لقد أختلفت فئة من الناس أضلها الهوى و نزوات النفس فحللت لنفسها زواج المتعة و حاولت أن تستغل بذلك حقبة تاريخية أحل بها هذا الزواج لاغراض ثم حرم نظرا لأثاره السيئة... فاختلفوا فيه فمنهم من اعتبره شرعيا و منه من حرمه.
فيما يلي تفصيلا كامل عن زواج المتعة ، و على العاقل أن يحكم عليه بغض النظر عن مخالفة العقيدة الاسلامية له أم لا.
تعريف المتعة:
المتعة في اللغة معناها: التلذذ والاستمتاع بالشيء، وما ينتفع به الإنسان من أنواع الطعام، والشراب، والنساء.
وفي الشرع: هو: أن يستأجر امرأة، بمال معلوم، إلى أجل معين، ليلة، أو أسبوعاً، أوشهراً، أو أقل أو أكثر، بشهود أو بغير شهود، ويقضي منها وطراً، ثم يتركها بدون طلاق، ومن غير وجوب نفقة، ولا سكنى، ولا توارث يجري بينهما، إن مات أحدهما قبل انتهاء المدة .
ومن هنا يظهر لنا بجلاء، أن المقصود من نكاح المتعة((التلذذ المجرد ))، دون الارتباط الزوجي الشريف، الذي يربط بين أفراد المجتمع، برباط المحبة والوئام، عن طريق المصاهرة بين الأسر، الذي أشارت إليه الآية الكريمة"وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديرا"
ونحن هنا نتساءل؟:
هل يراد من نكاح المتعة بناء الأسرة الفاضلة؟
هل يكون بين المتعاقدين نفقة أو توارث؟
هل يقصد منه الألفة والمحبة، التي ربط بها بين الزوجين بقوله "وجعل بينكم مودة ورحمة" أم أنهذا النكاح لمجرد قضاء الشهوة والوطر؟
لا شك أنه لا يحمل في مضمونه، إلاقضاء الشهوة البهيمية، التي يسعى إليها الحيوان!!
إنه رجس ودنس، وانحطاط عن درجة الإنسانية، إلى مستنقع الشهوة والرذيلة" قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون" إن هذا الزواج لا يراد منه إلا قضاء الوطر، فهو لا يحصن الرجل، ولا يعف المرأة عن الحرام!! المرأة تكون فيه (( دمية )) بين أفخاذ الرجال، يتلهون بها ويتسلون، كما يتلهى الأطفال بكرة القدم ويلعبون
تحريم نكاح المتعة في الشريعة الإسلامية:
إن نكاح المتعة محرم في الشريعة الغرّاء، بالنصوص القطعية التي لا تحتمل الشك والجدل .. وما يثيره البعض من القول بحله، فإنما هو محض سفه وجهل وبهتان .. ولهذا أجمع المسلمون - من أهل السنة والجماعة - على تحريمه دون تردد .. وإنما أباحه شرذمة من الرافضة، الذين لا يدركون مقاصد الشريعة الغرّاء، ولا يعرفون ما يترتب عليه من مفاسد ومصائب - لو عقلوها لكانوا أول المنادين بتحريمه - ولما كان بين أحد من المسلمين، من يرفع عقيرته بالقول بحله، فضلاَ عن ترغيب الناس فيه والتشجيع عليه!! ويكفينا أن نعرف أن رسول صلى الله عليه وسلم قد نص على تحريمه، في محفلين عظيمين، من أشهر المحافل، في جمع غفير من أصحابه، ليكون التحريم قاطعاً باتاً، على رؤوس الأشهاد، هما:
- يوم غزوة خيبر .
- ويوم الفتح الأكبر " فتح مكة"
حدث هذا الأمر وتكرر، لينبه صلوات ربي وسلامه عليه، على عظيم خطر هذا الدنس والرجس، الذي يشجع عليه بعض المبتدعة اليوم، ويصورونه بصورة "نكاح شرعي " أباحه الإسلام، ما هو إلا أخو الزنى وشقيق السفاح
تحريم المتعة في خيبر
حين فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، أعلن على رءوس الأشهاد تحريم نكاح المتعة، تحريماً جازماً قاطعاً، ليكون بمحفل من الناس، حتى لا يرتاب أحد في تحريمه، فيقول البعض: ما سمعنا هذا الحديث، وما بلغنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
والدليل على تحريمه ما رواه البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر،وعن أكل لحوم الحمر الأهلية))
والذي يلفت النظر، أن راوي الحديث المحرم لنكاح المتعة، هو علي بن أبي طالب من أهل البيت، رضي الله عنه وأرضاه، فكيف يزعم إباحته من ينتسب إلى آل البيت النبي صلى الله عليه وسلم؟!
ثانياً: وفي رواية الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء، وعن لحوم الحمر الأهلية، زمن خيبر
ثالثاً: وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (( إنما كانت المتعة في أول الإسلام .. كان الرجل يقدم البلدة، ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم .. فتحفظ له متاعه، وتصلح له أشياءه، حتى إذا نزلت الآية " إلا على أزواجهم أو ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين "
قال ابن عباس: (( فكل فرج سوى هذين فهو حرام))
يريد ابن عباس أن المنكوحة لمتعة، ليست بزوجة حقيقة، لأن الزواج ينبغي ألا يحدد له مدة، فهو زواج مؤقت، وليست مملوكة بملك اليمين، والله عز وجل إنما أباح الزوجات والمملوكات بملك اليمين، فيكون زواج المتعة محرماً وباطلاً
تحريم نكاح المتعة في غزوة الفتح
وكما حرمت المتعة في غزوة خيبر، كذلك حرمت في غزوة الفتح الأكبر، يوم فتح مكة عندما دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحاً منتصراً،أعلن تحريمها على رؤوس الأشهاد، ليكون تأكيداً لما سبق من تحريمها يوم خيبر .
- فقد روى مسلم في صحيحه عن سبرة الجهني أنه قال: (( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح إلى مكة، فرأيته قائماً بين الركن والباب وهو يقول: يا أيها الناس، إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده شيء منهن، فليخل سبيله و لا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً))
هذا وقد ترجم الإمام مسلم لأحاديث الباب بقوله:
باب تحريم نكاح المتعة، وبيان أنه أبيح ثم نسخ، واستقر تحريمه إلى يوم القيامة
إذا الرسول عليه الصلاة و السلام هو من حرم نكاح المتعة و ليس عمر.
ولنفرض جدلاً أن عمر هو الذي منع من المتعة، وهو الذي حرمها على المسلمين!! أفلسنا مأمورين باتباع سنة الخلفاء الراشدين، بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها يالنواجذ.. ؟! الحديث
إن عمر رضي الله عنه لم يكن متسلقاً سور الشريعة، يقول فيها برأيه وهواه كما يشاء، وإنما هو متمسك بالأحكام، متقيد بما سمعه وبلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو من أشد الناس تحرياً للحق،وقبولاً له، وقد أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
" إن الله جعل الحق، على لسان عمر وقلبه ".
ثم إن عمررضي الله عنه، منع من نكاح المتعة في مجمع من الصحابة، وما أنكر عليه أحد، لأنهم كانوا عالمين بحرمة المتعة، ولو كانت مباحة كما يزعم الزاعمون، لكانوا أول من ينكر عليه، فإجماعهم وسكوتهم على ما قاله عمر، من أظهر الدلائل على حرمة المتعة، ولا يمكن أن يسكتوا على ذلك مداهنة، لأن ذلك يوجب تكفيرهم، لأن من حرم ما أحل الله فهو كافر، فيستلزم تكفير الصحابة بسكوتهم على عمر،وهذا ما لايخطر على بال!!.
ومخالفة جمهور الأمة الإسلامية، أمر خطير، وإباحة نكاح المتعة شذوذ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد .. من أراد بحبوحة الجنة - أي نعيمها وخيرها - فليلزم الجماعة.
ماالفرق بين النكاح الشرعي و نكاح المتعة؟:
ولعلنا ندرك المفارقة الواضحة، بين النكاح الشرعي الصحيح، وبين نكاح المتعة، الذي حرمته الشريعة، فإن بينهما فرقاً كبيراً ، وبوناً شاسعاً، كالفرق بين اللحم المزكى ولحم الخنزير، وذلك للأسباب التي نوضحها بإيجاز و اختصار.
أولاً: إن النكاح الشرعي يراد منه الدوام والاستمرار، لبناءالأسرة الفاضلة الشريفة، التي تعمر الدنيا بطاعة الله، ونكاح المتعة لا يراد منه إلا قضاء الشهوة، ونيل الوطر.
ثانياً: النكاح الشرعي يجب فيه الإشهاد على العقد، ورضى الولي - ولي أمر المرأة - لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا نكاح إلا بولي ، وشاهدي عدل " وبدون ذلك يكون العقد باطلاً ، ونكاح المتعة يكون بين الرجل والمرأة، دون رضى الولي، ودون وجود شهود.
ثالثاً: شرط وجود الولي ورضاه ثابت بالكتاب والسنة، لقوله تعالى: (فانكحوهن بإذن أهلهن ) النساء من الآية 25 وقوله صلى الله عليه وسلم: أيما أمرأة لم ينكحها الولي، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل . الحديث . فهل نكاح المتعة يستلزم وجود الولي؟ أم يكفي فيه موافقة المرأةعلى النكاح؟.
رابعاً: نكاح المتعة ليس فيه ميراث بين الزوجين، إذا مات أحدهما لا يرثه الآخر، فكيف يكون زواجاً شرعياً كالنكاح؟!.
خامساً: عند انتهاء المدة، لا يحتاج الرجل إلى تطليق المرأة،فيحق لها أن تتزوج بغيره، بعد أن تستبرىء منه بحيضة، بخلاف النكاح الشرعي.
سادساً: لا نفقة لزوجة الناكح للمتعة، ولاعدة عليها، وهو مخالف للنص القرآني" والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً... " فإن العدة واجبة في الطلاق والوفاة.
هذه بعض الوجوه التي يختلف فيها نكاح المتعة عن النكاح الأصلي الشرعي ، وقد روى الإمام الدارقطني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة، وإنما كانت لمن لا يجد النفقة، فلما نزل النكاح، والطلاق،والعدة، والميراث بين الزوج والمرأة نسخت.
هذا كلام أحد أكابر أئمة آلالبيت النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا علي رضي الله عنهوأرضاه، فكيف يزعمون أن المتعة جائزة باتفاق عند الشيعة، وسيد آل البيت علي رضي الله عنه يروي لنا التحريم .
لتضعوا في حسبانكم يا أخوتي بان الله ما حرم شيئا أو احله الا لحكمة فيها نفع للانسان.
و من حكمة الله تحريم هذا النكاح الباطل لما له من آثار سلبية في حياة الانسان و منها:
إشاعة الفاحشة بين شباب المسلمين.
توهين عرى الروابط الزوجية .
عدم تحصين الشباب والفتيات بسبب هذا الرجس .
تهديم بنيان الأسرة الذي هوالنواة الأساسية للمجتمع .
انتشار الامراض التناسلية و الزنا نتيجة التغير و التنقل من انثى لانثى و من رجل لرجل.
تقلص نسل المسلم لاشتراطه عدم الانجاب .
بالإضافة إلى :
مخالفة إجماع الأمة وعلمائها التي أجمعت على تحريمه .
المعارضة الصريحة لنصوص الكتاب والسنة .