تعريف الصحبة في اللغة , والاصطلاح
قال العلامة الفيومي : " ( ص ح ب ) : صَحِبْتُهُ أَصْحَبُهُ صُحْبَةً فَأَنَا صَاحِبٌ وَالْجَمْعُ صَحْبٌ وَأَصْحَابٌ وَصَحَابَةٌ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَمَنْ قَالَ صَاحِبٌ وَصُحْبَةٌ فَهُوَ مِثْلُ فَارِهٍ وَفَرَهَةٍ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ لِمَنْ حَصَلَ لَهُ رُؤْيَةٌ وَمُجَالَسَةٌ " المصباح المنير في غريب الشرح الكبير – ابو العباس أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي - ج 5 ص 158
واما تعريف الصحابي في الاصطلاح , فقد قال الامام ابن حجر : " وهو مَنْ لَقِيَ النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- مُؤْمِنًا بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ فِي الْأَصَحِّ " نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر - احمد بن علي بن حجر - ص 141
[rtl]وقال في النزهة : " 1- وقولي: "مؤمناً به" كالفصْلِ، يُخْرِجُ مَنْ حصَل لهُ اللِّقاءُ المذكورُ، لكنْ، في حالِ كونِه كافراً.[/rtl]
[rtl]2- وقَوْلي: "بهِ". فصْلٌ ثانٍ يُخْرجُ مَنْ لَقِيَهُ مُؤمِناً، لكنْ، بغيره من الأنبياء. لكنْ، هل يُخْرِج مَنْ لَقِيَهُ مُؤمِناً بأَنَّهُ سيبعث ولم يُدْرِك البعثة؟. فيه نَظَرٌ.[/rtl]
[rtl]3- وقَوْلي: "وماتَ على الإِسلامِ"، فصْلٌ ثالثٌ يُخْرِجُ مَن ارتدَّ، بعد أن لقيه مؤمناً، وماتَ على الرِّدَّةِ، كعُبَيْدِ اللهِ بنِ جَحْشٍ، وابن خَطَلٍ.[/rtl]
[rtl]4- وقَوْلي: "ولو تخلَّلت رِدَّةٌ"، أي: بينَ لُقِيِّهِ لهُ مُؤمِناً بهِ، وبينَ موتِه على الإِسلامِ، فإِنَّ اسمَ الصُحْبَةِ باقٍ لهُ، سواءٌ رجع إِلى الإسلامِ في حياتِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم، أم بعده، سواءٌ لقيه ثانياً أَمْ لا.[/rtl]
5- وقَوْلي: "في الأصحِّ" إشارةٌ إِلى الخِلافِ في المسأَلةِ، ويدلُّ على رُجْحانِ الأوَّلِ قصةُ الأشعثِ بنِ قيسٍ؛ فإِنَّه كانَ ممَّنِ ارتدَّ، وأُتِيَ بهِ إِلى أَبي بكرٍ الصديق أسيراً؛ فعاد إلى الإسلام فقَبِلَ منه وزَوَّجه أُخْتَهُ، ولم يتخلَّفْ أحدٌ عنْ ذكْرِه في الصَّحابةِ، ولا عنْ تخريجِ أحاديثِهِ في المسانيد وغيرها " نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر - احمد بن علي بن حجر - ص 141
وقال في الاصابة : " في تعريف الصحابي وأصح ما وقفت عليه من ذلك هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الاسلام , فيدخل من طالت مجالسته او قصرت , ومن روى عنه لو لم يرو , ومن غزا معه او لم يغز , ومن راه رؤية ولو لم يجالسه , ومن لم يره لعارض كالعمى , ويخرج بقيد الايمان من لقيه كافرا ولو اسلم بعد ذلك اذا لم يجتمع به مرة اخرى .............................
[rtl]وهذا التعريف مبني على الاصح المختار عند المحققين , كالبخاري وشيخه احمد بن حنبل ومن تبعهما , ووراء ذلك اقوال اخرى شاذة , كقول من قال : لا يعد صحابيا الا من وصف بأحد اوصاف اربعة , من طالت مجالسته , او حفظت روايته , او ضبط انه غزا معه , او استشهد بين يديه , وكذا من اشترط في صحة الصحبة بلوغ الحلم , او المجالسة ولو قصرت " الاصابة – احمد بن علي بن حجر – ج 1 ص 16 – 18[/rtl]
وقال في الفتح : " وَقَدْ وَجَدْتُ مَا جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ تَعْرِيفِ الصَّحَابِيِّ فِي كَلَام شَيْخه عَليّ بن الْمَدِينِيِّ فَقَرَأْتُ فِي الْمُسْتَخْرَجِ لِأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مَنْدَهْ بِسَنَدِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ سَيَّارٍ الْحَافِظِ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَتِيكٍ يَقُولُ قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيِّ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ رَآهُ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بَسَطْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا جَمَعْتُهُ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ " فتح الباري - احمد بن علي بن حجر - ج 7 ص 5
ولقد عرف الامام البخاري رحمه الله الصحابي , حيث قال في صحيحه : " وَمَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ رَآهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ " صحيح البخاري – بَاب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ج 5 ص 2
ثم استشهد الامام البخاري بهذه الرواية بعد تعريفه للصحابي في هذا الباب حيث قال : " حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيَقُولُونَ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ " صحيح البخاري – بَاب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ج 5 ص 2
فاستدلاله بالحديث موافق لتعريفه الذي عرف به الصحابي .
وقال الامام احمد : " كل من صَحبه سنة أَو شهرا أَو يَوْمًا أَو سَاعَة وَرَآهُ فَهُوَ من أَصْحَابه لَهُ الصُّحْبَة على قدر مَا صَحبه وَكَانَت سابقته مَعَه وَسمع مِنْهُ وَنظر إِلَيْهِ نظر فأدناهم صُحْبَة أفضل من الْقرن الَّذِي لم يروه وَلَو لقوا الله بِجَمِيعِ الْأَعْمَال كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذين صحبوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورأوه وسمعوا مِنْهُ أفضل لصحبتهم من التَّابِعين وَلَو عمِلُوا كل أَعمال الْخَيْر " أصول السنة – أبوعبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني- ص 41
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : " وَالصُّحْبَةُ اسْمُ جِنْسٍ تَقَعُ عَلَى مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لَكِنْ كُلٌّ مِنْهُمْ لَهُ مِنْ الصُّحْبَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَمَنْ صَحِبَهُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً أَوْ رَآهُ مُؤْمِنًا فَلَهُ مِنْ الصُّحْبَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ " مجموع الفتاوى – شيخ الاسلام ابن تيمية - ج 4 ص 464 – 465
وقال في منهاج السنة : " وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي " الرِّسَالَةِ " الَّتِي رَوَاهَا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْهُ : " مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةً، أَوْ شَهْرًا ، أَوْ يَوْمًا، أَوْ سَاعَةً ، أَوْ رَآهُ مُؤْمِنًا بِهِ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ لَهُ مِنَ الصُّحْبَةِ عَلَى قَدْرِ مَا صَحِبَهُ ".
[rtl]وَهَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ: يَعُدُّونَ فِي أَصْحَابِهِ مِنْ قَلَّتْ صُحْبَتُهُ وَمِنْ كَثُرَتْ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ ضَعِيفٌ " منهاج السنة النبوية – احمد بن عبد الحليم بن تيمية – ج 8 ص 383 [/rtl]
[rtl]وقال الامام ابو الحسن الاشعري : " الإجماع السابع والأربعون [/rtl]
وأجمعوا على أن الخيار بعد العشرة في أهل بدر من المهاجرين والأنصار على قدر الهجرة والسابقة وعلى أن كل من صحب النبي ولو ساعة أو رآه ولو مرة مع إيمانه به وبما دعا إليه أفضل من التابعين بذلك " رسالة إلى أهل الثغر – ابو الحسن علي بن اسماعيل الاشعري - ج ص 302