السلام على من اتبع الهدى
قال الامام احمد : " 23169 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ غَالِبٍ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى عَائِشَةَ أَنَا وَعَمَّارٌ وَالْأَشْتَرُ فَقَالَ عَمَّارٌ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أُمَّتَاهُ فَقَالَتْ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى حَتَّى أَعَادَهَا عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكِ لَأُمِّي وَإِنْ كَرِهْتِ قَالَتْ مَنْ هَذَا مَعَكَ قَالَ هَذَا الْأَشْتَرُ قَالَتْ أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ أَنْ تَقْتُلَ ابْنَ أُخْتِي قَالَ نَعَمْ قَدْ أَرَدْتُ ذَلِكَ وَأَرَادَهُ قَالَتْ أَمَا لَوْ فَعَلْتَ مَا أَفْلَحْتَ أَمَّا أَنْتَ يَا عَمَّارُ فَقَدْ سَمِعْتَ أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مَنْ زَنَى بَعْدَمَا أُحْصِنَ أَوْ كَفَرَ بَعْدَمَا أَسْلَم أَوْ قَتَلَ نَفْسًا فَقُتِلَ بِهَا " المسند – احمد بن محمد بن حنبل - ج 49 ص 325
اما هذه الرواية فلا تصح وفيها علتان :
1 – رواية يونس بن ابي اسحاق مضطربة .
ففي الجرح والتعديل للامام ابن ابي حاتم : " نا عبد الرحمن انا عبد الله بن
احمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلى قال سألت ابى عن يونس ابن ابى اسحاق فقال: حديثه مضطرب " الجرح والتعديل – ابو محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي – ج 9 ص 244
وقال الامام ابن رجب : " ففي تاريخ الغلابي: كان يونس بن أبي إسحاق مستوي الحديث في غير أبي إسحاق، مضطرب في حديث أبيه " شرح علل الترمذي - عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي - ج 2 ص 813
2 – عنعنة ابي اسحاق السبيعي وقد ذكره الامام ابن حجر في المرتبة الثالثة من المدلسين وهي الطبقة التي لا يقبل ممن يكون منها الا التصريح بالسماع .
قال الامام ابن حجر : " المرتبة الثالثة ............(91) ع عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي مشهور بالتدليس وهو تابعي ثقة وصفه النسائي وغيره بذلك " طبقات المدلسين – احمد بن علي بن حجر – ج 1 ص 37 - 42
وقد قال الامام ابن حجر في المقدمة : " الثالثة من أكثر من التدليس فلم يحتج الائمة من أحاديثهم الا بما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقا ومنهم من قبلهم كأبي الزبير المكي " طبقات المدلسين – احمد بن علي بن حجر – ص 13
واما الرواية الصحيحة فقد جاءت عند الامام احمد : " 25700 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ غَالِبٍ قَالَ جَاءَ عَمَّارٌ وَمَعَهُ الْأَشْتَرُ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ قَالَ يَا أُمَّهْ فَقَالَتْ لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ قَالَ بَلَى وَإِنْ كَرِهْتِ قَالَتْ مَنْ هَذَا مَعَكَ قَالَ هَذَا الْأَشْتَرُ قَالَتْ أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ قَتْلَ ابْنِ أُخْتِي قَالَ قَدْ أَرَدْتُ قَتْلَهُ وَأَرَادَ قَتْلِي قَالَتْ أَمَا لَوْ قَتَلْتَهُ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يُحِلُّ دَمَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا إِحْدَى ثَلَاثَةٍ رَجُلٌ قَتَلَ فَقُتِلَ أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَمَا أُحْصِنَ أَوْ رَجُلٌ ارْتَدَّ بَعْدَ إِسْلَامِهِ " المسند – احمد بن محمد بن حنبل - ج 42 ص 462
ففي هذه الرواية اقرار ام المؤمنين لعمار رضي الله عنهما بانها امه عندما قال لها ( بلى وان كرهت ) , وهذه الرواية ليس فيها اي شيء , ومن المعلوم ان الموقف في البصرة كان بعد قتال دار بين طرفين في معركة الجمل , فاذا اردنا ان نحمل كلام ام المؤمنين على محمل معين فلا اكثر من حمله على الغضب في ذلك الوقت فقط , ولقد ورد في القران الكريم ان موسى عليه السلام عندما غضب القى الالواح , واخذ براس هارون عليه السلام يجره , وبلحيته , قال الله تعالى : { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) : الاعراف } , وقال تعالى : { قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) : طه } .
قال الطوسي : " وقوله " وألقى الألواح " يعني رماها " التبيان - الطوسي - ج 4 ص 549
وقال الطبرسي : " وألقى الألواح أي : طرحها لما لحقه من الضجر غضبا لله وحمية لدينه وأخذ برأس أخيه ) اي : بشعر رأسه ( يجره إليه ) لشدة ما ورد عليه من الأمر " تفسير جوامع الجامع - الطبرسي - ج 1 ص 706
وقال محمد باقر الحكيم : " ويواجه موسى ردة من بني إسرائيل عند ذهابه لميقات ربه لتلقي الشريعة في ألواح التوراة ، فيخبره الله تعالى بعبادتهم للعجل الذي صنعه السامري ، فيرجع ( إلى قومه غضبان أسفا ) ويعتب بقسوة على أخيه هارون ، حيث كان قد استخلفه عليهم مدة ذهابه " علوم القرآن - محمد باقر الحكيم - ص 419
وقال الطباطبائي : " وظاهر سياق الآية وكذا ما في سورة طه من آيات القصة أن موسى غضب على هارون كما غضب على بني إسرائيل غير أنه غضب عليه حسبانا منه أنه لم يبذل الجهد في مقاومة بني إسرائيل لما زعم أن الصلاح في ذلك مع أنه وصاه عند المفارقة وصية مطلقة بقوله : " أصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " وهذا المقدار من الاختلاف في السليقة والمشية بين نبيين معصومين لا دليل على منعه ، وإنما العصمة فيما يرجع إلى حكم الله سبحانه دون ما يرجع إلى السلائق وطرق الحياة على اختلافها . وكذا ما فعله موسى بأخيه من أخذ رأسه يجره إليه كأنه مقدمة لضربه حسبانا منه إنه استقل بالرأي زاعما المصلحة في ذلك وترك أمر موسى فما وقع منه إنما هو تأديب في أمر إرشادي لا عقاب في أمر مولوي وإن كان الحق في ذلك مع هارون ، ولذلك لما قص عليه القصص عذره في ذلك ، ودعا لنفسه ولأخيه بقوله رب اغفر لي ولأخي الخ " تفسير الميزان - الطباطبائي - ج 8 ص 251
وقال الطوسي : " وفي الآية دلالة على أنه يجوز إلقاء التوراة للغضب الذي يظهر بالقائها ثم أخذها ، للحكمة التي فيها من غير أن يكون إلقاؤها رغبة عنها " التبيان - الطوسي - ج 4 ص 554