طاعة ولاة الامر مقيدة بطاعتهم لله والرسول
قال شيخ الاسلام ابن تيمية : " إنَّمَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ طَاعَةُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَهَؤُلَاءِ أُولُوا الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ فِي قَوْلِهِ : { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } إنَّمَا تَجِبُ طَاعَتُهُمْ تَبَعًا لِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا اسْتِقْلَالًا " مجموع الفتاوى – ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 20 ص 208
قال الامام البخاري : " حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ " صحيح البخاري - بَاب السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ - ج 4 ص 49
وفي الصحيحين : " 7257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: «لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ»» " صحيح البخاري - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الوَاحِدِ الصَّدُوقِ فِي الأَذَانِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ - ج 9 ص 88 , وصحيح مسلم - بَابُ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَتَحْرِيمِهَا فِي الْمَعْصِيَةِ - ج 3 ص 1469
وفي مسند الامام احمد : " 1095 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (2) "
__________
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين " مسند الامام احمد – تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 2 ص 33
قال المجلسي : " وروي بسند معتبر عن موسى بن جعفر عليهما السلام انّه قال لشيعته : يا معشر الشيعة لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم ، فإن كان عادلاً فاسألوا الله ابقاءه ، وان كان جائراً فاسألوا الله اصلاحه ، فإنّ صلاحكم في صلاح سلطانكم ، وانّ السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم ، فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم ، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم " عين الحياة – المجلسي – ج 2 ص 272
فالرواية تبين ان طاعة السلطان العادل امر شرعي , ومن المعلوم ان السلطان غير معصوم , فدل التوجيه على طاعة السلطان اذا امر بالحق .
وفي نهج البلاغة : " ومن كتاب له (عليه السلام) إلى أهل مصر، لما ولّى عليهم الاشتر رحمه الله مِنْ عَبْدِ اللهِ عَلِيّ أَمِيرِالْمُؤْمِنينَ، إِلَى الْقَومِ الَّذِينَ غَضِبُوا لله حِينَ عُصِيَ فِي أَرْضِهِ، وَذُهِبَ بِحَقِّهِ، فَضَرَبَ الْجَوْرُ سُرَادِقَهُ عَلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، وَالْمُقِيمِ وَالظَّاعِنِ ، فَلاَ مَعْرُوفٌ يُسْتَرَاحُ إِلَيْهِ ، وَلاَ مُنْكَرٌ يُتَنَاهَى عَنْهُ.
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَبْداً مِنْ عِبَادِاللهِ عَزَّوَجَلَّ، لاَيَنَامُ أَيَّامَ الخَوْفِ، وَلاَ يَنْكُلُ عَنِ الاعْدَاءِ سَاعَاتِ الرَّوْعِ ، أَشَدَّ عَلَى الْفُجَّارِ مِنْ حَرَيقِ النَّارِ، وَهُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو مَذْحِج ، فَاسْمَعُوا لَهُ أَطِيعُوا أَمْرَهُ فِيَما طَابَقَ الْحَقَّ، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ ... " نهج البلاغة – الشريف الرضي - ج 3 ص 63 – 64
لقد قيد علي رضي الله عنه طاعة اهل مصر للاشتر فيما طابق الحق , وهذا عين قولنا بالطاعة بانه مقيد بموافقة الكتاب , والسنة , فهما الحق قطعا .
وقال الصدوق : " 3 - حدثني أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حمران عن الفضل بن السكن ، عن أبي - عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : اعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالمعروف والعدل والاحسان " التوحيد - الصدوق - ص 285 – 286 , والإمامة والتبصرة - ابن بابويه القمي - ص 137 – 138
فولي الامر يُعرف بمعروفه , وعدله , واحسانه , وفي هذا دليل واضح ان معرفة ولي الامر تكون من خلال حكمه بين الناس , وهذا مفقود عند الامامية اذ لا يوجد عندهم معصوم منذ اكثر من الف سنة , فالذي يتولى امورهم غير معصوم , وانما يُعرف صلاحه من فساده من خلال سيرته .
وفي نهج البلاغة : " لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرّ أَوْ فَاجِر، يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ، وَيَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَيُبَلِّغُ اللهُ فِيهَا الاجَلَ، وَيُجْمَعُ بِهِ الْفَيءُ، وَيُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَتَامَنُ بِهِ السُّبُلُ، وَيُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِر.
وفي رواية أُخرى أنّه (عليه السلام) لمّا سمع تحكيمهم قال: حُكْمَ اللهِ أَنْتَظِرُ فِيكُمْ.
وقال: أَمَّا الامْرَةُ الْبَرَّةُ فَيَعْمَلُ فيها التَّقِيُّ، وَأَمَّا الامْرَةُ الْفَاجرَةُ فَيَتَمَتَّعُ فِيهَا الشَّقِيُّ، إلى أَنْ تَنْقَطِعَ مُدَّتُهُ، وَتُدْرِكَهُ مَنِيَّتُهُ " نهج البلاغة – الشريف الرضي - ج 3 ص 63 – 64
لقد اجاز علي رضي الله عنه امرة الفاجر , ومن المعلوم ان الفاجر , او العادل اذا امر بمصية فان طاعته غير واجبة , بل من الواجب على المسلم عدم الامتثال