جاء فى المستدرك للحاكم عن أبى هريرة قال: (دخلت على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان وفى يدها مشط، فقالت: خرج من عندى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، آنفاً رجلت رأسه، فقال: «كيف تجدين أبا عبد الله؟ قلت: كخير الرجال، قال: «أكرميه، فإنه من أشبه أصحابى بى خلقاً).
الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرد :
فى هذه الأسطر القليلة كم من الجهل والأخطاء كما سيأتى:
أولاً: رقية ماتت بالإجماع دون مخالف أثناء غزوة بدر، وكان سبب تخلف عثمان بن عفان رضى الله عنه عن الغزوة هو مرضها، فقد بعث النبى صلى الله عليه وسلم ببشرى النصر فى بدر مع زيد بن حارثة إلى عثمان فى المدينة. قال أسامة بن زيد - فيما رواه الطبرى فى تاريخه (2: 286): "فأتانا الخبر حين سوينا التراب على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، التى كانت عند عثمان بن عفان، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفنى عليها مع عثمان"، ثم فى ربيع الأول من السنة التالية لغزوة بدر تزوج عثمان أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدخلت عليه فى جمادى الآخرة.
وفى صحيح البخارى (3698): عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: (وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا، وسهمه) وانظر: العواصم من القواصم ( ص: 114).
تخلفه أى عثمان بن عفان بالمدينة عن بدر لتمريض زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالأمر المجمع عليه فى كل كتب السيرة والتاريخ والصحاح والسنن أنها ماتت فى السنة الثانية للهجرة.
ثانياً: الحديث إسناده باطل، فقد جاء من طريقين فى الأول راوى كذاب، فمعناه أن الحديث موضوع، وفى الثانى راوى ضعيف، بالإضافة إلى أنه منقطع، أى أن الراوى لم يسمع من الصحابى أبى هريرة، والمنقطع قسم من أقسام الضعيف، فالحديث ضعيف مرتين من هذا الطريق، وموضوع من الإسناد الآخر، كما سأبين، والحديث أخرجه الإمام أحمد فى فضائل الصحابة (1/513/)840) وفى (1/510/)834)، والطبرانى فى المعجم الكبير (1/76/)99) والحاكم المستدرك (4/52/)6854) من طرق لكن كلهم يجتمعون فى طريق واحد: عن محمد بن سلمة الحرانى أبو عبد الله، عن أبى عبد الرحيم خالد بن أبى يزيد، عن زيد بن أبى أنيسة، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أبى هريرة قال: دخلت على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان وفى يدها مشط، فقالت: خرج من عندى رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفاً رجلت رأسه، فقال: «كيف تجدين أبا عبد الله؟» قلت: كخير الرجال، قال: «اكرميه، فإنه من أشبه أصحابى بى خلقاً»، فالمطلب بن عبد الله بن حنطب: قال ابن حجر: صدوق كثير التدليس والإرسال التقريب (6710).
وقال البخارى: لا أعرف للمطلب بن حنطب عن أحد من الصحابة سماعا إلا قوله حدثنى من شهد خطبة النبى صلى الله عليه و سلم ؛ قال الترمذى وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يعنى الدارمى يقول مثله قال عبد الله وأنكر على بن المدينى أن يكون المطلب سمع من أنس بن مالك ؛ وقال أبو حاتم : عامة أحاديثه مراسيل لم يدرك أحدا من أصحاب النبى صلى الله عليه و سلم إلا سهل بن سعد وأنسا وسلمة بن الأكوع أو من كان قريبا منهم ولم يسمع من جابر ولا من زيد بن ثابت ولا من عمران بن حصين وقال مرة أخرى لم يدرك عائشة ويشبه أن يكون أدرك جابرا؛ وقال أبو زرعة : أرجو أن يكون سمع من عائشة وقال الترمذى عقيب حديثه عن جابر حديث صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم المطلب لا نعرف له سماعا من جابر والله أعلم جامع التحصيل فى أحكام المراسيل (1/281/)774)، وكذلك : محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان : المعروف بالديباج سبط الحسين : ضعيف.
قال الحافظ الذهبى : روى له ابن ماجة ولينه البخارى أى ضعفه تاريخ الإسلام للذهبى (3/965/)385)، والحديث له طريق آخر موضوع، أى مكذوب، فقد روى الحاكم فى المستدرك على الصحيحين (4/52/)6855)ط العلمية).
موضوع ـ أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفرائني، ثنا محمد بن أحمد بن البراء، ثنا عبد المنعم بن إدريس، حدثنى أبي، عن وهب بن منبه، عن أبى هريرة، رضى الله عنه قال : دخلت على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، قلت: والحديث حذفه الذهبى من كتاب التلخيص الذى علق فيه على الأحاديث الضعيفة والموضوعة فكان يعلق على الضعيف ويحذب الموضوع، والإسناد فيه عبد المنعم بن إدريس اليماني.
قال الحافظ الذهبى : مشهور قصاص، ليس يعتمد عليه. تركه غير واحد، وأفصح أحمد بن حنبل فقال: كان يكذب على وهب بن منبه وقال البخاري: ذاهب الحديث. ميزان الاعتدال (2/668/)5270)، فهل بعد هذا يقول هذا المتعالم صحيح الإسناد مرتين، ثم قال : ومثل ذلك ما فى البخارى ومسلم ( صلى بنا رسول الله الظهر أو العصر فسلم فى ركعتين فقال له ذو اليدين : أنقصت الصلاة أم نسيت ) ذو اليدين قتل فى غزوة بدر قبل إسلام أبى هريرة، فلماذا قال: صلى بنا؟.
قلت: هذه جرأة ما بعدها جرأة فالحديث كما يقول هو رواه البخارى ومسلم يعنى متفق عليه أى أتفق كل علماء الأمة على صحته فهو يتهم الأمة كلها بالجهل والغباء، ولو أتعب حاله هذا المسكين فقرأ أى كتاب شرح للأحاديث لزال عنه جهله.
فقد قال ابن بطال فى شرح صحيح البخارى : وإسلام أبى هريرة كان عام خيبر، وقد صح شهود أبى هريرة لقصة ذى اليدين، وأنها لم تكن قبل بدر. وقولهم: إن ذا اليدين قتل يوم بدر، فغير صحيح، وإنما المقتول يوم بدر ذو الشمالين، ذكر ذلك سعيد بن المسيب، وجماعة من أهل السير: ابن إسحاق وغيره، قالوا: وذو الشمالين هو عمير بن عمرو، من خزاعة حليف لبنى زهرة، وذو اليدين غير ذى الشمالين المقتول ببدر، وإن المتكلم كان من بنى سليم، ذكر ذلك يحيى بن أبى كثير، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة. وقال عمران بن حصين: رجل طويل اليدين يقال له: الخرباق، وقال الأثرم: سمعت مسددًا يقول: الذى قتل ببدر هو ذو الشمالين بن عبد عمرو، حليف بنى زهرة، وذو اليدين رجل من العرب كان يكون بالبادية، فيجئ فيصلى مع النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، وذكر ابن أبى خيثمة أن ذا اليدين عَمَّر إلى زمن معاوية، وتوفى بذى خشب.. شرح صحيح البخارى لابن بطال (3/221)
وقال أبو عمر ابن عبد البر : ذو الشمالين قتل يوم بدر وهو خزاعي، وذو اليدين الذى شهد سهو النبى صلى الله عليه وسلم سلمي، ومما يدل على أن ذا اليدين ليس هو ذا الشمالين المقتول ببدر، ثم ساق بسنده إلى ذى اليدين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم إحدى صلاتى العشى ... التمهيد (1/364) وغيرهما كثير كل كتب الشروح ذكرت ذلك لكن هل من قارىء
ثالثاً : أما إعتراضه على حديث أبى هريرة «لم يكن من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا منى إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كتب ولم أكتب»، على أنه لماذا لم تستخدم هذه الصحيفة اسمها {الصادقة} التى كان يكتبها عبد الله بن عمرو كوثيقة فى تدوين الأحاديث ؟
ثم عقد مقارنة بين عدد الأحاديث التى رواه البخارى عن أبى هريرة وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، فأقول لهذا المسكين إن أصحاب الحديث كالبخارى ومسلم وغيرهما كانوا على درجة عالية من الدقة والتحرى فى أخذ الحديث لذا لم يرويا الشيخان من هذه الصحيفة شىء فقد روى هذه الصحيفة عمرو بن شعيب بن محمد ابن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رواها عن أبيه شعيب ورواه أبوه عن جده عبد الله قراءة ولم يسمعها من جده فلم يقبلها الشيخان خوفاً أن يلحن فى حرف فيغير معنى الحديث.
انظر أيها المسكين وتعلم قبل أن تكتب فتشوش على الناس، وأخيراً: ما وضعه من مقارنة حول عدد الأحاديث التى رواه أبو هريرة بالمقارنة بين أبى بكر، وعلى، أقول لهذا المسكين أن الصديق عاش بعد النبى صلى الله عليه وسلم عامين فقط وأبو هريرة عاش 55 سنة بعده، فقد روى الإمام أحمد (13/133/)7705).
قال أبو هريرة: إنكم تقولون: أكثر أبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم والله الموعد، إنكم تقولون: ما بال المهاجرين لا يحدثون عن رسول الله بهذه الأحاديث؟ وما بال الأنصار لا يحدثون بهذه الأحاديث؟ وإن أصحابى من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم فى الأسواق، وإن أصحابى من الأنصار كانت تشغلهم أرضوهم والقيام عليها ، وإنى كنت امرأ مسكينا ، وكنت أكثر مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحضر إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا، وإن النبى صلى الله عليه وسلم حدثنا يوما فقال: " من يبسط ثوبه حتى أفرغ من حديثي، ثم يقبضه إليه، فإنه ليس ينسى شيئا سمعه منى أبدا " " فبسطت ثوبي، - أو قال: نمرتى - ثم قبضته إلي، فوالله ما نسيت شيئا سمعته منه، وايم الله، لولا آية فى كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبدا، ثم تلا: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} [البقرة: 159] الآية كلها".
ووافق على كلامه ابن عمر فقد روى ابن حبان : ( أن ابن عمر، قال: أكثر أبو هريرة ؛ فقيل لابن عمر: هل تنكر شيئا مما يقول؟ قال: لا، ولكنه أكثر وجبنا، فبلغ ذلك أبا هريرة فقال: «ما ذنبى إن حفظت شيئا ونسوا» صحيح ابن حبان (6/220/)2468).. أرجو أن تكون فهمت وألا تتكلم إلا بعد أن تتعلم.