عدم اعتقاد الائمة بعصمة بعضهم
بل ان الائمة لم يكونوا يعتقدوا بهذه العصمة التي يقول بها الامامية ولهذا كانوا يؤدبون ابناءهم , ويقرون غيرهم على تاديبهم .
في الكافي : " عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) عَنْ قَتْلِ الْخُطَّافِ أَوْ إِيذَائِهِنَّ فِي الْحَرَمِ فَقَالَ لَا يُقْتَلْنَ فَإِنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السلام ) فَرَآنِي وَ أَنَا أُوذِيهِنَّ فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ لَا تَقْتُلْهُنَّ وَ لَا تُؤْذِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ لَا يُؤْذِينَ شَيْئاً " الكافي - الكليني - ج 6 ص 224 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – حسن – ج 21 ص 370
لقد وقع الصادق في الخطأ حاله حال اي طفل , فوجهه زين العابدين رحمه الله , وعلمه الحكم الشرعي المناسب , كما يعلم اي مسلم يقع في الخطأ , او يجهل الاحكام , فمن اين للامامية بأن الامام لا يقع منه الخطأ منذ الولادة ؟ ! من اين جاءوا بهذه العقيدة المخالفة لروايات الائمة ؟ .
[rtl]وقال محمد تقي المجلسي في روضة المتقين : " و في القوي كالصحيح عن زرارة قال: رَأَيْتُ دَايَةَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) تُلْقِمُهُ الْأَرُزَّ وَ تَضْرِبُهُ عَلَيْهِ فَغَمَّنِي مَا رَأَيْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ لِي أَحْسَبُكَ غَمَّكَ مَا رَأَيْتَ مِنْ دَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى قُلْتُ لَهُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ لِي نِعْمَ الطَّعَامُ الْأَرُزُّ يُوَسِّعُ الْأَمْعَاءَ وَ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ وَ إِنَّا لَنَغْبِطُ أَهْلَ الْعِرَاقِ بِأَكْلِهِمُ الْأَرُزَّ وَ الْبُسْرَ فَإِنَّهُمَا يُوَسِّعَانِ الْأَمْعَاءَ وَ يَقْطَعَانِ الْبَوَاسِيرَ. " روضة المتقين محمد تقي المجلسي - ج4 ص 166[/rtl]
[rtl]ان الداية تؤدب الكاظم بحضور , واقرار من الصادق رحمه الله , بل تضربه على امر لا يعرف مصلحته به , والصادق يقرها على ذلك , فلو كان الصادق قبل غيره يعتقد بعصمة الكاظم منذ ولادته لما قبل من الداية ان تضربه .[/rtl]
[rtl]وقال محمد تقي المجلسي : " و يمكن حمل النهي في غير الداخل على الكراهة كما يظهر مما رواه الشيخ في الصحيح، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: رآني علي بن الحسين عليهما السلام و أنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى فقال: يا بني إن هذا لا يقلع و إن أمكن حمله على إرادة القطع أو يكون صغيرا غير مكلف و جوزنا الجهل عليهم في الصغر " روضة المتقين - محمد تقي المجلسي - ج4 ص 166[/rtl]
فالجهل واقع من الصادق , ومخالفة الحكم الشرعي قد صدرت منه , وهذا دليل على الخطأ , ولهذا نجد تصريح محمد تقي المجلسي بجواز الجهل على الائمة في الصغر , فما فائدة العصمة في الصغر , والخطأ يصدر منه كما جاء في الروايات ؟ !, بل ان محمد تقي المجلسي يصرح بجواز جهل المعصوم في الصغر ! .
[rtl]وفي نهج البلاغة من وصية علي للحسن رضي الله عنهما : " ومن وصيّته (عليه السلام) للحسن بن علي (عليه السلام)، كتبها إليه بـ "حاضرين" عند انصرافه من صفّين مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ، الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ ، الْمُدْبِرِ الْعُمُرِ، الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ، الذَّامِ لِلدُّنْيَا، السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتَى، الظَّاعِنِ عَنْهَا غَداً، إِلَى الْمَوْلُودِ الْمُؤَمِّلِ مَا لاَ يُدْرَكُ، السَّالِكِ سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ، غَرَضِ الاسْقَامِ ،رَهِينَةِ الايَّامِ، وَرَمِيَّةِ الْمَصَائِبِ، وَعَبْدِ الدُّنْيَا، وَتَاجِرِ الْغُرُورِ، وَغَرِيمِ الْمَنَايَا، وَأَسِيرِ الْمَوْتِ، وَحَلِيفِ الْهُمُومِ، قَرِينِ الاحْزَانِ، وَنُصْبِ الافَاتِ ، وَصَرِيعِ الشَّهَوَاتِ، وَخَلِيفَةِ الامْوَاتِ.[/rtl]
.............. فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ، وَلاَ تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ، وَدَعِ الْقَوْلَ فِيَما لاَ تَعْرِفُ، وَالْخِطَابَ فِيَما لَمْ تُكَلَّفْ، وَأَمْسِكْ عَنْ طَرِيق إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ، فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلاَلِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الاهْوَالِ، وَامُرْ بالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَنْكِرِ المُنكَرَ بِيَدِكَ وَلِسَانِكَ، وَبَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ، وَجَاهِدْ فِي اللهِ حَقَّ جَهَادِهِ، وَلاَ تَاخُذْكَ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئم، وَخُضِ الْغَمَرَاتِ إلَى الحَقِّ حَيْثُ كَانَ، وَتَفَقَّهُ فِي الدِّينِ ...............
[rtl]ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْكَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِي الْتَبَسَ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ إِحْكَامُ ذلِكَ عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِيهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلاَمِكَ إِلَى أَمْر لاَ آمَنُ عَلَيْكَ بِهِ الْهَلَكَةَ ، وَرَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَكَ اللهُ فِيهِ لِرُشْدِكَ، وَأَنْ يَهْدِيَكَ لِقَصْدِكَ، فَعَهِدْتُ إِلَيْكَ وَصِيَّتِي هذِهِ...................[/rtl]
[rtl]فَإذا أَيْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُكَ فَخَشَعَ، وَتَمَّ رَايُكَ وَاجْتَمَعَ، وَكَانَ هَمُّكَ فِي ذلِكَ هَمّاً وَاحِداً، فَانْظُرْ فِيَما فَسَّرْتُ لَكَ، وَإِنْ أنْتَ لَمْ يَجْتَمِعْ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ، وَفَرَاغِ نَظَرِكَ وَفِكْرِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبِطُ الْعَشْوَاءَ وَتَتَوَرَّطُ الظَّلْمَاءَ، وَلَيْسَ طَالِبُ الدِّينِ مَنْ خَبَطَ وَلاَ مَنْ خَلَّطَ، وَالامْسَاكُ عَنْ ذلِكَ أَمْثَلُ .[/rtl]
[rtl]فَتَفَهَّمْ يَا بُنَيَّ وَصِيَّتِي، وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَمَالِكُ الحَيَاةِ، وَأَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُمِيتُ، وَأَنَّ الْمُفْنِيَ هُوَ الْمُعِيدُ، وَأَنَّ الْمُبْتَلِيَ هُوَ الْمُعَافِي، وَأَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِرَّ إِلاَّ عَلَى مَا جَعَلَهَا اللهُ عَلَيْهِ مِنْ النَّعْمَاءِ، وَالابْتِلاَءِ، وَالْجَزَاءِ فِي الْمَعَادِ، أَوْ مَاشَاءَ مِمَّا لاَ تعْلَمُ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلَى جَهَالَتِكَ بِهِ، فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ جَاهِلاً ثُمَّ عَلِمْتَ، وَمَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الامْرِ، وَيَتَحَيَّرُ فِيهِ رَايُكَ، وَيَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذلِكَ! فَاعْتَصِمْ بِالَّذِي خَلَقَكَ وَرَزَقَكَ وَسَوَّاكَ، وَلْيَكُنْ لَهُ تَعَبُّدُكَ، وَإِلَيْهِ رَغْبَتُكَ، وَمِنْهُ شَفَقَتُكَ .....................[/rtl]
[rtl]يَا بُنَيَّ، اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيَما بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ، فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَلاَ تَظْلِمْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُ مِنْ غَيْرِكَ، وَارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَإِنْ قَلَّ مَا تعْلَمُ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ........................[/rtl]
[rtl]وَاعْلَمْ، أَنَّ أمَامَكَ عَقَبَةً كَؤوداً ، الْمُخِفُّ فِيهَا أَحْسَنُ حَالاً مِن الْمُثْقِلِ ، وَالْمُبْطِىءُ عَلَيْهَا أَقْبَحُ حَالاً مِنَ الْمُسْرِعِ، وَأَنَّ مَهْبِطَهَا بِكَ لاَمَحَالَةَ عَلَى جَنَّة أَوْ عَلَى نَار، فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ، وَوَطِّىءِ وَاعْلَمْ، أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ خَزَائِنُ السَّموَاتِ وَالارْضِ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي الدُّعَاءِ، وَتَكفَّلَ لَكَ بِالاجَابَةِ، أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ، وَتَسْتَرْحِمَهُ لِيَرْحَمَكَ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مَنْ يَحْجُبُكَ عَنْهُ، وَلَمْ يُلْجِئْكَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَمْنَعْكَ إِنْ أَسَاتَ مِنَ التَّوْبَةِ، وَلَمْ يُعَاجِلْكَ بَالنِّقْمَةِ، وَلَمْ يُعَيِّرْكَ بِالانَابَةِ ، وَلَمْ يَفْضَحْكَ حَيْثُ الْفَضِيحَةُ بِكَ أَوْلَى، وَلَمْ يُشدِّدْ عَلَيْكَ فِي قَبُولِ الانَابَةِ، وَلَمْ يُنَاقِشْكَ بِالْجَرِيمَةِ، وَلَمْ يُؤْيِسْكَ مِنَ الرَّحْمَةِ، بَلْ جَعَلَ نُزُوعَكَ عَنِ الذَّنْبِ حَسَنةً، وَحَسَبَ سَيِّئَتَكَ وَاحِدَةً، وَحَسَبَ حَسَنَتَكَ عَشْراً، وَفَتحَ لَكَ بَابَ الْمَتَابِ، فَإِذَا نَادَيْتَهُ سَمِعَ نِدَاك، وَإِذَا نَاجَيْتَهُ عَلِمَ نَجْوَاكَ ..... " نهج البلاغة – الشريف الرضي - ج 3 ص 37 – 46[/rtl]
فوصية علي للحسن رضي الله عنهما فيها دلالة واضحة على انه لم يكن معتقدا بعصمة الحسن , ولهذا خاطبه , بعبد الدنيا , وتاجر الغرور , وصريع الشهوات , واوصاه بان يتفقه بالدين , وخاف عليه ان يلتبس عليه اختلاف الناس بارائهم , واهوائهم , وانه لا يأمن عليه من الهلكة , ثم بين له ان اشكل عليه شيء ان يحمله على جهالته , وما اكثر جهالته , ووصفه بالتحير , والبصر في امور بعد ان يضل بها بصره , وامره ان لا يتكلم بما لا يعلم , وان مهبطها الى الجنة او النار , فمن خلال هذه الوصية يتبين لنا ان عليا رضي الله عنه لم يتعامل مع ولده الحسن رضي الله عنه على انه معصوم , وانما تعامل معه تعامل أي والد مع ولده الذي يحتاج الى التأديب , والتوجيه ليفلح في الدنيا , ويثاب في الاخرة .