم طريق القوم " [59] .
وأما الاستدلال من أبيات مجنون وأقواله وحكاياته فكما ذكر الوزير لسان الدين في مسألة عبادة الله لا خوفاً ولا رجاءً , يستدل على كون المحبة هي الأصل , لا الخوف والرجاء , من أشعار مجنون يذكرها في روضته :
لو قيل لمجنون ليلى أوصلها
تريد أم الدنيا وما في طواياها
لقال : غبار من تراب نعالها
أحبّ إلى نفسي وأشفى لبلواها [60] .
يذكر لسان الدين هذه الأبيات الغزلية ثم يبني عليها قاعدته في الحب بذات الله مستدلاً منها ومن الفلسفة التي ذكرت فيها .
هذا ونقل الشعراني عن الشبلي أنه كان يقول :
" قيل لمجنون بني عامر : أتحبّ ليلى ؟
قال : لا .
قيل : ولم ؟
قال : لأن المحبة ذريعة للوصلة , وقد سقطت الذريعة , فليلى أن , وأنا ليلى " [61] .
فذكر هذه الحكاية واستدل منها على اتصال الصوفي بذات الله سبحانه وتعالى.
ويدعم الطوسي قول من قال : " أنا أنت وأنت أنا " بحب مجنون ليلى , فيقول :
" أما قول القائل " أنا أنت وأنت أنا " فمعناه الإشارة إلى ما أشار إلأيه الشبلي , رحمه الله حيث قال في مجلسه : يا قوم , هذا مجنون بني عامر كان إذا سئل عن ليلى , فكان يقول : أنا ليلى , فكان يغيب بليلى عن ليلى حتى يبقى بمشهد ليلى , ويغيبه عن كل معنى سوى ليلى , ويشهد الأشياء كلها بليلى " [62] .
وابن عربي يذكر أنواع الحب وكيفياته , فيقول :
" كان قيس ليلى في هذا المقام , حيث كان يصيح : ليلى , ليلى , في كل ما يكلّم به فإنه كان يتخيّل أنه فقيد لها , ولم يكن . وإنما قرب الصورة المتخيّلة أفرطت في القرب فلم يشاهدها , فكان يطلبها طلب الفائدة , ألا تراه حين جاءته من خارج فلم تطابق صورتها الظاهرة الصورة الباطنة المتخيّلة , التي مسكها في خياله منها , فرآها كأنها مزاحمة لتلك الصورة فخاف فقدها , فقال لها : إليك عني , فأنا حبّك شغلني عنك , يريد أ، تلك الصورة هي عين الحب , فبقي يطلبها : ليلى , ليلى " [63] .
يذكر هذا النص ثم يقارن بين الحب الطبيعي والحب الإلهي ويربط العلاقة بينهما .
وروى الشعراني عن أبي الحسين الشيراوي أنه كان يقول :
" رؤى مجنون بني عامر في المنام بعد موته , فقيل له : ما فعل الله بك ؟
فقال : غفر لي وجعلني حجة على المحبين " [64] .
وإليكم الآن ما قاله الجيلي شارحاً " العشق " ومستدلاً منه على الفناء الإصطلاح الصوفي , فيقول :
" إذا طفح الودّ حتى أفنى المحب والمحبوب سمي عشقاً , وفي هذا المقام يرى العاشق معشوقة فلا يعرفه ولا يصيح إليه , كما روي عن مجنون ليلى أنها مرّت به ذات يوم فدعته إليها لتحدثه , فقال لها : دعيني فإني مشغولٌ بليلى عنك , وهذا آخر مقامات الوصول والقرب فيه ينكر العارف معروفه , فلا يبقى عارف ولا معروف , ولا عاشق ولا معشوق , ولا يبقى إلا العشق وحده , والعشق هو الذات المحض الصرف الذي لا يدخل تحت رسم ولا نعت ولا وصف , فهو أغنى العشق في إبتداء ظهوره يفنى العاشق حتى لا يبقى له إسم ولا رسم ولا نعت ولا وصف , فإذا امتحن العاشق وانطمس أخذ العشق في فناء المعشوق والعاشق , فلا يزال يفنى منه الإسم ثم الوصف ثم الذات فلا يبقى عاشق ولا معشوق , فحينئذ يظهر العاشق بالصورتين ويتصف بالصفتين , فيسمى بالعاشق ويسمى بالمعشوق " [65] .
هذا ويستدل الطوسي وابن الدباغ على فناء العبد في محبة الله من حكاية عاشق ومعشوق أنهما :
" ركبا سفينة فزلّت قدم أحدهما من أعلى السفينة فسقط في البحر , فلما رآه صاحبه لم يتمالك أن سقط معه , فلما إلى السفينة قال الأول منهما لصاحبه : أنا سقطت دون قصد وأنت لماذا سقطت ؟
فقال له : ظننت أنني أنت , وغبت عن نفسي فسقطت .
كلّما مسك شيء مسنّي فإذا أنت أنا في كل حال " [66] .
وذكروا هذه الحكاية كدليل على الحلول الصوفي والفناء في الذات الإلهي , وكبرهان على القاعدة الصوفية " تقوى المحبة بحسب قوتها حتى لا يفهم المحبّ أن بينه وبين محبوبه فرقاً أصلاً كما قيل :
أفنيتني بك عني يا غاية المتني
أدينيتني منك حتى ظننت أنك أني " [67] .
ويقيس ابن الدباغ محبة الله على محبة الأشخاص , ويحمل وصفة على وصف العباد حيث يقول :
" إن المحب إذا تحقق في مقام وجد الموجود , وظهرت عليه آثار الشهود , يشهد محبوبة في سائر الذوات , وصفاته مع سائر الصفات , فلا يرى الوجود سواها ولا يراها سواه :
وطارحني غنج اللحاظ معانياً
أغار عليها أن تلمّ بمسمعي
فكرّرت طرفي في الوجود بأسره
فلم أر فيه غير معناك مقنعي
وطالعت في سرّ الهوى فإذا التي
أطوف عليها في معالمها معي " [68] .
ويذكر في موضع آخر من كتابه قاعدة من قواعد الحب ثم يستدل عليها من حكايات غزلية عشقية , فيقول :
" سئل سري السقطي : هل يجد المحب طعم الألم؟
فقال : لا , قيل : وإن ضرب بالسيف ؟
قال : وإن ضرب بالسيف سبعين ضربة على ضربه .
وحكى أن بعض الشطّار ضرب مائة سوطاً فما تألم بذلك , ثم ضرب بعد ذلك سوطاً واحداً فتألم وصاح , فسئل عن ذلك فقال : العين التي كنت أضرب من أجلها كانت معي ناظرة إليّ فلم أجد للضرب ألماً , فلما غابت عني رجعت إلى جسمي فوجد الألم .
وكذلك أيضاً حكي أن بشر بن الحارث قال : رأيت شخصاً ببغداد قد ضرب ألف سوط ولم يتكلم , فلما حمل إلى السجن تبعته فسألته عن سكوته , فقال : معشوقي الذي كنت أضرب من أجله كان حذائي ينظر إليّ , قلت : فلو نظرت إلى المعشوق الأكبر ؟
قال : فزعق زعقة وخرّ ميتاً " [69] .
وكذلك عماد الدين الأموي يبين أصلاً من أصول المحبة ثم يدعمها بحكاية غزلية , فيقول :
" وأصل حال المحب أن يقطع تشوقه عن كل شيء سوى محبوبه , فمن نظر إلى سواء فهو محجوب من مولاه .
يحكى أن بعض الناس رأى امرأة جميلة فاشتغل قلبه بها فقال لها : كلي بك مشغول , فقالت : إن كان كلّك بكلي مشغول , فكلي لك مبذول , لكن لي أخت لو رأيت حسنها وجمالها لم تذكرني , فقال : أين هي ؟
فقالت : وراءك , فالتفت وراءه فلطمته لطمة وقالت : يا كذاب , لو كنت صادقاً فيما قلت لم يلتفت إلى غيري " [70] .
وأما نجم الدين الكبري فيذكر العشق نقلاً عن الجنيد أنه سئل عن العشق , فقال : " لا أدري ما هو , ولكن رأيت رجلاً أعمى عشق صبياً , وكان الصبي لا ينقاد له , فقال الأعمى : يا حبيبي , أيش تريد مني ؟
قال الصبي : روحك , ففارق روحه في الحال " [71] .
ثم يقول :
" وقد يفنى العاشق في العشق , فيكون العاشق هو العشق , ثم يفنى العشق في المعشوق , عشقت جارية بقرية على ساحل نيل مصر , فبقيت أياماً لا آكل ولا أشرب إلا ما شاء الله , حتى كثرت نار العشق فكنت أتنفّس نيراناً , فتتلقى الناران ما بيني وبين السماء , فما كنت أدري من ثمة أين تلتحقان . فعملت أن ذلك شاهدي في السماء " [72] .
فهكذا أعتقد الصوفية أن الله يتجلّى في الصور الجميلة من النساء والصبيان , فالعشق بهنَّ هو العشق بذات الله تعالى , وعلى ذلك لا يستحيون من ذكر وقائعهم التي مضت بهم من العشق بالجواري والصبيان .
فهذا هو الحب الذي قالوا عنه :
" الحب حج ثان " [73] .
ونقلوا عن يحيى بن معاذ الرازي أنه قال :
" لو ولّيت حساب الخلق يوم القيامة لم أعذب أحداً من العشاق لأنهم لا اختيار لهم في عشقهم " [74] .
وأخيراً نذكر من ابن الفارض أبياته الخليعة المشهورة حيث ينشد :
ففي النشأة الأولى تراءت ( أي الذات الإلهية ) لآدم
ففي مرة لبني وأخرى بثينة
بمظهر حواء قبل حكم الأمومة
وآوانه تدعي بعزة عزت
وتظهر للعشاق في كل مظهر
ولَلسْنَ سواها , لا وَلا كُّنَّ غيرها
من اللبس في أشكال بديعة
وما إن لها في حسنها من شريكة [75] .
ثم يعلّلق عليها الوكيل بقوله :
يفتري سلطان الزنادقة أن الذات الإلهية – أتم وأجمل ما تتجلّى – في صورة النساء الجميلات , ويفتري أنها تجلّت في صورة ليلى وبثينة وعزة , وقد رمز بهنّ عن كل أمرأة جميلة عاشقة معشوقة , ولما كان من طبيعة هذا الرب الصوفي العشق , كان لا بد له من التجلّي في صور عشاق ليعشق , ويعشق , فتجلّى في صور قيس وجميل وكثير عشاق أولئك الغانيات .
وقد رمز بهم عن كل فتى اختبله الحب وتيمته الصبابة .
قم يفتري أيضاً الزعم بأن العاشق ليس غير العشيقة , بل هو هي , فالرب الصوفي عشق وعاشق وعشيقة [76] .
وأما وحدة الأديان فيؤمن بها الصوفية نتيجة إيمانهم بوحدة الوجود , فيقولون : إن الله هو الظاهر في كل شيء , والشيء يطلق على الصنم أيضاً فكل من عبد شجراً أو حجراً , حيواناً أو إنساناً , كوكباّ أو ملكاً , فهو في الحقيقة يعبد الله , وهذا هو معنى " لا إله إلا الله " عندهم كما يقول عبد الكريم الجيلي :
" لا إله إلا أنا : يعني الإلهية المعبودة ليست إلا أنا , فأنا الظاهر في تلك الأوثان والأفلاك والطبائع , وفي كل ما يعبده أهل كل ملّة ونحلة , فما تلك الآلهة إلا أنا , ولهذا أثبت لهم لفظة الآلهة , وتسمية لهم بهذه اللفظة من جهة ما هم عليه في الحقيقة تسمية حقيقة لا مجازية , ولا كما يزعم أهل الظاهر أن الحق إنما أراد بذلك من حيث أنهم سموهم آلهة , لا من حيث أنهم في أنفسهم لهم هذه التسمية , وهذا غلط منهم وافتراء على الحق , لأن هذه الأشياء كلها بل جميع ما في الوجود له من جهة ذات الله تعالى في الحقيقة هذه التسمية تسمية حقيقة , لا كما يزعم المقلد من أهل الحجاب أنها تسمية مجازية , ولو كان كذلك لكان الكلام أن تلك الحجارة والكواكب والطبائع والأشياء التي تعبدونها ليست بآلهة , وأن لا إله إلا الله أنا فأعبدوني , لكنه إنما أراد الحق أن يبين لهم أن تلك الآلهة مظاهر , وأن حكم الألوهية فيهم حقيقة وأنهم ما عبدوا في جميع ذلك إلا هو , فقال ( لا إله إلا أنا ) أي ما ثم ما يطلق عليه إسم الإله إلا وهو أنا , فما في العالم ما يعبد غيري , وكيف يعبدون غيري وأنا خلقتهم ليعبدوني ولا يكون إلا ما خلقتهم له , قال عليه الصلاة والسلام في هذا المقام " كل ميسر لما خلق له " أي لعبادة الحق لأن الحق تعالى قال ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وقال تعالى : ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) فنبه الحق نبيه موسى عليه السلام على أن أهل تلك الإلهة إنما عبدوا الله تعالى , ولكن من جهة ذلك المظهر , فطلب من موسى أن يعبده من جهة جميع المظاهر فقال ( لا إله إلا أنا ) أي ما ثم إلا أنا , وكل ما أطلقتموه عليه إسم الإله فهو أنا " [77] .
ويقول العطار :
" ليس في عين الإنسان إلا شيء واحد , حيث لا وجود هنا للكعبة والدير " [78] .
ويقول الشعراني :
" إعلم أن الموحد سعيه بأي وجه كان توحيده [79] وإن لم يكن مؤمناً بكتاب ولا رسول ويدخل الجنة .
وأما ابن عربي فأمره مشهور , وقد ذكر في كتبه نصوصاً عديدة , وأنشد أبياتاً كثيرة تدلّ على أنه يؤمن بوحدة الأديان , فعبادة الأصنام والأوثان عنده هي عبادة الله تعالى , والدير لديه كالكعبة , الكنيسة كالمسجد , لتنوع التجليات الإلهية , فهو الظاهر المتجلي في كل شيء , فيقول :
" لقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعى الغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكــــعبة طـــائف وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجـــهت ركائبه فالـــدين ديني وإيماني
لنا أسوة في بشر هند وأخـتها وقيس وليلى ثم ميّ وعـــيلان " [80] .
وأنشد أيضاً :
" فوقتا أسمى راعي الظبى بالفلا ووقتاً أسمى راهباً ومنجماً
تثلّث محبوبي وقد كان واحداً كما صيّروا الأقنام بالذات أقنما " [81] .
وصرح قائلاً :
" العارف المكمّل من رأي كل معبود مجلي للحق يعبد فيه , ولذلك سمّوه كلهم إلهاً مع إسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك , هذا إسم الشخصية فيه , والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده , وهي على الحقيقة مجلي الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلي المختص " [82] .
وعبادة العجل عنده هي عبادة الله كما يقول :
" وكان موسى عليه السلام أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل , لعلمه بأن الله قد قضى ألاّ يُعبد إلاّ إياه , وما حكم الله بشيء إلا وقع . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه . فإن العارف من يرى الحق في كل شيء , بل يراه عين كل شيء " [83] .
ويؤمن كذلك بدخول جميع الناس في الجنة , مسلماً كان أم كافراً . حيث يقول :
" فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة , وما ثمّ إلا الاعتقادات . فالكل مصيب , وكل مصيب مأجور , وكل مأجور سعيد , وكل سعيد مرضي عنه , وإن شقي زماناً ما في الدار الآخرة " [84] .
ويقول أيضاً :
" وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم , ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد إنتهاء مدة العقاب أن تكون برداً وسلاماً على من فيها , وهذا نعيمهم , فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذّب برؤيتها وبما تعوّد في علمه وتقرر أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه .
فبعد وجود هذه الآلام وجد برداً وسلاماً مع شهود الصورة اللونية في حقه , وهي نار في عيون الناس . فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين : هكذا هو التجلّي الإلهي " [85] .
[1] قوت القلوب لأبي طالب المكي ج 2 ص 75 , رسالة ترتيب السلوك للقشيري ص 73 , فوائح الجمال لنجم الدين الكبري ص 36 , درر الغواص للشعراني ص 85 , إيقاظ الهمم لابن عجيبة ص 204 , جمهرة الأولياء ج 1 ص 234 .
[2] ترتيب السلوك للقشيري ص 73 من مجموعة الرسائل القشيرية ط إسلام آباد باكستان .
[3] فوائح الجمال لنجم الدين الكبري ص 55 .
[4] كشف المحجوب للهجويري ص 499 .
[5] أنظر جمهرة الأولياء ع للمنوفي الحسيني ص 234 .
[6] روضة التعريف بالحب الشريف للوزير لسان الدين بن الخطيب ص 353 .
[7] أنظر كتاب اللمع للطوسي ص 461 .
[8] أنظر حياة القلوب لعماد الدين الأموي ج 2ص 373 بهامش قوت القلوب .
[9] الوصية الكبرى لعبد السلام الفيتوري ص 81 .
[10] روضة التعريف للوزير لسان الدين ص 511 .
[11] طبقات الشعراني ج 1 ص 154 .
[12] رسالة النصوص لمحمد القونوي ص 42 .
[13] مقدمة مقصود المؤمنون لبايزيد الأنصاري تقديم الصوفي الدكتور مير ولي خان ص 106 ط مجمع البحوث الإسلامية إسلام آباد باكسنان 1396هـ .
[14] أنظر مكاشفة القلوب للغزالي ص 26 ط الشعب القاهرة , أيضاً عوارف المعارف للسهروردي 79 .
[15] ديوان الحلاج الطبعة الثانية بغداد 1404 هـ .
[16] ديوان الحلاج ص 37 .
[17] أنظر إيقاظ الهمم لابن عجيبة ص 58 , 59 .
[18] أيضاً ص 67 .
[19] أيضاً ص 77 , 78 .
[20] أيضاً ص 53 .
[21] فصوص الحكم لابن عربي ص 103 ط دار الكتاب العربي بيروت .
[22] أيضاً ص 106 .
[23] ذخائر الأعلاق لابن عجيبة ص 78 ط مطبعة السعادة القاهرة .
[24] كتاب نص النصوص لحدير الآملي مخطوط نقلا عن ملحقات ختم الأولياء ع ص 506 ط بيروت .
[25] شرح شطحيات ص 278 ط طهران 1360 هـ .
[26] إيقاظ الهمم لابن عجيبة ص 254 .
[27] أيضاً ص 272 .
[28] إيقاظ الهمم ص 56 .
[29] الحكم العطائية لابن عطاء الله الأسكندري متن غيث المواهب العلية ج 1 ص 100 .
[30] غيث المواهب العلية للنفزي الرندي ج 1 ص 323 .
[31] روضة التعريف للوزير لسان الدين بن الخطيب ص 499 .
[32] أيضاً ص 603 .
[33] مقصود المؤمنين لبايزيد الأنصاري ص 235 وما بعد ط مجمع البحوث الإسلامية إسلام آباد باكستان .
[34] لمعات ص 56 الطبعة الأولى انتشارات مولى إيران .
[35] أيضا ص 50 .
[36] زبدة الحقائق للنسفي ص 82 ط كتابخانه طهوري إيران 1405هـ هجري قمري .
[37] رسالة وحدة الوجود لمحمد كاظم عصار ضمن ثلاث رسائل في الحكمة الإسلامية ترجمة صلاح الصادي ص 16 ط المطبعة المرتضوية إيران .
[38] رسالة النصوص لمحمد القونوي ص 37 ط نشردانشكا هي إيران 1362 هجري قمري .
[39] أيضاً ً ص 57 .
[40] نقلاً عن مصرع التصوف للبقاعي المتوفى 885 هـ . تحقيق عبد الرحمن الوكيل ص 64 ط دار الكتب العلمية بيروت .
[41] أنزر مصرع التصوف للعلامة البقاعي ص 73 .
[42] كتاب اللمع للطوسي ص 495 .
[43] أيضاً ص 492 .
[44] إيقاظ الهمم لابن عجيبة الحسني ص 55 .
[45] مصرع التصوف لبرهان الدين البقاعي ص 123 .
[46] هامش مصرع التصوف للوكيل ص 123 .
[47] مقدمة كتاب مصرع التصوف ص 5 .
[48] المصدر السابق .
[49] مقصود المؤمنين لبايزيد الأنصاري ص 244 .
[50] الفتوحات المكية لابن عربي ج 2 ص 114 .
[51] فصوص الحكم لابن عربي ص 218 .
[52] الفتوحات المكية ج 2 ص 111 .
[53] ذخائر الأعلاق لابن عربي ص 38 .
[54] روضة التعريف بالحب الشريف للوزير لسان الدين ص 292 .
[55] مشارق أنوار القلوب لابن الدباغ ص 47 , 48 ط دار صادر بيروت 1379 هـ .
[56] أيضاً ص 120 .
[57] سورة النور الآية 30 .
[58] مشارق أنوار القلوب ص 116 .
[59] هامش مصرع التصوف ص 141 , 142 .
[60] روضة التعريف بالحب الشريف ص 428 .
[61] طبقات الشعراني ج 1 ص 104 .
[62] كتاب اللمع للطوسي ص 437 .
[63] الفتوحات المكية لابن عربي ج 2 ص 111 .
[64] طبقات الشعراني ج 1 ص 120 .
[65] الإنسان الكامل لعبد الكريم الجيلي ج 1 ص 80 , 81 ط مصطفى البابي الطبعة الرابعة .
[66] كتاب اللمع للطوسي ص 437 , أيضاً مشارق أنوار القلوب لابن الدباغ ص 9 .
[67] مشارق أنوار القلوب للدباغ ص 8 .
[68] مشارق ص 37 .
[69] نفس المصدر ص 75 .
[70] حياة القلوب لعماد الدين الأموي ج 2 ص 119 .
[71] فوائح الجمال وفواتح الجلال لنجم الدين الكبرى ص 37 , 38 ط ألمانيا بتحقيق المستشرق فريتز مائر .
[72] أيضاً ص 39 .
[73][73] أنظر روضة التعريف بالحب الشريف للوزير لسان الدين ط دار الفكر العربي .
[74] أيضاً ص 415 .
[75] مصرع التصوف ص 101 ط دار الكتب العلمية بيروت .
[76] هامش المصرع ص 101 .
[77] الإنسان الكامل لعبد الكريم الجيلي ج 1 ص 99 .
[78] منطق الطير لفريد الدين عطار ص 389 ط دار الأندلس بيروت .
[79] اليواقيت والجواهر للشعراني ( 2 / 58 ) .
[80] ذخائر الأعلاق شرح ترجمان الأشواق لابن عربي ص 49 وما بعد .
[81] أيضاً ص 52 , 53 .
[82] أنظر فصوص الحكم لابن عربي ص 195 .
[83] أيضاً ص 192 .
[84] أيضاً ص 114 .
[85] فصوص الحكم فص حكمة نفسية في كلمة يونسية ص 169 , 170 .