يقول الصدوق بن بابويه القمي:"قولهم قول الله، وأمرهم أمر الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله، وإنهم لم ينطقوا إلا عن الله تعالى وعن وحيه"(الاعتقادات:الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق، تحقيق عصام عبد السيد، سلسلة الكتب العقائدية(186) ص 92). ويقول محمد جواد مغنية:"قول المعصوم وأمره تماماً كالتنزيل من الله العزيز العليم: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) النجم 3-4.(الخميني والدولة الإسلامية: محمد جواد مغنية ص59). ويقول آية الله الخميني:"إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها واتباعها".(الحكومة الإسلامية: ص13).
وعليه فليس بيانهم للأحكام من نوع رواية السنة وحكايتها، ولا من نوع الاجتهاد في الرأي والاستنباط من مصادر التشريع، بل الأئمة أنفسهم مصدر للتشريع، فقولهم سنة لا حكاية السنة. وأما ما يجيء على لسانهم أحياناً من روايات وأحاديث عن نفس النبي صلى الله عليه وسلم، فهي إما لأجل نقل النص عنه كما يتفق في نقلهم لجوامع كلمه، وإما لأجل إقامة الحجة على الغير، وإما لغير ذلك من الدواعي.
وقد جاء فـي الكافـي ما يعدونه حجة لهم فـي هذا المذهب، وهو قول أبي عبد الله-كما يزعم صاحب الكافـي-"حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث رسول الله قول الله عز وجل"(أصول الكافـي، كتاب فضل العلم، باب رواية الكتب والحديث1/53، وسائل الشيعة18/58). وذكر شارح الكافـي أن هذا القول يدل على:"أن حديث كل واحد من الأئمة الظاهرين قول الله عز وجل، ولا اختلاف فـي أقوالهم كما لا اختلاف فـي قوله تعالى".(شرح جامع على الكافـي: محمد صالح المازندراني 2/225).
كما جاء فـي الكافـي عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله رضي الله عنه: الحديث أسمعه منك أرويه عن أبيك، أو أسمعه عن أبيك أرويه عنك؟ قال: سواء، إلا أنك ترويه عن أبي أحب إليّ. وقال أبو عبد الله رضي الله عنه لجميل: ما سمعت مني فاروه عن أبي".(أصول الكافـي 2/52. شرح جامع على الكافـي: محمد صالح المازندراني2/216).
فالسنَّة عندهم ليست سنة النبي عليه السلام فحسب؛ بل سنة الأئمة الإثنى عشر، وأقوال هؤلاء الأئمة كأقوال الله ورسوله، يقول شيخهم الخميني:"إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها واتباعها".(الحكومة الإسلامية ص13). ويقول محمد جواد مغنية: "قول المعصوم وأمره تماماً كالتنزيل من الله العزيز العليم:"وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى" النجم 3-4".(الخميني والدولة الإسلامية: محمد جواد مغنية ص59).
وقد اعترفوا بأنَّ هذا مما ألحقته الشيعة بالسنة المطهرة، قالوا:"وألحق الشيعة الإمامية كلّ ما يصدر عن أئمتهم الإثنى عشر من قول أو فعل أو تقرير بالسنة الشريفة".(سنة أهل البيت:محمد تقي الحكيم، سلسلة الكتب المؤلفة في أهل البيت عليهم السلام (120) إعداد مركز الأبحاث العقائدية ص6).
بل ذهب علاَّمة الشيعة المعاصر محمد باقر الصدر إلى اتهام الصحابة بأنّهم أمسكوا عن سؤال النبي عليه السلام، وأمسكوا عن تدوين آثار النبي وسنته، مما كان سبباً في ضياعها وتحريفها، وأنّ الذي حافظ على التدوين والتسجيل هم أهل البيت، وزعم بأنّه استفاضت الروايات عن أئمة أهل البيت بأنّ عندهم كتاباً ضخماً مدوناً بإملاء رسول الله عليه السلام وخطّ علي بن أبي طالب جمع فيه جميع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(بتصرف من كتابه التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية ص 54-55).
بل تماد علماء الشيعة في غيهم وضلالهم فزعموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كتم جزءاً من الشيعة وأودعها علياً رضي الله عنه، كما صرح في كتابه "الدعائي" شيخهم محمد حسين آل كاشف الغطا،حيث قال:"وبقيت أحكام كثيرة لم تحصل الدواعي والبواعث لبيانها ، أما لعدم الابتلاء بها في عصر النبوة، أو لعدم اقتضاء المصلحة لنشرها. والحاصل:إن حكمة التدريج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة، ولكنه سلام الله عليه أودعها عند أوصيائه ، كل وصي يعهد بها إلى الأخر لينشرها في الوقت المناسب لها حسب الحكمة، من عام مخصص، أو مطلق مقيد، أو مجمل مبين، إلى أمثال ذلك".(أصل الشيعة وأصولها: ص77)