علي بن الحسين بايع يزيد بن معاوية
أما بيعة علي بن الحسين ليزيد فهاك دليلها من كتاب الكافي صحيحا كما قرره المجلسي:
ابن محبوب عن أبي أيوب عن بريد بن معاوية قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج فبعث إلى رجل من قريش فأتاه فقال له يزيد أتقر لي أنك عبد لي إن شئت بعتك وإن شئت استرقيتك؟ فقال له الرجل والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسبا ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والإسلام وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخير مني فكيف أقر لك بما سألت فقال له يزيد إن لم تقر لي والله قتلتك فقال له الرجل ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي عليه السلام ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فأمر به فقتل حديث علي بن الحسين عليه السلام مع يزيد لعنه الله ثم أرسل إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال له مثل مقالته للقرشي فقال له علي بن الحسين عليه السلام أرأيت إن لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟ فقال له يزيد لعنه الله بلى فقال له علي بن الحسين عليه السلام قد أقررت لك بما سألت أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك وإن شئت فبع فقال له يزيد لعنه الله أولى لك حقنت دمك ولم ينقصك ذلك من شرفك» (الكافي8/235 وحسنه المجلسي في مرآة العقول26/178).
وزعم علي آل محسن أن هذه الرواية ضعيفة بابي أيوب. ولكنه معارض بمن صححها كالمجلسي بل ومحسن الأمين الذي قطع بثبوت الرواية. واعترف عباس القمي بثبوتها.
بل ولا يزال المجلسي يصحح روايات أبي أيوب ويوثقها (مرآة العقول1/124 و126 و215 و316). بل قد وثق الخوئي أبا أيوب وهو إبراهيم بن عثمان (معجم رجال الحديث1/193). كذلك قرر الجواهري (المفيد من معجم رجال الحديث13931).
فقد ذكر محسن الأمين « أن أهل المدينة وفدوا على يزيد بن معاوية بعد ما بويع بالخلافة وقتل الحسين فبالغ في إكرامهم لكنهم لما رأوا فسقه وسمعوا عن قبيح أعماله مقتوه ولما عادوا إلى المدينة قالوا جئناكم من عند أكفر الناس وخرجوا عليه وأخرجوا بني أمية من المدينة فكانت وقعة الحرة التي بايع مسلم بن عقبة أهل المدينة على أنهم عبيد رق ليزيد بن معاوية إلا علي بن الحسين فإنه بايعه على أنه اخوه وابن عمه بوصية من يزيد» (أعيان الشيعة1/99).
وحكى محمد حسين الطهراني في كتابه معرفة الإمام ما يلي: « نقل لي المرحـوم صديقـي البارّ الكريم سماحة آية الله السيّد صدرالدين الجزائريّ أعلی الله مقامه أ نّه كان ذات يومٍ في بيت المرحوم آيةالله السيّد محسن الامين العامليّ رحمه الله بالشام، واتّفق حضور المرحوم ثقة المحدِّثين الشيخ عبّاس القمّيّ رحمه الله هناك. فجري حوار بين المرحومين القمّيّ والامين. فقال المرحوم القمّيّ مخاطباً المرحوم الامين: لِمَ ذكرتَ في كتاب (أعيان الشيعة) بيعة الإمام زين العابدين علیه السلام ليزيد بن معاوية علیه وعلی أبيه اللعنة والهاوية؟!
فقال: إنّ « أعيان الشيعة » كتاب تأريخ وسيرة. ولمّا ثبت بالادلّة القاطعة أنّ مسلم بن عقبة حين هاجم المدينة بجيشه الجرّار، وقتل ونهب وأباح الدماء والنفوس والفروج والاموال ثلاثة أيّام بأمر يزيد، وارتكب من الجرائم ما يعجز القلم عن وصفها،فقد بايع الإمام السجّاد علیه السلام،من وحي المصالح الضروريّة اللازمة، والتقيّة حفظاً لنفسه ونفوس أهل بيته من بني هاشـم، فكيف لا أكتب ذلـك ولا أذكـره في التأريخ؟! ومثل هذه البيعة كبيعة أميرالمؤمنين علیه السلام أبا بكر بعد ستّة أشهر من وفاة الرسول الاكرم واستشهاد الصدِّيقة الكبري فاطمة الزهراء سلامالله علیهما.
قال المرحوم القمّيّ: لا يصلح ذكر هذه الاُمور وإن كانت ثابتة، لا نّها تؤدّي إلی ضعف عقائد الناس . وينبغي دائماً أن تُذكر الوقائع التي لا تتنافي مع عقيدة الناس.
قال المرحوم الامين: أنا لا أدري أيّ الوقائع فيها مصلحة، وأيّها ليس فيها مصلحة. علیك أن تذكّرني بالاُمور التي ليس فيها مصلحة، فلا أكتبها» (معرفة الإمام15/341).
فها نحن نجد الشيعة ينتقد بعضهم بعضا لورود ما ينقد مذهبهم في كتبهم. فتأمل!
فهؤلاء كلهم أئمة معصومون قد بايعوا من لا يحق لهم منصب الإمامة.
ويتساءل الشيعة: هل تعتقدون أن بيعة يزيد بيعة شرعية؟
والجواب: أننا لم نسمع شيئا عن اعتراض الحسين على خلافة يزيد لأبيه معاوية. وإنما سمعنا فقط قيامه لى الظلم والفساد في عهد يزيد. ولكنه لم يقم على يزيد عندما بويع.
وأنتم تعتبرون الحسين رمزا للثورة والقيام في وجه الظلم. فإن كان كذلك فلماذا لم يبايع تقية كأبيه! فكان عليه أن يقوم على ظلم حقه في الإمامة لا على مجرد ظلم الرعية.
ولكننا لا نعرف شيئا أبدا عن اعتراضه على بيعة يزيد وإنما ابتدأ اعتراضه عند وقوع الظلم من يزيد كما يحكون.
قال المفيد «ولما رأى الحسين نزول العساكر مع عمر بن سعد بنينوى ومددهم لقتاله أنفذ إلى عمر بن سعد أني أريد أن ألقاك فاجتمعا ليلا فتناجيا طويلا ثم رجع عمر بن سعد إلى مكانه وكتب إلى عبيد الله بن زياد. أما بعد فإن الله قد أطفأ النائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الأمة هذا حسين قد أعطاني عهدا أن يرجع إلى المكان الذي أتى منه أو أن يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه و في هذا لكم رضى وللأمة صلاح» (الإرشاد2/87).
سؤال: هل يجوز الترضي عن يزيد بن معاوية:
من كبار أهل العلم من كانوا يترضون عن يزيد كالحافظ المنذري كما في (الترغيب والترهيب حديث2051) وابن الصلاح كما في كتابه (فتاوى ابن الصلاح ص141 مسألة61) ولم يشنع أحدعليهما.