شبهة المغيرة زنا
دعوى ثبوت الزنا على المغيرة بن شعبة
مضمون الشبهة:
يطعن بعض المشككين في عدالة المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – متهمين إياه بالوقوع في جريمة الزنا، مستدلين على ذلك بشهادة ثلاثة شهود عليه. رامين من وراء ذلك إلى الطعن في عدالته وتشويه صورته بوصفه أحد الصحابة؛ بغية تشكيك المسلمين فيما رووه من أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجوه إبطال الشبهة:
1- لقد كان المغيرة بن شعبة أحد أصحاب الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذين شهدوا بيعة الرضوان، والذين زكاهم الله – سبحانه وتعالى – في كتابه، وشهد لهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بالجنة كما تروي الأحاديث الصحيحة.
2- إن عدم اكتمال نصاب الشهادة في هذه الواقعة، وكونه – رضي الله عنه – مزواجا، فضلا عن شدة عمر ــ رضي الله عنه ـسبحانه وتعالى – في محاسبة ولاته، وإقامة الحدود عليهم إذا ثبتت إدانتهم، ليدل دلالة قاطعة على براءة هذا الصحابي – رضي الله عنه – من هذه التهمة.
3- إن القصة التي استند إليها الطاعنون لم تثبت بطريق متفق على صحته، مما يضعف حقيقتها.
التفصيل:
أولا. ثبوت عدالة الصحابي المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – بالكتاب والسنة:
إن المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – هو أحد أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – الذين شهدوا “بيعة الرضوان” والذين بايعوا النبي – صلى الله عليه وسلم – تحت الشجرة، وأثنى الله عليهم بالخير، وأخبر أنه – سبحانه وتعالى – رضي عنهم، قال سبحانه وتعالى: )لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا (18) ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما (19)( (الفتح).
قال ابن كثير رحمه الله: “يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول
الله – صلى الله عليه وسلم – تحت الشجرة، وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية.
وقوله سبحانه وتعالى: )فعلم ما في قلوبهم( (الفتح: ١٨)؛ أي: من الصدق والوفاء والسمع والطاعة، )فأنزل السكينة( وهي الطمأنينة، )وأثابهم فتحا قريبا( وهو ما أجرى الله – عز وجل – على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر وفتح مكة، ثم سائر البلاد والأقاليم عليهم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة، ولهذا قال سبحانه وتعالى: )ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما (19)( (الفتح)”[1].
ولقد أثنى عليهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وبين قدرهم ومكانتهم العظيمة، ففي الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله قال: قال لنا رسول – صلى الله عليه وسلم – يوم الحديبية: «أنتم خير أهل الأرض»[2]، يقول ابن حجر: قوله هذا صريح في فضل أصحاب الشجرة، وعند أحمد بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري قال: «لما كان بالحديبية قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا توقدوا نارا بليل، فلما كان بعد ذلك قال: أوقدوا واصطنعوا فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم»[3]. وعند مسلم من حديث جابر ــ رضي الله عنه – مرفوعا وفيه: «أن عبدا لحاطب جاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يشكو حاطبا، فقال: يا رسول الله، ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبت لا يدخلها، فإنه شهد بدرا والحديبية»[4]، وروى مسلم أيضا من حديث أم مبشر أنها سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: «لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحتها»[5].
قال العلماء: معناه: لا يدخلها أحد منهم قطعا، كما صرح به في الحديث الذي قبله، وإن اعترض أحد بقول الله سبحانه وتعالى: )وإن منكم إلا واردها( (مريم: ٧1)، قلنا:
إن المراد بالورود في الآية المرور على الصراط، وهو جسر منصوب على جهنم فيقع
فيها أهلها وينجو الآخرون[6]، ولقد قال سبحانه وتعالى: )ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا (72)( (مريم).
ولقد نال المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – كل هذا الفضل، وكان له حظ من تلك البشارات التي بشر بها النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحاب البيعة، إذ إنه – رضي الله عنه – قد أسلم عام الخندق، وكانت أول مشاهده الحديبية، ثم شهد اليمامة، وفتوح الشام والقادسية، ونهاوند، وغيرهما.
قال عنه الحافظ الذهبي: “من كبار الصحابة أولى الشجاعة والمكيدة، شهد بيعة الرضوان، كان رجلا مهيبا، ذهبت عينه يوم اليرموك، وقيل: يوم القادسية”[7].
ولقد بين موقفه في الحديبية مدى حبه للنبي – صلى الله عليه وسلم – وغيرته عليه، إذ بعثت قريش عام الحديبية عروة بن مسعود إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليكلمه، فأتاه فكلمه، وجعل يمس لحيته، والمغيرة قائم على رأس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مقنع بالحديد، فقال المغيرة لعروة: كف يدك قبل ألا تصل إليك[8].
ولعل هذه الوقعة تؤكد حضوره – رضي الله عنه – هذه البيعة المباركة، التي لم يحضرها أحد إلا دخل الجنة، كما أخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم.
ولما كان الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فكيف نتصور وقوع هذه الفاحشة من صحابي أحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وشهد معه من المشاهد ما شهد، وشهد له النبي – صلى الله عليه وسلم – بدخول الجنة، وعدم دخوله النار، وفضلا عن هذا وذاك فقد رضي الله عنه كما أخبر في كتابه العزيز؟!
وإذا كان هذا حاله – رضي الله عنه – فقد ثبتت لكل ذي لب عدالته – رضي الله عنه – ونزاهته، وبعده عن الفاحشة وما يقرب إليها من قول وعمل.
ثانيا. بطلان هذه الشبهة عقلا ونقلا:
لقد ثبت بالنقل أن نصاب الشهادة عليه – رضي الله عنه – بالزنا لم يكتمل، ولا يمكن لأحد أن يتهمه – رضي الله عنه – بتلك الفاحشة البغيضة من غير اعتراف، أو شهادة أربعة رجال، وكلا الأمرين معدوم، وقد جلد عمر – رضي الله عنه – الثلاثة الذين اتهموه بالزنا، لعدم اكتمال نصاب الشهادة بعد تردد الرابع، وعدم شهادته، ولم يصنع شيئا مع المغيرة لعدم ثبوت أصل الواقعة شرعا[9].
وقد قرر الفقهاء في كتبهم شروطا لإثبات هذه الجريمة، واتفقوا على أن الزنا يثبت بالإقرار أو بالشهادة، ثم ذكروا شروطا أخرى لإقامة الحدود، ومنها الزنا.
فإذا شهد ثلاثة، وقال الرابع: رأيتهما في لحاف واحد، ولم يزد عليه، يحد الثلاثة، ولا حد على الرابع، وإن شهد شهود دون أربعة في مجلس الحكم بالزنا حدوا بالاتفاق حد القذف؛ لأن عمر حد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بالزنا[10].
وبعدم اكتمال نصاب الشهادة يسقط الزعم بأنه – رضي الله عنه – وقع في الزنا ولا يثبت شيء منه، كما أن كثيرا من تلك الروايات بها زيادات، ولم تصح أصلا من ناحية إسنادها على نحو ما سنبين لاحقا.
وبالعقل أيضا يتضح لنا فساد هذه الشبهة؛ إذ إنه – رضي الله عنه – كان كثير الزواج، فأي حاجة ليفعل الحرام وعنده من الحلال ما يكفيه؟! سواء من الإماء والجواري أو الزواج بالحرائر.
وكان المغيرة يقول: صاحب الواحدة إن مرضت مرض، وإن حاضت حاض، وصاحب المرأتين بين نارين تشتعلان[11].
فما الداعي إذن للبحث عن قضاء الشهوة في الحرام إذا كانت متوافرة في الحلال، لا سيما من صحابي جليل كالمغيرة رضي الله عنه؟!
ومن جانب آخر تسقط هذه الشبهة لما عرف عن غيرة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – على حرمات الله، وقوته في دينه، حتى إن الشيطان يخشاه، فهل من المعقول أن يحابي هذا الرجل – عمر – أحدا في حد من حدود الله كائنا من كان، فلو صح الزنا من المغيرة لحده؟!
فلقد أقام عمرو بن العاص الحد على أحد أبناء عمر بن الخطاب في مصر، ثم عاقبه عمر نفسه بالجلد، وقيل: إنه توفي بعد ذلك على أثر هذا الجلد[12]. فهل كان عمر – رضي الله عنه – يحابي المغيرة بن شعبة، ويقيم الحد على ابنه؟!
ثالثا. القصة لم تثبت بطريق متفق علي صحته:
إن القصة التي استدل بها المغرضون على صحة دعواهم لم تثبت بطريق متفق على صحته، وإنما رواها سيف بن عمر المؤرخ، وهو مجروح العدالة، وأرسلها معه أبو حذيفة البخاري بغير إسناد، ولا يعرف حاله، وأسندها أبو عتاب الدلال عن أبي كعب صاحب الحرير[13].
قال عنه الذهبي في [ميزان الاعتدال 2/255]:
سيف بن عمر مصنف الفتوح والردة وغير ذلك. هو كالواقدي. يروى عن هشام بن عروة، وعبيد الله بن عمر، وجابر الجعفي، وخلق كثير من المجهولين. كان إخباريا عارفا. قال عباس، عن يحيى: ضعيف. وروى مطين، عن يحيى: فِلْسٌ خير منه. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: متروك. وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة. وقال ابن عدى: عامة حديثه منكر.
وقال عنه النسائي في [الضعفاء والمتروكين 1/187] برقم: 256:
سيف بن عمر الضبي: ضعيف.
وقال عنه آية الله السيد أبو القاسم الخوئي ، المرجع الديني الشيعي في كتابه [معجم رجال الحديث 11/207]:
سيف بن عمر الوضاع الكذاب.
وعلى فرض صحة القصة، فقد ثبتت براءته – رضي الله عنه – إذ إن المرأة التي اتهموه بها – رضي الله عنه – إنما هي زوجته، ولشبهها بأم جميل، فإنهم ظنوا أنها أم جميل.
ولذا فإن ذلك الأمر الذي حصل – إن جزمنا بحصوله واقعا – لم يكن مع امرأة أجنبية، بل كان مع زوجة من نسائه تشبه تلك التي ظنوا عليها فعل الفاحشة مع ذلك الصحابي الجليل.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: “يظهر لنا في هذه القصة أن المرأة التي رأوا المغيرة – رضي الله عنه – مخالطا لها عندما فتحت الريح الباب عنهما: هي زوجته، ولا يعرفونها، وهي شبه امرأة أخرى أجنبية – أم جميل – كانوا يعرفونها تدخل على المغيرة وغيره من الأمراء، فظنوا أنها هي، فهم لم يقصدوا باطلا، ولكن ظنهم أخطأ، وهو لم يقترف فاحشة؛ لأن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يعظم فيهم الوازع الديني الزاجر عما لا ينبغي في أغلب الأحوال، والعلم عند الله تعالى “[15].
ولعل هذا يبرئ ساحة الصحابي الجليل “المغيرة بن شعبة”، كما أنه يبرئ القاذفين أيضا، إذ تبين أنهم ظنوا أنها “أم جميل” والظن لا يغني من الحق شيئا.
ولعل الشنآن الحاصل بين المغيرة وأبي بكرة هو ما دفع أبا بكرة لتصديق هذا الظن، ولأنها أيضا كانت تشبه أم جميل، ومن المحتمل أن يكون استشكال الأمر عليهم نابعا من كون امرأة المغيرة منتقبة فهم لا يعرفونها، أما أم جميل فإنها لم تكن منتقبة فكانت معروفة، وقد يستشكل الأمر على أي إنسان لشبه إنسان مغمور بآخر مشهور، وهو ما حدث فظنوا أنها هي، ولم تكن هي؛ ولذلك قال أبو بكرة حينما سأله عمر رضي الله عنه: فكيف استثبت رأسها؟ قال: تحاملت، وفي التحامل مظنة الخطأ مع وجود الشبه، ثم جاء زياد ليرجح أحد الفريقين على الآخر فسأله عمر: هل رأيت الميل في المكحلة؟ قال: لا. قال: فهل تعرف المرأة؟! قال: لا، ولكن أشبهها. فرجحت كفة المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – وظهرت براءته، ولقد قال قبلها لعمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لكي يثبت براءته: سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني، مستقبلهم أو مستدبرهم؟ وكيف رأوا المرأة أو عرفوها؟ فإن كانوا مستقبلي، فكيف لم يستتروا! أو مستدبري، فكيف استحلوا النظر في منزلي على امرأتي! والله ما أتيت إلا امرأتي، وكانت شبهها.
فلما لم يكتمل نصاب الشهادة كبر عمر، ثم أمر بالثلاثة فجلدوا الحد، وهو يقرأ قوله سبحانه وتعالى: )فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون (13)( (النور)، ومما يؤكد أن عمر – رضي الله عنه – لم يحاب أحدا قوله للمغيرة: والله لو تمت الشهادة لرجمتك بأحجارك[16].
وبه يتبين لنا – كما تبين لمجتمع الصحابة قاطبة – فساد هذه الشبهة لبنيانها في القديم على الظن، والآن على الجهل بما يثبت براءة المغيرة رضي الله عنه.
ولو أن عمر لم يحده، وقد صح الزنا منه، لأنكر ذلك أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم ـ[17] وهو لم يحدث فثبتت براءة الصحابي رضي الله عنه.
ومعروف أيضا تشدد عمر مع ولاته، وقد ولى المغيرة بعد تلك الحادثة إمرة الكوفة، فلو ثبتت التهمة عليه أو ظن منه وقوع ذلك ما ولاه عمر – رضي الله عنه – ولاية الكوفة بعد هذه الحادثة، ولكن ما حدث يعني اقتناع عمر بعدم حصول تلك الواقعة، أو اقتناعه أنها كانت زوجته، بل نقول: إن المجتمع كله قد اقتنع ببراءته – رضي الله عنه – وعلم ذلك، وإلا لقامت عليه الدنيا ولم تقعد، ليس وحده بل هو وعمر رضي الله عنهما وهو ما لم يحدث.
ومما سبق تتبين براءة المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – من الزنا على فرض صحة القصة، هذا فضلا عن أن القصة لم تثبت بطريق متفق على صحته، مما يدل على أن القصة ربما تكون غير صحيحة.
الخلاصة:
· لقد كان المغيرة بن شعبة صحابيا جليلا حضر بيعة الرضوان، وصلح الحديبية، ومكانته في الإسلام لا تنكر، وهذا بشهادة الله تعالى لكل من حضر تلك البيعة؛ إذ يقول سبحانه وتعالى: )لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة( (الفتح: ١٨)، وكان المغيرة – رضي الله عنه – من جملة هؤلاء الذين رضي الله عنهم، ولقد شهد النبي – صلى الله عليه وسلم – له بالجنة في جملة من شهد لهم، فقال ردا على من قال ليدخلن حاطب النار: «لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية»، وقال لأهل الحديبية: «فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولامدكم»، فكيف يعقل أن يرضي الله عن رجل ويبشره النبي – صلى الله عليه وسلم – بالجنة والنجاة من النار، ثم يقع في هذه الفاحشة النكراء؟!
· إن النقل والعقل ليقرران فساد هذه الشبهة، إذ إنه لا يمكن لأحد أن
يتهمه – رضي الله عنه – بتلك الفاحشة البغيضة من غير اعتراف، أو شهادة أربعة رجال، وكلا الأمرين معدوم، فعدم اكتمال نصاب الشهادة يسقط القول بأنه – رضي الله عنه – وقع في الزنا، وبالعقل فإنه – رضي الله عنه – كان كثير الزواج، وعنده من الإماء الكثير؛ فأي حاجة ليفعل الحرام وعنده من الحلال الكثير؟!
· كما عرف عن عمر – رضي الله عنه – شدته في الدين وغيرته على حدود الله، فلو ثبت الزنا على المغيرة – رضي الله عنه – لحده عمر – رضي الله عنه – ولو لم يحده – وقد صح عنه الزنا – لأنكر ذلك على عمر أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولما لم يحدث شيء من هذا كله ثبتت براءة المغيرة – رضي الله عنه – ويؤكد ذلك أن عمر – رضي الله عنه – قد ولاه بعد هذه الحادثة إمرة الكوفة، ولو كان يظن وقوع ذلك منه لما وثق به بعد ذلك، ومعلوم تشدد عمر – رضي الله عنه – مع ولاته فيما هو أهون من ذلك، وهذا يؤكد لنا براءة ساحة الصحابي الجليل وعدالته رضي الله عنه.
· إن القصة التي استندوا إليها في اتهام هذا الصحابي الجليل بالزنا قصة لم تثبت بطريق متفق على صحته، وإنما رواها بعض المجروحين من المؤرخين مثل سيف بن عمر وغيره، وأوردها أبو حذيفة البخاري بغير إسناد، وهذا يضعف حقيقتها.
· ومما يؤكد براءته أن المرأة التي اتهموه بها – رضي الله عنه – كانت زوجته وكانت تشبه أم جميل فظنوا أنها هي، فهم لم يقصدوا باطلا ولكن ظنهم أخطأ، وهو لم يقترف فاحشة، ولذلك قال المغيرة رضي الله عنه: “والله ما أتيت إلا امرأتي وكانت شبهها”، كما أنه كان في بيته، ولما لم يكتمل نصاب الشهادة كبر عمر – رضي الله عنه – ثم أمر بالثلاثة فجلدوا الحد (حد القذف).
(*) العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأررنؤط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429 هـ/ 2008 م.
[1]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400هـ/ 1980م، (7/ 262) بتصرف.
[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، (7/ 507)، رقم (4154).
[3]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (7/ 507، 508).
[4]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب: فضائل أهل بدر رضي الله عنهم، (8/ 3633)، رقم (6286).
[5]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب: من فضائل أصحاب الشجرة، أهل بيعة الرضوان رضي الله عنهم، (8/ 3635)، رقم (6287).
[6]. شرح صحيح مسلم، النووي، عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، الرياض، ط2، 1422هـ/ 2001م، (8/ 3635).
[7]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (3/ 21).
[8]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (3/ 22) بتصرف.
[9]. موقع الإسلام سؤال وجواب ـ ردًّا على سؤال: هل ثبت وقوع المغيرة بن شعبة في الزنا؟ وما حكم من يفعل مقدماته في الشرع؟ جواب السؤال رقم 27259. www.islamya.com.120030 . [10]. الفقه الإسلامي وأدلته، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط3، 1409هـ/ 1989م، (6/ 48) بتصرف.
[11]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (3/ 31).
[12]. فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، د. علي محمد محمد الصلابي، دار الإيمان، الاسكندرية، 2002م، ص454.
[13]. العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأررنؤط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429 هـ/ 2008 م، (1/ 670) بتصرف.
[14]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (3/ 27) بتصرف.
[15]. مذكرة في أصول الفقه، محمد الأمين الشنقيطي، دار العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط4، 1425هـ/ 2004م، ص124.
[16]. البداية والنهاية، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400هـ/ 1980م، (4/ 205، 206) بتصرف.
[17]. العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأررنؤط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429 هـ/ 2008 م، (1/ 670).