نهي اولايائهم لطلب العلم
القديمين منهم والحديثين مخالفة أكثر من مخالفة العلم وأهله , وهذه وحدها كافية لمعرفة حقيقة التصوف والمتصوفة , فقالوا :
" العلم حجاب الله الأكبر " [1].
وفسره كبير مشايخ الصوفية في الهند نظام الدين الدهلوي المتوفى 725هـ بقوله :
" إن العلم دون الحق , وكل ما هو دونه فهو يحجب عنه " [2] .
ومن تخريفات النفري أنه قال : " أوقفني الله في مقام الوقفة , وقال لي " :
العلم حجابي . وقال : العالم يخبر عن الأمر والنهي , وفيها علمه , والواقف يخبر عن حقي وفيه معرفته .
وقال : العلم في الرقّ , والواقف حرّ [3] .
وكذبوا على سفيان الثوري أنه قال :
" لولا أن للشيطان فيه حظًّا ما ازدحمتم عليه يعني العلم " [4] .
وأيضًا " طلب هذا ليس من زاد الآخرة " [5] .
ونقل الطوسي عن بعضهم أنه قال :
" إذا رأيت الفقير قد انحطّ من الحقيقة إلى العلم , فاعلم أنه قد فسخ عزمه , وحل عقده " [6] .
ويحكي الشعراني حكاية عن أحد الفقهاء , يستدل منها على أفضلية المتصوفة على العلماء بالشريعة , فيقول :
" جاء مرة قاض من المالكية يريد امتحان الشيخ محمد الحنفي , فأعلموا الشيخ أنه جاء ممتحنًا فقال الشيخ رضي الله عنه : إن استطاع يسألني ماعدت أقعد على سجادة الفقراء , فلما جاء القاضي يسأل , قال : ما تقول في ... وتوقف . فقال له الشيخ رضي الله عنه : نعم , فقال : ما تقول في , وتوقف , له الشيخ رضي الله عنه : نعم , حتى قال ذلك مرارًا عديدة , فلم يفتح بشيء " [7] .
ويفرق كذلك بين المعرفة الصوفية وفقه الشريعة حيث يقول :
" كان الشيخ زكريا من العارفين , ولكنه تستر بالفقه " [8] .
ويفضّل الصقلي والدمياطي الصوفية على علماء الشريعة حيث يكتب :
فلركعة من عارف هي أفضل من ألفها من عالم فتقبلا
هذا دليل على أن العارف أفضل من غيره لأن ركعة من عارف أفضل من ألف ركعة من عالم غير عارف ( أي غير صوفي ) .
قال الشيخ أبو القاسم الصقلي في كتاب ((الأنوار )) : ركعة من عارف أفضل من ألف ركعة من عالم[9] .
ونقلوا عن الجنيد أنه كان يقول :
" المريد الصادق غني عن علم العلماء , وإذا أراد الله بالمريد خيرًا أوقعه إلى الصوفية ومنعه صحبة القراء " [10] .
ومن الوقائع التي تترشح منها مخالفة طلب العلم , ويتدفق البغض والحقد على العلماء والطلاب ما ذكر ابن عجيبة الحسني حيث قال :
" وقد عقد بعض الشيوخ حلقة الذكر في بيت مظلم , فلم يجدوا قلوبهم , فقال لهم : ائتوني بالمصباح , فلما أتوا به وجدوا معهم طالبًا من طلبة المدرسة , فأخرجوه فحينئذ , وجدوا قلوبهم " [11] .
ولذلك منعوه من الفكر والنظر في الأدلة واستعمال العقل , كما ذكر كل ذلك الشيخ الأكبر للصوفية في رسالته : " إن المريد لا ينبغي له الكلام إلا بما شاهده وعاينه , والصمت عليه واجب , والفكر عليه حرام , والنظر عليه في الأدلة محظور .... والأَوْلى بالشيخ إذا رأى المريد يجنح إلى استعمال عقله في النظريات ولا يرجع إلى رأيه فيما يدله عليه فليطرده إلى منزله " [12] .
ومثل ذلك بل أصرح وأوضح ما 1كره عبد الغني الرافعي حيث قال :
" إذا طلب المريد من شيخه دليلا شرعيًّا أو عقليًّا على ما ذكره من المعارف الإلهية و الإشارات الربانية فليزجره ويهجره , وإن لم يفعل فقد خانه في التربية ... وذلك لأن الواجب في هذا الطريق التصديق للمرشد والتسليم لغيره , ويحرم على المريد الفكر والنظر في الأدلة , ويجب عليه الصمت وعدم التكلّم .
وإذا أصر المريد على الفكر والنظر في الأدلة , فليطرده , لئلا يفسد عليه بقية أصحابه , كما يجب عليه طرده إذا علم أن حرمته سقطت من قلبه [13] .
وسبب ذلك أن " طريق القوم أمر خاص زائد على علوم الظاهر " [14] .
والعلم الظاهر المقصود منه علم القرآن والسنة , فإن المتصوفة يريدون أن يترك المسلون تعلم كتاب الله ودراسة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبعون خرافاتهم وخزعبلاتهم وأوهامهم التي يسمونها إلهامًا , وتخيلاتهم التي يسمونها كشفًا كما ذكر ذلك ابن عجيبة الحسني :
" كان طريق التصوف مؤسسة على الكتاب والسنة , وإلهامات العارفين الذين تنورت عقولهم, وانصقلت مرآة قلوبهم فيها فتجلى فيها ما كان حقًّا , وزهق منها ما كان باطلا , فكانت طريقتهم مبنية على التحقيق " [15] .
فأضاف القوم إلى الكتاب والسنة أوهامهم وخرافاتهم أيضًا باسم الإلهامات , وهي الأصل والمحك عندهم , وعلى هذا الأساس خالفوا نصوص الكتاب والسنة ولم يسمحوا مجال الاعتراض لمريديهم التجاء إلى هذه القاعدة الصوفية كما سنبِّين ذلك في هذا الباب إن شاء الله .
هذا , ولم يكتم بعض منهم , حيث صرحوا بمخالفة طلب ذلك العلم الشريف, علم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتفقه في الدين, حتى إنهم نقلوا عن أبي سليمان الداراني أنه قال :
" من طلب الحديث فقد ركن إلى الدنيا " [16] .
وروي عن رابعة البصرية أنها كانت تجعل إيثار كتب الحديث والإقبال على الناس من أبواب الدنيا [17].
ورووا عن بشر بن الحارث الحافي أن سبب تركه طلب الحديث أنه سمع أبا داود الطيالسي يحدث عن شعبة أنه كان يقول :
" الإكثار من طلب الحديث يصدّكم عن ذكر الله وعن الصلاة , فهل أنتم منتهون ؟!
فلما سمعه منه قال : انتهينا انتهينا .
ثم ترك الرحلة في طلب الحديث , وأقبل على العبادة [18] .
ونقلوا عن الجنيد أنه كان يقول :
" أحب للصوفي أن لا يقرأ ولا يكتب , لأنه أجمع لهمّه وأحبّ للمريد المبتدي أن لا يَشغل قلبه بهذه الثلاث وإلا تغيّر حاله : التكسب , وطلب الحديث , والتزوّج " [19] .
ومثل ذلك نقلوا عن أبي بكر نصر بن أحمد الدقاق - وكان من أقران الجنيد - أنه قال :
" آفة المريد ثلاثة أشياء : التزويج , وكتابة الحديث , ومعاشرة الضد " [20] .
وروى الصوفية عن سفيان الثوري أنه كان يقول :
" ليس طلب الحديث من عدة الموت , لكنه علة يتشاغل بها الرجل " [21] .
كما رووا عن بشر بن الحارث أنه سأله رجل أن يحدثه فأبى عليه , فجعل يرغبه ويكلمه وهو يأبى عليه , قال فلما أيس منه قال له : يا أبا نصر ما تقول لله غدًا إذا لقيته وسألك لِمَ لا تحدث ؟
قال : فقال له بشر , أقول : يا رب كانت نفسي تشتهي أن تحدث , فامتنعت من أن أحدث ولم أعطها شهوتها [22] .
وزاد الخطيب : قال بشر :
" إني وإن أذنت للرجل وهو يحدث . فإنه عندي قبل أن يحدث أفضل كثيرًا من كائن من الناس , وإنما الحديث اليوم طرق من طلب الدنيا , ولذة , وما أدري كيف يسلم صاحبه ؟! وكيف يسلم من يحفظه , لأي شيء يحفظه , قال بشر : وإني لأدعو الله أن يذهب به من قلبي , ويذهب بحفظه من قلبي , وإن لي كتبًا كثيرة قد ذهبت , وأراها توطأ ويرمى بها فما آخذها , وإني لأهم بدفنها وأنا حي صحيح , وما أكره ترك ذاك خير عندي . وما هو من سلاح الآخرة , ولا من عدد الموت " [23] .
ويروي العطار في تذكرته أن بشرًا الحافي درس الحديث , ثم دفن جميع كتبه في الأرض , ولم يحدث قط [24] .
ويذكر الشعراني عن أبي المواهب الشاذلي أنه انقطعت عنه رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم لاشتغاله بفقه الكتاب والسنة , فيقول :
" كان سيدي أبو المواهب الشاذلي رضي الله عنه يقول: انقطعت عني رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة , فحصل لي غمّ بذلك , فتوجهت بقلبي إلى شيخي يشفع فيَّ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضر عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
ها أنا - أنظر التعبير- فنظرت فلم أره . فقلت : ما رأيته , فقال عليه الصلاة والسلام : سبحان الله ! غلبت عليه الظلمة , وكنت قد أشتغلت بقراءة جماعة في الفقه .... فتركت الاشتغال بالفقه فرأيته " [25] .
هذا , وقد ذكر الرب – تبارك وتعالى – العلم في موضع المدح والثناء , وحلّى به أنبياءه وأصفياءه , وجعله مفخرة يعتز ويفتخر به , كما جعل الجهل وعدم العلم عيبًا يعاب وينتقص عليه ويزدري به , فقال جل من قائل :
{ يرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } [26].
ومدح أهل العلم بقوله :
{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [27] .
كما أدرجهم ضمن من يشهد بألوهيته ووحدانيته , حيث قال :
{ شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ } [28] .
لأنهم هم المؤمنون حقيقيًا , ويؤمنون بكل ما ينزل من عنده :
{ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } [29] .
ومدح طالوت , وبين سبب اختياره , واصطفائه من بين الناس , لأنه صاحب علم , فقال :
{ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ } [30].
هذا , وقد زين نبيه يوسف بالعلم , حيث قال :
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } [31].
وأباه من قبل أيضًا :
{ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [32].
وكذلك الخضر :
{ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } [33].
ولوطًا كذلك : { آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً } [34] .
وكذلك موسى :
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } [35].
وداود وسليمان : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً } [36].
وذكر مَنَّهُ وإحسانه على أفضل البشر وسيد الخلق بقوله :
{ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } [37].
وأمهر بطلب المزيد منه بقوله : { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } [38] .
وأما الجهل , فوصف به قوم موسى الذين :
{ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } [39].
وقوم لوط أيضًا :
{ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } [40].
وقوم هود الذين قال لهم نبيهم :
{ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } [41].
ومشركي الجزيرة الذين حاجوا خاتم النبيين ورسول الله إلى العالمين صلى الله عليه وسلم في دعوته , وعارضوه فأمر أن يخاطبهم :
{ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ } [42].
وأمر المؤمنين عامة أن يعرضوا عن الجهال بقوله :
{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً } [43].
والآيات في هذه المعاني لا تعد ولا تحصى .
ومثل ذلك وردت أحاديث كثيرة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدح العلم والتحريض على اكتسابه , والثناء على العلماء , وذم الجهل وأهله , فقال عليه الصلاة والسلام :
((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا , سهل الله له به طريقًا إلى الجنة )) [44].
وقال صلى الله عليه وسلم :
(( إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد , ولكن يقبض العلم بقبض العلماء , حتى إذا لم يبقَ عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالا , فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا )) [45].
وقال :
(( من دل على خير , فله مثل أجر فاعله )) [46].
والحديث المشهور:
((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا , سهل الله به طريقًا من طرق الجنة . وإن الملائكة لتضع أجنحتها لرضًى لطالب العلم . وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء . وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب . وإن العلماء ورثة الأنبياء . وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا , وإنما ورِّثوا العلم , فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) [47].
وعن أبي أمامة الباهلي قال:
ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) [48] .
وقال صلى الله عليه وسلم :
( إن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين, فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا ) [49] .
وقال : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) [50].
وقال: ( من خرج في طلب العلم , فهو في سبيل الله حتى يرجع ) [51] .
وقال صلى الله عليه وسلم :
( نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها, فرب حامل فقه غير فقيه , ورب حامل فقه إلا من هو أفقه منه ) [52] .
و ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله, ينفون عنه تحريف الغالين , وانتحال المبطلين , وتأويل الجاهلين ) [53].
وأيضًا : ( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجلين كانا في بني إسرائيل: أحدهما كان عالمًا يصلي المكتوبة, ثم يجلس فيعلم الناس الخير، والآخر يصوم النهار ويقوم الليل أيهما أفضل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فضل هذا العالم الذي يصلي المكتوبة, ثم يجلس فيعلّم الناس الخير على العابد الذي يصوم النهار ويقوم الليل كفضلي على أدناكم ) [54] .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدًّا.
ولكن القوم أحبوا الجهل وكرهوا العلم , واشتروا الضلالة بالهدى والغي بالبصيرة, وتفننوا في مخالفة العلم وذويه, وتقريب الجهل وترويجه, فاحتالوا واخترعوا طريقًا آخر , وجاءوا وسموه كشفًا وإلهامًا, وبذلك أرادوا القضاء عليه إطفاء نور الهداية والرشد بمنع الناس عن القرآن , وصدهم عن السنة زاعمين أن السنة منقولة من ميت عن ميت, وكشفهم وإلهامهم عن الحي الذي لا يموت, فلا حجة لها عليهم, ولهم ولكلامهم حجة عليها وعلى الخلق , وهذا ضرب من ضروب الجهل, وإغراق وانغماس فيه , ولا شك في أنه مؤامرة خطيرة ضد شريعة الله التي جاء بها محمد بن عبد الله خاتم أنبياء الله وسيد رسله صلى الله عليه وسلم وليس هناك مؤامرة أكبر وأخطر من هذه, لأنها تتضمن نسخ شريعة الله الأخيرة ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم , لأنها ما دام أوامر الرب تنزل , وأحكامه تتنزل, وإرشاداته تلهم, وتعليماته تعرف بالكشف, فلا معنى لانقطاع النبوة وختم لرسالة وكمال الدين وتمام النعمة .
ولو كان القرآن كافيًا لهداية الأمة وإرشاد الناس , لما احتيج إلى إنزال الأمور بعده .
ولو كانت السنة النبوية شافية, لما اضطر إلى تنزيل السنن الجديدة وتقنينها , وإن كانت تلك السنن سنن رسول الله لم يبينها هو – عليه السلام- لتلاميذه الراشدين وأصحابه الطيبين, فكيف أدى الأمانة وبلغ الرسالة, ولماذا شهد الله عنه { وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ } [55] ؟
أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبين القرآن, فاحتيج إلى أن يبينه الله بعد وفاته بواسطة صوفي أو متصوفة , فما معنى قوله إذن :
{ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } [56]
وقوله تعالى : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [57] .
_____________________________________________________________________
[1] ((سيرة الأقطاب والأولياء )) لمحمود بن المبارك علوي كرماني ص516 ط لاهور.
[2] انظر ((سير الأولياء في أحوال ملفوظات مشايخ جشت )) بالفارسية لمحمد بن مبارك العلي الكرماني المتوفى 770هـ ط مركز تحقيقات فارسي إيران وباكستان لاهور , أيضا ((تذكرة أولياء باك وهند )) أردو للدكتور ظهور الحسن شارب ص 84 ط لاهور باكستان.
[3] كتاب ((المواقف)) لمحمود بن عبد الجبار النفري ص 10-11 ط مطبعة دار الكتب المصرية القاهرة 1934 .
[4] انظر ((غيث المواهب العلية)) للنفري الرندي ج 2 ص 147 .
[5] أيضًا .
[6] كتاب (( اللمع )) للطوسي ص 233.
[7] ((الطبقات الكبرى )) للشعراني ج2 ص 94 .
[8] أيضًا ج2 ص 128 .
[9] كفاية الأتقياء ومنهاج الأصفياء للدمياطي ص 106 ط أيضًا كتاب (( الأنوار ))لأبي القاسم الصقلي نقلا عن الكفاية ص 106.
[10] ((طبقات الشعراني)) ج1 ص84 طبعة قديمة 1305هـ .
[11] ((الفتوحات الإلهية)) لابن عجيبة الحسني ص 119 ط عالم الفكر القاهرة .
[12] ((الأمر المحكم المربوط فيما يلزم أهل طريق الله من الشروط )) لابن العربي , المنشور مع ((ذخائر الأعلاق )) له أيضًا ص 269-270 ط مطبعة السعادة القاهرة .
[13] ((ترصيع الجواهر المكية)) لعبد الغني الرافعي ص 129 .
[14] ((الأنوار القدسية )) للشعراني نقلا عن علي بن وفا , ج1 ص 194 ط بغداد العراق .
[15] ((الفتوحات الإلهية )) في شرح المباحث الأصلية لابن عجيبة ص 344 ط عالم الفكر القاهرة 1983م .
[16] انظر ((قوت القلوب )) لأبي طالب المكي ج 2 ص 152 .
[17] انظر أيضًا ((قوت القلوب )) لأبي طالب المكي ج 2 ص 57 .
[18] ((غيث المواهب العلية )) في شرح الحكم العطائية للنفري الرندي ج2 ص 145 .
[19] ((قوت القلوب )) لأبي طالب المكي ج 1 ص 267 ط دار صادر بيروت .
[20] ((الطبقات الكبرى )) لعبد الوهاب الشعراني ج 1 ص88 .
[21] ((غيث المواهب العلية )) ج 2 ص 147 .
[22] ((حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ))للأصبهاني ج8 ص 355 ط دار الكتاب العربي بيروت.
[23] ((تاريخ بغداد )) للخطيب البغدادي ج7 ص 71 ط دار الكتاب العربي بيروت .
[24] ((تذكرة الأولياء )) لفريد الدين عطار ص66 ط باكستان .
[25] ((طبقات الشعراني )) ج2 ص 75 .
[26] سورة المجادلة الآية 11.
[27] سورة فاطر الآية 28.
[28] سورة آل عمران الآية 18.
[29] سورة آل عمران الآية 7 .
[30] سورة البقرة الآية 247 .
[31] سورة يوسف الآية 22.
[32] سورة يوسف الآية 68 .
[33] سورة الكهف الآية 65.
[34] سورة الأنبياء الآية 79.
[35] سورة القصص الاية 14.
[36] سورة النمل الآية 15.
[37] سورة النساء الآية 113.
[38] سورة طه الآية 114.
[39] سورة الأعراف الآية 138.
[40] سورة النمل الآية 55.
[41] سورة الأحقاف الآية 23.
[42] سورة الزمر الآية 64.
[43] سورة الفرقان الآية 63.
[44] رواه مسلم.
[45] متفق عليه .
[46] رواه مسلم .
[47] رواه أحمد والترمزي وأبو داود وابن ماجه والدارمي.
[48] رواه الترمذي .
[49] رواه الترمذي.
[50] رواه ابن ماجه والبيهقي .
[51] رواه الترمذي والدارمي .
[52] رواه الشافعي والبيهقي في ((المدخل)).
[53] رواه البيهقي.
[54] رواه الدارمي , وصححه الألباني.
[55] سورة التكوير الآية 24.
[56] سورة النحل الآية 44.
[57] سورة آل عمران الأية 164.