يقسم الشيعة صفات الله تعالى إلى قسمين،الصفات السلبية وهي صفات الجلال، والصفات الثبوتية وهي صفات الجمال والكمال (انظر أقسام الصفات عند الشيعة:كتاب علم العقائد،الباب الحادي عشر: العلامة الحلي ص 45، تصحيح اعتقادات الإمامية: الصدوق للشيخ المفيد ص41. حقّ اليقين:1/41. عقائد الإمامية:محمد رضا المظفر ص33-34، دراسات في العقيدة الإسلامية:محمد جعفر شمس الدين ص165-167، الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة:هاشم معروف الحسني ص 153، موجز عقائد الإمامية:الشيخ محسن آل عصفور ص4-5. العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت:الشيخ جعفر السبحاني، صفاتُ الله السلبيّةُ ص 80-81، العقائد الحقّة:السيد على الحسيني الصدر ص 65).
[rtl]أولا:الصفات السلبية(صفات الجلال): وهي التي يجب سلبها عن الذات، باعتبار أن اتصاف الذات بها يلزم منه محال من المحالات، لأنها تتنافى مع وجوب الوجود. وهي صفات عدميّة، ووصفها بالجلاليّة لأن الذات الإلهيّة المقدسة تجلّ عن الاتصاف بها.(موجز عقائد الإمامية:الشيخ محسن آل عصفور ص 6). أو هي: الصفات التي يجلّ الله تعالى عن الوصف بها، لأنها تدلّ على نقص الموصوف بها وعجزه، والله تعالى غنيٌ غِنىً مطلقاً، ومنزّه عن كلِّ نقص وعيب.(العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة آل البيت: الشيخ جعفر السبحاني ص 65).[/rtl]
وتعود الصفات السلبية إلى صفة ثبوتية هي:أن اللّه بسيط مجرد. وتتفرع عن هذه الصفة السلبية:أنه تعالى ليس بمرئي، وليس بمتحيز، وليس بمتحد، ولا حالّ في غيره، وأنه ليس بمركَّب. ووجه وجوب سلب هذه الصفات عنه سبحانه أنَّه لو اتصف بها لكان جسماً، فإنَّ جميع هذه الأمور من لوازم إثبات الجسمية له سبحانه.(عقائد الإمامية: محمد رضا المظفر ص 34).
ويعبِّرُ الشيعة عن الصفات السلبية بقولهم:"فليس هو بجسم، ولا صورة، وليس جوهراً ولا عرضاً، وليس له ثقل أو خفة، ولا حركة أو سكون، ولا مكان ولا زمان، ولا يشار إليه. كما لا ندَّ له، ولا شبه، ولا ضدّ، ولا صاحبة له ولا ولد، ولا شريك، ولم يكن له كفواً أحد، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار". (الاعتقادات: محمد بن علي بن بابويه القمي، ص22. عقائد الإمامية: محمد رضا المظفر ص 23).
قال شيخهم محمد الحسيني الشهير بالقزويني قال في وصف الله سبحانه:"لا جزء له، وما لا جزء له لا تركيب فيه، وما ليس بمركب ليس بجوهر، ولا عرض، وما ليس بجوهر ليس بعقل، ولا نفس، ولا مادة، ولا صورة، ولا جسم، وما ليس بجسم ليس في مكان، ولا في زمان، ولا في جهة، ولا في وقت، وما ليس في جهة، لا كم له، ولا كيف ولا رتبة، وما لا كم له، ولا كيف له، ولا جهة لا وضع له، وما ليس له وضع ولا في وقت، ولا في مكان، لا إضافة له ولا نسبة، وما لا نسبة له لا فعل فيه ولا انفعال، وما ليس بجسم ولا لون ولا في مكان، ولا جهة لا يرى، ولا يدرك.."(قلائد الخرائد في أصول العقائد ص50، وانظر نهج المسترشدين:ابن المطهر ص45-47، مجالس الموحدين في أصول الدين:الطبطبائي ص21).
يلاحظ الشيعة أنهم بقولهم عن الله أنه ليس بجسم ولا صورة وما ليس في جهة، لا كم له...الخ. يقولون في التوحيد بنفس قول المعتزلة، وهذه الألفاظ ليست منصوصة في الكتاب، ولا السنة، كما يتضمن إنكار لبعض ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث فيه إنكار علوه سبحانه، وإنكار رؤيته سبحانه، كما يضمن وصف الله تعالى بألفاظ مبتدعة مستحدثة، مع الإعراض عن الألفاظ الشرعية الدينية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وأما الشرع: فمعلوم أنه لم ينقل عن أحد من الأنبياء ولا الصحابة ولا التابعين ولا سلف الأمة أن الله جسم، أو أن الله ليس بجسم، بل النفي والإثبات بدعة في الشرع".(مجموع الفتاوى:5/434).
ويقال إنَّ الطريقة الصحيحة هي طريقة القرآن الكريم، فالنفي في القرآن الكريم يكون مُجْمَلَاً (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ(، وأنَّ الإثبات يكون مُفَصَّلَاً )وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(. وهذا بخلاف طريقة الشيعة ونحوهم من أهل البدع، فإنهم يجعلون الإثبات مُجْمَلَاً، والنفي مُفَصَّلَاً، فيقولون في صفات الله تعالى:إن الله ليس بجسمٍ ولا بشبحٍ ولا بصورةٍ ولا بذي أعضاء ولا بذي جوارح...إلى آخر ما يذكرونه من ألفاظ للسلبيات، وإذا أتى الإثبات إنما أثبتوا مُجْمَلَاً. فصار نفيهم وإثباتهم على خلاف ما دَلَّتْ عليه الآيةلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ). فالمعلوم أن النفي المُجْمَلْ فيه مدح، والإثبات المُفَصَّلْ فيه مدح. ثانيا:الصفات الثبوتية(صفات الجمال والكمال): المراد من الصفات الثبوتية عند الشيعة نفي أضدادها، إذ صفاته تعالى لا كيفية لها ولا سبيل إلى إدراكها.(حق اليقين كتاب التوحيد(الفصل الثالث):عبد الله شبر، ص 41). والمقصود من الصفات الكمالية عند الشيعة هي الصفات التي تدلّ على كمالِ الله في وجوده وذلك كالعلم والقدرة، والحياة، والإرادة والاِختيار وما شابه ذلك.(العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة آل البيت: الشيخ جعفر السبحاني ص 65). ويرون أن كمال التوحيد هو إثباتها لله تعالى، لأن الذات الفاقدة لهذه الصفات تكون محدودة لخروجها عن تلك الذات، ولا شيء من المحدود بواجب ولا خالق، فمن وصف الله تعالى بالصفات الكمالية التي هي عين ذاته فقد وحده. (علي بن موسى الرضا عليه السلام والفلسفة الإلهية: عبد اللّه الجوادي ص 46-47).
يقول محمد رضا المظفر:"صفاته تعالى الثبوتية الحقيقية الكمالية التي تسمى بصفات الجمال والكمال كالعلم، والقدرة، والغنى، والإرادة، والحياة ـ هي كلّها عين ذاته، ليست هي صفات زائدة عليها، وليس وجودها إلاّ وجود الذات؛ فقدرته من حيث الوجود حياته، وحياته قدرته، بل هو قادر من حيث هو حي، وحي من حيث هو قادر، لا إثنينيه في صفاته ووجودها، وهكذا الحال في سائر صفاته الكماليّة.نعم، هي مختلفة في معانيها ومفاهيمها، لا في حقائقها ووجوداتها".(عقائد الإمامية: محمد رضا المظفر ص 33).
والصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين اثنين: صفات الذات، وصفات الأفعال.
1- صفات الذات: هي كونها مستحقة للذات الإلهية استحقاقاً لازماً، لا لشيء سواها. وهي وصفه بأنه حي، عالم، قادر، وإنه لم يزل مستحقاً لهذه الصفات.(البيان في تفسير القرآن:آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي ص 406. العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة آل البيت: الشيخ جعفر السبحاني ص 68). قال الشيخ المفيد:"والمعنى في قولنا صفات الذات:أن الذات مستحقة لمعناها استحقاقا لازما لا لمعنى سواها..فصفات الذات لله تعالى هي الوصف له بأنه حي، قادر، عالم ألا ترى أنه لم يزل مستحقا لهذه الصفات ولا يزال".(تصحيح اعتقادات الإمامية:الإمام الشيخ المفيد ص 41).
2- صفات الأفعال: هي ما تجب بوجود الفعل، ولا تجب قبل وجوده، ووصفه بصفات الأفعال معناه أنه قبل صدور الفعل لا يصح وصفه سبحانه بتلك الصفة، فالصفات الفعلية ترجع إلى الله تعالى، بمعنى أنه خلقها ونسبها إلى نفسه، فلا يقال له خالق، إلا بعد أن يخلق، ولا يقال له رازق، إلا بعد أن يرزق، أي قبل خلقه الخلق لا يوصف بأنه خالق، وقبل إماتته الخلق لا يقال عنه مميت. إلى غير ذلك من الصفات التي لا يصح حملها على الذات إلا بعد وقوع الفعل من الله تعالى. يقول جعفر السبحاني في توضيحها:"وبعبارةٍ أُخرى ما لم يصدر من الله فعل كالخالقية والرازقيّة والغفارية والراحمية، لا يمكن وصفه فعلاً بالخالق والرازق وبالغفّار والرحيم، وإن كان قادراً ذاتاً على الخلق والأرزاق والمغفرة والرحمة".(العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة آل البيت: الشيخ جعفر السبحاني ص 68).
وصفات الأفعال يوصف الله تعالى بضدها، كما يصح خلوه عنها، ويصح أن يقال فيه إنه غير خالق اليوم ولا رازق لزيد، ولا محيي للميت الفلاني، ولا مبدىء لشيء في هذه الحالة.(انظر تصحيح اعتقادات الإمامية: الشيخ المفيد ص41).
إن اعتقاد الشيعة بأنَّ اتصاف الله تعالى بالصفات الفعلية لا يتحقق لله تعالى إلا بعد صدور الفعل منه، فمثلا لا يوصف بالخلق إلا بعد صدور الخلق عنه، يعني أن الله استفاد صفات الكمال من غيره، فلا يكون الله الغني بذاته وصفاته، قال تعالىلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) سورة لقمان:26، وقال تعالىيَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) سورة فاطر:15، واعتقاد الشيعة هذا مخالف لمعتقدات المسلمين، الذين أجمعوا بأن الله تعالى لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ وُصِفَ بِصِفَةٍ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِهَا، لِأَنَّ صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ صِفَاتُ كَمَالٍ، وَفَقْدَهَا صِفَةُ نَقْصٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَصَلَ لَهُ الْكَمَالُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِضِدِّهِ. ومن ذلك صِفَاتُ الْفِعْلِ، كَالْخَلْقِ وَالتَّصْوِيرِ، وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، وَالِاسْتِوَاءِ وَالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ وَالنُّزُولِ، وَالْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال، فالعقلاء من الناس يقولون محال أن يتصف الله تعالى بصفة لم تكن، وإلا كان خاليا من الكمال ثم اتصف به. شرح العقيدة الطحاوية 1/96. يقول صاحب الطحاوية في بيان معتقد أهل السنة والجماعة:"ما زال بصفاته قديما قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفاته وكما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديا، ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا بإحداث البرية استفاد اسم الباري، له معنى الربوبية ولا مربوب ومعنى الخالقية ولا مخلوق، وكما أنه محيي الموتى بعدما أحياهم استحق هذا الاسم قبل إحيائهم كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم". المصدر السابق نفسه.
والصواب في تعريف الصفات الفعلية، أن يقال:هي التي تتعلق بمشيئة الله تعالى واختياره، ويمكن أن تنفك عن الذات على معنى إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، وتقوم بذات الله تعالى بمشيئته واختياره وقدرته، كالخلق والمجيء، والنزول، الرزق، الإحسان، العدل، وقد تسمى الاختيارية، أو الأفعال الاختيارية