شبهة مروان بن الحكم قتل طلحة
الجمعة، 10 أكتوبر، 2014
شبهة طلحةاشد الصحابة على عثمان
38 ـ في كتاب "العقد الفريد" لابن عبدربه الأندلسي (5/47) ط. دار الفكر ـ بيروت أنَّ أشد الناس على عثمان كان طلحة ،وإليك النص :
"ابن عون عن ابن سيرين قال : لم يكن أحدٌ من أصحاب النبي أشد على عثمان من طلحة!" انتهى .
الرد على الشبهة :
اولا : الاثر المذكور رواية ودراية :
ابن عون : هو ابن عون هو عبد الله بن عون المزني الفقيه المشهور تقدموا تقريب التهذيب توفى سنة 150 هـ
ابن سيرين : ابن سيرين هو محمد بن سيرين الأنصاري ثقة ثبت كبير القدر تابعى من الطبقة الثالثة توفى 110 هـ
دراية : انقطاع الاسناد بين المؤلف بن عبد ربه الذى ولد فى 246 هـ بقرطبة بالاندلس ( اسبانيا حاليا ) والتى تبعد اكثر من 5000 كم عن البصرة بالعراق و ابن عون توفى فى سنة 150 هـ بالبصرة فهناك مايزيد على 96 سنة ولما لم يرجع المؤلف هذا الاثر لاى مصدر ...
وعليه فالاسناد : منقطع شديد الضعف
المتن : ابن سيرين له 722 رواية ليس فيهم هذه الرواية ولا شاهد وكذلك الفقيه المشهور ابن عون له 386 رواية ليس فيهم هذه الرواية ولا شاهد لها .
وعليه فالمتن : كذب على ابن سيرين
ثانيا : بالبحث فى كتب اهل السنة وجدت اثر مشابهة فى كتاب الانساب للبلاذرى :
المدائني عن أبي جزيّ عن أيوب وابن عون عن ابن سيرين قال: لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد على عثمان من طلحة.
دراية :
المدائني : هو على بن ابى سيف القرشى ابو الحسن المدائنى الاخبارى المدائن صدوق من الطبقة التاسعةالتقريب والتهذيب لابن حجر والكاشف للذهبى
أبي جزيّ: هو نصر بن طريف الباهلي البصرى القصاب هو نصر بن طريف الله الباهلى متروك الحديث كذاب متهم بالوضع ينتحل مذهب القدرية
عداله أبي جزيّ:
ابن يعقوب الجوزجانى: ذاهب
ابو احمد الجرجانى :الغالب على رواياته أنه يروي ما ليس بمحفوظ ، وينفرد عن الثقات بمناكير ، هو بين الضعف ، وقد أجمعوا على ضعفه.
ابن الجوزى : تاب في مرضه من أحاديث وضعها فلما شفي عاودها
ابو بكر البيهقى : ذكره فى القضاء والقدر وقال : ضعيف
ابو بكر ين داود : متروك الحديث
ابو جعفر العقيلى : ذكره في الضعفاء
ابو حاتم الرازى : ليس بشيء وهو متروك الحديث
بن حبان : يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم كأنه كان المتعمد لذلك لا يجوز الاحتجاج به
ابو زرعة الرازى : ضعيف الحديث
احمد بن حنبل : لا يكتب حديثه
احمد بن شعيب النسائى : متروك الحديث ، ومرة : لا يكتب حديثه
العجلى : ضعيف الحديث ، ولا يكتب حديثه
ابن حجر العسقلانى : ذكره في اللسان : لم يتخلف أحد عن ذكره في الضعفاء ، ولا أعلم فيه توثيقا
البخارى : سكتوا عنه ذاهب ، ومرة ذكره في الأوسط ، وقال : كنيته أبو جزي ، سكتوا عنه
الدارقطنى : ضعيف الحديث ، وقال مرة : يترك لسوء حاله ، ومرة : ذكره في الضعفاء والمتروكين
شعبة بن حجاج : كان يسميه أبا خزي
عبد الرحمن بن مهدى : كان لا يحدث عنه
على بن المدينى : ذكره في سؤالات عثمان بن محمد بن أبي شيبة ، وقال : ضعيف ضعيف ، لا يكتب حديثه
عمر بن على الفلاس :ممن أجمع عليه أنه من أهل الكذب ، وكان أميا لا يكتب ، وكان قد خلط في حديثه ، حدث بأحاديث ثم مرض فرجع عنها ثم صح فعاد إليها
محمد بن سعد : ليس بشيء ، وقد ترك حديثه
مسلم بن حجاج : ذاهب الحديث
يحى بن سعيد القطان : كان لا يحدث عنه
يحى بن معين : من المعروفين بالكذب ووضع الحديث ، ومرة : ليس حديثه بشيء ، ومرة : ضعيف الحديث
يعقوب بن سفيان الفسوى : متروك الحديث
أيوب : هو أيوب بن موسى القرشي أبو موسى ثقة من الطبقة السادسة
ابن عون : هو ابن عون هو عبد الله بن عون المزني الفقيه المشهور تقدموا تقريب التهذيب توفى سنة 150 هـ
ابن سيرين : ابن سيرين هو محمد بن سيرين الأنصاري ثقة ثبت كبير القدر تابعى من الطبقة الثالثة توفى 110 هـ
هناك معضلتان فى سند هذه الرواية :
1 - طريق ابى جزى عنابن عون مظلم و لا يصح
2 - روى ابى جزى عن ايوب رواية واحدة فقط لا غير وهى:
* - أن سعد بن سهل أخبرهم حدثنا أبو الحسن بن الأخرم أخبرنا أبو نصر الفامي حدثنا الأصم أخبرنا الربيع حدثنا أسد بن موسى حدثنا نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ ( ابو جزى ) عن أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عن الْمَقْبُرِيِّ، عن ذَكْوَانَ، عن أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ جُمْهَانُ الأَعْمَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : اسْتَتِرِي مِنْهُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جُمْهَانُ الأَعْمَى؟
قَالَ: إِنَّهُ يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَى الرِّجَالِ، كَمَا يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى النِّسَاءِ.
اسد الغابة فى معرفة الصحابة لابن الاثير
فهذه الرواية اسنادا :ضعيف جدابه ابى جزى وهو كذاب وضاع متروك الحديث .
الروايه متنا : لاتصح وهو كذب على ابن سيرين والمتهم به ابى الجزى
قال الشافعي رحمه الله:
مثل الذي يطلب العلم بلا إسناد مثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب فيها أفعى تلدغه وهو لا يدري (البيهقي في المدخل (210-211))
ثالثا : استخدام المؤلف ابن عبد ربه الاندلسى هذه الرواية مع تعمد اخفاء السند لا يبرءه من تعمده الاساءة الى الصحابى طلحة متعمدا
كل الروايات والاثار لا تسقط من السماء ولا نجدها عند الحفر فى باطن الارض او ملقاه فى الطرقات ولا تخرج مصادفة فى شباك صيادين البحر . .
وانما نجدها موثقة بالاسانيد فى المصنفات الثابته الصحة لكتابها ومصنفيها من اهل الرواية والدراية المشهود لهم من العلماء العدول كصحيح البخارى وصحيح مسلم وموطأ انس بن مالك ومسند احمد بن حنبل وغيرها ..
5 - وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قالا حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع
صحيح مسلم:ج1/ص10 ح5
المؤلف ابن عبد ربه متهم بالغلوا فى التشيع وهو يحمله للطعن فى الصحابة رضى الله عنهم فحمله هواه بالكذب على الصحابى طلحة لانه واحد ممن حاربوا الامام علي بن ابى طالب فى موقعة الجمل ويخفف على الصحابيين عمار بن ياسر و ابوذر الغفارى وهم اثنين من الثلاثة من الصحابة المعترف بهم عند الشيعة و لهم مواقف خلاف فى الرأى مع امير المؤمنين عثمان رضى الله عنهم نسكت عنها ويخوض فيها الشيعة بالباطل والكذب ..
ومن هنا كان التمسك بالاسناد جوهرى فى كل رواية لتبين الصادق من الكذاب والصالح من الخبيث.
قال عبد الله بن المبارك : «الإسناد من الدين و لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء» مقدمة صحيح مسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن اهيمة الاسناد :
«لا بد من ذكر الإسناد أولاً فلو أراد إنسان أن يحتج بنقل لا يعرف إسناده في جزرة بقل لم يقبل منه، فكيف يحتج به في مسائل الأصول »
منهاج السنة النبوية 8/110.
قال العلامة الزين قاسم، في حاشيته على شرح النخبة لشيخه ابن حجر " قوة الحديث إنما هي بالنظر إلى رجاله لا بالنظر إلى كونه في كتاب كذا
قال الحافظ ابن حزم رحمه الله :
نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم شيء خص به المسلمون دون جميع الملل والنحل...
وعن محمد بن حاتم بن المظفر رحمه الله قال:
إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها بالإسناد وليس لأحد من الأمم قديمها وحديثها إسناد موصول..
الخلاصة:
إن الرافضه أكذب الناس في المنقول . . وأجهل الناس في المعقول
لا شبهة والروايه كذب موضوع والمتهم بها ابو جزى
قال الشيخ د. عائض القرني عن الكتاب:
1 – أن ابن عبد ربه الاندلسى يورد كثيرا من الأحاديث الموضوعة والباطلة ثم لا يعلق عليها.
2 -الرجل شيعي يتكلم في بني أمية ويزري عليهم خاصة الصدر الأول كمعاوية وابنه.
3 -أنه يفحش في باب النساء وفي بعض الأبواب كأبواب الحمقى والمتماجنين. .. وهذا لا يليق بالمسلم الأديب الذي يريد الله والدار الآخرة.
4 - وما ورد في (العقد) من العظائم يحطُ من قدر المؤلِّف والمؤلَّف فقد ملأ كتابه بأحاديث ضعيفة ـ كما ذكر الشيخ عائض ـ وأخبار واهية..
5 - وأنقص من قدر آل البيت والصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ بنقله أكاذيب يتورع عنها العامة ويمجُها من به ذرة من عقل ..
فكيف بالصحابة الذين هم أفضل البشر بعد الأنبياء فأنت حين تقرأ ما ذكره عن أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقشعر جلدك ويضيق صدرك وتتمنى لو لم ينظر إليه طرفك
ولا تملك إلا أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله وتسأل الله السلامة والعافية وأن يتجاوز عنا وعنه.
6 - قال عنه ابن كثيرـ رحمه الله تعالى ـ:
(كان من الفضلاء المكثرين والعلماء بأخبار الأولين والمتأخرين.. ويدل كثير من كلامه على تشيع فيه وميل إلى الحد من بني أمية وهذا عجيب منه لأنه أحد مواليهم وكان الأولى به أن يكون ممن يواليهم لا ممن يعاديهم)
البداية والنهاية (11/ 230) .
وقال في موضع آخر ـ رحمه الله تعالى ـ:
لان صاحب العقد كان فيه تشيع شنيع ومغالاة في أهل البيت، وربما لا يفهم أحد من كلامه ما فيه من التشيع. توفي سنة (328هـ) عفا الله عنا وعنه.
البداية والنهاية (10/ 23)
7 - الرواية بدون اسناد كطفل بدون نسب فهو ابن الحرام وعمل من اعمال الشيطان فكيف يقبل ان نسند هذا المجهول لاحد نحاسبه عليه او نؤيده بها .
الروايات والاثار لا تسقط من السماء ولا نجدها عند الحفر فى باطن الارض او ملقاه فى الطرقات ولا تخرج مصادفة فى شباك صيادين البحر فلابد من الاسناد وذكرها من المصادر الموثقة.
قال العلامة الزين قاسم في حاشيته على شرح النخبة لشيخه ابن حجر " قوة الحديث إنما هي بالنظر إلى رجاله لا بالنظر إلى كونه في كتاب كذا " انتهى
8 - الأسباب التي حملت الوضاعين على اختلاق الأحاديث هي كثيرة نذكر أهمها:
الأول: قصد الواضع إلى إفساد الدين على أهله، كما فعلت الزنادقة إذ وضعوا أربعة عشر ألف حديث كما رواه العقيلي.
منهم عبد الكريم ابن أبي العوجاء الذي قتل وصلب في زمن المهدي. قال ابن عدي: لما أخذ يضرب عنقه قال: وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرّم فيها الحلال وأحلِّل الحرام.
ومنهم محمد بن سعيد الشامي المصلوب روى عن حميد عن أنس مرفوعاً: أنا خاتم النبيين لا نبيَّ بعدي إلا أن يشاء الله وضع هذا الاستثناء لما يدعو إليه من التنبؤ والإلحاد.
الثاني: قصد الواضع نصرة مذهبه
كالشيعة الروافض بالغلو فى ال البيت ووضع المثالب فى الصحابة .
كما روى ابن أبي حاتم عن شيخ من الخوارج أنه كان يقول بعد ما تاب: انظروا عمن تأخذون دينكم! فإنا كنا إذا هوينا أمراً صيّرناه حديثاً.
الثالث: قصد الواضع التقرب إلى الرؤساء والأمراء بما يوافق فعلهم، كما في قصة غياث بن إبراهيم مع المهدي.
الرابع:رغبة الواضع في التكسب والارتزاق، كأبي سعيد المدائني.
الخامس:قصد الأجر والثواب في زعم الواضع.
كما فعله قوم من الجهلة حيث وضعوا أحاديث في الترغيب احتساباً في زعمهم الباطل.
مرسلة بواسطة قلعة اهل السنه في 4:10 م ليست هناك تعليقات:
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة في Twitter
المشاركة في Facebook
المشاركة على Pinterest
شبهة مروان بن الحكم قتل طلحة
س: هل صح رمي مروان لطلحة بن عبيدالله يوم الجمل؟
الجواب:
نقول: بسمِ الله، والحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبعد:
فقدِ اختَلف العلماءُ في صِحَّة نِسبة رمْي مرْوان لطلحةَ يوم الجمل إلى فريقين:
الفريق الأول: مَن ذهَب إلى أنَّ مَرْوان بنَ الحكَم ليس بقاتلِ طلحة بن عُبَيدالله، منهم: أبو بكر بن العربي[1]، وابن كثير[2]، وظاهِر كلامِ ابنِ حزْم[3].
واستدلوا: بأنَّه لم يصحَّ أثَر في قِصَّة (رمْي مروان لطلحة).
قال أبو بكر بن العربي: وقدْ رُوي أنَّ مروان لما وقعَتْ عينه في الاصطفافِ على طلحة، قال: لا أطلُب أثرًا بعد عَين، ورَماه بسهمٍ فقتَله، ومَن يعلم هذا إلاَّ علاَّمُ الغيوب؟![4] ولم ينقُلْه ثبْتٌ، وقد رُوي أنَّه أصابه سهمٌ بأمر مرْوان، لا أنَّه رماه، وقد خرَج كعبُ بن سور بمصحفٍ منشور بيدِه يُناشد الناسَ ألاَّ يريقوا دِماءَهم، فأصابه سهمٌ غرب فقتَلَه، ولعلَّ طلحةَ مِثله، ومعلومٌ أنَّه عند الفِتنة وفي ملحمة القتال، يتمكَّن أولو الإحَنِ والحقود، مِن حَلِّ العُرَى ونقض العهود، وكانت آجالاً حضرت، ومواعد انتجزَت.
وقال ابنُ كثير: يُقال: إنَّ الذي رماه بهذا السهم مَرْوان بن الحَكم، وقال لأبان بن عثمان: قدْ كفيتُك رجالاً مِن قتَلَةِ عثمان، وقد قيل: إنَّ الذي رماه غيرُه، وهذا عندي أقربُ، وإنْ كان الأوَّل مشهورًا، والله أعلم.
الفريق الثاني: مَن ذهَب إلى أنَّ مرْوان بن الحَكم هو قاتلُ طلحة بن عُبيدالله، منهم: ابن قتيبة[5]، والبلاذري[6]، وأحمد بن إسحاقَ اليعقوبي[7]، وابن حِبَّان[8]، والإسماعيلي[9]، والمطهِّر بن طاهِر[10]، وابن عبدالبر[11]، والذَّهبي[12]، والصَّفدي[13]، وابن حجر العَسقلاني[14]، والعيني[15]، وابن تَغرِي بَرْدي[16]، والسخاوي[17]، وغيرهم، واستدلوا بوفرةِ وشُهرة الأدلَّة التي تناقلها المؤرِّخون.
وهـي:
أولاً: طريق قيس بن أبي حازِم:
أخرجه ابنُ سعد في "الطبقات الكبرى" (3/223)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (3/60 رقم12212)، (7/536 رقم38766) عن أبي أُسَامَةَ حمَّاد بن أُسامة، عن إسْمَاعِيلُ بن أبي خالِد، أَخْبَرَنَا قَيْس بن أبي حازم، قَالَ: "رَمَى مَرْوانُ بنُ الحكم يومَ الجَمل طلحةَ بسهمٍ في ركبته، قال: فجعل الدمُ يغدو يسيلُ، قال: فإذا أمسكوه استمسك، وإذا ترَكوه سال، قال: فقال: دعوه، قال: وجعلوا إذا أمسكوا فم الجرْح انتفختْ رُكبتُه، فقال: دعوه، فإنَّما هو سهمٌ أرسله الله، قال: فمات، قال: فدفناه على شاطِئ الكلاء، فرأى بعضُ أهله أنَّه قال: ألا تُريحونني من الماء، فإني قد غرقتُ - ثلاثَ مِرار يقولها - قال: فنبشوه فإذا هو أخضرُ كالسلق، فنَزفوا عنه الماءَ ثم استخرجوه، فإذَا ما يلي الأرض مِن لحيته ووجهه قد أكلتْه الأرض فاشتروا له دارًا من دور آل أبي بكر بعشرة آلاف فدفنوه فيها.
ومن طريق ابن سعد أخرجه ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (25/124).
قلت: وسندُه صحيح إلى قيس بن أبي حازم، ولكنه معلول.
وأخْرَجه ابنُ أبي شيبة في "مصنفه" (6/190 رقم31096)، (7/542 رقم38799)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" (1/311 – 312)، والخلاَّل في "السنة" (3 /517 – 518 رقم839)، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/113 رقم201)، والحاكم في "المستدرك ط الهنديَّة" (3/370)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (25/112) مِن طريق إسْمَاعِيلَ بنِ أبي خالِد، به.
وقال الحافظُ ابنُ حجر في "الإصابة" (3/532): أخْرَجه يعقوبُ بن سفيان بسندٍ صحيح عن قيس بن أبي حازم، بِه.
عِلَّة حديث قيس بن أبي حازم:
قيس بن أبي حازم هو تابعيٌّ ثِقة، لكنَّه كان يدلِّس، وقدْ جاوز المائة حتى تغيَّر[18] - كما يذكر إسماعيل راوي الخبر - وقال ابنُ المدينيِّ عن يحيَى بن سعيد: منكر الحديث، ثم ذَكَر له حديثَ كلاب الحَوْأَب[19]، فإنْ كان قد حَدَّث به قَبل خرَفه، فهو دليلٌ قاطِع على أنَّه أرْسَله، ولم يكُن مع جيش عائشة، وقيس هذا مع كثرةِ إرساله، لم يَشهدِ الجملَ، كما نصَّ عليه الإمامُ ابن المديني صراحةً في "العلل"[20]، فمن الصَّعْب أن يشاهد مِن أين جاء السَّهم، إلا إنْ كان بجانب مَرْوان.
كما أنَّه مِن المحتمل أن يكونَ السهم قد أصابَه بالخطأ، فإنَّ طلحة كان يقاتل مع مَرْوانَ طلبًا لإقامةِ الحدِّ على قتَلَة عثمان، فكيف يقتُله مرْوانُ بدمِ عثمان؟!
مع أنَّ أحدًا لم يتَّهمْ طلحةَ بدمِ عثمان، ثم كيف بقِي مرْوان فقيهًا يرجِع الناس إليه ويَروون عنه الحديثَ، ولا نعلم أنَّ بني طلحة ولا غيرهم مِن المسلمين طالبوا قطُّ بدمه؟ وطلحةُ هو مِن العشرة المبشَّرين بالجنةِ، ومِن خيرِ أهلِ الأرض آنذاك، فكيف لا يُطالِب أحدٌ بدمه؟! هذا محال.
ثانيًا: طريق عكراش بن ذؤيب:
أخْرجَه الحاكمُ في "المُستدرَك" (3/ 417) عن محمَّد بن يعقوبَ الحافظِ، أنا محمد بن إسحاق الثقفيُّ، ثنا عَبَّادُ بن الوليد العنزيُّ، ثنا حِبَّانُ بن هلال، ثنا شَريكُ بن الحُباب[21]، حدَّثني عُتبةُ بنُ صَعصعةَ بنِ الأحنف[22]، عن عكراش بن ذؤيب [صحابي]، قال: كنا نُقاتِل عليًّا مع طلحةَ ومعنا مَرْوان، قال: فانهزمْنا، قال: فقال مَرْوانُ: لا أُدرك بثأري بعدَ اليوم مِن طلحة، قال: فرَماه بسهمٍ فقتَلَه.
تعليق الذهبي قي التلخيص: سكَت عنه الذهبيُّ في التلخيص.
وأخْرَجه البخاريُّ في "التاريخ الكبير" (7/89) عن حِبَّان بن هلال، عن شَريك بن الخَطَّاب، به مُعلَّقًا.
قلت: هذا إسنادٌ ضعيف؛ فيه شريك بن الحُباب، وعُتبة بن صَعصعَة، مجهولا الحال.
ثالثًا: طريق يَحيَى بن سعيد الأنصاري عن عمِّه:
أخْرَجَه خليفةُ بنُ خيَّاط في "تاريخه" (1/181، 185)، ومِن طريقِهِ ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (18/416)، (25/113)، وعمر بن شبَّة في "تاريخ المدينة" (2/222 رقم 2034، 2035) جميعهم مختصرًا، والحاكِم في "المستدرك" (3/370 ط الهندية) مطولاً مِن طريق جُويريةَ بنِ أسماء، عن يَحيى بن سعيد، عن عمِّه، قال: لما كان يومُ الجمل نادَى عليٌّ في الناس: لا تَرْموا أحدًا بسهمٍ، ولا تطعنوا برمح، ولا تَضرِبوا بسيف، ولا تطلبوا القومَ؛ فإنَّ هذا مقام مَن أفلح يومَ القيامة، قال: فتوافقْنا، ثم إنَّ القوم قالوا بأجمع: يا ثارات عثمان، قال: وابن حنيفة إمامنا بربوةٍ معه اللواءُ، قال: فناداه عليٌّ، قال: فأقبل علينا يَعرِض وجهه، فقال: يا أميرَ المؤمنين، يقولون: يا ثارات عثمان، فمدَّ عليٌّ يدَه، وقال: اللهمَّ أكبَّ قتَلَةَ عثمان اليومَ بوجوههم، ثم إنَّ الزُّبيرَ قال للأساورة كانوا معه، قال: ارموهم برشقٍ، وكأنَّه أراد أن ينشبَ القتال، فلمَّا نظر أصحابُه إلى الانتشاب، لم ينتظروا وحَمَلوا، فهزمهم الله، ورمَى مرْوان بنُ الحَكم طلحة بن عُبيدِ الله بسهمٍ فشَكَّ ساقه بجنب فرسه، فقبض به الفرس حتى لَحِقه فذبَحَه، فالتفتَ مَرْوانُ إلى أبان بن عثمان وهو معه، فقال: لقد كفيتُك أحَدَ قتَلَةِ أبيك"، وهذا لفظ الحاكم.
وفي روايةِ عُمر بن شبَّة، قال: بينما أنا عندَ عائشة - رضي الله عنها - وعثمان - رضي الله عنه - محصورٌ، والناس مُجهزون للحجِّ، إذ جاءَ مَرْوانُ فقال: يا أم المؤمنين، إنَّ أمير المؤمنين يَقرأ عليكِ السلامَ ورحمة الله، ويقول: رُدِّي عنِّي الناس، فإنِّي فاعِلٌ وفاعِل، فلم تُجبْه، فانصرَف وهو يتمثَّل ببيتِ الربيع بن زِياد العبْسي:
وَحَرَّقَ قَيْسٌ عَلَيَّ البِلاَ
http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gifدَ حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ أَجْذَمَاhttp://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فقالت: ردُّوا عليَّ هذا المتمثِّلَ، فرددناه، فقالت - وفي يدها غرارة لها تعالجها -: واللهِ لوددتُ أنَّ صاحبك الذي جئتَ مِن عنده في غرارتي هذه، فأوكيتُ عليها فألقيتُها في البحر".
إسناده ضعيف:
• قلت (عبدالحميد): لم يُتابع أحدٌ جويريةَ بنَ أسماء على رِواية هذا الحديثِ عن يحيى بن سعيدٍ الأنصاري، وانفِراد جويرية بحديثٍ عن يحيَى، وهو لا يُعرَف بالرِّوايةِ عنه وانفراده به عن باقِي الآخِذين عنه - يُثير في النفس شيئًا، إلاَّ أنَّه صرَّح بأنَّه سَمِعه منه كما في بعضِ طُرقه.
• كما أنَّ عمَّ يَحيَى بنِ سعيدٍ الأنصاري (مجهول).
• كما أنَّ في هذا الحديثِ زِيادة تُنافي جميعَ الرِّوايات، وهو "أنَّ مَرْوانَ بعدما رَماه بسهمٍ فشكَّ ساقه بجنبِ فرسه، فقبَض به الفرس حتى لَحِقه فذبَحَه".
• كما أنَّ روايةَ ابن شبة تَطعَن في أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - وتتهمها بالتآمُر لقتْل عُثمان، وهذه فِرية افتراها عليها أتباعُ ابن سبأ اليهودي، وما زال الرافضةُ يُردِّدونها إلى اليوم.
رابعًا: طريق شيخ مِن كلب عن عبدالملك بن مروان:
أخْرَجه ابنُ سعد في "الطبقات الكبرى" (3/223)، ومِن طريقِه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (68/155)، أخبَرني مَن سمع أبا جناب الكَلبي، يقول: حدَّثَني شيخٌ مِن كلب، قال: سمعتُ عبدالملك بن مَرْوان؛ يقول: "لولا أنَّ أميرَ المؤمنين مَرْوان أخبرني أنَّه هو الذي قتَل طلحةَ، ما تركتُ مِن ولد طلحة أحدًا إلاَّ قتَلته بعثمانَ بنِ عفَّان".
قلت: إسناده ضعيف؛ فيه مجهولان، وهما (شيخ ابن سعد، وشيخ من كلب)، وأبو جناب الكلبي: قال عنه ابنُ حجر: ضعَّفوه؛ لكثرةِ تدليسِه[23].
خامسًا: طريق عبدالرحمن بن أبي ليلى:
أخْرَجَه عمرُ بن شبة في "تاريخ المدينة" (2/306) عن عبدِالله بن عمرٍو، قال، حَدَّثَنا عمرو بن ثابت، عن أبي فَزارة (راشد بن كيسان)، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: "قال لي عبدُالملك بن مَرْوان: أشهدتَ الدار؟ قلتُ: نعم، فلْيَسلْ أمير المؤمنين عمَّا أحبَّ، قال: أينَ كان عليٌّ؟ قلت: في دارِه، قال: فأينَ كان الزُّبَير؟ قلت: عندَ أحجار الزيت، قال: فأين كان طلحةُ؟ قلت: نظرتُ فإذا مِثل الحَرَّة السوداء، فقلت: ما هذا؟ قالوا: طلحةُ واقِفٌ، فإنْ حال حائل دون عثمان قاتَلَه.
فقال: لولا أنَّ أبي أخبرني يومَ مرج راهط أنَّه قتَل طلحةَ، ما تركتُ على وجهِ الأرْض مِن بني تيم أحدًا إلا قتَلتُه".
قلت: سندُه ضعيف؛ فيه عمرو بن ثابت، قال فيه ابنُ المبارك: لا تُحدِّثوا عن عمرِو بن ثابت؛ فإنَّه كان يسبُّ السَّلَف، وقال أبو حاتم: كان رَديء الرأي، شديدَ التشيُّع، وقال البخاريُّ: ليس بالقويِّ عندَهم، وقال أبو داود: رافِضي خبيث، وقال في موضِعٍ آخَر: رجل سوء، وقال في موضِعٍ آخَر: كان مِن شِرار الناس، وقال النَّسائي: متروك الحديث[24].
أمَّا مَن رَوى تلك القصة غير هؤلاء، فكلُّهم كانوا صِغارًا لم يُدرِكوا المعركة أصلاً، فمرويَّاتهم منقطعة، منهم:
أولاً: طريق محمد بن سيرين:
أخْرَجه ابنُ سعد في "الطبقات الكبرى" (3/223) عن سليمانَ بنِ حَرْبٍ، قال: أخبرَنا حمَّادُ بن زيد عن قُرَّة بن خالد عن محمَّد بن سيرين "أنَّ مَرْوان اعترَض طلحةَ لما جالَ الناس بسهمٍ، فأصابَه فقتَله".
قلت: رُواته كلُّهم ثقات، غير أنِّي لم أَجِدْ حمادَ بن زيد فيمَن روَى عن قُرَّة بنِ خالد.
وأخْرَجه "خليفة بن خيَّاط" في " تاريخه" (1/185)، ومِن طريقه ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (25/113)، عن أبي عبدالرحمن القُرَشي، والخلاَّل في "السنة" (3/518 رقم840) مِن طريقِ محمَّد بن أبي بكر بن عليِّ بن مُقدّم، كلاهما (أبو عبدالرحمن القرشي، ومحمد بن أبي بكر) عن حمَّاد بن زيد، به.
قلت: ومحمَّد بنُ سيرين لم يُدرِك الفتنةَ؛ (قال إسماعيل بن عُليَّة: كنَّا نسمع أنَّ ابن سيرين وُلِد في سنتين بقيتَا مِن إمارة عثمان، وقال ابن حبَّان: مولدُه لسنتين بقيتَا مِن خلافة عثمان)؛ أي: سَنة 33 هـ، فلا تقبل هذه الرِّواية كما هو معلوم؛ لأنَّه كان طفلاً رضيعًا لم يدركِ الأحداث، ولم يَذكُر مَن الذي حَدَّثَه بهذا الخبر[25].
ثانيًا: طريق الجارود بن أبي سبرة الهذلي:
أخْرَجه أبو القاسِم البغويُّ في "معجم الصحابة" (3/411) عن عليِّ بن مسلم، نا أبو داود الطيالسيُّ، عن عِمْرَان الْقَطَّان، عن قتادةَ بنِ دِعامة، عن الجارود بن أبي سبرة، لما كان يومُ الجَمَل نظَر مَرْوان إلى طلحَة، فقال: لا أطلُب بثأري بعدَ اليوم، فنزع له سهمًا فقتَله - رضي الله عنه.
قال الحافظُ ابن حجر في "الإصابة" (3/532): أخْرَجَهُ أبو القاسم البغويُّ بسندٍ صحيح عن الجارود بن أبي سبرة.
قلت: رُواته كلُّهم ثِقات، غير أنَّ قتادة بن دعامة مدلِّس ولم يُصرِّح في أحدٍ مِن طرقه بالسماع.
والجارود بن أبي سبرة: هذا قدْ تُوفِّي سنة 120هـ؛ أي: لو كان عمره 84 سنة يومَ مات، لكان رضيعًا، يوم الجَمَل، فلا قِيمةَ لرِوايته.
وأخْرَجه خليفةُ بن خيَّاط في "تاريخه" (1/181، 185)، وابن أبي خَيْثَمة في "تاريخه" (2/76 رقم1800)، والخلاَّل في "السُّنة" (3/517 - 518 رقم839)، وابن عساكِر في "تاريخ دمشق" (25/112) مِن طريقِ قتادة بن دعامة، به.
ثالثًا: طريق عوف الأعرابي:
أخْرَجه ابنُ سعدٍ في "الطبقات الكبرى" (3/223)، ومِن طريقِه ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (25/113)، عن رَوْحِ بنِ عُبادة، قال: أخبَرَنا عوفُ بن أبي جميلة الأعرابي، قال: بلغَنِي أنَّ مَرْوانَ بنَ الحَكَم رمَى طلحةَ يومَ الجمل وهو واقفٌ إلى جنب عائشةَ بسهمٍ، فأصاب ساقَه، ثم قال: واللهِ لا أطلب قاتِلَ عثمان بعدَك أبدًا، فقال طلحة لمولى له: ابْغني مكانًا، قال: لا أقْدِر عليه، قال: هذا واللهِ سهمٌ أرسلَه الله، اللهمَّ خُذْ لعثمان منِّي حتى ترضَى، ثم وسد حجرًا فمات.
قلت: هذا منقطِع؛ فإنَّ عوفًا الأعرابيَّ بعيدُ العهد بواقعةِ الجَمل، فإنَّه وُلِد في حدود سنة60 هـ، وواقعة الجَمَل كانت سنة 36 هـ؛ قال أبو عاصم: دخلنا على عوفٍ الأعرابي سنَة ست وأربعين ومائة، فقلنا: كم أتَى لك؟ قال: ستٌّ وثمانون سَنَة[26].
رابعًا: طريق نافعٍ مولَى عبدالله بن عمر:
أَخْرجَه ابنُ سعدٍ في "الطبقات الكبرى" (3/223) عن رَوْحِ بنِ عُبادة، قال: أخبَرَنا ابنُ عون، عن نافعٍ، قال: كان مَرْوانُ مع طلحةَ في الخيل فرَأى فُرجةً في دِرع طلحة، فرَماه بسهمٍ فقتَلَه.
وأخْرَجه الحاكِم في "المستدرك - الهندية" (3/370) مِن طريق عن عبدالله بن عون، عن نافِع، به.
قلت: إسنادُه صحيحٌ إلى نافعٍ، لكنَّه معلول: فنافِع مولَى ابنِ عُمر: تُوفِّي في حدودِ سنة 116 أو بعدَها، فعَلَى هذا يكون الأغلبُ في سماعِه لهذا الحديثِ أنَّه مِن قبيل المنقطع.
وأخْرَجَه عمرُ بن شبة في "تاريخ المدينة" (2/306) مِن طريق قُرَّة بن خالد، قال: قال نافع: بلفظ: "رَمَى مَرْوانُ يومَ الجَمل طلحةَ بسهمٍ فأثْبَتَه في ثُغْرَةِ نَحْرِه، فقال له طلحةُ: قد رأيتُ ما صنعتَ، فقال: أتزعُم أني أخطأْتُ، قال: ما زلتَ تُخطي بعَمٍّ لَكَ منذُ اليوم".
خامسًا: طريق إسحاق بن طلحة:
أخْرَجه أبو نُعيمٍ في "معرفة الصحابة" (1/98): حدَّثَنا أبو مُحمَّد بنِ حيَّان، ثَنا محمَّد بن عبدالله بن رُسته، قال: ثَنا أبو أيُّوب، ثنا الواقِدي، قال إسحاق بن طلْحَة: "قُتِل هو يومئذٍ - يَعني: طلحة - ابن اثنتين وستِّين سَنة، ويقال: إنَّ سهمًا غربًا أتاه فوقَع في حلقِه، فقال: بسمِ الله {وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38]، ويُقال: إنَّ مَرْوانَ بنَ الحَكم رَماه".
قلت: في إسنادِه الواقدي؛ متروك[27].
سادسًا: طريق عوانة بن الحكم:
أخْرَج أبو العربِ التميميُّ في "المحن" (1/107): وحَدَّثني غيرُ واحدٍ عن أسد (هو ابنُ الفُرات) عن زِياد (هو ابن عبدالله)، عن عوانة (هو ابنُ الحَكم)، قال: "أمَّا طلحة بن عُبيدالله، فرَماه مَرْوانُ بنُ الحَكم بسهمٍ فقتَله، ورجَع الزبيرُ إلى المدينة حتى بلَغ وادي السباع، قال: ولما رَأى الزبيرُ ابنَ جرموز حمَل عليه الزبيرُ، فقال له ابنُ جرموز: اللهَ الله يا زُبيرُ، فكفَّ عنه، ثم تغفَّله ابنُ جرموز فقتَله بالبَصْرَة، وأخَذ سيفَه وجاء إلى عليٍّ، فقال: أنا رسولُ الأحنف فدخَل عليه، فقال: أنا قاتِلُ الزبير، فأخَذ عليٌّ السيف، فقال: سيفٌ واللهِ طالَمَا جلى به عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولكن الحين ومصارِع السُّوء".
قلت: إسنادُه ضعيفٌ؛ لجهالةِ شيخ أبي العرب التميمي، كما أنَّ عوانةَ بن الحَكم مُتَّهم بوضعِ الأخبارِ لبَني أُميَّة[28].
سابعًا: طريق عائشة بنت موسى بن طلحة بن عُبَيدالله:
وأَخْرَج ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (69/261) في ترجمة عائشةَ بنتِ موسى بنِ طلحة بنِ عُبيدِالله: قرأتُ في كتابٍ عن عبدالصمد بن عبدالله بن عبدالصمد، بن أبي يَزيد الدمشقي، نا معاويةُ بنُ صالح الأشعريُّ، حدَّثني عبدالرحمن بن شريك، نا أبو بكر بن عِيسى بن موسى بن طلحة، قال: سمعتُ عائشةَ بنت موسى - وكانتْ تحتَ عبدالملك بن مَرْوان - قالت: قال لي عبدُالملك: "يا عائشةُ، لولا أنَّ مَرْوانَ قتَل طلحةَ، ما تركتُ على ظهرِها طلحيًّا إلا قتلتُه".
أولاً: ليس فيه تحديثٌ ما بيْن ابن عساكِر وعبدالصمد، وقدْ تُوفِّي عبدالصمد سنة (304هـ)، وابنُ عساكر 571 هـ، فبينهما أكثر مِن 250 عام.
ثانيًا: الكِتاب الذي قرَأه ووجَد فيه هذا الخبر لا نَعرِفه.
ثالثًا: عائشةُ بنت موسى بن طلحة مجهولة.
رابعًا: الرَّاوي عنها أبو بكر بن عيسى بن موسى بن طلحة؛ مجهول.
خامسًا: عبدالرحمن بن شريك؛ مجهول العين، ليس له ترجمة، وهو غيرُ النَّخَعيِّ الضعيف لاختلافِ الطبقة، والنتيجة أنَّ خبَر عبدالملك بْن مَرْوان غير صحيح، ولا يجوز التعويلُ عليه.
كما أنَّه مِن غيرِ المعقول أنْ يصدُر ذلك من عبدِالملك بن مَرْوان لزوجتِه، فكيف يأمَنُها على نفسِه، وقد قَتَل والده جَدَّها وهو يُذكِّرها بجريمتِه النَّكْراء؟ وكذلك هذا الخبَر مفترًى على عبدالملك (وهو المشهور بعَدْله)؛ فلماذا لا يُبقِي على وجه الأرض تيميًّا؟ فهذا إثباتٌ للتُّهمة التي أُلصقتْ زُورًا وبهتانًا بطلحةَ بأنَّه كان مِن المحرِّضين والمؤلِّبين على عثمان، مع أنَّه لا يُعرَف عن عبدالملك أنَّه كان يَبحَث عن قتَلَةِ عثمان، فضلاً أن يُعاقِب ذُريَّاتهم وقبائلهم.
وقِصَّة اتِّهام مَرْوان بقَتْل طلحة يَلزم منها أمورٌ خطيرة، منها أنَّ مَرْوانَ بنَ الحَكم مجرِم وقاتِل عمدًا مِن غير تأويل، فهو ساقطُ العدالة، فلا يجوز أن تُقبَل له رِواية، ومع هذا فقدْ رَوَى له علماءُ الحديث جميعَ مرويَّاتِه، واحتجَّ به جميعُ فقهاء الأمصار؛ فكيف يحتجُّون بقاتلِ أحدِ العشرةِ المبشَّرين بالجَنَّة؟! وكذلك فيه تُهمة لأميرِ المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - حيث جَعَله أمينَ سِرِّه وكاتبَه، وهو لا يستحقُّ ذلك! وفيه تهمة لطَلحةَ - رضي الله عنه - أنَّه كان ممَّن أعان على عثمانَ - رضي الله عنه - أو ألَّبَ عليه! وفيه تُهمةٌ خطيرةٌ لمعاوية - رضي الله عنه - إذ كيف يُولِّي قاتلاً فاسقًا على خيرِ بلادِ المسلمين، وهي المدينة المنوَّرة؟!
والقِصَّة على نَكارتها ليس فيها ولا حديثٌ متَّصل واحد، إلاَّ الذي ذَكَره ابنُ شبة عن رجل مجهول، لا أحَدَ يعرِف اسمَه أصلاً.
كما أنَّ قصَّة رمْي مَرْوان لطلحة - رضي الله عنهما - يومَ الجمل، مستنكَرة عندَ ذوي العقول، فوجودُ طلحةَ في الجيش كان مُحرِّضًا للناس على الالتِحاق به، ومُشكِّكًا للطرَف الآخر في شرعيةِ القِتال؛ فكيف يَقتُل مَرْوانُ (وهو صاحِب عقل وفَهم) صحابيًّا جليلاً في صفِّه مِن خِيرة قادة المسلمين؟! لو كان طلحة في صفِّ قتَلَةِ عثمان، لكان في قتْله مبرِّر، لكن أنْ يكون واقفًا مع مَرْوانَ في نفسِ الجيش مطالبًا بالقصاص مِن قتَلَةِ عثمان، فقِصَّة قتلِه مستبعَدة.
كما جاءت بعضُ الآثار بسِياق تلك القصَّة بصيغة التمريض والضَّعْف، مثل: يُقَال، ذُكِرَ، وهكذا:
• أخْرَج أبو العرب في "المحن" (1/111 - 112): وحَدَّثَني محمَّدُ بنُ عمر، عن أبي الطاهِر، وحدَّثَنا عيسى بن مِسكين، عن سحنون، عن ابنِ وهب، عن يونس، عن ابنِ شِهاب، قال: "رُمِي طلحةُ بنُ عبيدالله بسهمٍ فقَطع لطاة في ظهرِه، فقال لمولًى له: ويلكَ! اجعلني على هذِه البغلةِ فائتِ بي هذه الدورَ حتى أموتَ فيها، قال: والله ما أَدْرِي أين أذْهَب بكَ؟ فلم يزَلْ به حتى حمَلَه وردفَه وأسْنَدَه إلى صدرِه، وهو يقول: ما رأيتُ كاليوم قطُّ لمضيعة دمِ شيخ، كان أمْر الله قدرًا مقدورًا مرَّتين، فأتى به دارَ رجل مِن ثقيف فمات فيها، فكان الحسنُ إذا ذَكَر هذا الحديث قال: لقد كنتَ في أمانٍ مِن الله واسع عليك، فما جاءَ بك؟".
ويقال: إنَّ الذي رَماه مَرْوان بن الحَكم لما رأى الهزيمةَ، قال: لا أطلُب أثرًا بعدَ عين، لا أطلُب ثأري بعدَ اليوم، وأشعره سهمًا.
• وأخْرج ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (25/122): أخبَرَنا أبو البركاتِ الأنماطيُّ، أبو عبدالله البلخي، قالا: أنا أبو الحسينِ بن الطيوري، وثابِت بن بُندار، قالا: أنبأ أبو عبدالله الحسين بن جَعْفر، وأبو نَصْرٍ محمَّدُ بن الحسن، قالا: أنا الوليد بن بَكْر، أنا عليُّ بن أحمد بن زكريا، أنبأ صالِح بنُ أحمد بنِ صالح، حدَّثَني أبي، قال: طلحةُ بن عبيدالله قُتِل يوم الجمل يُقال: إنَّ مَرْوانَ قتَلَه.
• وأخْرَج ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (25/122) قرأتُ على أبي مُحمَّدٍ السُّلمي عن أبي محمَّدٍ التميمي، أنا مكيُّ بن محمَّد، أنا أبو سليمان بن زَبْر، قال: وفيها - يعني: سَنة ستٍّ وثلاثين - كانتْ وقعة الجَمل، وقُتِل طلحةُ بن عبيدالله في المعركة، ذُكِرَ أنَّ مَرْوانَ بنَ الحَكم قتَلَه، وكانت وقعةُ الجَمل يومَ الخميس لعشرٍ خَلَوْنَ مِن جُمادى الآخرة.
الخلاصة: إنَّ الآثار التي جاءتْ في قِصَّة رمْي مَرْوانَ لطلحةَ لا تَثبُت، والذي أميل إليه أنَّه مات مِن سهم غرْب فقط، لا يُعرَف مَن أطلقه، كيف يكون هو بِجيشِ طلحةَ وكِلاهما يُقاتِل دفاعًا عن دمِ عثمانَ، فيقوم ويغدِر به فيقتله؟ ومَرْوان يَعلَم عِلمَ اليَقين أنَّ طلحةَ بن عُبيدالله لم يشاركْ في دمِ عثمان، خاصَّة أنَّ مَرْوانَ كان يدافع عن عثمانَ بالدار، وقد شاهَد بعينه قتلةَ عثمان الذين حاصروه ودَخَلوا عليه، ومعلومٌ عندَ الجميع أنَّ طلحة لم يُحرِّض على عثمانَ أبدًا، بل أَرْسل ولدَه محمَّدًا؛ ليدافعَ عن عثمانَ مِن القتلَة، ولما قُتِلَ عثمانُ كان طلحةُ مِن أشدِّ الناس سخطًا لمقتله، فخرَج يُطالِب بدمِه بعدَ ذلك، ويبذل في ذلك رُوحَه، وهذه الكذبة السَّمجة تُريد الترويجَ لفِكرة شيعيَّة شيطانيَّة، هي أنَّ الصحابة هم الذين تآمَروا على عثمانَ بنِ عفَّانَ؛ ليقتلوه، والله أعلم.
كما جاءتْ بعضُ الآثار بأنَّ قتْل طلحة بن عبيد الله كان بسهمٍ غرب:
أخْرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/223)، قال: أخبَرَنا رَوحُ بنُ عُبادة، قال: أخبَرَنا سعيدُ بن أبي عَروبة، عن قتادةَ، قال: رُمِي طلحة فأعنق فرسه فرَكَض، فمات في بَنِي تميم، فقال: بالله مَصْرَع شيخ أَضيع.
قلت: إسنادُه صحيح إلى قتادة.
وأخْرَج أبو العرب التميميُّ في "المحن" (1/110) قال: أخبَرَنا أصبغ (هو ابن الفرج)، عنِ ابن وهْب (هو عبدالله)، عن يونس (هو ابنُ يَزيد الأيلي)، عن ابنِ شِهاب، قال: "رُمِي طلحةُ وهو مُعتدِل في بعضِ الصُّفوفِ بسهمٍ غرب، فقطع مِن رجله عرقَ النَّسا، فنشجَ حتى نزَف فمات، ويُقال: إنَّه كان يومَ قُتِل ابنَ خمس وسَبعين".
قلت: إسنادُه صحيحٌ إلى ابن شِهاب.
[1] "العواصم مِن القواصم" (1/160).
[2] "البداية والنهاية" (7/248).
[3] "المحلَّى لابن حزم" (1/236).
[4] قال محقق "العواصم من القواصم" (1/160): "آفَةُ الأخبار رُواتها، وفي العلومِ الإسلامية علاجُ آفةِ الكذِب الخبيثة، فإنَّ كلَّ راوي خبرٍ يطالبه الإسلامُ بأن يعيِّن مصدرَه على قاعدة: مِن أين لك هذا؟ ولا تعرف أمة مثل هذه الدقَّة في المطالبة بمصادرِ الأخبار كما عَرَفه المسلمون، ولا سيَّما أهل السنة منهم، وهذا الخبَر عن طلحة ومرْوان، لقيطٌ لا يُعرَف أبوه ولا صاحبه، وما دام لم ينقُلْه ثبت بسند معروف عن رِجال ثقات، فإنَّ للقاضي ابن العربي أن يقول بملءِ فيه: ومَن يعلم هذا إلاَّ علاَّم الغيوب؟!
[5] المعارف (1/229).
[6] أنساب الأشراف (1/311).
[7] تاريخ اليعقوبي (2/182).
[8] الثقات لابن حبان (2/283 ، 339).
[9] هدي الساري (1/443).
[10] "البدء والتاريخ" (5/82 ، 214).
[11] "الاستيعاب" (2/766).
[12] "العبر في خبَر مَن غَبَر" (1/37).
[13] "الوافي بالوفيات" (16/272).
[14] "فتح الباري" (7/82).
[15] "عُمدة القاري" (16/226).
[16] "النُّجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة" (1/101).
[17] "فتح المغيث" (3/327).
[18] قال ابنُ حجر في "تهذيب التهذيب" (8/347): "وهو مُتقِن الرِّواية، وقد تَكلَّم أصحابنا فيه، فمِنهم مَن رفَع قدرَه وعظَّمه، وجعَل الحديثَ عنه من أصحِّ الإسناد، ومِنهم مَن حمَل عليه، وقال: له أحاديثُ مناكير.
فمِمَّن وثَّقه: قال ابن حراش: كوفي جليل، وليس في التابعين أحد رَوَى عن العشرة إلا قيس بن أبي حازم، وقال ابنُ معين: هو أوثقُ مِن الزهري، وقال مرةً: ثِقة، وقال أبو سعيد الأشج: سمعتُ أبا خالد الأحمر يقول لعبدالله بن نمير: يا أبا هشام، أما تذكُر إسماعيل بن أبي خالد، وهو يقول: حدَّثنا قيس هذه الأسطوانة - يعني: في الثقة - وقال الذَّهبي: (تذكرة الحفاظ 1/61): حديثه محتجٌّ به في كلِّ دواوين الإسلام.
وممَّن ضعَّفه؛ قال إسماعيل بن أبي خالد (رَاوي خبَر الباب عنه): كبر قيس حتى جاز المائة بسِنين كثيرة، حتى خرَف وذهَب عقلُه، وقال ابنُ المديني: قال لي يحيَى بن سعيد: ابن أبي حازم مُنكَر الحديث، ثم ذكَر له يحيى أحاديث مناكير منها حديث الحَوأب، وقال ابنُ عساكر (49/465)، والذَّهبي في "تاريخ الإسلام" عن إسماعيلَ بن أبي خالد، قال: كَبِر قيس بن أبي حازم حتى جاوز المائةَ بسِنين كثيرةٍ، حتى خرف وذهَب عقله، قال: فاشتروا له جاريةً سوداء أعجمية، قال: وجعل في عُنقها قلائد مِن عِهن وودَع وأجراس مِن نُحاس، قال: فجعلت معه في منزلِه، وأَغْلق عليه بابَه، قال: فكنا نَطَّلع إليه مِن وراء الباب وهو معها، قال فيأخُذ تلك القلائدَ فيُحرِّكها بيده ويَعجب منها ويضحَك في وجهها.
[19] "الكاشف" للذهبي (2/138).
[20] "علل الحديث ومعرفة الرجال والتاريخ" (1/164)، ط مازن السرساوي.
[21] شريك بن الحباب: هكذا في المطبوع مِن "المستدرك"، والصواب أنَّه ابنُ الخطاب كما نصَّ عليه البخاري، وابن أبي حاتم، وابن حبان، ولم أقِفْ على أحدٍ ذَكَره بجرح ولا تعديل، إلا أنَّ ابن حبَّانَ ذَكَره في "الثقات"؛ انظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (4/367) ، "الثقات" لابن حبان (8/311).
[22] عُتْبة بن صَعْصعَة بن الأحْنف، لم أقِفْ على أحدٍ ذَكَره بجرح ولا تعديل، إلا أنَّ ابن حِبَّان ذَكَره في "الثقات". انظر: "التاريخ الكبير" (6/530)، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/371)، "الثقات" لابن حبان (5/250).
[23] تقريب التهذيب (1/589).
[24] تهذيب التهذيب (8/9).
[25] التاريخ الكبير (1/91)، والتاريخ الصغير (1/245)، والثقات لابن حِبَّان (5/349)، وتهذيب الكمال (25/352).
[26] تهذيب الكمال (22/440)، وتهذيب التهذيب (8/148).
[27] تقريب التهذيب (1/498).
[28] لسان الميزان (4/386).
رابط الموضوع:
http://www.alukah.net/sharia/0/37162/#ixzz31Es9Jm9E