اقوال اهل العلم في عدالة الصحابة
[rtl]قال الامام الشوكاني عن اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : " وَقَالَ الْأَبْيَارِيُّ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَالَتِهِمْ ثُبُوتَ الْعِصْمَةِ لَهُمْ وَاسْتِحَالَةَ الْمَعْصِيَةِ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ: قَبُولُ رِوَايَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ بَحْثٍ عَنْ أَسْبَابِ الْعَدَالَةِ وَطَلَبِ التَّزْكِيَةِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ ارْتِكَابٌ قَادِحٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَنَحْنُ عَلَى اسْتِصْحَابِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَا يَذْكُرُهُ أَهْلُ السِّيَرِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وما "صح"** فَلَهُ تَأْوِيلٌ صَحِيحٌ. انْتَهَى.[/rtl]
وَإِذَا تَقَرَّرَ لَكَ عَدَالَةُ جَمِيعِ مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ الصُّحْبَةُ، عَلِمْتَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ الرَّاوِي عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُسَمِّهِ كَانَ ذَلِكَ حُجَّةً وَلَا يضر الجهالة لثبوت عدالتهم على العموم. " إرشاد الفحول – محمد بن علي الشوكاني – ج 1 ص 188
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : " وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ حَدِيثًا عَنْهُ، لَا يُعْرَفُ فِيهِمْ مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيْهِ كَذِبًا، مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَقَعُ مِنْ أَحَدِهِمْ مِنَ الْهَنَاتِ مَا يَقَعُ وَلَهُمْ ذُنُوبٌ وَلَيْسُوا مَعْصُومِينَ، وَمَعَ هَذَا فَقَدَ جَرَّبَ . أَصْحَابُ النَّقْدِ. وَالِامْتِحَانِ أَحَادِيثَهُمْ وَاعْتَبَرُوهَا بِمَا تُعْتَبَرُ بِهِ الْأَحَادِيثُ، فَلَمْ يُوجَدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَعَمُّدُ كِذْبَةٍ، بِخِلَافِ الْقَرْنِ الثَّانِي فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ جَمَاعَةٌ يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ.
[rtl]وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٍ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ " منهاج السنة النبوية – احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 2 ص 281[/rtl]
وقال الامام السخاوي : " الصَّحَابَة بأسرهم عدُول مُطلقًا، لظواهر الْكتاب وَالسّنة، قَالَ تَعَالَى خطابا للموجودين حِينَئِذٍ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} أى عُدُولًا وَقَالَ أَيْضا {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ} وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : " لَا تسبوا أصحابى فوالذى نفسى بِيَدِهِ لَو أنْفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ مد أحدهم وَلَا نصيفه " وَقَالَ أَيْضا: " خير النَّاس قرنى، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ " مُتَّفق عَلَيْهِمَا، أجمع من يعْتد بِهِ على ذَلِك، سَوَاء فى التَّعْدِيل من لَا بس الْفِتْنَة مِنْهُم وَغَيره، لوُجُوب حسن الظَّن بهم حملا للملابس على الِاجْتِهَاد، ونظرا إِلَى مَا عهد بهم من المآثر من امْتِثَال أوامره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفتحهم الأقاليم، وتبليغهم عَنهُ الْكتاب وَالسّنة، وهدايتهم النَّاس ومواظبتهم على الصَّلَوَات والزكوات، وأنواع القربات مَعَ الشجَاعَة، والبراعة، وَالْكَرم، والإيثار، والأخلاق الحميدة، الَّتِى لم تكن فى أمة من الْأُمَم الْمُتَقَدّمَة، وَلَا يكون أحد بعدهمْ مثلهم فى ذَلِك " الغاية فى شرح الهداية فى علم الرواية - شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي - ص 233
وقال الشيخ نور الدين عتر : " وقد اختص الله الصحابة رضي الله عنهم بخصيصة ليست لطبقة من الناس غير طبقتهم، وهي أنهم لا يسأل عن عدالة أحد منهم، فهم جميعهم عدول ثبتت عدالتهم بأقوى ما تثبت به عدالة أحد، فقد ثبتت بالكتاب، والسنة، وبالإجماع، والمعقول.
[rtl]أما القرآن: فقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} .[/rtl]
[rtl]وهذا ينطبق على الصحابة كلهم، لأنهم المخاطبون مباشرة بهذا النص.[/rtl]
[rtl]وكذا قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً} .[/rtl]
[rtl]وغير ذلك كثير من الآيات في فضل الصحابة والشهادة بعدالتهم.[/rtl]
[rtl]وأما السنة: ففي نصوصها الشاهدة بذلك كثرة غزيرة، منها:[/rtl]
[rtl]حديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" .[/rtl]
[rtl]وتواتر عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم".[/rtl]
[rtl]ومما ورد في إثبات عدالة مجهول الصحابة: حديث ابن عباس الصحيح قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال. يعني رمضان، فقال: "أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟" قال: "نعم" قال: "يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا" . أخرجه أصحاب السنن الأربعة، وله شاهد من حديث أنس، وحديث ربعي بن حراش، فقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد معرفة إسلامه.[/rtl]
[rtl]وفي الصحيحين من حديث عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء فقالت: قد أرضعتكما. قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعرض عني، قال: فتنحيت فذكرت ذلك له؟ فقال: كيف؟ وقد زعمت أن قد أرضعتكما!![/rtl]
[rtl]فهذه النصوص وغيرها كثير تثبت العدالة لكل صحابي، من تقدم إسلامه ومن تأخر، ومن طالت صحبته، ومن ظفر بمجرد اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم.[/rtl]
[rtl]وأما الإجماع: فيقول أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب "قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول".[/rtl]
[rtl]وقال الخطيب في الكفاية: "هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء". ونقل الإجماع محمد بن الوزير اليماني عن أهل السنة وعن الزيدية والمعتزلة أيضا وكذا الصنعاني.[/rtl]
[rtl]وقال ابن الصلاح : "ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة".[/rtl]
[rtl]وأما دلالة العقل: فقد قررها وأحسن فيها الخطيب البغدادي فقال:[/rtl]
[rtl]"على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد بنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيئون بعدهم أبد الآبدين.[/rtl]
[rtl]هذا مذهب كافة العلماء، ومن يعتد بقوله من الفقهاء".[/rtl]
[rtl]وبهذا ثبتت عدالة الصحابة بالأدلة القطعية النقلية والعقلية، مما لا يدع للشك أو التردد مجالا في ثبوت هذه الخصوصية الفاضلة لأحد منهم رضي الله عنهم.[/rtl]
[rtl]لذلك شدد العلماء النكير على من يقدح في هؤلاء الكرام، لما أنه شأن المارقين، والحائدين عن سواء الطريق، ورحم اله إمام الحديث أبا زرعة الرازي حيث قال: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة". " منهج النقد في علوم الحديث – نور الدين محمد عتر الحلبي - ج 1 ص 121 – 124[/rtl]
وقال الامام ابو الحسن الاشعري: " وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج وأن نظن بهم أحسن الظن وأحسن المذاهب ممتثلين في ذلك لقول رسول الله إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وقال أهل العلم معنى ذلك لا تذكروهم إلا بخير الذكر وقوله لا تؤذوني في أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه وعلى ما أثنى الله تعالى به عليهم بقوله محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل . . . إلى آخر ما قص الله عز و جل من ذكرهم ثم قال ليغيظ بهم الكفار " رسالة إلى أهل الثغر –ابو الحسن علي بن اسماعيل الاشعري - ص 303 – 306
[rtl]وقال ايضا : " وكل الصحابة أئمة مأمونون غير متهمين في الدين وقد أثنى الله ورسوله على جميعهم وتعبدنا بتوقيرهم وتعظيمهم وموالاتهم والتبري من كل من ينقص أحدا منهم رضي الله عنهم أجمعين " الإبانة عن أصول الديانة - ابو الحسن علي بن اسماعيل الاشعري - ص 251[/rtl]