طبقات الصحابة رضي الله عنهم
طبقات الصحابة .
الطبقة لغة : بمعنى المرتبة ، و تأتي أيضاً بمعنى المساواة . راجع : مختار الصحاح (ص 388) و ترتيب القاموس (3/53) .
الطبقة اصطلاحاً : تطلق على الجماعة الذين تشاركوا في السن ، أو تقاربوا في الأخذ عن مشايخهم ، أو في وصف عام يشملهم ، وإنما سموا طبقة ، لأن لهم من رتبة السبق أو التوسط أو التأخر ما يحدد وصفهم ، و يعيّن مراتبهم . محاضرات في علوم الحديث (1/152) .
عدد طبقات الصحابة رضي الله عنهم ..
اختلف العلماء في عدد طبقات الصحابة ما بين مقل و مكثر ، واختلافهم في ذلك مبني على اختلاف أنظارهم فيما يتحقق به معنى الطبقة عندهم ؛ فمنهم من ذهب إلى أن الصحابة طبقة واحدة .
و ممن جرى على هذا القول ابن حبان و من رأى رأيه ، و وجهتهم فيما ذهبوا إليه :-
أن للصحابة من الشرف العظيم والفضل الكبير ما يفوق كل ملحظ ، و يعلو فوق كل اعتبار ن فهم نظروا إلى مطلق الصحبة ، قاطعين النظر عن عيرها من سائر الاعتبارات الأخرى . محاضرات في علوم الحديث (1/152) ، ومن ثم جعلوا الصحابة كلهم طبقة واحدة ، إذ جميعهم فيها متساوون لا فضل في ذلك لأحدهم على الآخر .
ومنهم من جعل الصحابة خمس طبقات ، و هي :-
الأولى : البدريون ، ومنهم أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب و بلال بن رباح رضي الله عنهم أجمعين ، و غيرهم ممن حضر غزوة بدر .
الثانية : من أسلم قديماً ممن هاجر عامتهم إلى الحبشة ، و شهدوا أحداً فما بعدها ، منهم عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، والزبير بن العوام و غيرهم رضي الله عنهم .
الثالثة : من شهد الخندق فما بعدها ، منهم سلمان الفارسي و سعد بن معاذ و غيرهم .
الرابعة : مسلمة الفتح فما بعدها ، منهم أبو سفيان بن حرب و حكيم بن حزام و غيرهم .
الخامسة : الصبيان والأطفال الذي رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ممن لم يغزُ ، سواء حفظ عنه أو لم يحفظ .
و ممن جرى على هذا القول ابن سعد في كتابه الطبقات الكبرى ، و وجهته فيما ذهب إليه أن الصحابة رضي الله عنهم وإن تساووا في شرف الصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنهم متفاوتون بالنظر إلى اعتبارات أخرى ، كالسبق إلى الإسلام والغزو ، وما إلى ذلك ، فيكون قد نظر إلى أمر زائد على أصل الصحبة . راجع : محاضرات في علوم الحديث (1/153) .
ومنهم من جعلها اثنتي عشرة طبقة ، وهو الإمام أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، فقد ذكر في كتابه معرفة علوم الحديث (ص 22-24 ) ، أن الصحابة على مراتب :
الطبقة الأولى : قوم أسلموا بمكة ، مثل أبي بكر و عمر و عثمان و علي و غيرهم رضي الله عنهم .
الطبقة الثانية : أصحاب دار الندوة و هي دار قصي بن كلاب و ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم أسلم وأظهر إسلامه ، حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دار الندوة فبايعه جماعة من أهل مكة . منهم : سعيد بن زيد و سعد بن أبي وقاص .
الطبقة الثالثة : المهاجرة إلى الحبشة . منهم : حاطب بن عمر بن عبد شمس و سهيل بن بيضاء و جعفر بن أبي طالب .
الطبقة الرابعة : الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة . منهم : رافع بن مالك و عبادة بن الصامت ، وأسعد بن زرارة .
الطبقة الخامسة : أصحاب العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار و هذه العبارة فيها نظر ؛ لأنه من المعلوم والثابت أنه لم يشترك مع أصحاب العقبة الأولى والثانية أحد من غير الأنصار ، اللهم إلا العباس فقد حضر ليستوثق للنبي صلى الله عليه وسلم - .
الطبقة السادسة : أول المهاجرين الذين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو بقباء ، قبل أن يدخلوا المدينة و يبني المسجد . منهم : أبو سلمة بن عبد الأسد و عامر بن ربيعة .
الطبقة السابعة : أهل بدر الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم : لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . البخاري (2/170-171) ، ومنهم : حاطب بن أبي بلتعة ، و المقداد بن الأسود و الحباب بن المنذر .
الطبقة الثامنة : المهاجرة الذين هاجروا بين بدر والحديبية . منهم المغيرة بن شعبة .
الطبقة التاسعة : أهل بيعة الرضوان ، الذين أنزل الله تعالى فيهم {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة }الفتح/18
، و منهم : سلمة بن الأكوع وابن عمر و سنان بن أبي سنان .
الطبقة العاشرة : المهاجرة بين الحديبية والفتح ، منهم : خالد بن الوليد و عمرو بن العاص .
الطبقة الحادية عشرة : هم الذين أسلموا يوم الفتح ، منهم : أبو سفيان بن حرب و عتاب بن أسيد و حكيم بن حزام و بديل بن ورقاء .
الطبقة الثانية عشرة : صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ، و في حجة الوداع و غيرهما ، و عدادهم من الصحابة . منهم : السائب بن يزيد و عبد الله بن ثعلبة ، و أبو الطفيل بن عامر بن واثلة ، وأبو جحيفة وهب بن عبد الله .
و وجهة الحاكم فيما ذهب إليه : أنه نظر إلى أمر زائد على أصل الصحبة ، و قد لاحظ اعتبارات أخرى زيادة على ما لاحظه ابن سعد في طبقاته .
ومنهم من ذهب في عد طبقات الصحابة إلى أكثر من ذلك ، كالإمام أبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي ، فقد جعلها سبعة عشر طبقة ، حيث ذكر في كتابه أصول الدين (ص 298-303) ، أن الصحابة رضي الله عنهم على مراتب :-
الطبقة الأولى : السابقون منهم إلى الإسلام ، من الرجال أبو بكر و من أهل البيت علي و من النساء خديجة ومن الموالي زيد بن حارثة ، و من الحبشة بلال ، و من الفرس سلمان .
الطبقة الثانية : هم الذين أسلموا عند إسلام عمر . و قد تقدم أمثلة عليهم .
الطبقة الثالثة : أصحاب الهجرة الأولى إلى الحبشة ، و قد تقدم أمثلة عليهم .
الطبقة الرابعة : و هم أصحاب العقبة الأولى ، و كانوا اثني عشر رجلاً من الأنصار ، و قد تقدم أمثلة عليهم .
الطبقة الخامسة : أصحاب العقبة الثانية ، منهم : كعب بن مالك الشاعر و عبد الله بن عمرو بن حرام ، و البراء بن معرور وغيرهم .
الطبقة السادسة : المهاجرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، و من أدركه منهم بقباء قبل دخوله المدينة ، و قد تقدم أمثلة عليهم .
الطبقة السابعة : المهاجرون بين دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة و بين بدر .
الطبقة الثامنة : البدريون ، وهم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلاً .
الطبقة التاسعة : أصحاب أحد ، غير رجل منهم اسمه قزمان فأنه كان منافقاً .
الطبقة العاشرة : أصحاب الخندق و عبد الله بن عمر معدود فيهم .
الطبقة الحادية عشرة : هم المهاجرون بين الخندق والحديبية .
الطبقة الثانية عشرة : أصحاب بيعة الرضوان بالحديبية عند الشجرة .
الطبقة الثالثة عشرة : المهاجرون بين الحديبية و بين فتح مكة .
الطبقة الرابعة عشرة : الذين أسلموا يوم فتح مكة و في ليلته .
الطبقة الخامسة عشرة : الذين دخلوا في دين الله أفواجاً بعد ذلك .
الطبقة السادسة عشرة : صبيان أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و قد تقدم أمثلة عليهم .
الطبقة السابعة عشرة : صبيان حملوا إليه عام حجة الوداع و قبيل ذلك .
و وجهة نظر الإمام أبي منصور البغدادي فيما ذهب إليه ؛ أنه نظر إلى أمر زائد على أصل الصحبة ، ولاحظ اعتبارات أخرى لم يلاحظها غيره .
والمشهور عند العلماء في عد طبقات الصحابة ، هو ما ذهب إليه الحاكم من أنها اثنتا عشرة طبقة . انظر : الباعث الحثيث تعليق أحمد شاكر (ص 184) . و هذا التقسيم هو الذي جرى عليه أكثر الذين كتبوا في طبقات الصحابة رضي الله عنهم ، مقتفين في ذلك أثر الحاكم فيما ذهب إليه ، و تقسيم الصحابة إلى طبقات كثيرة على ضوء ما ذكره الحاكم والبغدادي هو الراجح في هذه المسألة .