*صفاء الرووح* مشرف
عدد المساهمات : 131 تاريخ التسجيل : 29/09/2015
| موضوع: ارتكابهم للمحرمات الأربعاء 21 أكتوبر 2015, 5:51 pm | |
| ارتكابهم للمحرمات فالمعنى أن الصوفية لا إنكار عليهم , ولو رآهم أحد يزني , ويشرب الخمر, ويعمل الخبائث , ويرتكب المحرمات , لأنه من الممكن أن تتجسد روحانيته في صورة مثل صورته ويرتكب حرامًا , وهو " بمعزل من ذلك " . فوا أسفي على مؤامرة الصوفية ضد الإسلام والشريعة الإسلامية النقية الزكية النزيهة عن مثل هذه الفلسفات الشيطانية, فإنها لا تعرف شيئًا من هذه الحيل والعلل التي اخترعها الصوفية بالشريعة وأوامرها وهتك حرمتها . وإلا فما المراد من تحريم الفكر والنظر في الأدلة على المريد وتحريم موازنة أفعال وأحوال شيخه بميزان الشريعة , وإيجاب التسليم لمرشده وهاديه الذي لا يهديه إلا إلى الزيغ والضلال وإلى طريق الجحيم . فهذا جزاء لمن أراد أن يحافظ على الشريعة ولا يتركها بأمر من يريدون القضاء عليها من المتصوفة . ورواية أخرى رواها الجعلي الفضلي عن صوفي سوداني أنه كان " يرد المطلقة ثلاثًا من غير زوج ينكحها , وكان الشيخ عبد القادر ابن الشيخ إدريس ينكر عليه في ذلك , ويقول له : جميع الناس تسويهم أولاد الزنا . فيقول له :متى ما أنكر عليه : اسأل أمك. فسأل أمه طاهرة عن ذلك, فقالت : أبوك طلقني ثلاثًا , مكثت عزبة ثماني سنين , فردّني له , فحملت بك . فقال له الشيخ : يا عبد القادر , رجعنا لك " [1]. وذكر الجعلي هذا واحدًا من مشايخه ومتصوفيه محمد الحميم بن عبد الصادق أنه تزوج من تسعين امرأة , وجمع بين العشرات , كما جمع بين بنات الشيخ بان النقا , وبين بنات أبي لدودة اثنتين اثنتين , فأنكر عليه القاضي , وقال له : يا شيخ محمد , خمست , وسدست , وعشرت حتى جمعت الآن بين أختين, تخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟! فقال له : إن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لي بذلك ... فقال له القاضي : جميع هذه الأنكحة فسختها , فدعا عليه وقال له : الله يفسخ جلدك. فمرض القاضي, وانفسخ جلده ... وقال في رده أبياتًا منها :فإن كنت يا قاضي قرأت مذاهبًا فلم تدرك يا قاضي رموز مذاهبنافمذهبكم نصلح به بعض ديننا ومذهبنا يعجم عليكم إذا قلناقطعنا البحار الزاخرات وراعنا فلم يدر الفقهاء أين توجهنا حللنا بواد عندنا اسمه الفضا فضاق بنا الوادي ونحن ما ضقنا حللنا بقرب القاب روحًا من الدنا عجنا شموسًا أخجلت شمس نورنا[2] ومثل ذلك رووا عن عبد الرحمن الجامي الصوفي الخراساني الفارسي المشهور انه قدم سيف الدين أحمد ومعه جملة من المدرسين , فعمل لهم الضيافة , ثم أقام لهم الغناء والرقص , فقال بعض الحاضرين للشيخ : يا مولانا , كيف استماع الغناء والضرب بالدفوف والرقص , ما هو خلاف الشرع ؟فحول الشيخ وجهه إليه , وتكلم في أذنه خفية, فظهر منه صوت عجيب , وحصل له وجد بالسماع وضرب الدف, ولما أفاق اعتذر للشيخ [3]. وأشنع منها الحكاية التي ذكرها اليافعي أن بعض الأمراء " استأذنته امرأته ذات ليلة في الخروج من بيته فأذن لها ثم تبعها , ولم يزل يمشي بعدها إلى أن جاءت إلى موضع سماع الشيخ وفقرائه , فرأى النساء وقربها من الفقراء , فأنكر عليه بقلبه , وقال : هؤلاء الفاعلون التاركون يسمعون والنساء عندهم . ثم إنه أخذه حرقان بول , فتنحى إلى مكان ليبول فيه , فوجد فرج امرأة , فعرفه من أين أتى, ثم وقف حتى تفرق الناس وهو محزون متحير في أمره , فوقف على الشيخ وقال له :هكذا يكون الفقراء إذا جلس عندهم النساء , فاستغفر الله تعالى من ذلك الخاطر, ودعا له الشيخ فعاد إلى حالة الأول " [4] . ومن الغرائب أن الهجويري المعروف بالاعتدال يحكي عن إحدى الصوفيات فاطمة البلخية أنها ذهبت مع زوجها الصوفي المشهور أحمد بن خضرويه البلخي إلى با يزيد, فلما أقبلت على با يزيد ورفعت البرقعة عن وجهها وكانت تتحدث معه بجرأة, فتعجب أحمد من ذلك , واستولت الغيرة على قلبه , فقال : يا فاطمة , أيّ جرأة تلك التي كانت لك مع با يزيد؟فقالت: لأنك أنت محرم طبيعتي , وهو محرم طريقتي [5]. هذا , والوقائع مثل هذه أكثر من أن تعد وتحصى , وأن يسعها باب أو كتاب , إن دلت على شيء دلت على أنه لا استنكار ولا نكير على الصوفية فيما يأمرون ويفعلون , ويقولون ويعلمون , لأن لهم علاقة رابطة واتصالا مع الله بطريق الكشف والإلهام غير مسطور في القرآن ولا مذكور في السنة , فهم يعملون حسب ما يلهمون , ويقولون حسب ما يكشف لهم مثل ما ينقل عبد القادر أحمد عطا عن الشعراني أن " الأولياء لهم علوم يتداولونها فيما بينهم لم يسطر في الكتاب , ولم يطرق سمع أحد علم منها, وهي كثيرة " [6] . وبمثل ذلك قال الأستاذ مصطفى عبد الرزاق المتعاطف على التصوف والمتصوفة :" وأهل التصوف يؤثرون العلوم الإلهامية دون التعليمية , ويعدونها المعرفة الحقيقية والمشاهدة اليقينية التي يستحيل معها إمكان الخطأ . ولذلك لم يحرصوا على دراسة العلم وتحصيل ما صنفه المصنفون , والبحث عن الأقاويل والأدلة , بل قالوا : إن الطريق إلى تحصيل تلك الدرجة بتقديم المجاهدة , ومحو الصفات المذمومة, وقطع العلائق كلها , والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى. فطريق الصوفية يرجع إلى تطهيرٍ محضٍ وجلاء ومحاسبة للنفس , ثم استعداد وانتظار للتجلي " [7]. وعلى ذلك قال الشعراني :" لا ينبغي لأحد أن يبادر إلى الإنكار على من أمره شيخه بحلق اللحية - بعد ما ذكر حكاية غريبة عن الشيخ عبد الغفار القوصي - أن بعض الأولياء كان جالسا يعظ الناس , فنزل من الكرسي وضرب شخصًا على رأسه من السامعين , ثم رجع إلى الكرسي فقال فقيه : هذا حرام عليك , أيش عمل هذا حتى تضربه ؟ فقال المضروب : أنا أستحق ذلك , لأني اغتبت في نفسي وليًا من الأولياء المدفونين فضربني تعزيرًا , فخجل ذلك الفقيه من الشيخ , ثم إنه نزل وضرب شخصًا آخر, فسألوه عن ذلك. فقال : إنه خطر في نفسه أنه أفضل من العلماء الحاضرين. وقال له : كيف تفضل نفسك ؟ أما علمت أن ذلك ذنب إبليس الذي أخرج به من الجنة؟ فقال الشخص : أستغفر الله نعالى! وتاب من ذلك " [8] . ومثل ذلك قال في أخلاقه بعد ما ذكر عن المتبولي أنه قال :" علمت من كان في ظهر آدم من السعداء حال كونهم ذرات , فلا يزيدون على ما علمت ولا شخصًا واحدا , وكذلك أطلعني الله تعالى على جميع ما يفعله كل عبد حين أرى أنفه فأعرف ما وقع فيه في الماضي , وما يقع فيه في المستقبل من خير وشر- ثم قال - :وقلت : وينبغي التسليم لكل من ادعى أن الله أطلعه على ذلك , لأنه ادعى ممكنًا " [9]. وابن عجيبة الحسني لم ير أن يتأخر عن الجماعة ترويجًا لهذا الباطل , فقال بعد ما نقل عن أبي بكر الشبلي أنه كان له تلميذ, فكساه رجل يومًا جبة , وكان على رأس الشبلي قلنسوة , فخطر على قلب التلميذ محبة القلنسوة ليجمعها مع الجبة , فكاشفه الشيخ فأزال له الجبة وجمعها مع القلنسوة , ورمى بهما في النار , وقال له : لا تبق في قلبك التفاتًا لغير الله - قال بعد ذكر هذه الحكاية – : وأنكر عليه بعض أهل الظاهر المتجمدون على ظاهر الشريعة جهلا بالمقصود , لأن أعمال الصوفية مبينة على العبادة القلبية [10] .فهكذا خالف القوم الشريعة, ونقضوها وعطّلوها, وهدموا قواعدها بدعوى الكشف والإلهام , فادعى بعض منهم بعدم التفريق بين النبي والولي من حيث الوحي والإلهام , وزاد بعضهم في غلوائه , فرجحوا الولاية على النبوة , وزعموا بعدم ختم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإتيان النبي[11]. وارتقى البعض الآخر إلى أن وصل إلى مرتبة الألوهية والربوبية , فقالوا في ذلك ما قالوا [12] .[1] كتاب (( الطبقات في خصوص الأولياء والصالحين)) للجعلي الفضلي ص103 ط المكتبة الثقافية بيروت لبنان.[2] أيضا ص 150-151.[3] ((جامع كرامات الأولياء )) للنبهاني ج2 ص61.[4] (( نشر المحاسن الغالية )) في فضل مشايخ الصوفية لعبد الله اليافعي ص87 بهامش (( جامع كرامات الأولياء)) ط دار صادر بيروت.[5] ((كشف المحجوب )) للهجويري ترجمة عربية للدكتورة إسعاد عبد الهادي قنديل ص 332 ط بيروت , أيضًا ((تذكرة الأولياء ))لفريد الدين العطار ص 169 ط باكستان , أيضًا النور ص170.[6] انظر مقدمة كتاب (( الطبقات الصغرى)) لعبد الوهاب الشعراني عبد القادر أحمد عطا ص 10 الطبعة الأولى القاهرة 1970.[7] (( التصوف )) مقال مصطفى عبد الرزاق عن التصوف ص69 بيروت 1984م .[8] انظر (( الأخلاق المتبولية )) للشعراني ج1 ص411- 412.[9] (( الأخلاق المتبولية )) للشعراني ج1 ص124 ط القاهرة.[10] (( ايقاظ الهمم )) لابن عجيبة ط مصطفى البابي الحلبي الطبعة الثالثة 1402هـ .[11] انظر كتابنا (( التصوف: المنشأ والمصادر )) الباب الثالث منه .[12] انظر لذلك كتابنا (( أولياء أم آلهة )) الباب الأول . | |
|