اعترافات شيعية حول قصورهم في الجرح والتعديل
تناقضهم في الجرح والتعديل
قال المحقق الأستاذ الإثني عشري علي أكبر الغفاري: «القدماء وإلى القرن السابع والثامن» وهو زمان السيد ابن طاووس والعلامة الحلي تمسكوا بأخبار ضعيفة السند. حتى الشيخ الطوسي في الخلاف والعلامة الحلي نفسه في المختلف تمسكوا بأخبار ضعيفة وعملوا بنصها، أي أنهم أفتوا على أساسها. إلى ما قبل القرن السابع لم يكونوا يهتمون بالراوي وكانوا يركزون على النص ويقولون ضعيف أو لا.
من هنا، تلاحظون أن الشيخ المفيد تمسك بأخبار ضعيفة باصطلاح المتأخرين. مثلاً أخذ بخبر أحمد بن هلال الذي يقول الجميع إنه ضعيف ولا يُعتمد عليه. وسبب ذلك هو تركيزهم على النص. ولكن من القرن السابع فما بعد ـ كما يذكر العلماء أنفسهم ـ لاحظوا أن النسخ التي كانت بيد القدماء والتي كانت حجة بالنسبة إليهم قد تلفت فاضطروا إلى دراسة الأسناد».
قال النجاشي في (رجاله:333 رقم 896) « محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى مولى أسد بن خزيمة، أبو جعفر، جليل في من أصحابنا، ثقة، عين، كثير الرواية، حسن التصانيف، روى عن أبى جعفر الثاني عليه السلام مكاتبة ومشافهة، وذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد انه قال: ما تفرد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه، ورأيت أصحابنا ينكرون هذا القول، ويقولون: من مثل أبى جعفر محمد بن عيسى. سكن بغداد… لكن الشيخ الطوسى قال في (الفهرست: 140 رقم 601) « محمد بن عيسى اليقطينى ضعيف، استثناه أبو جعفر محمد بن على بن بابويه عن رجال نوادر الحكمة، وقال: لا أروى ما يختص بروايته، وقيل: إنه كان يذهب مذهب الغلاة، وضعفه أيضا في رجاله: 432 رقم 10 و: 511 رقم 111. أما العلامة فقد قال في القسم الاول من (رجاله:141-142 رقم 22 ضمن ترجمته: «اختلف علماؤنا في شأنه.. والاقوى عندي قبول روايته»، إلا أنه قال في ترجمة بكر ابن محمد الازدي الواردة في (رجاله: 26 رقم 2) «قال الكشى: قال حمدويه: ذكر محمد ابن عيسى العبيدي بكر بن محمد الازدي فقال: خير، فاضل وعندي في محمد بن عيسى توقف “. وهذا تناقض ظاهر منه رحمه الله» (التحرير الطاووسي1/46 حسن صاحب).
تأصيلات شيعية تقلب الضعيف صحيحا
وقد جمع مشايخ الشيعة تأصيلات عديدة تمكنهم من تبرير تصحيح كل ضعيف. وهذا سر بقاء عملهم بالحديث الضعيف بينما يصرحون بضعفه أمام أهل السنة لذر الرماد في العيون. وهذا قاصمة ظهر في المنهج المسمى بالأصولي الذي زعم العناية بالسند والتزام الصحيح فقط.
ومن هذه التأصيلات:
الكذوب قد يصدق
قالها الغفاري دفاعا عن البطائني مع اعترافه بخبثه (الكليني والكافي ص477). هكذا يقولون. مع أن رواية الكذاب لا تقبل عندنا أبدا. بل المشهور من أقوال أهل العلم أنه لا تقبل له رواية الكذاب حتى بعد توبته من الكذب.
فكيف يقبل بعد ذلك تصحيح أو تضعيف ممن يحتمل منه تصديق خبر الكاذب؟
رواة الرافضة كذابون
نعم قد يقول الكذوب صدقا ولكنه يبقى مع ذلك كذوبا ولا يقبل خبره كما قال النبي r لأبي هريرة عن الشيطان (صدقك وهو كذوب). ونعلم أن الشياطين تأتي بكلمة الصدق الواحدة وتخلط معها مئة كذبة. ومن ثبت كذبه لا يؤخذ منه الحديث ولو صدق في بعضه. فإنه لا يؤمن عليه الكذب على رسول الله.
ولهذا كان أهل السنة هم الأصح مذهبا في ترك رواية من عرف بالكذب ولو صرح بالتوبة من الكذب.
وحكى محمد بن اسماعيل المازندراني الإجماع على قبول الحديث وإن كان ضعيفا (منتهى المقال6/374). فأي مخالفة تبقى بعد هذا الكلمة للأصوليين ضد الإخباريين؟!!
تأصيل جديد: عمل المتقدمين يصحح الضعيف
ومن أصولهم في الرواية ما قالوه من أن « عمل المتقدمين هو الجابر لضعف السند» (فقه الصادق14/15 للروحاني).
العجيب أن المتقدمين إخباريون. والأخباريون لم يكونوا تعتنون بالسند ولا ينظرون إليه. فكيف يكون مجرد عملهم به حجة؟!!!
ومن عجائبهم أيضا:
الصحيح المهجور يصير ضعيفا!!!
قال هاشم معروف الحسيني « ومع شيوع هذا الاصطلاح بين المتأخرين وبنائهم عليه (أي اصطلاح الصحيح) فالفقهاء في مجاميعهم الفقهية لا يعتمدون على الرواية ولو كانت جامعة لشرائط الصحة حسب الاصطلاح الجديد إذا كانت مهجورة عند المتقدمين… ويعملون بالرواية الضعيفة إذا لم تكن مهجورة عند القدماء» (المبادئ العامة في الفقه الجعفري ص234 نقلا عن كتاب ثوثيق السنة بين الشيعة الإمامية وبين أهل السنة ص329).
وبهذا يظهر أن قول الشيعي هذا ضعيف وذاك صحيح ما هو إلا لتشتيت حجة السني وتبديدها، وإلا فالشيعة فيما بينهم لهم أصول مطاطة مبنية على الهوى يمكن قلب الصحيح بها ضعيفا والضعيف صحيحا.
أو يقال بعبارة أخرى بأن الضابط في التصحيح والتضعيف ضميره مستتر، تقديره: عمل المتقدمين.
تأصيل آخر: الضعيف يصحح بالاشتهار!!!
قال الحلي « والرواية وإن كانت ضعيفة السند لكنها لاشتهارها بين الأصحاب قويت» (محتلف الشيعة3/253). ثم أبدى توقفه وتردده فيها.
ويقول عن الروايات الضعيفة « وإن كانت ضعيفة السند إلا أن الأصحاب تلقوها بالقبول» (منتهى المطلب1/279 للحلي تحرير الأحكام1/417 وانظر مشارق الشموس1/78).
وقد أعلن عالمهم الأوحد البهبهاني تحت باب (حجية خبر الواحد الضعيف المنجبر) بأن «الحديث الضعيف المنجبر بالشهرة حجة». واعترف بأن معظم الفقه من الأخبار الغير صحيحة. (الفوائد الحائرية تحت الفائدة رقم31).
فبمجرد أن يعمل بها المشايخ تصير ضعيفة إسما، صحيحة رسما.
يعني بمجرد العمل بهذه الروايات الضعيفة تنجبر الروايات الضعيفة (فقه الصادق23/62). وهؤلاء الأصحاب لا يشكلون ضابطا. لا بعددهم ولا بأعيانهم. فيصير الضعيف قابلا للعمل به ليس بمحدود فيحد.
تأصيل آخر: تصحيح ما سلم من المعارضة!!!
وأفاد محمد العاملي بأن الرواية وإن كانت ضعيفة السند إلا أنه يجوز العمل بها لأنها سليمة من المعارض (أنظر مدارك الأحكام34/176 لمحمد العاملي).
تأصيل آخر: تصحيح ما لم يرده الأصحاب!!!
ثم جاء المحقق البحراني فصرح بأن الرواية وإن كانت ضعيفة فإنه لا راد لها من الأصحاب» (الحدائق الناضرة17/104). لأن الرواية وإن كانت ضعيفة فإنها تنجبر بعمل الأصحاب بها. (مستند الشيعة17/334 للنراقي).
تأصيل آخر: ما رواه الفقهاء دليل على صحته!!!
ويقول لنا النراقي بأن الرواية وإن كانت ضعيفة إلا أنها تنجبر مجرد وجودها في كتب الفقهاء (مستند الشيعة19/50 للنراقي).
تأصيل آخر: تصحيح ما يناسب المذهب
ويأتي الجواهري بتأصيل آخر فيقول « والرواية وإن كانت ضعيفة إلا أنها مناسبة للمذهب» (جواهر الكلام43/71).
تأصيل آخر: تصحيح ما هو قابل للمسامحة
والرواية لا داعي لطرحها وإن كانت ضعيفة بعد صحة مضمونها وكون موردها قابلا للمسامحة (مصباح الفقيه3/84 آغا رضا الهمداني).
وما يسمونه مسامحة هو خطوات على طريق مذهب الإخباريين. وهو مخالف لمبدأ التثبت والتوثق وتغاض واضح عن علل الرواية، ولا أدري ما علاقة السماحة بالحزم المطلوب ضد من يروون الأباطيل عن أهل البيت!!!
تأصيل آخر: تصحيح ما يفتي به الأساطين والفقهاء!!!
والرواية وإن كانت ضعيفة إلا أنها تنجبر إذا أفتى بها الأساطين يعني الفقهاء ومن لا يعمل إلا بالقطعيات من الأخبار (جامع المدارك5/260).
تأصيل آخر: تصحيح الذواقين!!! ما هو موافق للذوق!!!
ويمكن وصف الحديث بأنه صحيح وإن كان السند ضعيفا. ويقصد به المتن كما صرح به الغفاري. وقال الخوئي « والرواية وإن كانت صحيحة لكن مضمونها صحيح غير قابل للإنكار وكذلك إذا كان مفهومها موافق للذوق السليم» (كتاب الصلاة8/361 وللثاني مصباح الفقاهة1/326).
تأصيل آخر للخوئي: تصحيح ما كثرت طرقه ولو كان الراوي معتقدا بتحريف القرآن
وقال الخوئي بأن « روايات تحريف القرآن حتى لو جاءت من طريق فاسد العقيدة مثل أحمد بن محمد السياري المتفق على فساد عقيدته لقوله بالتناسخ ومن علي بن أحمد الكوفي وهو كذاب. إلا أن كثرة رواياتها تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين» (البيان في تفسير القرآن ص226).
و« تعدد الروايات الضعيفة يغني عن النظر في أسانيد الروايات» (معجم رجال الحديث16/179).
بينما عندنا أهل السنة أن الضعيف ضعيف وإن تعددت طرقه إلا أن يكون خفيف الضعف كاختلاط راو أوخفة ضبط فإنه قد ينجبر بالطرق الأخرى المساوية له في خفة الضعف. أما ان يكون الضعف شديدا فلا تجبره آلاف الروايات الضعيفة الأخرى.
تأصيل آخر للخوئي: إذا شهد النجاشي بالصحة بطل الضعف!!!
هذا ما صرح به الخوئي حيث قال أثناء تضعيفه إحدى الروايات « وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة سندا، إلا أن فيه شهادة النجاشي بذلك كفاية» (أنظرمعجم رجال الحديث14/353).
ومن هذا يتضح أن الإسناد لا عبرة فيه عندهم في التصحيح والتضعيف.
التصحيح والتضعيف غير مبنيين على اسباب علمية
وكل ما قامت به الجهود من الأصوليين لتحقيق الأسانيد فلم يكن سوى ذر للرماد في العيون وخداع الناس بقيام مناهج إصلاحية في المذهب توهم ترقيع ما اتسع خرقه فيه. بعدما ضاق الناس ذرعا بالروايات الفاسدة المتضمنة لعجائب الخرافة.
فليرجع الأصوليون إخباريين
وهكذا صار من الأفضل للأصوليين أن يعودوا إخباريين بعدما كثر تناقضهم وانكشف زيف تحقيقهم للروايات فإنهم يصححون ويضعفون لا عن أصول علمية ولا قواعد حديثية.
فساد تصحيحات وتضعيفات المجلسي
صحيح أن المجلسي قام بما يزعم أنه تخريج لأحاديث الكافي للكليني في كتابه المسمى (مرآة العقول) إلا أنه لم يبين فيه طريقته ولا الأسباب التي يبني عليها التصحيح والتضعيف.
مما يؤكد أن هذا التخريج المزعوم إنما هو قائم على أساس دعم المذهب وترميمه باعتماد التقية.
بل وإن من اهم ما يلاحظ في الكتاب عدم تصريحه بوجود حديث واحد موضوع. ويستعمل في الكتاب بعض الاصطلاحات العجيبة مثل مرتبة (مجهول كالصحيح).
مثال ذلك:
1- محمد بن يحيى العطار عن احمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن الحسن بن محبوب عن داود الرقي عن جعفر الصادق: إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف».
وقد صححه المجلسي في (مرآة العقول2/293). مع ان في سنده داود الرقي. قال عنه الغضائري « كان فاسد المذهب ضعيف الرواية لا يلتفت إليه» (الموضوعات ص267).
فكيف يصححه المجلسي وفيه هذا الراوي الضعيف؟
2- عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن جابر عن أبي جعفر « في قوله تعالى ﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ قال: نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا أولوا الألباب».
قال عنه المجلسي (صحيح) (مرآة العقول2/432).
مع أن فيه جابر الجعفي: قال عنه هاشم معروف الحسيني « من المتهمين عند أكثر المؤلفين في الرجال» (الموضوعات ص234). وقال عنه النجاشي « وكان في نفسه مختلطا» (رجال النجاشي1/314). جابر الجعفي رافضي «وكان سبئيا من أصحاب عبد الله بن سبأ» (أنظر سلسلة الأحاديث الضعيفة4911 ). وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع وذلك في كتابه (الموضوعات 2/217).
3- عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال « كان في ذؤابة سيف رسول الله r صحيفة صغيرة.. هي الأحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف».
قال المجلسي « موثق» (مرآة العقول3/287).
مع أن في سند الرواية علي بن أبي حمزة البطائني وهو ملعون كذاب عند الشيعة. وهو المعروف بأنه مؤسس مذهب الواقفة الذي يرفض إمامة الرضا ومن بعده، وفيه أبو بصير وهو من المتهمين بالكذب أيضا!.
4- أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد قال دعا أبو عبد الله أبا الحسن يوما ونحن عنده فقال لنا: عليكم بهذا، فهو والله صاحبكم بعدي».
قال المجلسي « صحيح» (مرآة العقول3/337).
مع أن فيه انقطاعا بين محمد بن عبد الجبار وصفوان بن يحيى. فقد ذكر الكشي والأردبيلي بأن محمدا هذا لا يروي إلا عن ابن أبي بكير (رجال الكشي ص473 جامع الرواة للأردبيلي2/135).
المجلسي معلن بالتحريف: فتخريجه فاسد
لقد كانت هذه نماذج قليلة جدا تكشف عوار التخريج الذي قام به المجلسي. ولكن لا ننسى أن المجلسي مجاهر بوقوع التحريف في القرآن. فكيف يقبل منه حكم أصلا على الحديث؟
أليس هو مصحح رواية أن القرآن الذي نزل به جبريل سبع عشرة ألف آية، ثم قال عقبها ما نصه:
« هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره» (مرآة العقول12/525). ويعلن بصراحة أن « الأخبار مستفيضة بأنه سقط من القرآن آيات كثيرة» (بحار الأنوار35/24). ولهذا يكرر القول في كل مناسبة بأن « التأليف يخالف التنزيل» (بحار الأنوار20/57 و22/67 و89/66).
تناقض المجلسي فيما يصحح
بل تجده يصحح الرواية ثم ينقضها بحكاية عن أبيه. كما فعل عندما صحح رواية زواج أم كلثوم من عمر وأجاد في الرد على تضعيف المفيد لها، غير انه ناقض نفسه وأبطل ما صححه هو بما بما سمعه عن أبيه من حكاية استغاثة علي بن أبي طالب باليهودية من الجن كي تساعده فيما عجز عنه حتى تمثلت تلك الجنية اليهودية (سحيقة بنت جريرة) بصورة ابنته ام كلثوم.
قال الشريف المرتضى « فأما من جحد من غفلة أصحابنا وقوع هذا العقد ونقل هذا البيت وأنها ولدت أولادا ” من عمر معلوم مشهور. ولا يجوز أن يدفعه إلا جاهل أو معاند، وما الحاجة بنا إلى دفع الضرورات والمشاهدات في أمر له مخرج من الدين» (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة ص150).
يلزمهم أفضلية تفسير القمي على الكافي
وقد صحح الخوئي كل مرويات القمي وهو لم يفعل في الكافي فيلزم أن تكون مرويات تفسير القمي أصح من كتاب الكافي.
قال الخوئي « ولهذا نحكم بوثاقة جميع مشايخ علي بن إبراهيم الذين روى عنهم في تفسيره مع انتهاء السند إلى أحد المعصومين عليهم السلام فقد قال في – أي القمي – في مقدمة تفسيره: « ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم».
ثم قال الخوئي « فإن في هذا الكلام دلالة ظاهرة على أنه لا يروي في كتابه هذا إلا عن ثقة بل استفاد صاحب الوسائل في الفائدة السادسة في كتابه ذكر شهادة جمع كثير من علمائنا بصحة الكتب المذكورة وأمثالها وتواترها وثبوتها عن مؤلفيها وثبوت أحاديثها عن أهل بيت العصمة عليهم السلام أن كل من وقع في إسناد روايات تفسير علي بن إبراهيم المنتهية إلى المعصومين عليهم السلام قد شهد علي بن إبراهيم بوثاقته حيث قال وشهد علي بن إبراهيم أيضا بثبوت أحاديث تفسيره وأنها مروية عن الثقات عن الأئمة عليهم السلام».
أضاف الخوئي « أقول: إن ما استفاده – قدس سره – في محله فإن علي بن إبراهيم يريد بما ذكره إثبات صحة تفسيره وأن رواياته ثابتة وصادرة عن المعصومين عليهم السلام وإنها انتهت إليه بوساطة المشايخ والثقات من الشيعة وعلى ذلك فلا موجب لتخصيص التوثيق بمشايخه الذين يروي عنهم علي بن إبراهيم بلا واسطة كما زعمه بعضهم» (معجم رجال الخوئي1/49).
ويظهر لي بعد هذا أنه كلما كان الراوي عندهم أكثر إمعانا وغرقا في القول بالتحريف كلما كان أكثر وثاقة عندهم.
وهذا يظهر بوضوح مدى مراوغة كبير محدثي الشيعة ومغالطته، فإنه كان عليه إذ يدعي خرافة القول بتحريف القرآن قائلا بأن: « حديث تحريف القرآن حديث خرافة لا يقول به إلا من ضعف عقله» (تفسير البيان للخوئي ص 259). (تأمل قوله خرافة).
كان عليه أن يطعن في كل من يحكي التحريف رواية ودراية. لكنه ناقض نفسه (أو قل استعمل التقية) فمنح رافعي لواء القول بتحريف القول أرقى درجات الوثاقة.
تناقضات الخوئي في التصحيح والتضعيف
جبريل بن أحمد
يقوم الخوئي بتضعيف الروايات الذامة لزرارة بدعوى أن جبرئيل بن احمد لم يرد فيه لا جرح ولا تعديل.
هذه هي الروايات :
حدثني محمد بن مسعود قال « حدثني جبرئيل بن أحمد قال: حدثني محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان قال: سمعت زرارة يقول: كنت أرى جعفرا أعلم مما هو، وذاك يزعم أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل من أصحابنا مختف من غرامه، فقال أصلحك الله إن رجلا من أصحابنا كان مختفيا من غرامه، فان كان هذا الامر قريبا صبر حتى يخرج مع القائم، وإن كان فيه تأخير صالح غرامه. فقال له أبو عليه السلام: يكون إن شاء الله تعالى. فقال زرارة: يكون إلى سنة؟ فقال أبو عليه السلام: يكون إن شاء الله، فقال زرارة: فيكون إلى سنتين؟ فقال أبو: يكون إن شاء الله. فخرج زرارة فوطن نفسه على أن يكون إلى سنتين فلم يكن، فقال : ما كنت أرى جعفرا إلا أعلم مما هو».
يقول الخوئي «هذه الرواية ضعيفة بجبرئيل بن أحمد فانه لم يوثق» .
« حدثني محمد بن مسعود قال: حدثني جبرئيل بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس عن إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكر عنده بنو أعين فقال: والله ما يريد بنو أعين إلا أن يكونوا على غلب.
قال الخوئي « الرواية ضعيفة بجبرئيل بن أحمد» .
محمد بن مسعود قال: «حدثني جبرئيل بن أحمد عن العبيدي عن يونس عن هارون بن خارجة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم﴾؟ قال: هو ما استوجبه أبو حنيفة وزرارة».
يقول الخوئي « هذه كسابقتها» (معجم رجال الحديث8/243).
وفي هذه الرواية يناقض الخوئي نفسه والسبب انه يريد توثيق المعلى بن خنيس مع ان النجاشي وابن الغضائري قد ضعفاه !!
والرواية هكذا :
« حمدويه قال: محمد بن عيسى ومحمد بن مسعود. قال: « حدثنا جبرئيل ابن أحمد قال: حدثنا محمد بن عيسى عن إبراهيم بن عبدالحميد عن الوليد بن صبيح قال: قال داود بن علي لابي عبد الله عليه السلام: ما أنا قتلته – يعني معلى – قال: فمن قتله؟ قال: السيرافي – وكان صاحب شرطته – قال: أقدنا منه. قال: قد أقدتك، قال: فلما أخذ السيرافي وقدم ليقتل جعل يقول: يا معشر المسلمين يأمروني بقتل الناس فأقتلهم لهم ثم يقتلوني فقتل السيرافي» .
يقول الخوئي « هذه الرواية صحيحة» (معجم رجال الحديث19/261).
السر في التضعيف
أن الروايات السابقة جاءت ذامة لزرارة والتي يقع في إسنادها جبرئيل بن احمد ضعيفة.
أما الروايات المادحة لمعلى بن الخنيس وفيها نفس الراوي جبرئيل بن احمد فهي صحيحة.
هذا نموذج أوردته مما بدأت بالتوسع فيه لما أراه من الضرورات القصوى في توجيه ضربة لهذا المذهب فإن هذا من الواجبات المتحتمات على المشتغلين عندنا بالحديث.
تناقض آخر للخوئي
وحول القراءة على سبعة أحرف يستعرض الخوئي روايات أهل السنة في أن القرآن نزل على سبعة أحرف ويحكم بضعفها قائلا « وهي مخالفة لصحيحة زرارة « إن القرآن واحد نزل من عند واحد » (البيان في تفسير القرآن ص177).
وقد تناسى الخوئي لعن جعفر الصادق لزرارة بن أعين. بل تناسى تضعيف المجلسي لهذه الرواية. كما في مرآة العقول (12/520).
تناقضه بين توثيق الحكم بن مسكين وتضعيفه
قال الخوئي : « وذكر الصدوق طريقه إليه في المشيخة بعنوان: أبي الربيع الشامي أيضاً وهو أبوه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن الحسن بن رباط عن أبي الربيع الشامي والطريق ضعيف، فإن الحكم بن مسكين لم يرد فيه توثيق.
قال الخوئي: « وطريق الصدوق إليه أبوه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن أيوب بن أعين والطريق صحيح وإن كان فيه الحكم بن مسكين لأنه ثقة على ما يأتي.
داود بن الحصين
قال الخوئي « وطريق الصدوق إليه: أبوه ومحمد بن الحسن عن سعد بن عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن داود بن الحصين الأسدي.. وطريق الصدوق إليه ضعيف فإن الحكم بن مسكين لم يرد فيه توثيق».
عمر بن أبي زياد
قال الخوئي: « وطريق الصدوق إليه: أبوه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الاحكم بن مسكين عن عمر بن أبي زياد، والطريق صحيح.
سدير بن حكيم
قال الخوئي «وطريق الصدوق إليه: أبوه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحالحكم بن مسكين عن عمرو بن أبي نصر الأنماطي عن سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي ويكنى أبا الفضل، والطريق ضعيف، فإن فيه الحكم بن مسكين ولم يرد فيه توثيق.
عامر بن عبد الله بن جذاعة
قال الخوئي « وأصرح من جميع ذلك عبارة الصدوق في المشيخة، فإنه قال: وما كان فيه عن عامر بن جذاعة فقد رويته عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن عامر بن جذاعة الأزدي .. وكيف كان فطريق الصدوق إليه ضعيف، لأن فيه حكم بن مسكين ولم يرد فيه توثيق.
عبد المؤمن بن القاسم
قال الخوئي «وطريق الصدوق إليه: أبوه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن أبي كهمس عن عبدالمؤمن .. والطريق ضعيف بالحكم بن مسكين وبأبي كهمس».
عبد الملك بن عمرو الأحول
قال الخوئي «وطريق الصدوق إليه: أبوه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن عبدالملك بن عمرو الأحول الكوفي وهو عربي، والطريق ضعيف، فإن الحكم بن مسكين لم يرد فيه توثيق».
عبيد بن زرارة
قال الخوئي « وكيف كان، فطريق الصدوق إلى عبيد بن زرارة: أبوه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين الثقفي عن عبيد بن زرارة بن أعين .. والطريق ضعيف ، فإن الحكم بن مسكين لم يرد فيه توثيق».
علي بن بجيل
قال الخوئي « وطريق الصدوق إليه: محمد بن الحسن عن الحسن بن متيل الدقاق عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أبي عبد الله الحكم بن مسكين الثقفي عن علي بن بجيل بن عقيل الكوفي، والطريق ضعيف، فإن الحكم بن مسكين لم يرد فيه توثيق.
عمرو بن أبي المقدام
قال الخوئي « وطريق الصدوق إليه: محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام.. والطريق ضعيف لأن فيه الحكم بن مسكين، ولم يرد فيه توثيق».
يونس بن يعقوب
قال الخوئي « وكيف كان، فطريق الصدوق إليه: أبوه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن يونس بن يعقوب البجلي والطريق ضعيف فإن الحكم بن مسكين لم يرد فيه توثيق».
ولا تنس تناقضات الصدوق في من لايحضره الفقيه
فقد جعل كتابه حجة فيما بينه وبين الله وقد روى فيه عمن كفرهم في كتابه الارشاد
من الفطحية والواقفة حتى روى عن ساحر.
علم المفتي يموت بموته
ومن أعجب ما وقفت عليه عند الشيعة زعمهم أن المفتي أو العالم إذا مات امتنع الاستفادة من علمه بعد موته ولا يجوز أخذ علومه. ومتى كان العلم النافع يموت وقد توارث العلماء العلم عن الأنبياء!!!
وهم إنما يحاولون بذلك التهرب من إلزاماتنا لما عندهم من الفتاوى الضالة لمراجعهم، فكان أفضل ما ابتكروه أن المرجع إذا مات يبطل تقليده ولا يعود يؤخذ بفتاويه ولا بعلومه.
وهذا القول منهم باطل ومثير للسخرية يلوكه مراجعهم ومشايخهم دائما. فإنه يجعل العلم عندهم يموت بموت العالم. وقد رووا قول النبيr « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له» (بحار الأنوار2/22).
ولا يجوز أن يكون علم العالم بمنزلة قارورة الحليب التي يكتب عليها تاريخ انتهاء الصلاحية.
الرواية عن فاقدي شرط العدالة والفسقة مناقض للغاية من العصمة المزعومة
ويقول الحر العاملي عند تعريفه للحديث الصحيح ما نصه:
« بل يستلزم ضعف الأحاديث كلها عند التحقيق، لأن الصحيح ـ عندهم ـ « ما رواه العدل الإماميّ الضابط في جميع الطبقات» . ولم ينصوا على عدالة أحد من الرواة إلا نادراً، وإنما نصوا على التوثيق، وهو لايستلزم العدالة قطعا بل بينهما عموم من وجه كما صرح به الشهيد الثاني وغيره. ودعوى بعض المتأخرين أن «الثقة» بمعنى «العدل الضابط» ممنوعة وهو مطالب بدليلها. وكيف وهم مصرحون بخلافها حيث يوثقون من يعتقدون فسقه وكفره وفساد مذهبه» (وسائل الشيعة30/260).
ويستفاد من كلام العاملي ما يلي:
1) أن أحاديث الشيعة كلها ضعيفة.
2) أنه لم ينص المصححون للأحاديث على عدالة الراوي إنما نصوا على التوثيق
فقط.
3) أن علماء مذهبهم وثقوا أهل البدع والفساق والكفار وأصحاب المذاهب الفاسدة! مع أن أهل البدع في مذهب الإمامية كفار بالإجماع كما حكاه المفيد.
والجرح والتعديل المستحدث يلزم تخطئة جميع الطائفة حسب قول العاملي « أن الاصطلاح الجديد يستلزم تخطئة جميع الطائفة المحقّة في زمن الأئمة وفي زمن الغيبة كما ذكره المحقق في أصوله حيث قال « أفرط قوم في العمل بخبر الواحد».
إلى أن قال « واقتصر بعض عن هذا الإفراط فقالوا: كل سليم السند يعمل به. وما علم أن الكاذب قد يصدق».
ولم يتفطن أن ذلك طعن في علماء الشيعة وقدح في المذهب، إذ لا مصنّف إلا وهو يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل» (وسائل الشيعة30/259).
ولقد لخص شيخ الطائفة الطوسي أحوال رجالهم باعتراف مهم يقول فيه ما نصه:
« إن كثيرا من مصنفي أصحابنا ينتحلون المذاهب الفاسدة ومع هذا إن كتبهم معتمدة» (الفهرست للطوسي ص24-25).
ويقول الحر العاملي على ثقات الشيعة « يوثقون من يعتقدون فسقه وكفره وفساد مذهبه» (وسائل الشيعة30/260).
ويقول أيضا:
« ومثله يأتي في رواية الثقات الأجلاء كأصحاب الإجماع ونحوهم عن الضعفاء والكذابين والمجاهيل حيث يعلمون حالهم ويروون عنهم ويعملون بحديثهم ويشهدون بصحته» (وسائل الشيعة30/206).
كتبه : عبدالرحمن دمشقية