الإجماع ليس حجةً عند الشيعة بدون وجود الإمام المعصوم، فمدار حجية الإجماع على قول المعصوم، وليس على نفس الإجماع، فهم لم يقولوا بالإجماع، وإنّما قالوا بحجية قول الإمام المعصوم.
وفيما يلي رأي الشيعة من مصادرها، يقول ابن المطهر الحلي:"الإجماع إنّما هو حجة عندنا لاشتماله على قول المعصوم، فكل جماعة كثرت أو قلت كان قول الإمام في جملة أقوالها، فإجماعها حجة لأجله لا لأجل الإجماع".( تهذيب الوصول إلى علم الأصول:ابن المطهر، طبعة طهران 1308هـ ص 70). وبمثل هذا قال عدد من شيوخهم.(انظر:أوائل المقالات: المفيد ص 99-100، وقوامع الفضول: حسين معتوق ص 305، والمرجعية الدينية العليا ص 16، وراجع كتب الأصول عندهم عامة).
إذن الإجماع ليس حجة عندهم بدون وجود الإمام الذي يعتقدون عصمته، فمدار حجية الإجماع هو على قوله لا على نفس الإجماع، فهم فـي الحقيقة لم يقولوا بحجة الإجماع، وإنما قالوا بحجية قول المعصوم، ودعواهم الاحتجاج بالإجماع تسمية لا مسمى لها، فقول ابن المطهر:"الإجماع حجة عندنا"من لغو القول؛ إذ الأصل أن يقول:الإجماع ليس بحجة عندنا، لأن الحجة فـي قول الإمام المعصوم.. لأن هذا هو مقتضى مذهبهم، فهم جعلوا الإمام بمثابة النبي أو أعظم؛ فهو عندهم ينكت فـي أذنه، ويأتيه الملك، بل يرى خلقاً أعظم من جبرائيل وميكائيل، إلى آخر ما فصلنا القول فـيه عنهم فـي معتقدهم فـي السنة، فهم ليسوا بحاجة للإجماع والإمام حاضر بينهم، كما أن الصحابة ليسوا بحاجة للإجماع والرسول حاضر بينهم.
فعندهم فـي كل عصر نبي يسمى الإمام، والحجة فـي قوله لا فـي الإجماع، ولهذا قالوا:"ونحن لما ثبت عندنا بالأدلة العقلية والنقلية كما هو مستقصى فـي كتب أصحابنا الإمامية أن زمان التكليف لا يخلو من إمام معصوم حافظ للشرع يجب الرجوع إلى قوله فـيه، فمتى اجتمعت الأمة على قول كان داخلاً فـي جملتها لأنه سيدها، والخطأ مأمون على قوله، فـيكون ذلك الإجماع حجة. فحجية الإجماع عندنا إنما هو باعتبار كشفه عن الحجة التي هي قول المعصوم" (معالم الدين: النحاريري ص406). والأرض لا تخلو من إمام، لأنه كما يزعمون:"لو خلت الأرض من إمام لساخت".(أصول الكافي 1/179)، ومعنى هذا استمرار تعطيل مبدأ الإجماع.