وهذا ومن تطرفات الصوفية وغلوهم في التعبد والتحنث ما نقلوه عن الجنيد أنه " كان يدخل كل يوم حانوته ويسبل الستر ويصلي أربعمائة ركعة ثم يعود " [1] .
وحكوا عن الآخر أنه كان يصلي كل يوم ألف ركعة [2] .
ونسب الشعراني إلى أويس القرني أنه قد فرض على نفسه كل يوم ألف ركعة [3] .
وحكى العطار عن أبي يزيد البسطامي أنه كان يصلي أربع ركعات للعشاء , وكان إذا فرغ قال : إن هذه الصلاة غير مقبولة عند الله , وكان يعيدها , ثم إذا فرغ يعيدها , وهكذا يفعل حتى ينقضي الليل كله [4] .
فهل يا ترى ألا يعد ذلك تجاوزا عما أمر الله به في كتابه وثبت عن رسول الله في سنته , أليس هذا هو معنى التقدم بين يدي الله ورسوله المنهي عنه في كتاب الله العظيم : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [5] .
وأليست هذه الفروض والواجبات التي فرضوها وأوجبوها على أنفسهم حسب ما ينقل القوم – والعهدة على من نقل , والكلام على ما نقل – مضاهاة للشارع والشرع أفلا يندرج كل هذا تحت وعيد الله عز وجل : ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [6] .
أو تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ّ ) [7] .
[1] الرسالة القشيرية ج1 ص 119 , مكاشفة القلوب للغزالي ص 30 , غيث المواهب العلية للنفزي الرندي ج1 ص 283 .
[2] تنبيه المغترين للشعراني ص 114 ط .
[3] الطبقات الكبرى لعبد الوهاب الشعراني ج 1 ص 27 .
[4] تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار ص 94 .
[5] سورة الحجرات الآية 1 .
[6] سورة الشورى الآية 21 .
[7] متفق عليه .