[ltr]محمد الباقر (رض) / البحار للمجلسي ، الجزء 46[/ltr]
هل لديه وصية ؟ يروي الإثناعشرية عدة روايات حول ذلك ( البحار 46/229 ) ، أسانيدها ضعيفة ، بعضها تحكي عن إعطاء الأب (زين العابدين) لإبنه محمد الباقر صندوقاً مملوءاً بالعلم والكتب ، وأحدها فيه شتيمة لأولاد الإمام الحسن ! وأن الإمام السابق هو الذي يختار خليفته ، وليس الله ورسوله ! والغريب إن أولاد السجاد جميعهم سمعوا بالوصية! فكيف نصّب زيد نفسه إماماً دون أخيه محمد إذاً – كما سنرى ؟! ( راجع البحار 46/229 ) .
كتاب كفاية الأثر :- أكثر الروايات الصريحة الواضحة في النص والوصية بالإمامة والخلافة نقلها الإثناعشرية من كتاب ( كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثناعشر ) للخزاز القمي . وهو كتاب يثير الريبة والشكوك للأسباب التالية :- يقولون أن الخزاز القمي من علماء الإثناعشرية في القرن الرابع ، ولا أحد يعرف متى توفي بالتحديد ! ويقولون أنه من تلاميذ إبن بابويه القمي الملقب بالصدوق ، ولكنه يروي عن التلعكبري بالواسطة الواحدة ، وهذا غريب ! والنجاشي ( أعظم علماء الإثناعشرية في علم الرجال، من القرن الخامس الهجري ) يذكره ،ولكن لا يذكر أن له كتاباً بهذا الإسم !وإشتبهوا بينه وبين (مقتضب الأثر لإبن عياش ) و(مشكاة الأنوار ) ! ونسبوا إليه كتباً أخرى إتضح فيما بعد أنها كُتبت بعد موته بزمان بعيد ! وإشتبه حاله على علماء الرجال ، حتى إنهم إختلفوا في إسمه ! وقيل عن المجلسي أنه نسبَ هذا الكتاب إلى المفيد ، وغيره نسبه إلى الصدوق ، وهو إشتباه قطعاً ! ( راجع مقدمة الكتاب وترجمة المؤلف ص6 إلى ص12 ) .
ملامح العقيدة الإثناعشرية :- (راجع/ البحار 46/212 وما بعدها ) لم يُعلن الباقر أمام الناس أنه الخليفة الحقيقي للمسلمين وبوصية من الله ورسوله. فقد سئل الباقر يوماً :- أنت الإمام ؟ قال :- لا . قيل :- فإن قوماً بالكوفة يزعمون أنك إمام . قال :- ما أصنع ؟ قال :- تكتب إليهم تُخبرهم . قال :- لا يُطيعوني ( البحار 46/356 ) .
وكل ما رُوي عن الوصية الإلهية بالخلافة إنما هي روايات سرية، رواها رجال معدودون ليسوا فوق الشبهات، إدعوا أن الإمام أسرّ لهم بذلك، وأمرهم بالكتمان، لأنهم في فترة تقية. وهذا الأسلوب سيتكرر مع كل إمام، كما سنرى. فالأئمة، في نظر الإثناعشرية، لم يُعلنوا، جهاراً عياناً، أحقيتهم بالخلافة بسبب إضطهاد الدولة وتسلطها، وإنما تفوّهوا بها للمخلصين فقط من شيعتهم (حسب كلام الإثناعشرية)، وبشكل سري قدر الإمكان !! فالأئمة (ع) - حسب السيناريو الإثناعشري - لهم وجهان : وجه علني سني ، ووجه سري شيعي !! ولا أظن أن هذا يليق برجال عظام مثل الأئمة (ع) .
التشابه بين فقه أهل البيت العلني وفقه أهل السنة والجماعة:- يعترف الإثناعشرية بوجود تشابه بين الفقه (العلني) لأهل البيت وفقه أهل السنة ، فيقولون :- ولم تتبلور مسائل الخلاف والمقارنة في الفقه (بين الشيعة والسنة) في المدينة المنورة في أيام الباقر والصادق (ع) ، بل ظهرت بعد ذلك في الكوفة على يد رجال - يقول الإثناعشرية - أنهم تلامذة جعفر الصادق ( راجع تاريخ فقه أهل البيت لمحمد مهدي آصفي، ضمن مقدمة كتاب/ رياض المسائل 1/ 14، كذلك تجدها في مقدمة كتاب/ شرح اللمعة 1/ 30 ) .إذن، لماذا نرى عند الشيعة اليوم فقهاً يختلف كثيراً عن فقه السنة ، حتى في الاذان والصلاة والصوم؟
السبب كما يقول الإثناعشرية أن أهل البيت كانوا يجارون (يُجاملون) الفقه الرسمي الذي تتبناه السلطة (الأموية والعباسية) ،، فإذا خلوا إلى أصحابهم (الشيعة) بيّنوا لهم وجه الحق فيما يختلف فيه الناس ، وأمروهم بالكتمان والسر . وهذا ما يُعرف عند الإثناعشرية بالتقية ( نفس المصدرين السابقين 1/ 24 ، 1/ 41 ) .
تعليق:- هذا مرفوض طبعاً! فلا يوجد عالم محترم له وجهان ، وله فقهان : فقه علني وفقه سري! رجل كهذا سيفقد مصداقيته لدى الناس ، فكيف يكون قدوة لهم ؟!
والملاحظ من الرواية السابقة أن مهد الإثناعشرية هو الكوفة ، وأن الباقر قد يئس من إصلاحهم . ويبدو أن هناك نفوذ فارسي ملحوظ في تلك المدينة منذ تأسيسها! حيث يقول آصفي : إن أربعة آلاف من رعايا الفرس وفدوا إلى الكوفة ( نفس المصادر 1/ 16 ، 1/ 31).
رأيه في الصحابة :- قال محمد الباقر : أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسن ما يكون من القول (تاريخ مدينة دمشق لإبن عساكر (سني) 54/ 284 ، سير أعلام النبلاء للذهبي (سني) 4/ 406 ) .
معجزات محمد الباقر ؟ :- قد تكون للإمام بعض الكرامات والمعجزات، ولا إعتراض على ذلك. لكن الإثناعشرية يُغلون في ذلك ويُبالغون، إلى درجة تجعل الإمام عالماً بكل ما يجري على الأرض، وقادراً على التحكم بالكون، وبإستطاعته أن يقضي على أعدائه بلمح البصر ( راجع/ مدينة المعاجز للبحراني، وعيون المعجزات لحسين بن عبد الوهاب، والبحار 46/233 باب معجزات الباقر ) .
لكن هذا يتناقض مع ما يقوله الإثناعشرية بأن الإمام عاش في ظروف التقية والخوف والإضطهاد من الخلفاء !! وسنلاحظ أن ذلك يتكررمع كل إمام ، فالإثناعشرية يرفعونهم إلى درجة عظمى من القوة والإقتدار تجعلنا نستغرب لماذا لم يستولوا على الحكم ، ما داموا بهذه القوة ؟!
علاقته بخلفاء زمانه :- تارة يقولون أن هشام بن عبد الملك الأموي إستدعاه إلى دمشق، ولم يؤذه ( البحار 46/262 ) وتارة يقولون أن هشاماً حبسه، ثم أطلقه وأرسله إلى المدينة، وأمر الناس ألا يعطوه طعاماً ولا شراباً أثناء السفر! ولكنه (ع) نجى بمعجزة ! ( البحار 46/264) . وتارة يقولون أنه إستدعاه هو وإبنه جعفر الصادق ( البحار 46/306 ) . وتارة يقولون أنه إستدعاه، وأبقاه معه لفترة، وكان يقعد (ع) مع الناس في مجالسهم ( البحار 46/313 ) . وتارة يقولون أنه إستدعاه ليسأله عن شيء، فقال (ع) :- يسألني أمير المؤمنين عما أحب، فإن علمتُ أجبتُه، وإن لم أعلم قلتُ لا أدري ( البحار 46/315 ) . ولما ولي عمر بن عبد العزيز أعطاه عطايا عظيمة ( البحار 46/320 ) . وقالوا إنه ردّ فدك إلى الباقر ( البحار 46/327 ) وقيل لم يرد فدك، ولكنه زاد من غلتها، ثم قسّم المال في ولد فاطمة (ع) ( البحار 46/335 ) . ورغم هذا كله، فإن الإثناعشرية يكرهون عمر بن عبد العزيز ! ويقولون إن أهل السماء يلعنونه!! ( البحار 46/327 ) .
حول فدك :- جاء في البخاري و مسلم و غيرهما من أنه بعد وفاة النبي (ص) جاءت فاطمة (رض) لأبي بكر (رض) تطلب منه إرثها من النبي (ص) في فدك وسهم النبي (ص) من خيبر وغيرهما. فقال أبو بكر : إني سمعت رسول الله (ص) يقول: ( إنّا لا نورّث ، ما تركناه صدقة ) .
لقد صح حديث ( إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ) عند الفريقين السنة والشيعة !! فقد بحثتُ عن هذا الحديث في مكتبة أهل البيت ، فوجدتُ أن معظم مراجع الإثناعشرية وأحبارهم يذكرون هذا الحديث ويستشهدون به !!! ( راجع: محسن الحكيم / نهج الفقاهة ص299 ، الخوانساري / جامع المدارك 3/ 98 ، الخميني/ الإجتهاد والتقليد ص33 ، الخوئي /مصباح الفقاهة 3/ 288 ، الكلبايكاني/ الهداية- الأول ص32 ، منتظري/ دراسات في ولاية الفقيه 1/ 467 ، الصفار/ بصائر الدرجات ص23 ، الصدوق/ الأمالي ص116 ، النائيني/ الحاشية على أصول الكافي ص97 ، الحر العاملي/ وسائل الشيعة 27/ 78 ، الأحسائي/ عوالي اللئالي 1/ 358 ، الشهيد الثاني/ منية المريد ص107 ، المجلسي/ بحار الأنوار 1/ 164 ، البروجردي/ جامع أحاديث الشيعة 1/ 93 ، الكوراني العاملي/ ألف سؤال 2/ 55 ، البهبهاني/ مصباح الهداية ص119 ، الطريحي/ مجمع البحرين 4/ 487 ، محمد مهدي الصدر/ أخلاق أهل البيت ص336 ، التبريزي الأنصاري/ اللمعة البيضاء ص649 ، الشريف المرتضى/ الناصريات ص32 ، القطب الراوندي/ الدعوات ص 63 ، العلامة الحلي/ تحرير الأحكام 1/ 35 ) .
وأعجب من هذا كله حقيقة تخفى على الكثيرين وهي أنّ المرأة لا ترث في مذهب الإثناعشرية من العقار و الأرض شيئاً (راجع/ الكافي للكليني 7/ 127 ، باب إن النساء لا يرثن من العقار شيئاً ، وفيه 11 رواية عن أهل البيت ، وكذلك/ الإستبصار للطوسي 4/ 152 ، باب إن المرأة لا ترث من العقار والدور والأرضين شيئاً من تربة الأرض ولها نصيبها من قيمة الطوب والخشب والبنيان ، وفيه 13 رواية عن أهل البيت ) فكيف يستجيزون وراثة فاطمة (ع) لفدك وهم لا يُورّثون المرأة العقار ولا الأرض في مذهبهم؟!!
و لم أجد يوماً أن أرض فدك كانت مُلكاً صرفاً لأهل البيت يتوارثونها ويتصرفون بها كما يشاؤون! فمنذ أن فتحها النبي (ص) كان لأهل البيتحق الإشراف والرعاية (فقط) على هذه الأرض، يأخذون منها ما يكفيهم ويردّون الباقي إلى بيت المال. وإستمر هذا الأمر في زمن النبي (ص) والخلفاء الراشدين (بضمنهم علي) والعهد الأموي والعباسي. ولكن عندما تسوء العلاقات (بسبب الثورات) يقوم الخليفة الأموي والعباسي بنزع حق الإشراف على فدك من أهل البيت، ثم يُعيدونها إليهم عندما تتحسن الظروف (كما فعل عمر بن عبد العزيز)، وهكذا . أما ما هو حق أهل البيت في فدك فعلاً؟ فأظن أن الجواب عند علي (ع) عندما أصبح خليفة : حق الإشراف فقط . والله أعلم .
علاقة الباقر بأحفاد الإمام الحسن :- سيئة! فقد كان عبد الله بن الحسن المثنى يقول :- بماذا فضّلني محمد (الباقر) ؟! ( البحار 46/261 ) . وكان زيد بن الحسن يخاصم الباقر (ع) في ميراث رسول الله (ص) ( سلاحه وخاتمه وعصاه )، ويقول : أنا من ولد الحسن، وأولى بذلك منك، لأني من ولد الأكبر، فقاسِمْني ميراث رسول الله (ص) وادفعْه إليّ. فرفض الباقر، فخاصمه زيد بن الحسن، ووشى به لدى الخليفة الأموي ليقتله، لكنه لم يفلح. فدس زيد السم للباقر فقتله !! ( البحار 46/331 ) .
لماذا ساءت العلاقة بين أولاد الحسن وأولاد الحسين ؟ أظن أنها السياسة! فعندما ضعفت الدولة الأموية وظهرت الدعوة الهاشمية في خراسان، حصل (تنافس) بين الفروع الثلاثة لأهل البيت : أولاد الحسن وأولاد الحسين وأولاد العباس، وسنرى ذلك بوضوح مع جعفر الصادق (ع) .
هل عاش الباقر فقيراً مقهوراً ؟ كان يُعطي أصحابه النفقة والصلة والكسوة، تصل أحياناً إلى الألف درهم ( البحار 46/288 ). وكان يدخل عليه إخوانه، فلا يخرجون من عنده حتى يُطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم الثياب الحسنة ويهب لهم الدراهم ( البحار 46/290 ) . ورغم هذا، فكان أقل أهل بيته مالاً( البحار 46/294 ) فلكم أن تتخيلوا رفاهية العلويين آنذاك. وصلى يوماً على جنازة، وعليه جبة خز صفراء، ومطرف (رداء) خز أصفر ( البحار 46/293 ). وتصدّق ذات يوم بثمانية آلاف دينار، وأعتق أحد عشر مملوكاً( البحار 46/302 ). وكان يحب زوجاته، ويختضب (يصبغ شعره) لأجلهن، وعندما إسترخت أسنانه، شدّها بالذهب ( البحار 46/298 ) . وكان يناقش العلماء ويُفتي الناس بكل حرية ولم تتدخل الدولة في ذلك أبداً ( البحار 46/347 وما بعدها ). ومات (ع) وهو يملك ستين مملوكاً ( البحار 46/286 ) .
هل كان معصوماً ؟ يقول الإثناعشرية أن الأئمة الإثناعشر معصومون من الذنوب، كبيرها وصغيرها، ومن الخطأ والنسيان والسهو (عقائد الإمامية للمظفر (إثناعشري) ص 67 ) ! لكن الباقر لم يقل هذا قط، بل طلب من الناس ألا يطيعوه طاعة عمياء وأن يسألوه عن دليل كلامه من القرآن ، فقال :- إذا حدثتُكم بشيء فسئلوني عنه من كتاب الله ( المحاسن للبرقي 1/269 ، الكافي للكليني 1/60 ، البحار 89/91 ). وقال جعفر الصادق أن أباه الباقر (ع) كان يقول في جوف الليل وهو يتضرع إلى الله :- أمرتني فلم أئتمر، ونهيتني فلم أنزجر، فها أنا ذا عبدك بين يديك ولا أعتذر. وبكى (ع) يوماً، ثم قال :- لعل الله تعالى ينظر إليّ برحمة ، فأفوز بها عنده غداً( البحار 46/290 ). وقال: اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم ( البحار 46/301 ) . وسئل: كيف أصبحتَ؟ فقال :- أصبحنا غرقى في النعمة ، موفورين بالذنوب ، يتحبب إلينا إلهنا بالنعم ، ونتمقت إليه بالمعاصي ، ونحن نفتقر إليه ، وهو غني عنا (البحار 46/304 ) . ولبس (ع) يوماً ملحفة حمراء شديدة الحمرة ، وقال إن زوجته أكرهته على لبسها، وهو يحبها، فلم يعصٍ أمرها ! ثم طلقها لأنها إنتقصت من علي (ع) ! ( البحار 46/293 ) .
علاقته بعلماء السنة :- جيدة جداً . فحسب كلام الإثناعشرية قد أخذ عنه الأوزاعي وأبو حنيفة ومالك والشافعي ، والطبري والبلاذري والزمخشري( البحار 46/295 ) . وكان (ع) يحدث عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، لكن الإثناعشرية يقولون إن ذلك من التقية!! ( البحار 46/296 ) .
كثرة الكذابين حوله :- عاش الباقر في فترة ضعف الدولة الأموية وبروز الدعوة الهاشمية من خراسان، مما أعطى فرصة للتحزب والتمذهب، وإلتفاف كل جماعة حول إمامها. وهذا له جانب سلبي ، حيث سمح للكذابين والمزوّرين أن يجتمعوا حول العلماء ، ويقولون ما يشاؤون على لسانهم زوراً وبهتاناً ، إذ لا توجد حكومة مركزية تحاسبهم . وقد حدث هذا مع أئمة أهل البيت (ع) ، ولكنه إزداد في عهد محمد الباقر وإبنه جعفر الصادق ، لضعف الدولة آنذاك . وقد أشار الإمام إلى ذلك ، فذكر عبد الله بن سبأ الذي كان يكذب على علي بن أبي طالب ، وذكر المختار الثقفي الذي كان يكذب على الحسين ، وذكر غيرهم ، ثم قال :- لعنهم الله ( رجال الكشي (إثناعشري) ص 257 ، معجم رجال الحديث للخوئي (إثناعشري) 4/ 205 ) . فظهر في زمانه العديد من الغلاة الذين إدعوا أنهم من أصحاب الإمام ، وبدأوا يلفقون الأحاديث التي فيها غلو فاحش في حب أهل البيت ، وينسبونها للإمام . ثم ينشرونها بين الناس ، وخاصة في الكوفة ، إلى درجة جعلت الباقر ييأس من إصلاحهم ، كما رأينا . فقد سئل الباقر يوماً :- أنت الإمام ؟ قال :- لا . قيل :- فإن قوماً بالكوفة يزعمون أنك إمام . قال :- ما أصنع ؟ قال :- تكتب إليهم تُخبرهم . قال :- لا يُطيعوني ( البحار 46/356 ) .
أما موقف الإثناعشرية من هؤلاء الرواة فيعتمد على مذهب الراوي ! فإذا إستمر على مذهب الإثناعشرية ، فهم ممدوح عندهم ، مثل جابر بن يزيد الجعفي وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية . وإذا تحوّل إلى الزيدية ، مثل أبي الجارود ، أو بايع محمد النفس الزكية من أولاد الحسن ، مثل المغيرة بن سعيد ( البحار 46/250 ) فإنهم يرفضونه ويشتمونه ويتهموه بالكذب والفجور !
من أسباب إنهيار الخلافة الأموية :- هل كانت حيلة خبيثة من أحد الشعراء ؟!! يروي المسعودي :- قال عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب للكميت الشاعر: فإني رأيتُ أن تقولَ شيئاً تغضب به (تزرع فتنة) بين الناس، لعلّ فتنةً تحدث فيخرج من بين أصابعها بعض ما نُحب.. فابتدأ الكميت، وقال قصيدته التي يذكر فيها مناقب قومه من مضر بن نزار ، ويكثر فيها من تفضيلهم، وأنهم أفضل من قَحْطَان، فزرع بها فتنة بين اليمانية والنزارية .. وقد رد الشاعر دِعِبل الخُزَاعِي على الكميت ، وذكر مناقب اليمن وفضائلها من ملوكها وغيرها، وصَرَّح وعَرَّض بغيرهم، كما فعل الكميت،
ونمى قول الكميت في النزارية واليمإنية، وافتخرت نزار على اليمن، وافتخرت اليمن على نزار، وأدلى كل فريق بما له من المناقب، وتحزبت الناس، وثارت العصبية في البدو والحضر!! فنتج بذلك أمر مَرْوَان (أخر خلفاء الأمويين) ، وتعصبه لقومه من نزار على اليمن، وانحراف اليمن عنه إلى الدعوة العباسية، ووصل الأمر إلى انتقال الدولة عن بني أمية .. (راجع/ مروج الذهب للمسعودي (شيعي لا إثناعشري) ص448 ، من الإنترنيت ) .