واجبات الامام 2
وفي روضة المتقين : " و روى الكليني في القوي، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله عليه السلام وروى المصنف في القوي، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي (و قريب منه ما رواه السيد الرضي في نهج البلاغة) عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام و اللفظ للمصنف قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يقال له همام و كان عابدا (و في في ناسكا مجتهدا) إلى أمير المؤمنين عليه السلام و هو يخطب فقال يا أمير المؤمنين صف لي المتقين، و في الكافي صف لنا صفة المؤمن حتى كأننا ننظر إليه و في الأمالي ص 340 فقال له يا أمير المؤمنين صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم فتثاقل أمير المؤمنين عليه السلام عن جوابه، ثمَّ قال له: ويحك يا همام اتق الله و أحسن فإن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون فقال همام يا أمير المؤمنين: أسألك بالذي أكرمك بما خصك به و حباك و فضلك بما آتاك و أعطاك لما وصفتهم لي . فقام أمير المؤمنين عليه السلام قائما على رجليه فحمد الله و أثنى و صلى على النبي و آله عليهم السلام ثمَّ قال: أما بعد فإن الله عز و جل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا بمعصيتهم لأنه لا يضره معصية من عصاه منهم و لا تنفعه طاعة من أطاع منهم و قسم بينهم معائشهم و وضعهم من الدنيا مواضعهم و إنما أهبط الله آدم و حواء عليهما السلام من الجنة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه و أمرهما فعصياه " روضة المتقين – محمد تقي المجلسي – ج 12 ص 16 – 17
ففي هذه الرواية التصريح بالعقوبة لادم عليه السلام , وذلك لانه خالف امر الله تعالى وعصاه .
بل قد جاء عند الامامية ان ادم عليه السلام قد فعل اصلا من اصول الكفر والعياذ بالله تعالى , قال الكليني : " 1 - الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) أُصُولُ الْكُفْرِ ثَلَاثَةٌ الْحِرْصُ وَ الِاسْتِكْبَارُ وَ الْحَسَدُ فَأَمَّا الْحِرْصُ فَإِنَّ آدَمَ ( عليه السلام ) حِينَ نُهِيَ عَنِ الشَّجَرَةِ حَمَلَهُ الْحِرْصُ عَلَى أَنْ أَكَلَ مِنْهَا وَ أَمَّا الِاسْتِكْبَارُ فَإِبْلِيسُ حَيْثُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ فَأَبَى وَ أَمَّا الْحَسَدُ فَابْنَا آدَمَ حَيْثُ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ " الكافي – الكليني – ج 2 ص 289 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – صحيح – ج 10 ص 73
وفي علل الشرائع : " 1 - حدثنا أبى رضى عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن أبى محمد بن أبى نصر، عن ثعلبة بن ميمون عن معمر بن يحيى، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما بال الناس يعقلون ولا يعلمون قال: إن الله تبارك وتعالى حين خلق آدم جعل أجله بين عينيه وأمله خلف ظهره، فلما أصاب الخطيئة حصل أمله بين عينيه وأجله خلف ظهره فمن ثم يعقلون ولا يعلمون " علل الشرائع للصدوق الجزء الأول ص 92 (باب 82 العلة التي من أجلها صار الناس يعقلون ولا يعلمون
وفي العلل ايضا : " 1 - حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري الفقيه قال : حدثنا مكي بن سعدويه البرذعي قال : حدثنا أبو محمد نوح بن الحسن قال : حدثنا أبو سعيد جميل بن سعد قال : أخبرنا أحمد بن عبد الواحد بن سليمان العسقلاني قال : حدثنا القاسم بن حميد قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال : سألت ابن مسعود عن أيام البيض ما سببها وكيف سمعت ؟ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول إن آدم لما عصى ربه تعالى ناداه مناد من لدن العرش يا آدم اخرج من جواري فإنه لا يجاروني أحد عصاني ، فبكى وبكت الملائكة فبعث الله عز وجل إليه جبرئيل فأهبطه إلى الأرض مسودا فلما رأته الملائكة ضجت وبكت وانتحبت وقالت : يا رب خلقا خلقته ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك بذنب واحد حولت بياضه سوادا فنادى منادي من السماء ان صم لربك اليوم فصام فوافق يوم الثالث عشر من الشهر فذهب ثلث السواد ثم نودي يوم الرابع عشر أن صم لربك اليوم فصام فذهب ثلثا السواد ثم نودي يوم الخامس عشر بالصيام فصام فأصبح وقد ذهب السواد كله فسميت أيام البيض للذي رد الله عز وجل فيه على آدم من بياضه ، ثم نادى مناد من السماء يا آدم هذه الثلاثة أيام جعلتها لك ولولدك من صامها في كل شهر فكأنما صام الدهر . قال حميد : قال أحمد بن عبد الواحد وسمعت أحمد بن شيبان البرمكي يقول وزاد الحميري في الحديث فجلس آدم عليه السلام جلسة القرفصاء ورأسه بين ركبتيه كئيبا حزينا فبعث الله تبارك وتعالى إليه جبرئيل فقال يا آدم مالي أراك كئيبا حزينا قال لا أزال كئيبا حزينا حتى يأتي أمر الله قال فانى رسول الله إليك وهو يقرؤك السلام ويقول : يا آدم حياك الله وبياك قال أما حياك فاعرفه فما بياك قال أضحكك قال فسجد آدم فرفع رأسه إلى السماء وقال يا رب زدني جمالا فأصبح وله لحية سوداء كالحمم فضرب بيده إليها فقال يا رب ما هذه ؟ قال هذه اللحية زينتك بها أنت وذكور ولدك إلى يوم القيامة . ( قال مصنف هذا الكتاب ) هذا الخبر صحيح ......" علل الشرائع - الصدوق - ج 2 - ص 379 – 381
ولقد ورد في القران الكريم ذكر تصريح بعض الانبياء عليهم الصلاة والسلام بالظلم , قال الله تعالى : { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) : القصص } , وقال تعالى : { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ( 87 ) :الأنبياء } , وقال تعالى حاكيا عن ادم عليه السلام : { قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) : الاعراف } .
والظلم وضع الشيء في غير موضعه كما قال الجرجاني في التعريفات ص 168 , فهل وضع الحسن رضي الله عنه الشيء في موضعه عندما سلم لمعاوية رضي الله عنه الخلافة ؟ .
وقد ورد في كتب الامامية اعتراف ابراهيم عليه السلام بالذنب , قال الصدوق : " (باب 173 - العلة التي من أجلها سميت عرفات عرفات)
1 - حدثنا حمزة بن محمد العلوي قال اخبرنا علي بن ابراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن عرفات لم سميت عرفات؟ فقال ان جبرئيل (ع) خرج بابراهيم صلوات الله عليه يوم عرفة فلما زالت الشمس قال له جبرئيل يا ابراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك فسميت عرفات لقول جبرئيل (ع) إعترف فاعترف " علل الشرائع - الصدوق – ج 2 ص 436
فهل يقول الامامية ان هؤلاء الانبياء صلوات الله عليهم لم ينالوا الامامة ؟ !!! .
قال محمد تقي المجلسي : " و في الصحيح (على المشهور) عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلق السعادة و الشقاء (أي قدر هما) قبل أن يخلق خلقه فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا، و إن أبغض شرا أبغض عمله و لم يبغضه، و إن كان شقيا لم يحبه أبدا، و إن عمل صالحا أحب عمله و أبغضه لما يصير إليه، فإذا أحب الله شيئا لم يبغضه أبدا، و إذا أبغض شيئا لم يحبه أبدا " روضة المتقين – محمد تقي المجلسي – ج 12 ص 16 – 17
ان الرواية صريحة بصدور الخطأ ممن يحبه الله تعالى , والله تعالى اخبرنا في القران الكريم انه لا يحب الظالمين , قال الله تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) : ال عمران }
فلا يلزم وقوع العبد في الخطأ , او الذنب بأنه من الظالمين .
ومن المعلوم ان التائب من الذنب لا يسمى ظالما , وذلك لان الله تعالى يبدل سيئته حسنات , قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) : الفرقان } , بل ان القران سماه تائبا , فكيف نسميه ظالما ؟ !!! , قال الله تعالى : { التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) : التوبة } , وقد اخبر الله تعالى بانه يحب التوابين , قال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) : البقرة } , والله تعالى لا يحب الظالمين , قال الله تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) : ال عمران } , فلو كان التائب ظالما لما احبه الله تعالى .
وورد في كتب الامامية ان دانيال النبي قد وقع في المعصية , قال الكليني :" 11 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ ( عليه السلام ) أَنِ ائْتِ عَبْدِي دَانِيَالَ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ فَإِنْ أَنْتَ عَصَيْتَنِيَ الرَّابِعَةَ لَمْ أَغْفِرْ لَكَ فَأَتَاهُ دَاوُدُ ( عليه السلام ) فَقَالَ يَا دَانِيَالُ إِنَّنِي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ وَ هُوَ يَقُولُ لَكَ إِنَّكَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَيْتَنِي فَغَفَرْتُ لَكَ فَإِنْ أَنْتَ عَصَيْتَنِيَ الرَّابِعَةَ لَمْ أَغْفِرْ لَكَ فَقَالَ لَهُ دَانِيَالُ قَدْ أَبْلَغْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَلَمَّا كَانَ فِي السَّحَرِ قَامَ دَانِيَالُ فَنَاجَى رَبَّهُ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ دَاوُدَ نَبِيَّكَ أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّنِي قَدْ عَصَيْتُكَ فَغَفَرْتَ لِي وَ عَصَيْتُكَ فَغَفَرْتَ لِي وَ عَصَيْتُكَ فَغَفَرْتَ لِي وَ أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّنِي إِنْ عَصَيْتُكَ الرَّابِعَةَ لَمْ تَغْفِرْ لِي فَوَ عِزَّتِكَ لَئِنْ لَمْ تَعْصِمْنِي لَأَعْصِيَنَّكَ ثُمَّ لَأَعْصِيَنَّكَ ثُمَّ لَأَعْصِيَنَّكَ " الكافي – الكليني – ج 2 ص 435 – 436 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – حسن كالصحيح – ج 11 ص 305
فهذه الرواية واضحة بمعصية دانيال عليه السلام , والامامية قائلون بنبوته , فهل يقول الشيعة بسقوط امامة دانيال ؟ !!! , ولقد قال المجلسي ان المعصية هنا محمولة على ترك الاولى قال المجلسي : " و العصيان محمول على ترك الأولى، لأن دانيال عليه السلام كان من الأنبياء و هم معصومون من الكبائر و الصغائر عندنا كما مر " مرآة العقول – محمد باقر المجلسي - ج11 ص 305
وأقول : كيف يكون ترك الاولى , وقد تكررت المعصية مع اقتران المغفرة , وفي الرابعة توعده بعدم المغفرة ؟ !!! , فلو كان تركا للاولى فلماذا قال له ان عصيت في الرابعة لم اغفر لك ؟ !!! .
وقال علي بن ابراهيم القمي : " حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق عليه السلام قال : إن داود عليه السلام لما جعله الله عز وجل خليفة في الأرض وأنزل عليه الزبور أوحى الله عز وجل إلى الجبال والطير ان يسبحن معه وكان سببه أنه إذا صلى ببني إسرائيل يقوم وزيره بعدما يفرغ من الصلاة فيحمد الله ويسبحه ويكبره ويهلله ثم يمدح الأنبياء عليهم السلام نبيا نبيا ويذكر من فضلهم وأفعالهم وشكرهم وعبادتهم لله سبحانه وتعالى والصبر على بلائه ولا يذكر داود ، فنادى داود ربه فقال : يا رب قد أنعمت على الأنبياء بما أثنيت عليهم ولم تثن علي ، فأوحى الله عز وجل إليه هؤلاء عباد ابتليتهم فصبروا وأنا اثني عليهم بذلك فقال يا رب فابتلني حتى أصبر ، فقال يا داود تختار البلاء على العافية اني ابتليت هؤلاء وإنا لم اعلمهم وإنا أبتليك وأعلمك ان بلائي في سنة كذا وشهر كذا وفي يوم كذا ، وكان داود عليه السلام يفرغ نفسه لعبادته يوما ويقعد في محرابه يوما ويقعد لبني إسرائيل فيحكم بينهم ، فلما كان اليوم الذي وعده الله عز وجل اشتدت عبادته وخلا في محرابه وحجب الناس عن نفسه وهو في محرابه يصلي فإذا طائر قد وقع بين يديه جناحاه من زبر جد أخضر ورجلاه من ياقوت احمر ورأسه ومنقاره من لؤلؤ وزبرجد فأعجبه جدا ونسي ما كان فيه ، فقام ليأخذه فطار الطائر فوقع على حائط بين داود وبين أوريا بن حنان وكان داود قد بعث أوريا في بعث فصعد داود عليه السلام الحائط ليأخذ الطير وإذا امرأة أوريا جالسة تغتسل فلما رأت ظل داود نشرت شعرها وغطت به بدنها ، فنظر إليها داود فافتتن بها ورجع إلى محرابه ، ونسي ما كان فيه وكتب إلى صاحبه في ذلك البعث لما ان يصيروا إلى موضع كيت وكيت يوضع التابوت بينهم وبين عدوهم ، وكان التابوت في بني إسرائيل كما قال الله عز وجل " فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " وقد كان رفع بعد موسى عليه السلام إلى السماء لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي ، فلما غلبهم جالوت وسألوا النبي ان يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله بعث إليهم طالوت وأنزل عليهم التابوت وكان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل وبين أعدائهم ورجع عن التابوت إنسان كفر وقتل ولا يرجع أحد عنه إلا ويقتل . فكتب داود إلى صاحبه الذي بعثه ان ضع التابوت بينك وبين عدوك وقدم أوريا بن حنان بين يدي التابوت فقدمه وقتل ، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان وقعدا ولم يكن تزوج امرأة أوريا وكانت في عدتها وداود في محرابه يوم عبادته فدخلا عليه الملكان من سقف البيت وقعدا بين يديه ففزع داود منهما فقالا : ( لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ) ولداود حينئذ تسع وتسعون امرأة ما بين مهيرة إلى جارية ، فقال أحدهما لداود : ( ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب ) اي ظلمني وقهرني ، فقال داود كما حكى الله عز وجل : ( لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه - إلى قوله - وخر راكعا وأناب ) قال : فضحك المستعدى عليه من الملائكة وقال : وقد حكم الرجل على نفسه فقال داود : أتضحك وقد عصيت لقد هممت ان أهشم فاك ، قال : فعرجا وقال الملك المستعدى عليه لو علم داود انه أحق بهشم فيه مني . ففهم داود الامر وذكر الخطيئة فبقي أربعين يوما ساجدا يبكي ليله ونهاره ولا يقوم إلا وقت الصلاة حتى انخرق جبينه وسال الدم من عينيه فلما كان بعد أربعين يوما نودي يا داود مالك أجائع أنت فنشبعك أم ظمآن فنسقيك أم عريان فنكسوك أم خائف فنؤمنك ؟ فقال : اي رب وكيف لا أخاف وقد عملت ما عملت وأنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم ، فأوحى الله إليه تب يا داود ، فقال اي رب وانى لي بالتوبة قال : صر إلى قبر أوريا حتى ابعثه إليك واسأله ان يغفر لك ، فان غفر لك غفرت لك قال : يا رب فإن لم يفعل ؟ قال : أستوهبك منه ، قال فخرج داود عليه السلام يمشي على قدميه ويقرأ الزبور وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى حجر ولا شجر ولا جبل ولا طائر ولا سبع إلا يجاوبه حتى انتهى إلى جبل وعليه نبي عابد يقال له حزقيل ، فلما سمع دوي الجبال وصوت السباع علم أنه داود ، فقال : هذا النبي الخاطئ فقال داود : يا حزقيل تأذن لي ان اصعد إليك ؟ قال : لا فإنك مذنب . فبكى داود عليه السلام فأوحى الله عز وجل إلى حزقيل يا حزقيل لا تعير داود بخطيئته وسلني العافية ، فنزل حزقيل واخذ بيد داود وأصعده إليه ، فقال له داود : يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط ؟ قال : لا ، قال : فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عز وجل ؟ قال : لا قال : فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت ان تأخذ من شهواتها ولذاتها ؟ قال : بلى ربما عرض ذلك بقلبي قال : فما تصنع ؟ قال : ادخل هذا الشعب فاعتبر بما فيه ، قال : فدخل داود ( ع ) الشعب فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية وعظام نخرة وإذا لوح من حديد وفيه مكتوب فقرأه داود ، فإذا فيه : أنا اروى بن سلمة ملكت الف سنة وبنيت الف مدينة ، وافتضضت الف جارية وكان آخر أمري ان صار التراب فراشي والحجار وسادي والحيات والديدان جيراني فمن رآني فلا يغتر بالدنيا . ومضى داود حتى اتى قبر أوريا فناداه فلم يجبه ثم ناداه ثانية فلم يجبه ثم ناداه ثالثة فقال أوريا : مالك يا نبي الله لقد شغلتني عن سروري وقرة عيني قال يا أوريا اغفر لي وهب لي خطيئتي فأوحى الله عز وجل إليه يا داود بين له ما كان منك ، فناداه داود فاجابه فقال : يا أوريا فعلت كذا وكذا وكيت وكيت : فقال أوريا : أيفعل الأنبياء مثل هذا ؟ فناداه فلم يجبه فوقع داود على الأرض باكيا فأوحى الله إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه فكشف عنه فقال أوريا لمن هذا ؟ فقال : لمن غفر لداود خطيئته ، فقال : يا رب قد وهبت له خطيئته ، فرجع داود ( ع ) إلى بني إسرائيل وكان إذا صلى وزيره يحمد الله ويثنى على الأنبياء عليهم السلام ثم يقول : كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت وكيت ، فاغتم داود ( ع ) فأوحى الله عز وجل إليه يا داود قد وهبت لك خطيئتك وألزمت عار ذنبك ببني إسرائيل ، قال : يا رب كيف وأنت الحكم العدل الذي لا تجور ، قال : لأنه لم يعاجلوك بالنكيرة وتزوج داود ( ع ) بامرأة أوريا بعد ذلك فولد له منها سليمان ( ع ) ثم قال عز وجل : فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب " تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي - ج 2 ص 229 – 233
وهذه الرواية ايضا واضحة جدا بصدور الذنب , والخطيئة من داود عليه السلام , ثم توبته , فهل يقول الشيعة بسقوط امامة داود عليه السلام ؟ !!! .
ونقول لمن يقول ان الظالم يطلق , ويراد به من صدر منه الظلم في اي برهة من حياته , وان تاب منه , يلزمك ان الايات الواردة بعذاب الظالمين تشمل من تاب , ورجع الى الله تعالى , مثل قوله تعالى : { ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) : يونس } فهل تشمل هذه الاية الكريمة التائب ؟ !!! , وقال تعالى : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) : هود } , فهل الركون الى المسلم الذي دخل الى الاسلام , وآمن باركانه , واتبع شرائعه محرم على اعتبار انه كان من الظالمين قبل دخوله الى الاسلام , وتوبته ؟ !!! , وقوله تعالى : { وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (85) : النحل } , فهل يدخل في الاية الكريمة التائب من المعاصي ؟ !!! , وقوله تعالى : { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) : الكهف } فهل يدخل التائب من المعاصي , والذنوب في هذا الوعيد الالهي ؟ !!! لا اظن ان مسلما قد فهم الاسلام بالشكل الصحيح يقول بهذا , بل ان الله تعالى قد قال في كتابه العزيز : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) : البقرة } , فالتائب حبيب الله , وقال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) : الشورى } , وقال تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) : الفرقان } , وقال تعالى : { فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) : المائدة } , والايات في هذا الباب كثيرة جدا .
لقد اخبر الله تعالى في الاية الكريمة ان ابراهيم عليه السلام قد نال الامامة بعد الابتلاء , وهذا الابتلاء المذكور في الاية هو التكاليف الالهية بالاوامر , والنواهي كما ذكر بعض علماء الامامية , قال الميرزا محمد المشهدي : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات : كلفه بأوامر ونواه . والابتداء في الأصل التكليف بالامر الشاق ، من البلاء ، لكنه لما استلزم الاختبار بالنسبة إلى من يجهل العواقب ، ظن ترادفهما ، والضمير لإبراهيم ، وحسن لتقدمه لفظا ، وإن تأخر رتبة ، لان الشرط أحد التقدمين . والكلمات قد تطلق على المعاني ، فلذلك فسرت بالخصال الثلاثين المحمودة المذكورة ، عشرة منها في قوله : التائبون العابدون " ، وعشرة في قوله : " إن المسلمين " إلى آخر الآيتين ، وعشرة في قوله : " قد أفلح المؤمنون " ، إلى قوله : " هم الوارثون " . وروي عشرة في سورة سأل سائل إلى قوله : " والذين هم على صلواتهم يحافظون " فجعلت أربعين . وبالعشر التي هي من سنته : خمسة منها في الرأس ، وخمسة منها في البدن . فأما التي في الرأس : فأخذ الشارب ، وإعفاء اللحى ، وطم الشعر ، والسواك ، والخلال . وأما التي في البدن : فحلق الشعر من البدن ، والختان ، وتقليم الأظفار ، والغسل من الجنابة ، والطهور بالماء . فهذه الحنيفية الظاهرة التي جاء بها إبراهيم ( عليه السلام ) ، فلم تنسخ ولا تنسخ إلى يوم القيامة تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج 1 ص 329 – 330
وقال الطوسي : " والابتلاء هو الاختبار وهو مجاز هاهنا لان حقيقته الامر من الله تعالى بخصال الايمان فسمي ذلك اختبارا ، لان ما يستعمل بالامر منا في مثل ذلك على جهة الاختبار والامتحان ، فجرى تشبيها بما يستعمله أهل اللغة عليه . وقال بن الاخشاذ : إنما ذلك على أنه جل ثناؤه يعامل العبد معاملة المختبر الذي لا يعلم لأنه لو جازاهم بعمله فيهم ، كان ظالما لهم . والكلمات التي ابتلى الله إبراهيم بها فيها خلاف فيروى في بعض الروايات عن ابن عباس ، و ؟ قال قتادة ، وأبو الخلد : انه أمره إياه بعشرة سنن خمس في الرأس ، وخمس في الجسد . فاما التي في الرأس فالمضمضة والاستنشاق والفرق وقص الشارب ، والسواك . واما التي في الجسد : فالختان وحلق العانة ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبطين والاستنجاء . وفي احدى الروايتين عن ابن عباس أنه ابتلاه من شرائع الاسلام بثلاثين شيئا عشرة منها في براءة " التائبون العابدون الحامدون . إلى اخرها " وعشرة في الأحزاب : " ان المسلمين والمسلمات إلى اخرها " وعشرة في سورة المؤمنين : إلى قوله " والذين هم على صلاتهم يحافظون " وعشرة في سأل سائل إلى قوله : " والذين هم على صلاتهم يحافظون " فجعلها أربعين سهما وفي رواية ثالثة عن ابن عباس انه امره بمناسك الحج : الوقوف بعرفة والطواف والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والإفاضة . قال الحسن : ابتلاه الله بالكوكب وبالقمر وبالشمس ، وبالختان وبذبح ابنه ، وبالنار ، وبالهجرة وكلهن وفى لله فيهن . وقال مجاهد : ابتلاه الله بالآيات التي بعدها وهي " اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " وقال الجبائي : أراد بذلك كلما كلفه من طاعاته العقيلة والشرعية " التبيان - الطوسي - ج 1 - ص 445 – 446
وقال الطبرسي : " وقوله ( بكلمات ) فيه خلاف : فروي عن الصادق أنه ما ابتلاه الله به في نومه من ذبح ولده إسماعيل أبي العرب ، فأتمها إبراهيم ، وعزم عليها ، وسلم لأمر الله . فلما عزم قال الله ثوابا له لما صدق ، وعمل بما أمره الله ( إني جاعلك للناس إماما ) . ثم أنزل عليه الحنيفية ، وهي الطهارة ، وهي عشرة أشياء خمسة منها في الرأس ، وخمسة منها في البدن . فأما التي في الرأس : فأخذ الشارب ، وإعفاء اللحى ، وطم الشعر ، والسواك والخلال . وأما التي في البدن فحلق الشعر من البدن ، والختان ، وتقليم الأظفار ، والغسل من الجنابة ، والطهور بالماء ، فهذه الحنيفية الظاهرة التي جاء بها إبراهيم فلم تنسخ ، ولا تنسخ إلى يوم القيامة ، وهو قوله ( واتبع ملة إبراهيم حنيفا ) ذكره علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره " تفسير مجمع البيان - الطبرسي - ج 1 - ص 373 – 374
فالابتلاء قد حدث , وقد نال ابراهيم عليه السلام الامامة بعد الابتلاء , فهل نال الائمة الاثنى عشر عند الامامية الامامة بعد الابتلاء , ام ان امامتهم تختلف عن امامة ابراهيم عليه السلام ؟ !!! , واذا قال الامامية انهم نالوا الامامة بعد الابتلاء , فالسؤال الذي يطرح نفسه ما هي هذه الابتلاءات مع الادلة ؟ .
ونسأل الامامية عن ماهية الزيادة التي زاد بها ابراهيم عليه السلام عندما اصبح اماما بعد ان كان نبيا ؟ هل اصبح معصوما بعد ان لم يكن ؟ هل اصبح هاديا بعد ان لم يكن ؟ هل اصبح حجة بعد ان لم يكن ؟
امامة ابراهيم مصاحبة للوحي فهل امامة علي مصاحبة للوحي ام لا ؟
ونريد ان نقارن بين امامة ابراهيم عليه السلام وامامة الائمة وسوف اختار علي رضي الله عنه لهذه المقارنة , وننظر هل هناك مفاضلة بين الامامتين ام لا ؟ , وما هي اوجه التشابه بين الامامتين , ثبوتا , ودلالة ؟ .
1 – ان امامة ابراهيم عليه السلام منصوصة في القران الكريم , واما امامة علي رضي الله عنه التي يقول بها الامامية فليست كذلك .
2 – ان امامة ابراهيم عليه السلام مصحوبة بالنبوة والرسالة ( اي الوحي التشريعي ) , واما امامة علي رضي الله عنه فليست كذلك .
3 – ان امامة ابراهيم عليه السلام جاءت بعد الابتلاء والتدرج , واما امامة علي رضي الله عنهه فليست كذلك .
4 – ان امامة ابراهيم عليه السلام عامة على جميع من جاء من بعده بما فيهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , واما امامة علي رضي الله عنه فليست كذلك .
5 – لقد كان النبي صلى الله عليه واله وسلم قبل البعثة متعبدا لله تعالى بشرع ابراهيم عليه السلام , ومن المؤكد ان عليا رضي الله عنه ان كان مسلما متعبدا لله تعالى بشرع الانبياء قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فانه سيتعبد لله تعالى بشرع ابراهيم عليه السلام .
6 – لقد امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله وسلم ان يتبع ملة ابراهيم عليه السلام وان يقتدي به كما جاءت النصوص القرانية بذلك , واما بالنسبة لعلي رضي الله عنه فانه كان مقتديا برسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وليس اماما له .
7 - لقد كان ابراهيم عليه السلام حجة على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعلي رضي الله عنه قبل البعثة , ولم يكن علي رضي الله عنه حجة على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
قال الله تعالى : { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) : النحل } , وقال تعالى : { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) : الانعام } , وقال تعالى : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) : ال عمران } , وقال تعالى : { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) : البقرة } , وقال تعالى : { وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) : البقرة } , وقال تعالى : { قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95) : ال عمران } , وقال تعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) : النساء } , وقال تعالى : { وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) : الحج } .
قال جعفر مرتضى : " وقد حرصت الايات القرآنية العديدة على ربط هذه الامة بإبراهيم (عليه السلام) فلاحظ قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل) . وقال تعالى: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفا) . وقال سبحانه: (قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا) .
وقال جل وعلا: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه، وهذا النبي، والذين آمنوا) . وقال تعالى: (وقالوا: كونوا هودا أو نصارى تهتدوا. قل: بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) . ثم نجد القرآن يصرح أيضا أن النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) شخصيا كان مأمورا أيضا باتباع ملة ابراهيم (عليه السلام)، فقد قال سبحانه: (ثم أوحينا إليك: أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا، وما كان من المشركين). وقال في موضع آخر: (قل: إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم، دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين). وهذا، وإن كان ظاهره: أنه (صلى الله عليه وآله) قد أمر بذلك بعد البعثة وبعد نزول الوحي عليه، لكنه يثبت أيضا: أنه لا مانع من تعبده (ص) قبل بعثته بما ثبت له أنه من دين الحنيفية، ومن شرع إبراهيم (عليه السلام)، وليس في ذلك أية غضاضة، ولا يلزم من ذلك أن يكون نبي الله إبراهيم أفضل من نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن التفاضل إنما هو في ما هو أبعد من ذلك. هذا كله، لو لم نقتنع بالادلة الدالة على نبوته (ص) من صغره (صلى الله عليه وآله وسلم) " الصحيح من السيرة - جعفر مرتضى - ج 2 ص 198 – 199
وقال الامام البخاري : " حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ ....... " البخاري - كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ج 1 ص 7
وقال الحافظ ابن حجر : " قَوْلُهُ فَيَتَحَنَّثُ هِيَ بِمَعْنَى يَتَحَنَّفُ أَيْ يَتَّبِعُ الحنيفية وَهِيَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ وَالْفَاءُ تُبْدَلُ ثَاءً فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ يَتَحَنَّفُ بِالْفَاءِ " فتح الباري – احمد بن علي بن حجر - ج 1 ص 23
وقال الامام الرازي : " المسألة الثانية : أن الله تعالى لما وعده بأن يجعله إماماً للناس حقق الله تعالى ذلك الوعد فيه إلى قيام الساعة ، فإن أهل الأديان على شدة اختلافها ونهاية تنافيها يعظمون إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويتشرفون بالانتساب إليه إما في النسب وإما في الدين والشريعة حتى إن عبدة الأوثان كانوا معظمين لإبراهيم عليه السلام ، وقال الله تعالى في كتابه : { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا } [ النحل : 123 ] وقال : { مِنْ يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهيم إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } [ البقرة : 130 ] وقال في آخر سورة الحج : { مّلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سماكم المسلمين مِن قَبْلُ } [ الحج : 78 ] وجميع أمة محمد عليه الصلاة والسلام يقولون في آخر الصلاة وارحم محمداً وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم " تفسير الرازي – محمد بن عمر الرازي - ج 2 ص 327
ولو كان عليا رضي الله عنه اماما منصبا من الله تعالى , فلماذا قال للناس دعوني والتمسوا غيري كما جاء في نهج البلاغة , قال الشريف الرضي : " ومن كلام له (عليه السلام) لمّا أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان
دَعُوني وَالْتَمِسُوا غَيْرِي ; فإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ; لاَ تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَلاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ ، وَإِنَّ الافَاقَ قَدْ أَغَامَتْ ، وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ.
وَاعْلَمُوا أَنِّي إنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ; وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً! " نهج البلاغة - الشريف الرضي - ج 1 ص 181 – 182
لو كان امير المؤمنين علي رضي الله عنه امام منصبا من الله تعالى , فلماذا يقول لهم دعوني والتمسوا غيري ؟ ! اذا لم يكن هو الامير , والمتولي للامة في شدائدها , ومحنها فمن يكون غيره ؟ ! , ولماذا يقول عن نفسه بانه وزير لهم خير من ان يكون اميرا ؟ , واذا كان وزيرا في الامة خير من ان يكون فيها امير فلماذا قبل الامارة ؟ ! .
وفي نهج البلاغة ايضا : " ومن كلام له عليه السلام كلم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة : وَاللهِ مَا كَانَتْ لِي فِي الْخِلاَفَةِ رَغْبَةٌ، وَلاَ فِي الْوِلاَيَةِ إِرْبَةٌ ، وَلكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا، وَحَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا " نهج البلاغة - الشريف الرضي - ج 2 ص 184
فلو كانت خلافة علي رضي الله عنه بتنصيب من الله تعالى كما يقول الرافضة فلماذا يجعل توليته بدعوة الناس لا بالنص الالهي ؟ ! .
ولقد جاء في كتب الامامية ما يدل على عدم جواز اعطاء الامام للامانة الى غير مستحقها , والامامية يقولون ان الخلافة حق للائمة المنصبين من الله تعالى , قال هادي النجفي : " [ 907 ] 1 - الكليني ، عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عمر قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) قال : هم الأئمة من آل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يؤدي الإمام الأمانة إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه . الرواية صحيحة الإسناد " موسوعة أحاديث أهل البيت - هادي النجفي - ج 1 - ص 420
فاذا كانت الخلافة امانة الهية لعلي رضي الله عنه , فلماذا يعرضها على غيره ؟ ! , ثم يقول بانه وزير خير من ان يكون امير , ثم نراه يستدل على خلافته باجبار الناس عليها لا بالنص الالهي .
وللتأكيد على انه كان مجبورا على تولي الخلافة ما جاء في نهج البلاغة : " [228] ومن كلام له (عليه السلام)
في وصف بيعته بالخلافة وقد تقدم مثله بألفاظ مختلفة
وَبَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا، وَمَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا، ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ تَدَاكَّ الابِلِ الْهِيمِ عَلَى حِيَاضِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا، حَتَّى انْقَطَعَتِ النَّعْلُ، وَسَقَطَ الرِّدَاءُ، وَوُطِىءَ الضَّعِيفُ، وَبَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّايَ أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِيرُ، وَهَدَجَ إِلَيْهَا الْكَبِيرُ، وَتَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِيلُ، وَحَسَرَتْ إِلَيْهَا الْكِعَابُ " نهج البلاغة - الشريف الرضي - ج 2 ص 222
ففي هذه النصوص نجد ان الدلالة واضحة على عدم وجود اي نص يحتج به علي رضي الله عنه على خلافته , وانما كانت خلافته كخلافة من سبقه من الخلفاء رضي الله عنهم جميعا , والذي يختلف في خلافة علي رضي الله عنه هو الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الامة من فتنة قتل الخليفة الراشد المظلوم عثمان رضي الله عنه .