أسماء هذه الفرقة:-
1- الشيعة:
لقب الشيعة فـي الأصل يطلق على فرق الشيعة كلها، وسموا بالشيعة لمشايعتهم علي رضي الله عنه وقولهم بوجوب إمامته بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول علامة الشيعة المفيد محمد بن محمد بن النعمان في تعريف شيعته:"بأنهم: أتباعُ أمير المؤمنين علي على سبيل الولاء والاعتقاد لإمامته بعد الرسول بلا فصل, ونفي الإمامة عمَّن تقدَّمَهُ في مقام الخلافة, وجعله في الاعتقاد متبوعاً لهم غير تابع لأحد منهم على وجه الاقتداء".(أوائل المقالات في المذاهب المختارات:أبو عبدالله محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد،تحقيق إبراهيم الأنصاري الزنجاني الخوئيني،سلسلة الكتب العقائدية (188)، إعداد مركز الأبحاث العقائدية ص 35).
ويقول الشهرستاني:"الشيعة هم الذين شايعوا علياً رضي الله عنه على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية، إما جلياً، وإما خفياً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده. وقالوا: ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بنصبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين لا يجوز للرسل عليهم السلام إغفاله وإهماله، ولا تفويضه إلى العامة وإرساله. ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص، وثبوت عصمة الأنبياء والأئمة وجوباً عن الكبائر والصغائر. والقول بالتولي والتبري قولاً وفعلاً وعقداً إلا في حال التقية، ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك".(الملل والنحل: عبد الكريم الشهرستاني 6/146). وقال عبد الرحمن بن خلدون:"اعلم أن الشيعة لغة هم الصحب والأتباع، ويطلق في عرف الفقهاء والمتكلمين من الخلف والسلف على أتباع علي وبنيه رضي الله عنهم، ومذهبهم جميعًا متفقين عليه أن الإمامة ليست من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة، بل يجب عليه تعيين الإمام لهم، ويكون معصومًا من الكبائر والصغائر، وإن عليًا رضي الله عنه هو الذي عينه صلوات الله وسلامه عليه بنصوص ينقلونها ويؤولونها على مقتضى مذهبهم، لا يعرفها جهابذة السنة ولا نقلة الشريعة، بل أكثرها موضوع أو مطعون في طريقه أو بعيد عن تأويلاتهم الفاسدة".(مقدمة ابن خلدون، ص 197،196).
ولكنّ هذا المصطلح اليوم إذا أطلق لا ينصرف إلا إلى طائفة الإثنى عشرية. لأن الزيدية يرون جواز تولية الخلفاء الثلاثة، لأنهم يقولون: بجواز ولاية المفضول مع وجود الأفضل.
2- الإمامية:
قال الشيخ المفيد":الإمامية هم القائلون بوجوب الإمامة، والعصمة، ووجوب النص وإنما حصل لها هذا الاسم في الأصل لجمعها في المقالة هذه الأصول، فكل من جمعها فهو إمامي، وإن ضم إليها حقا في المذهب كان أم باطلا".(الفصول المختارة:الشيخ المفيد ص 296). ويلاحظ أن كاشف الغطا- من شيوخ الشيعة المعاصرين- يستعمل لقب الإمامية بإطلاق على الإثنى عشرية.(أصل الشيعة وأصولها ص 92).
3- الإثنى عشرية:
قال الرافضي المعاصر محمد جواد مغنية:الإثنى عشرية نعت يطلق على الشيعة الإمامية القائلة باثني عشر إماماً تعينهم بأسمائهم.(الإثنى عشرية وأهل البيت: ص15).
ولكنَّ هذا المصطلح لا نجده فـي كتب الفرق والمقالات المتقدمة، فلم يذكره مؤرخو الفرق من الشيعة فالقمي فلم يذكره فـي "المقالات والفرق"، ولا النوبختي فـي "فرق الشيعة"، ولعل أول من ذكره المسعودي(التنبيه والإشراف ص 198)، أمّا من غير الشيعة فلم يذكره الأشعري فـي "مقالات الإسلاميين". ولعله عبد القاهر البغدادي هو أول من ذكر أنهم سموا الإثنى عشرية لدعواهم أن الإمام المنتظر هو الثاني عشر من نسبه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.(الفرق بين الفرق:عبد القاهر البغدادي ص64).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:"قبل وفاة الحسن لم يكن أحد يقول بإمامة المنتظر إمامهم الثاني عشر، ولا عرف من زمن علي، ودولة بني أمية أحد ادعى إمامة الإثنى عشر".(منهاج السنة: 4/209).
والأئمة الاثني عشر في اعتقاد علماء الشيعة الإمامية هم:1-الخليفة الراشد علي بن أبي طالب, يُكنَّى بأبي الحسن, ويلقبونه بالمرتضى، ولد سنة 23 قبل الهجرة, واستُشهد سنة 40هـ. وزعم علامة الشيعة هاشم البحراني أنَّ عليا بن أبي طالب ذكر وحده في القرآن الكريم (1154) مرة وألَّفَ كتاباً سمَّاه:اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية, وطبع في مطبعة نينوى بقم 1385ه. وطبع في المطبعة العلمية بقم عام 1394ه، وجاء في اللوامع النورانية نقلا عن بعض علماء الشيعة أن عليا بن أبي طالب له ثلاثون اسم في كتاب الله تعالى.(انظر اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية: هاشم الحسين البحراني، تصحيح الشيخ محمد درودي، منشورات دار التفسير،الطبع الثانية مطبعة نينوي بقم، ص1). قلت: وهذا دليل على اعتقادهم بوجود قرآن آخر غير الذي بأيدي المسلمين.
2- الحسن بن علي بن أبي طالب, يُكنونه بأبي محمد, ويُلقب بالزَّكيِّ، ولد سنة 2ه- وتوفي سنة 50ه.
3- ابنه الحسين بن علي بن أبي طالب, يُكنونه بأبي عبدالله, ويُلقب بالشهيد ولد سنة 3- واستشهد61.
4- علي بن الحسين بن علي, يُكنونه بأبي محمد, ويلقب بزين العابدين.( 38- 95ه).
5- محمد بن علي بن الحسين, يُكنونه بأبي جعفر, ويلقب بالباقر.(57-114ه).
6- جعفر بن محمد بن علي, يُكنونه بأبي عبدالله, ويلقب بالصادق.(83- 148ه).
7- موسى بن جعفر بن محمد, يُكنى بأبي إبراهيم, ويلقب بالكاظم.(128- 183هـ).
8- علي بن موسى بن جعفر, يُكنى بأبي الحسن, ويلقب بالرضا.(148- 203هـ).
9- محمد بن علي بن موسى, يُكنى بأبي جعفر, ويلقب بالجواد.(195-220هـ).
10- علي بن محمد بن علي, يُكنونه بأبي الحسن, ويلقبونه بالهادي.(212-254هـ).
11- الحسن بن علي بن محمد, يُكنونه بأبي محمد, ويلقبونه بالعسكري.(232-260هـ).
12- محمد بن الحسن بن علي, يُكنونه بأبي القاسم, ويلقبونه بالمهديِّ. يزعمون أنه ولد وأنه حيٌ إلى اليوم. وقد اختلف في يوم ولادته، وفي اسم أمه كما سنوضحه في كتابنا هذا.
ملاحظة:
1- سبب تأخر ظهور مصطلح الإثنى عشرية أن الشيعة كانوا يعتقدون أن الإمامة مستمرة في ذرية علي رضي الله عنه إلى قيام الساعة، ولم يدر في خلدهم انقطاع النسل، فلما لم يعقب الإمام الحادي عشر الحسن بن علي العسكري ولم يكن له ولد تحيرت الشيعة، وظهر تساؤل عن مصير الإمامة بعد الحسن بن علي العسكري، فتفرقت الشيعة إلى فرق شتى تلعن بعضها بعضا وتكفر بعضها بعضا. لذا اضطرت الشيعة إلى اختراع ولد له، ثم اخترعوا له الغيبة حفاظا عليه، وأخذوا يرددون أن رسول صلى الله عليه وسلم يخلفهُ اثنا عشر إماماً، وأخذوا يرددون الأحاديث الدالة على وجود اثني عشر خليفة الواردة في مصادر أهل السنة الحديثية.
2- لقد وردت في أهم كتب الشيعة أن الأئمة ثلاثة عشر، قال الكليني في الكافي: عن أبي جعفر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي:"عن أبي الجاورد عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:إني واثني عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الإثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا".(الكافي: محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني 1/534)، عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت اثني عشر آخرهم القائم عليه السلام، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي".(الكافي: محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني 1/534). فالنص:"فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثني عشر" صريح بأن اثني عشر وصيا إماما من ولد فاطمة، وعلي رضي الله عنه زوجها فليس منهم لأنه ليس من ولد فاطمة رضي الله عنها، يعني اثني عشر وصيا غير علي رضي الله عنه، إذاً: اسم (اثنا عشر) غير صحيح، ولهذا نقترح أن تبحث الشيعة عن اسم غيره يتوافق مع هذين النصين؟!!.
4- الرافضة:
ذهب جمع من العلماء إلى إطلاق اسم الرافضة على الإثنى عشرية كأب الحسن الأشعري فـي المقالات.(انظر مقالات الإسلاميين1/88)، وابن حزم الظاهري فـي الفصل 4/157-158. هذه التسمية ذكرها شيخهم المجلسي فـي كتابه: ( بحار الأنوار) وقيل سمُّوا رافضة لأنهم جاءوا إلى زيد بن علي بن الحسين، فقالوا: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك، فقال: هما صاحبا جدي بل أتولاهما، قالوا:إذا نرفضك، فسمُّوا رافضة، وسمي من بايعه ووافقه زيدية. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "قلت:الصحيح أنهم سموا رافضة لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لما خرج بالكوفة أيام هشام بن عبد الملك".(منهاج السنة: 2/130)
وقيل سمو رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر. وقيل سموا بذلك لرفضهم الدين. يقول أبو الحسن الأشعري:"وإنّما سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر".(مقالات الإسلاميين1/89، وانظر أيضاً في سبب التسمية بالرافضة: (الشهرستاني:الملل والنحل: 1/155، الرازي:اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص77، والإسفراييني:التبصير في الدين ص34، الجيلاني:الغنية 1/76، ابن المرتضى: المنية والأمل ص21).
كما يلاحظ أن كتب الإثنى عشرية تنص على أنّ هذا لقب الرافضة من ألقابهم، وقد أورد شيخهم المجلسي فـي كتابه: بحار الأنوار، باب سماه:"باب فضل الرافضة ومدح والتسمية به"، أربعة أحاديث من أحاديثهم فـي مدح التسمية بالرافضة. وهذا هو الصواب الذي يجب أن يتسمى به القوم نظرا لكونه الاسم الذي ينطبق عليهم حقيقة نظرا لعقائدهم المخالفة-الرافضة- للعقيدة الإسلامية، ولرفضهم إيمان الصحابة وخلافة الخلفاء الراشدين رضي الله عن الجميع. ومن أمثلة ما ذكره في هذا الباب:عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:جعلت فداك، اسم سمينا به استحلت به الولاة دماءنا وأموالنا وعذابنا، قال: وما هو؟ قلت: الرافضة، فقال جعفر:إنّ سبعين رجلاً من عسكر موسى عليهم السلام فلم يكن في قوم موسى أشد اجتهاداً وأشد حباً لهارون منهم، فسماهم قوم موسى الرافضة، فأوحى الله إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني نحلتهم، وذلك اسم قد نحلكموه الله.( بحار الأنوار 68/96-97، وانظر:تفسير فرات ص 139، المحاسن:البرقي ص157، دائرة المعارف:الأعلمي 18/200).
ويرتضي هذه التسمية(الرافضة)علامتهم المعاصر محمد باقر الصدر في كتابه:التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية، مكتبة الخانجي بالقاهرة، 1397هـ-1977م،ص77)، ويرى مقدّم الكتاب والمعلق عليه السيد طالب الحسيني أن الصدر يقصد من (رفض) عدم الاعتراف بشرعية النظام القائم بعد وفاة الرسول عليه السلام_يقصد خلافة الخلفاء الراشدين-باعتباره لا يتفق مع الصورة الحقيقية للقيادة، ونظام الحكم الرشيد.(انظر:هامش الكتاب السابق نفس الصفحة)5- الجعفرية:
وتسمى الإثنى عشرية بالجعفرية نسبة إلى الإمام السادس في سلسلة الأئمة عند الشيعة وهو جعفر الصادق بن محمد الباقر، وهو من باب التسمية للعام باسم الخاص. وسبب ذلك أن معظم الروايات الحديثية في المصادر الشيعية منسوبة له.
وزعم الشيعية أن هذه التسمية ظهرت في الكوفة في عصر الإمام جعفر نفسه فعن أبي الصباح الكناني، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:إنا نعيَّر بالكوفة، فيقال لنا جعفريَّة! قال: فغضب أبو عبد الله عليه السلام. ثم قال:"إن أصحاب جعفر منكم لقليل، إنما أصحاب جعفر من اشتد ورعه، وعمل لخالقه".(تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال للشيخ الجليل أبي العباس أحمد بن علي النجاشي: تأليف محمد علي الموحد الأبطحي، الطبعة الثانية مصححة قم بإيران 1417ه،1/303، اختيار معرفة الرجال(المعروف برجال الكشي):شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي).