إنّ الكتب الرئيسة التي تعتبر مصادر الأخبار عند الشيعة الإثنى عشرية هي ثمانية كتب يسمونها:"الجوامع الثمانية".(مفتاح الكتب الأربعة1/5)، ويقولون بأنّها هي المصادر المهمة للأحاديث المروية من الأئمة. (أعيان الشيعة1/288، مفتاح الكتب الأربعة1/5). قال عالمهم المعاصر محمد صالح الحائري:"وهذه صحاح الإمامية فهي ثمانية، أربعة منها للمحمدين الثلاثة الأوائل، وثلاثة بعدها للمحمدين الثلاثة الأواخر، وثامنها لحسين-المعاصر-النوري".(الحائري:منهاج عملي للتقريب: محمد صالح الحائري مقال نشر في مجلة رسالة الإسلام في القاهرة، كما نشر مع مقالات أخرى منتخبة من المجلة باسم الوحدة الإسلامية ص233).
قال عبد الحسين شرف الدين:"وأحسن ما جمع منها الكتب الأربعة التي هي مرجع الإمامية في أصولهم وفروعهم من الصدر الأول إلى هذا الزمان، وهي: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه، وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها".(المراجعات 335 مراجعة رقم 110. طبع دار صادق، بيروت).
وقال الحر العاملي:"أصحاب الكتب الأربعة وأمثالهم قد شهدوا بصحة أحاديث كتبهم وثبوتها ونقلها من الأصول المجمع عليها, فإن كانوا ثقات تعين قبول قولهم وروايتهم ونقلهم".(وسائل الشيعة 20/104).
وقد قال شيخهم الفيض الكاشاني في(الوافي1/11):إنّ مدار الأحكام الشرعية اليوم على هذه الأصول الأربعة، وهي المشهود عليها بالصحة من مؤلفيها". وقال مجتهدهم المعاصر أغا بزرك الطهراني وهي:"الكتب الأربعة والمجاميع الحديثية التي عليها استنباط الأحكام الشرعية حتى اليوم"(الذريعة إلى تصانيف الشيعة:أغا بزرك الطهراني، دار الأضواء، بيروت، 2/15).
وهذه المصادر هي:-
أولا: الكافي: تأليف أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي، المتوفى سنة 328 - 329ه، وقد أشار علماء الشيعة إلى أن هذا الكتاب أصح الكتب الأربعة المعتمدة عندهم ويطلقون على صاحبه ثقة الإسلام، وأنَّ أبا جعفر الكليني كتبه في فترة الغيبة الصغرى التي بواسطتها يجد طريقاً إلى تحقيق منقولاته..، وبلغت أحاديث الكافي كما يقول العاملي 16099 حديثاً (أعيان الشيعة1/280)، وقد طبع عدة طبعات، وشرحه عدد من شيوخهم، ومن شروحه:مرآة العقول للمجلسي، الذي اعتنى بالحكم على أحاديث الكافي من ناحية الصحة والضعف..وقد صحّح كثيرا من الروايات المفتراه والمكذوبة، والتي هي كفر بإجماع المسلمين، كروايات تحريف القرآن وتأليه الأئمة. ومنها شرح المازندراني للكافي المسمى "شرح جامع"، وكذلك الشافي شرح أصول الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني.
وقال الكليني نفسه يمدح كتابه في المقدمة:"وقلت إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين، والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين".(مقدمة الكافي ص 7).
وكتاب الكافي له المقام الأعلى عند الجعفرية، يقول حسين النوري الطبرسي:"الكافي بين الكتب الأربعة كالشمس بين النجوم وإذا تأمل المنصف استغنى عن ملاحظة حال آحاد رجال السند المودعة فيه وتورثه الوثوق ويحصل له الاطمئنان بصدورها وثبوتها وصحتها".(مستدرك الوسائل: الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي، تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، الطبعة المحققة الأولى-بيروت- 3/532).
ويقول عبد الحسين المظفر في مقدمته لأصول الكافي:"ولمَّا كان البحث يدور حول كتابنا هذا، فقد عرفت ما سجله على صفحاته مؤلفه من الأحاديث التي يبلغ عددها زهاء سبعة عشر ألف حديث، وهى أول موسوعة إسلامية استطاع مؤلفها أن يرسم بين دفتيها مثل هذا العدد من الأحاديث، وقد كلفته هذه المجموعة أن يضحى من عمره عشرين سنة قضاها في رحلاته متنقلا من بلدة إلى أخرى، لا يبلغه عن أحد مؤلف، أو يروى حديثا، إلا وشد الرحال إليه، ومهما كلفه الأمر فلا يبرح حتى يجتمع به، ويأخذ عنه، ولذلك تمكن من جمع الأحاديث الصحيحة. وهذه الأحاديث التي جاءت في الكافي جميعها ذهب المؤلف إلى صحتها، ولذلك عبر عنها بالصحيحة".(الكافي[1]70/). وقال محقق كتاب الكافي علي أكبر الغفاري في مقدمة الكافي:"اتفق أهل الإمامة وجمهور الشيعة على تفضيل هذا الكتاب والأخذ به، والثقة بخبره، والاكتفاء بأحكامه, وهم مجمعون على الإقرار بارتفاع درجته، وعلو قدره، على أنه القطب الذي عليه مدار روايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان إلى اليوم, وهو عندهم أجمل وأفضل من سائر أصول الحديث.. وقال المفيد:الكافي وهو من أجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة, وقال الفيض الكاشاني عن كتب الشيعة:الكافي أشرفها وأوثقها وأتمها وأجمعها, لاشتماله على الأصول من بينها، وخلوه من الفضول وشينها... وقال المجلسي:كتاب الكافي أضبط الأصول وأجمعها, وأحسن مؤلفات الفرقة الناجية وأعظمها. (الكافي –المقدمة- 1/26-27).
وقال الشيخ محمد صادق الصدر:"ويحكى أن الكافي عُرض على المهدي فقال:"هذا كافٍ لشيعتنا".(الشيعة: محمد صادق الصدر ص122). وقال آغا بزرك الطهراني عن كتاب الكافي:"هو أجل الكتب الأربعة الأصول المعتمدة عليها، لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول".(الذريعة إلى تصانيف الشيعة: آغا بزرك الطهراني 17/245).
ثانيا: من لا يحضره الفقيه: هذا الكتاب من تأليف شيخهم المشهور عندهم بالصدوق محمد بن محمد بن على بن الحسين بابويه القمي (المتوفى سنة 381ه(:وقد اشتمل على 176 باباً أولها باب الطهارة وآخرها باب النوادر، وبلغت أحاديثه (9044)، وقد ذكر في مقدمة كتابه أنّه ألّفه بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه، وأنه استخرجه من كتب مشهورة عندهم، وعليها المعول، ولم يورد فيه إلا ما يؤمن بصحته.
ثالثا: تهذيب الأحكام: تأليف شيخهم المعروف بـ"شيخ الطائفة" أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (المتوفى سنة 360هـ): وقد ألفه لمعالجة التناقض والاختلاف الواقع في رواياتهم، وبلغت أبوابه (393) باباً، أما عدد أحاديثه فسيأتي الحديث عنها.
رابعا:الاستبصار: تأليف نفس صاحب الكتاب السابق، وهو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي: ويقع الكتاب في ثلاثة أجزاء، جزآن منه في العبادات، والثالث في بقية أبواب الفقه، وبلغت أبوابه (393) باباً، وحصر المؤلف أحاديثه بـ(5511) وقال: حصرتها لئلا يقع زيادة أو نقصان، وقد جاء في الذريعة إلى تصانيف الشيعة أن أحاديثه (6531) وهو خلاف ما قاله المؤلف.
وأّلف شيوخهم في القرن الحادي عشر وما بعده مجموعة من المدونات ارتضى المعاصرون منها أربعة سموها بالمجاميع الأربعة المتأخرة وهي:-
أولاً:الوافي: تأليف محمد محسن المعروف بالفيض الكاشاني (1091ه)، ويقع في ثلاث مجلدات كبار، وطبعته المكتبة الإسلامية بطهران- إيران، وبلغت أبوابه (273) باباً، ويحتوي على نحو خمسين ألف حديث. كما في(لؤلؤة البحرين: محمد بحر العلوم، الهامش ص122)، وذكر محسن الأمين العاملي بأنّ مجموع ما في الكتب (44244) حديثاً.(أعيان الشيعة: محسن العاملي1/280).
ثانياً: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار: تأليف محمد باقر المجلسي(1111ه)، قالوا بأنه أجمع كتاب في الحديث، جمعه مؤلفه من الكتب المعتمدة عندهم. ويتكون من أكثر من مائة مجلد، وقد طبع في طهران، ومؤسسة الوفاء - بيروت- لبنان.
ثالثا: وسائل الشيعة: تأليف شيخ محدثي الشيعة محمد بن الحسن الحر العاملي، وهو أجمع كتاب لأحاديث الأحكام عندهم، جمع فيه مؤلفه رواياتهم عن الأئمة من كتبهم الأربعة التي عليها المدار في جميع الأعصار- كما يقولون- وزاد عليها روايات أخذها من كتب الأصحاب المعتبرة تزيد على 70 كتاباً، كما ذكر صاحب الذريعة، ولكن ذكر الشيرازي في مقدمة الوسائل بأنها تزيد على 180، ولا نسبة بين القولين، وقد ذكر الحر العاملي أسماء الكتب التي نقل عنها فبلغت-كما حسبتها-أكثر من ثمانين كتاباً، وأشار إلى أنه رجع إلى كتب غيرها كثيرة، إلا أنه أخذ منها بواسطة من نقل عنها-طبع في ثلاثة مجلدات عدة مرات، ثم طبع أخيراً بتصحيح وتعليق بعض شيوخهم في عشرين مجلداً-(الشيرازي: مقدمة الوسائل، أعيان الشيعة1/292-293، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 4/352-353، الحر العاملي:وسائل الشيعة1/4-8، 20/36-49.
رابعا: مستدرك الوسائل لحسين النوري الطبرسي(المتوفى سنة 1320ه(، وقد جمع فيه ثلاثة وعشرين ألف حديث عن الأئمة. قال أغا بزرك الطهراني:"أصبح كتاب المستدرك كسائر المجاميع الحديثية المتأخرة في أنه يجب على المجتهدين الفحول أن يطلعوا عليها ويرجعوا إليها في استنباط الأحكام، وقد أذعن بذلك جل علمائنا المعاصرين".(الذريعة 2/110-111)، ثم استشهد بعض أقوال شيوخهم المعاصرين باعتماد المستدرك من مصادرهم الأساسية (الذريعة إلى تصانيف الشيعة 2/111).
ولكن يبدو أن بعض شيوخهم لم يوافق على ذلك فنجد محمد مهدي الكاظمي ينتقد بشدة هذا الكتاب ويقول بأنه:"نقل منه عن الكتب الضعيفة الغيرة معتبرة...والأصول الغير ثابتة صحة نسخها، حيث إنها وجدت مختلفة النسخ أشد الاختلاف"، ثم قال بأن أخباره مقصورة على ما في البحار، وزعها على الأبواب المناسبة للوسائل، كما قابلته حرفاً بحرف".(أحسن الوديعة:محمد مهدي الكاظمي ص 74).