اعتراض المعصومين على ولادة الحسين
قال ابن بابويه : " 37 - حمزة بن القاسم ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول قال : حدثنا علي بن حسان الواسطي ، عن عبد الرحمان بن كثير الهاشمي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ، من أين جاء لولد الحسين عليه السلام الفضل على ولد الحسن عليه السلام ، وهما يجريان في شرع واحد ؟ فقال : لا أراكم تأخذون به ، إن جبرئيل عليه السلام نزل على محمد صلى الله عليه وآله - وما ولد الحسين عليه السلام بعد - فقال : يولد لك غلام تقتله أمتك من بعدك ! فقال : يا جبرئيل ، لا حاجة لي فيه . فخاطبه ثلاثا ، ثم دعا عليا عليه السلام ، فقال له : إن جبرئيل عليه السلام يخبرني عن الله تعالى أنه يولد لك غلام تقتله أمتك من بعدك ، ( فقلت : لا حاجة لي فيه ) . فقال علي عليه السلام : لا حاجة لي فيه يا رسول الله ، فخاطب عليا ثلاثا ، ثم قال : إنه يكون فيه وفي ولده الإمامة والوراثة والخزانة . فأرسل إلى فاطمة عليها السلام : إن الله يبشرك بغلام تقتله أمتي من بعدي ! قالت فاطمة عليها السلام : لا حاجة لي فيه . فخاطبها فيه ثلاثا ، ثم أرسل إليها : لا بد من أن يكون ، ويكون فيه الإمامة والوراثة والخزانة . فقالت له : رضيت عن الله . فعلقت وحملت بالحسين عليه السلام ، فحملته ستة أشهر ، ثم وضعته ، ولم يعش مولود - قط - لستة أشهر غير الحسين عليه السلام ، وعيسى بن مريم ، فكفلته أم سلمة . وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يأتيه في كل يوم فيضع لسانه في فم الحسين ، فيمصه حتى يروى ، فأنبت الله لحمه من لحم رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولم يرضع من فاطمة عليها السلام ولا من غيرها لبنا قط . فأنزل الله تعالى فيه : " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ، وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح في ذريتي " . فلو قال : " أصلح لي ذريتي " لكانوا كلهم أئمة ، ولكن خص هكذا " الإمامة والتبصرة - ابن بابويه القمي - ص 51 – 53 , وعلل الشرائع - الصدوق - ج 1 ص 205 – 206
وجاءت الرواية في كامل الزيارات بهذا السند مع اختلاف يسير : " [ 136 ] 5 - حدثني أبي رحمه الله ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن حماد ، عن أخيه أحمد بن حماد ، عن محمد بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : أتى جبرئيل ( عليه السلام ) إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ........." كامل الزيارات - جعفر بن محمد بن قولويه - ص 122 – 123
ولقد وردت الرواية باختصار , وفيها اعتراض فاطمة رضي الله عنها على البشارة بالحسين رضي الله عنه , قال الصدوق : " 6 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما ولدت فاطمة عليها السلام الحسين عليه السلام أخبرها أبوها صلى الله عليه وآله أن أمته ستقتله من بعده ، قالت : ولا حاجة لي فيه ، فقال : إن الله عز وجل قد أخبرني أن يجعل الأئمة من ولده ، قالت : قد رضيت يا رسول الله " كمال الدين وتمام النعمة - الصدوق - ص 415 , وموسوعة شهادة المعصومين - لجنة الحديث في معهد باقر العلوم - ج 2 ص 37
لقد جاءت البشارة الالهية بولادة الحسين رضي الله عنه , ولكننا نرى ان الرسول صلى الله عليه واله وسلم وعلي وفاطمة رضي الله عنهما يعترضون في بداية الامر على البشارة الالهية ويردونها , ثم نراهم يقبلون بولادة الحسين رضي الله عنه بعد ان اخبرهم جبريل عليه السلام بان الامامة ستكون في ذريته , ومن المعلوم ان الاعتراض على البشارة الالهية مناف للايمان فضلا عن العصمة , قال تعالى { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) : الاحزاب } , ثم نرى بعد ذلك كأن هنالك صفقة , وتفاوض بين طرفين لقبول هذا المولود , فيتم رفضه الى ان تأتي بعض المحفزات , فيتم قبول هذا المولود , وكل هذا لا يليق بمقام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعلي وفاطمة رضي الله عنهما فضلا عن عصمتهم .