تسلط الشيطان على المعصومين
لقد وردت روايات في كتب الامامية تدل على تسلط الشيطان , او تاثيره على المعصومين , فيلزم الامامية التصديق بهذه الروايات , والقول بها , او ضربها بعرض الحائط كما تعودنا منهم , والتهاون بالتراث الامامي في نقل الروايات , ومن هذه الروايات ما نقله الصدوق , حيث قال : " 67 - حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت للرضا عليه السلام : يا بن رسول الله اخبرني عن الشجرة التي اكل منها آدم وحواء ما كانت ؟ فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروى انها الحنطة ومنهم من يروى انها العنب ومنهم من يروى انها شجره الحسد فقال عليه السلام : كل ذلك حق قلت : فما معنى هذه الوجوه على اختلافها ؟ فقال : يا أبا الصلت ان شجرة الجنة تحمل أنواعا فكانت شجرة الحنطة وفيها عنب وليست كشجره الدنيا وان آدم عليه السلام لما أكرمه الله تعالى ذكره باسجاد ملائكته وبادخاله الجنة قال في نفسه : هل خلق الله بشرا أفضل منى ؟ فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه ارفع رأسك يا آدم وانظر إلى ساق العرش فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا : لا اله إلا الله محمد رسول ( ص ) وعلي بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين وزوجته فاطمة سيده نساء العالمين والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة فقال آدم عليه السلام : يا رب من هؤلاء ؟ فقال عز وجل : هؤلاء من ذريتك وهم خير منك ومن جميع خلقي ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ولا السماء والأرض فإياك ان تنظر إليهم بعين الحسد فأخرجك عن جواري فنظر إليهم بعين الحسد وتمنى منزلتهم فتسلط عليه الشيطان حتى اكل من الشجرة التي نهى عنها وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة عليها السلام بعين الحسد حتى اكلت من الشجرة كما اكل آدم عليه السلام فأخرجهما الله عز وجل عن جنته فأهبطهما عن جواره إلى الأرض " اهـ . عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 274 – 275 , ومعاني الأخبار –الصدوق - ص 124 – 125 , والانوار النعمانية – نعمة الله الجزائري – ج 1 ص 178 – 179 .
وقال الطوسي : " وقوله " أبى " معناه امتنع " فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك " حكاية عما قال الله تعالى لآدم : إن إبليس عدوك وعدو زوجتك يريد إخراجكما من الجنة ، ونسب الاخراج إلى إبليس إذ كان بدعائه واغوائه " اهـ . التبيان - الطوسي - ج 7 ص 215
وقال الطبرسي : " ( فلا يخرجنكما من الجنة ) أي : لا تطيعاه . والمعنى لا يكونن سببا لخروجكما من الجنة بغروره ، ووساوسه " اهـ . تفسير مجمع البيان - الطبرسي - ج 7 ص 62
وقال الفيض الكاشاني : " فوسوس إليه الشيطان فأنهى إليه وسوسته قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد الشجرة التي من أكل منها خلد ولم يمت أصلا وملك لا يبلى لا يزول ولا يضعف " اهـ . التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج 3 ص 324
وفي الكافي : " 1 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ إِنَّ آدَمَ ( عليه السلام ) قَالَ يَا رَبِّ سَلَّطْتَ عَلَيَّ الشَّيْطَانَ وَ أَجْرَيْتَهُ مِنِّي مَجْرَى الدَّمِ فَاجْعَلْ لِي شَيْئاً فَقَالَ يَا آدَمُ جَعَلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ هَمَّ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَ مَنْ هَمَّ مِنْهُمْ بِحَسَنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ فَإِنْ هُوَ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْراً قَالَ يَا رَبِّ زِدْنِي قَالَ جَعَلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ سَيِّئَةً ثُمَّ اسْتَغْفَرَ لَهُ غَفَرْتُ لَهُ قَالَ يَا رَبِّ زِدْنِي قَالَ جَعَلْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ أَوْ قَالَ بَسَطْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ حَتَّى تَبْلُغَ النَّفْسُ هَذِهِ قَالَ يَا رَبِّ حَسْبِي " اهـ . الكافي – الكليني - ج 2 ص 440 , وقال المجلسي في مرآة العقول عن الرواية – حسن – ج 11 ص 311
وقال الصدوق : " 1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه عن فضالة عن الحسن بن أبي العلاء عن أبي عبد الله " ع " قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه عن مسائل فكان فيما سألوه أخبرنا يا محمد لأي علة توضأ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله لما ان وسوس الشيطان إلى آدم دنا من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده منها مما عليها فاكل فطار الحلى والحلل عن جسده فوضع آدم يده على رأسه وبكى فلما تاب الله عليه فرض عليه وعلى ذريته غسل هذه الجوارح الأربع وأمره بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة وأمره بغسل اليدين إلى الموفقين لما تناول منها وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة " اهـ . علل الشرائع - الصدوق - ج 1 ص 280 , والانوار النعمانية – نعمة الله الجزائري – ج 1 ص 180
وقال الحلي : " وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: سمعته يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وآله - رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى آذاه حر الشمس، ثم استيقظ فركع ركعتين، ثم صلى الصبح وقال: يا بلال مالك؟ فقال بلال: أرقدني الذي أرقدك يا رسول الله، قال: وكره المقام وقال: نمتم بوادي الشيطان " اهـ . مختلف الشيعة – الحلي – ج 3 ص 22 , وتهذيب الأحكام - الطوسي – ج 2 ص265
وقال الشهيد الاول : " روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة ، فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة ) . قال : فقدمت الكوفة ، فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقلبوا ذلك مني ، فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام ، فحدثني : ان رسول الله صلى الله عليه وآله عرس في بعض أسفاره ، فقال : ( من يكلؤنا ؟ ) فقال بلال : أنا . فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس ، فقال : ( يا بلال ما أقدرك ؟ ) فقال : يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة ) ، وقال : ( يا بلال أذن ) فأذن فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله ركعتي الفجر ، وأمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ، ثم قام فصلى بهم الصبح ، ثم قال : ( من نسي شيئا من الصلاة فليصلها إذا ذكرها ، فان الله عز وجل يقول : ( وأقم الصلاة لذكري ) . قال زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه ، فقال : نقضت حديثك الأول ! فقدمت على أبي جعفر عليه السلام فأخبرته بما قال القوم ، فقال : ( يا زرارة ألا أخبرتهم انه قد فات الوقتان جميعا ، وان ذلك كان قضاء من رسول الله صلى الله عليه وآله " اهـ . ذكرى الشيعة – محمد بن مكي العاملي - ج 2 ص 422
ففي الرواية ان النبي صلى الله عليه واله وسلم نسب الغفلة لهم من اجل عدم الاستيقاظ , علما ان صلى الله عليه واله وسلم لم يستيقظ معهم , ثم قضوا الصلاة جميعا بما فيهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
وقال الصدوق : " 977 - و " كان علي بن الحسين عليه السلام يقول في سجوده " اللهم إن كنت قد عصيتك فإني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو الايمان بك منا منك علي لا منا مني عليك ، وتركت معصيتك في أبغض الأشياء إليك وهو أن أدعو لك ولدا أو أدعو لك شريكا منا منك علي لا منا مني عليك ، وعصيتك في أشياء على غير وجه مكابرة ولا معاندة ، ولا استكبار عن عبادتك ، ولا جحود لربوبيتك ، ولكن اتبعت هواي واستزلني الشيطان بعد الحجة علي والبيان ، فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي ، وإن تغفر لي وترحمني فبجودك وبكرمك يا أرحم الراحمين " . وينبغي لمن يسجد سجدة الشكر أن يضع ذراعيه على الأرض ويلصق جؤجؤه بالأرض " اهـ . من لا يحضره الفقيه - الصدوق - ج 1 - ص 333
وقال المجلسي : " 53 - تفسير على بن ابراهيم : في قوله تعالى " إنما النجوى من الشيطان " حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان سبب نزول هذه الآية أن فاطمة عليه السلام رأت في منامها أن رسول الله صلى الله عليه وآله هم أن يخرج هوو فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام من المدينة ، فخرجوا حتى جاوزوا من حيطان المدينة فتعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ذات اليمين حتى انتهى بهم إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلى الله عليه وآله شاة كبراء وهي التي في إحدى اذنيها نقط بيض ، فأمر بدبحها فلما أكلوا ما توا في مكانهم ، فانتبهت فاطمة باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله بذلك .فلما أصبحت جاء رسول الله صلى الله عليه وآله بحمار فأركب عليه فاطمة عليها السلام وأمر أن يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام من المدينة كما رأت فاطمة عليهما السلام في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض له طريقان ، فأخذ رسول الله ذات اليمين كما رأت فاطمة عليهما السلام حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله صلى الله عليه وآله شاة كبراء كما رأت فاطمة ، فأمر بذبحها فذبحت وشويت فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا ، فطلبها رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وقع عليها وهي تبكي ، فقال : ماشأنك يا بنية ؟ قالت يا رسول الله [ إني ] رأيت كذا وكذا في نومي وقد فعلت أنت كما رأيته فتحنيت عنكم فلا أراكم تموتون .فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى ركعتين ثم ناجى ربه ، فنزل عليه جبرئيل فقال : يا محمد هذا شيطان يقول له الدهار ، وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا ويؤذي المؤمنين في نومهم ما يغتمون به ، فأمر جبرئيل فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له : أنت أريت فاطمة هذه الرؤيا ؟ فقال : نعم يا محمد ، فبزق عليه ثلاث بزقات ، فشجه في ثلاث مواضع .ثم قال جبرئيل لمحمد : قل يا محمد إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه ، أورأى أحد من المؤمنين ، فليقل : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت ومن رؤياي وتقرأ الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد وتتفل عن يسارك ثلاث تفلات ، فإنه لايضره ما رأى ، وأنزل الله على رسوله : " إنما النجوى من الشيطان " اهـ . بحار الانوار – المجلسي – ج 58 ص 187 – 188
فمن قوة تأثير الشيطان على فاطمة رضي الله عنها فقد جعلها تعتقد بأن النبي صلى الله عليه واله وسلم وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم سيموتون , فنسيت بذلك التنصيب بالامامة بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بالترتيب الذي يقول به الامامية , اذ ان اللازم من الترتيب ان لا يموتوا جميعا في حادثة واحدة , فلما كان تاثير الشيطان عليها تاثيرا قويا اعتقدت موتهم في حادثة واحدة .