شبهة فقال من اين اخذها الحمار
فمرة أخرى مع صاحبنا النمساوي وهذه المرة مع قصة وصف ابن عباس لمعاوية بـ(الحمار) وحجته في هذا ما رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/289/العلمية)أن أبا غسان مالك بن يحيى الهمداني حدثه قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا عمران بن حدير عن عكرمة أنه قال كنت مع بن عباس عند معاوية نتحدث حتى ذهب هزيع من الليل فقام معاوية فركع ركعة واحدة فقال بن عباس من أين ترى أخذها الحمار
هذا إسناد فيه ضعف, فعبد الوهاب بن عطاء قال فيه ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين (2/ص158): (عبد الوهاب بن عطاء أبو نصر الخفاف العجلي يروي عن خالد الحذاء وابن عون قال أحمد: ضعيف الحديث مضطرب. وقال الرازي: ليس بقوي الحديث, وقال النسائي: ليس بالقوي)
قلت فأبو حاتم يضعفه كما هو معروف من عبارته,وكذلك النسائي فقد قال الذهبي في الموقضة82: ليس بجرح مفسد أي أنه تضعيف خفيف ولذلك أورد ابن الجوزي كلمتهما عنده . وذكره البخاري في الضعفاء وقال: ليس بالقوي عندهم, وذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء.وقال ابن معين : ليس به بأس, أي أنه يوثقه ولذلك قال الحافظ : صدوق ربما أخطأ,جمعا بين الأقوال وهذا منه تليين لحفظه والله أعلم.
كما انه قد ذكر في ميزان الاعتدال الجزء 4 ص 435 ط دار الكتب العلمية بيروت : ان النسائي قال عنه : متروك الحديث .
وقال فيه الرازي : كان يكذب .
وأبو غسان مالك بن يحيى هو السوسي قال فيه ابن حبان : مستقيم الحديث وسماه بدر الدين العيني في مغاني الأخيار في شرح أسامي رجال معاني الآثار (3/10) : (مالك بن يحيى بن مالك بن كثير بن راشد وقال: ذكره ابن يونس في تاريخ الغرباء الذين دخلوا مصر.)
وقد خولف فرواه عبد الرزاق في مصنفه (3/ص21) قال: أخبرني عتبة بن محمد بن الحارث(مقبول إذا توبع) أن عكرمة مولى بن عباس أخبره قال وفد بن عباس على معاوية بالشام فكانا يسمران حتى شطر الليل فأكثر قال فشهد بن عباس مع معاوية العشاء الآخرة ذات ليلة في المقصورة فلما فرغ معاوية ركع ركعة واحدة ثم لم يزد عليها وأنا أنظر إليه قال فجئت بن عباس فقلت له ألا أضحك من معاوية صلى العشاء ثم أوتر بركعة لم يزد عليها قال أصاب.
وعتبة مقبول الحديث إذا توبع وكذلك هو , فقد رواه البخاري عن عثمان بن الأسود ونافع بن عمر كلاهما عن ابن أبي مليكة وابن أبي شيبة ج2/ص88في المصنف عن عطاء
ورواه عبد الرزاق (3/ص24) عن ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال رأيت معاوية صلى العشاء ثم أوتر بعدها بركعة فذكرت ذلك لابن عباس فقال أصاب .
فظاهر جدا أن عبد الوهاب بن عطاء أخطا في روايته لكلمة (حمار) بدليل أنه زميله عثمان بن عمر رواه ولم يذكرها فقال الطحاوي: حدثنا أبو بكرة قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا عمران فذكر : بإسناده مثله إلا أنه لم يقل الحمار .
قلت: وعثمان بن عمر هذا هو ابن فارس العبدي ثقة.
وقد أراد الطحاوي الجمع بين الموافقة والمخالفة من ابن عباس لفعل معاوية فقال:قد يجوز أن يكون قول بن عباس أصاب معاوية على التقية له أي أصاب في شيء آخر لأنه كان في زمنه ولا يجوز عليه عندنا أن يكون ما خالف فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي قد علمه عنه صوابا وقد روى عن بن عباس في الوتر أنه ثلاث .
ورد هذا البيهقي في معرفة السنن والآثار (2/ص315و316) فقال : (ولا يحل لأحد أن يحمل قول ابن عباس على التقية منه, فابن عباس كان أبعد الناس من أن يخاف معاوية في سكوته عن فعل أخطأ فيه وكان أعلم وأورع من أن يقول لأصحابه في دين الله تعالى ما يعتقد خلافه…. فكيف يظن بابن عباس أن يقول لأصحابه فيما بينهم أصاب معاوية في شيء ينكره بقلبه)
وخلاصة الأمر أن رواية عبد الوهاب خطأ والراجح روايات غيره وهم كثر وبعضها في البخاري .
فلا أدري لماذا يصر الأستاذ النمساوي على غض الطرف عن هذا كله ويقبض على كلمة (حمار) بنشوة المنتصر ..أخاف أن يكون الهوى والعياذ بالله ..فنسأل الله تعالى أن يعصمنا وإياه ذلك.!