ادلة اهل السنة على تقسيم التوحيد
قال الامام ابن عثيمين رحمه الله : " لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى قال فليستعذ ولينته { قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس } هذه الجمل الثلاثة الآيات الثلاث يمكن أن يقال إنها استوعبت أقسام التوحيد { رب الناس } توحيد الربوبية { ملك الناس } الأسماء والصفات لأن الملك لا يستحق أن يكون ملكا إلا بتمام أسمائه وصفاته { إله الناس } الألوهية "
- شرح رياض الصالحين – محمد بن صالح عثيمين - ج 1 ص 1667
وقال ايضا : " ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام
1 توحيد الربوبية
2 توحيد الألوهية
3 توحيد الأسماء والصفات
وقد اجتمعت في قوله تعالى: { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: الآية 65] "
- القول المفيد – محمد بن صالح العثيمين – ج 1 ص 12
وقال الدكتور فاضل السامرائي : " وقد جمعت هذه السورة توحيد الربوبية (رب العالمين) وتوحيد الإلوهية (إياك نعبد وإياك نستعين) ولذا فهي حقاً أم الكتاب "
- لمسات بيانية - الدكتور فاضل صالح السامرائي - ج 1 ص 31
وقال الزرقاني رحمه الله: " استفادة التوحيد بنوعيه توحيد الألوهيةوتوحيد الربوبية من القصر الماثل في قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} "
مناهل العرفان في علوم القرآن – محمد عبد العظيم الزُّرْقاني - ج 2 ص 126
وقال البقاعي رحمه الله : " وهذه دائماً طريقة القرآن يحتج عليهم بإقرارهم بتوحيدهم له في الربوبية والملك على ما أنكروه من توحيد الإلهية والعبادة "
- نظم الدرر - ابراهيم بن عمر بن حسن البقاعي الشافعي - ج 10 ص 76
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : " والتوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له وهو متضمن لشيئين أحدهما القول العملي وهو إثبات صفات الكمال له وتنزيهه عن النقائص وتنزيهه عن أن يماثله احد في شيء من صفاته فلا يوصف بنقص بحال ولا يماثله أحد في شيء من الكمال كما قال تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد سورة الإخلاص فالصمدية تثبت له الكمال والاحدية تنفي مماثلة شيء له في ذلك كما قد بسطنا ذلك في غير هذا الموضع
والتوحيد العملي الإرادي أن لا يعبد إلا إياه فلا يدعو إلا إياه
ولا يتوكل إلا عليه ولا يخاف إلا إياه ولا يرجو إلا إياه ويكون الدين كله لله قال تعالى قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين سورة الكافرون
وهذا التوحيد يتضمن أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه لا شريك له في الملك "
- الصفدية – ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 2 ص 229
وقال ايضا : " والرسل دعوا الخلق إلى توحيد الإلهية وذلك متضمن لتوحيد الربوبية كما قال كل منهم لقومه : { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } [ الأعراف : 59 ] "
درء تعارض العقل والنقل – ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 5 ص 156
وقال ايضا : " فَإِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا بَيَانُ حَالِ الْعَبْدِ الْمَحْضِ لِلَّهِ الَّذِي يَعْبُدُهُ وَيَسْتَعِينُهُ فَيَعْمَلُ لَهُ وَيَسْتَعِينُهُ وَيُحَقِّقُ قَوْلَهُ : { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ وَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ ؛ وَإِنْ كَانَتْ الْإِلَهِيَّةُ تَتَضَمَّنُ الرُّبُوبِيَّةَ ؛ وَالرُّبُوبِيَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْإِلَهِيَّةَ ؛ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا تَضَمَّنَ الْآخَرَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَخْتَصَّ بِمَعْنَاهُ عِنْدَ الِاقْتِرَانِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } { مَلِكِ النَّاسِ } { إلَهِ النَّاسِ } "
- مجموع الفتاوى – ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 10 ص 283 – 284
وقال الامام ابن قيم الجوزية رحمه الله : " فَالْجَمْعُ الصَّحِيحُ - الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الِاسْتِقَامَةِ - هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، فَيَشْهَدُ صَاحِبُهُ قَيُّومِيَّةَ الرَّبَّ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ، يُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِهِ وَحْدَهُ، فَلَا خَالِقَ وَلَا رَازِقَ، وَلَا مُعْطِيَ وَلَا مَانِعَ، وَلَا مُمِيتَ وَلَا مُحْيِيَ، وَلَا مُدَبِّرَ لِأَمْرِ الْمَمْلَكَةِ - ظَاهِرًا وَبَاطِنًا - غَيْرُهُ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، لَا تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يَجْرِي حَادِثٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَلَا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَلَا يَغْرُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا أَحْصَاهَا عِلْمُهُ، وَأَحَاطَتْ بِهَا قُدْرَتُهُ، وَنَفَذَتْ بِهَا مَشِيئَتُهُ، وَاقْتَضَتْهَا حِكْمَتُهُ، فَهَذَا جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ
وَأَمَّا جَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، فَهُوَ: أَنْ يَجْمَعَ قَلْبَهُ وَهَمَّهُ وَعَزْمَهُ عَلَى اللَّهِ، وَإِرَادَتَهُ، وَحَرَكَاتَهُ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ تَعَالَى، وَالْقِيَامِ بِعُبُودِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ، فَتَجْتَمِعُ شُئُونُ إِرَادَتِهِ عَلَى مُرَادِهِ الدِّينِيِّ الشَّرْعِيِّ
وَهَذَانِ الْجَمْعَانِ: هُمَا حَقِيقَةُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] "
- مدارج السالكين– محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي – ج 3 ص471
تقسيم التوحيد عند الرافضة
قال الشهيد الثاني : " الباب الخامس ( في بيان كيفية معرفة التوحيد وباقي المسائل الأصولية ) أقول : التوحيد على ثلاثة أقسام : الأول : توحيد الذات ونفي الشريك في واجب الوجود الثاني : بحسب الصفات هو نفي الصفة الموجودة القائمة بذاته تعالى الثالث : توحيده تعالى بحسب العبودية وتخصيص العبادة له جل جلاله " اهـ
- حقائق الإيمان - الشهيد الثاني - ص 174
وقال المجلسي: " فإن للتوحيد ثلاثة معان : الأول توحيد واجب الوجود ، والثاني توحيد صانع العالم ومدبر النظام ، و الثالث توحيد الاله وهو المستحق للعبادة ، وكان مشركوا القريش مخالفين في المعنى الثالث " اهـ
- بحار الأنوار - المجلسي - ج 3 ص 209
وقال ناصر مكارم الشيرازي : " فتقول الآية الأولى : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله هذا التعبير - والذي يلاحظ في آيات القرآن الأخرى ، كالآية ( 61 - 63 ) من سورة العنكبوت ، والآية ( 38 ) من الزمر ، والآية ( 9 ) من الزخرف - يدل من جهة على أن المشركين لم يكونوا منكرين لتوحيد الخالق مطلقا ، ولم يكونوا يستطيعون ادعاء كون الأصنام خالقة ، إنما كانوا معتقدين بالشرك في عبادة الأصنام وشفاعتها فقط ومن جهة أخرى يدل على كون التوحيد فطريا وأن هذا النور كامن في طينة وطبيعة كل البشر " اهـ
- الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ناصر مكارم الشيرازي - ج 13 - ص 61
وبعد ان بينا ان من علماء الامامية من قسم التوحيد الى ثلاثة اقسام , فأقول ان بعض الامامية قد قسم التوحيد الى اكثر من ثلاثة اقسام , فقد جعله محسن الخزازي سبعة اقسام , حيث قال : " الأمر الخامس : في توحيده تعالى وقبل أن نستدل عليه ، فليعلم أولا أن التوحيد ينقسم إلى سبعة أقسام :
1 - التوحيد الذاتي : والمراد به هو المعرفة بأنه تعالى واحد لا ثاني له كما نص عليه الكتاب العزيز بقوله : " ولم يكن له كفوا أحد "
2 - التوحيد الصفاتي : والمراد به هو المعرفة بأن ذاته تعالى عين صفاته ، بل كل صفة عين الصفة الأخرى من الصفات الثبوتية الذاتية الكمالية ، وسيجئ من المصنف - قدس سره - بأن الاعتقاد بالتوحيد الصفاتي يقتضي أيضا الاعتقاد بأنه لا شبه له في صفاته الذاتية فهو في العلم والقدرة لا نظير له وأما نفي التركيب المطلق وإثبات بساطته فقد مضى بيانه في الصفات السلبية ولا حاجة إلى إعادته في المقام
3 - التوحيد الأفعالي: والمراد به هو المعرفة بأن كل ما يقع في العالم من العلل والمعلولات ، والأساليب والمسببات ، والنظامات العادية وما فوقها ، يقع بإرادته في حدوثه وبقائه وتأثيره ، فكل شئ قائم به ، وهو القيوم المطلق ، ولا حول ولا قوة ولا تأثير إلا به وبإذنه وهذا القسم يشمل التوحيد في الخالقية والربوبية والرازقية ونحوها من مظاهر الأفعال ، ولا حاجة إلى ذكرها على حدة كما لا يخفى ثم إن التوحيد في هذه الأقسام يكون من نوع المعرفة ويطلق عليه التوحيد النظري
4 - التوحيد التشريعي : والمراد به هو المعرفة بأن التقنين حق الخالق والرب ، لأنه يعرف مخلوقاته وصلاحهم ، فلا يجوز لغيره تعالى أن يقدم على ذلك ، فالأنبياء والرسل نقلوا ما شرعه الله تعالى ولم يقدموا على التشريع إلا فيما أذن لهم الله تعالى وهو أيضا مستند إليه تعالى كما لا يخفى ثم إن هذا القسم باعتبار يكون من أقسام التوحيد الأفعالي ولكن حيث كان موردا للاهتمام ذكرناه على حدة
5 - التوحيد العبادي والإطاعي : والمراد به أنه تعالى مستحق للعبادة والإطاعة لا غير ، وسبب ذلك هو التوحيد الذاتي والأفعالي فهو تعالى لكونه واحدا كاملا وخالقا وربا ولأن كل الأمور بيده ، دون غيره استحق انحصار العبادة والإطاعة المطلقة
6 - التوحيد الاستعاني: والمراد به هو أن لا يستعين العبد في أموره إلا منه تعالى وهو أثر الاعتقاد الكامل بالتوحيد الأفعالي ، ولعل إليه الإشارة بقوله تعالى : " إياك نعبد وإياك نستعين "
7 - التوحيد الحبي : والمراد منه أن من إعتقد بأن كل كمال وجمال منه تعالى أصالة فلا يليق المحبة منه أصالة إلا له تعالى وهذه الأقسام من أقسام التوحيد العملي وإن أمكن إدراجها في التوحيد النظري أيضا باعتبار أنه تعالى مستحق لهذه الأنواع من التوحيد فلا تغفل " اهـ
- بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية - محسن الخزازي - ج 1 ص 53
وأما جعفر السبحاني فقد جعله اثنى عشر قسما , حيث قال : " قسم علماء الشيعة التوحيد إلى مراتب ودرجات نذكرها على وجه الإيجاز
1 - التوحيد الذاتي : واحد لا نظير له
2 - التوحيد الذاتي أيضا : بسيط ليس بمركب
3 - التوحيد الأفعالي : إنه لا خالق في الكون إلا هو
4 - التوحيد التدبيري : إنه لا مدبر للكون إلا هو
5 - التوحيد العبادي : لا معبود سواه ثم إن هناك مراتب للتوحيد ذكرها علماء الشيعة في كتبهم الكلامية واستنبطوها من القرآن الكريم وأحاديث العترة الطاهرة ، وهي :
6 - التوحيد في التقنين والتشريع : إنه لا مقنن ولا مشرع إلا هو ، وليس لأحد حق التشريع
7 - التوحيد في الطاعة : إنه لا مطاع بالذات إلا هو ، ولو وجبت إطاعة النبي والإمام فإنما هي بأمره سبحانه
8 - التوحيد في الحاكمية : لا حاكم إلا هو ، وأنه ليس لأحد أن يحكم إلا بإذنه سبحانه
9 - التوحيد في الشفاعة : والمراد أن الشفاعة حق لله سبحانه ، ولا يشفع لأحد إلا بإذنه ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )
10 - التوحيد في الاستعانة : وإنه لا يستعان إلا به ، ولو استعان بغيره بزعم أنه يقوم بالإعانة مستقلا فهو مشرك ، ولو استعان بغيره معتقدا بأنه معين بحول وقوة منه سبحانه فهو عين التوحيد
11 - التوحيد في المغفرة : وإنه لا يغفر الذنوب إلا هو
12 - التوحيد في الرازقية : وإنه لا رازق إلا هو هذه مراتب التوحيد الاثنا عشر التي يتفقون فيها مع إخوانهم أهل السنة لا سيما الأشاعرة " اهـ
- رسائل ومقالات - جعفر السبحاني - ص 16 – 17