شبهة عثمان ضرب ابن مسعود وعمار
ضربه لعمار حتى فتق أمعاءه وإبن مسعود حتى كسر أضلاعه ومنعه عطاءه
والجواب: وأما ضربه لابن مسعود ومنعه عطاءه، فزور ، وضربه لعمار إفك مثله ، ولو فتق أمعاءه ما عاش أبداً.
وقد اعتذر عن ذلك العلماء بوجوه لا ينبغي أن يشتغل بها لأنها مبنية على باطل ، ولا يبنى حق على باطل ، ولا نذهب الزمان في مماشاة الجهال ، فإن ذلك لا آخر له .
عثمان حكم بضرب ابن مسعود حتى مات
فهذا كذب باتفاق أهل العلم، فإنه لما وَلِيَ أقرّ ابن مسعود على ما كان عليه من الكوفة، إلى أن جرى من ابن مسعود ما جرى. وما مات ابن مسعود من ضرب عثمان أصلا.
وفي الجملة فإذا قيل إن عثمان ضرب ابن مسعود أوعمَّاراً، فهذا لا يقدح في أحد منهم؛ فإنه نشهد أن الثلاثة في الجنة، وأنهم من أكابر أولياء الله المتقين. وقد قدَّمنا أن ولي الله قد يصدر منه ما يستحق عليه العقوبة الشرعية، فكيف بالتعزير؟.
وأما قوله: ((وقال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عمّار جلدة بين عَيْنَيْ، تقتله الفئة الباغية، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة)).
فيقال: الذي في الصحيح: ((تقتل عمّار الفئة الباغية)) (2) 2) وطائفة من العلماء ضعفوا هذا الحديث، منهم الحسين الكرابيسي وغيره، ونقل ذلك عن أحمد أيضا.
وأما قوله: ((لا أنالهم الله شفاعتي)) فكذب مزيد في الحديث، لم يروه أحد من أهل العلم بإسناد معروف.
وكذلك قوله: ((عمّار جلدة بين عيني)) لا يعرف له إسناد.
__________
(1) الآية 134 من سورة البقرة.
(2) انظر البخاري ج1 ص 93 وج4 ص 21 ومسلم ج4 ص 2235 - 2236.
ولوقيل مثل ذلك، فقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ((إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها)) (1). وفي الصحيح عنه أنه قال: ((لوأن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) (2). وثبت عنه في الصحيح أنه كان يحب أسامة، ثم يقول: ((اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه)) (3). ومع هذا لما قتل ذلك الرجل أنكر عليه إنكار شديدا وقال: ((يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله)) قال: فما زال يكررها عليّ حتى تمنّيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ)) (4).
كذلك عثمان فيمن أقام عليه حدًّا أوتعزيرا هوأولى بالعلم والعدل منهم. وإذا وجب الذبّ عن عليّ لمن يريد أن يتكلم فيه بمثل ذلك، فالذبّ عن عثمان لمن يريد أن يتكلم فيه بمثل ذلك أَوْلى.