إن هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا
حدثنا ابن حميد قال: « حدثنا سلمة بن الفضل قال حدثني محمد بن إسحاق عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا. وقلت: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي وقال هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا».
هذا الحديث باطل سنداً ومتنا:
فأما السند فقد قال الألباني « موضوع» (سلسلة الأحاديث الضعيفة4932). فإن مدار رواياته على ثلاثة، محمد بن اسحاق وعبد الغفار بن القاسم و بن عبد القدوس. أما محمد بن اسحاق: راوي الحديث فهو مختلف في صحته.
وأما عبد الغفار بن القاسم: قال عنه الذهبي « أبو مريم الأنصاري رافضي، ليس بثقة، قال علي بن المديني: كان يضع الحديث، ويقال: كان من رؤوس الشيعة، وروى عباس بن يحيى: ليس بشيء، وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم، وقال أحمد بن حنبل: كان أبو عبيدة إذا حدّثنا عن أبي مريم يضج الناس يقولون: لا نريده، وقال أحمد: كان أبو مريم يحدّث ببلايا في عثمان (ميزان الاعتدال 2/640).
وقال عنه ابن حبّان « كان ممن يروي المثالب في عثمان بن عفان وشرب الخمر حتى يسكر ومع ذلك يقلّب الأخبار ولا يجوز الاحتجاج به، تركه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين» (كتاب المجروحين لابن حبان ص143).
وقـال النسـائي « متروك الحـديث» (الضعفاء والمتروكين للنسائي ص210).
وقال عنه ابن كثير « متروك كذاب شيعي اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث وضعّفه الأئمة رحمهم الله» (تفسير ابن كثير3/364).
وأما المنهال بن عمرو الأسدي الكوفي، فهو صدوق وربما وهم كما في (تقريب التهذيب1/547 ترجمة رقم6918).
وأما عبد الله بن عبد القدوس: قال عنه الذهبي « كوفي رافضي نزل الري، روى عن الأعمش وغيره، قال بن عدي: عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت، قال يحيى: ليس بشيء رافضي خبيث، وقال النسائي وغيره: ليس بثقة، وقال الدارقطني: ضعيـف، وقـال أبومعمر: عبد الله بن عبد القـدوس وكان خشبيـاً» (ميزان الاعتدال2/457).
وأما المتن فالحديث يفيد أن الرسول وعد بأن يكون عليا خليفة النبي من بعده وهذا لم يتحقق. ولا قيمة لقول من يقول: هو مستحق للإمامة وإن لم يبايعه الناس. فإن وعد الرسول لا يمكن أن يخلف.
فإن عليا لما عرضت عليه الخلافة قال « دعوني والتمسوا غيري». فكيف يرفضها من يعلم أنه لا يستحقها غيره؟
ثم إن هنالك ألفاظا أخرى يتمسك بها الرافضة تفيد أن الرسول أخبر أن عليا سوف يكون الخليفة مباشرة من بعده من ذلك حديث: « أيكم يعينني على هذا الأمر فيكون أخي ووصيي وخليفتي» والثاني «أيكم يكون أخي ووصيي ووارثي ووزيري وخليفتي فيكم بعدي» وهذا ظاهر في أنه وعد لا بد أن يتحقق لو كان صحيحا.
وقد جعل الشيعة من استخلاف علي في حياة النبي وسفره ميزة له علي أبي بكر الذي لم يستخلفه النبي.
قلت: استخلاف علي في سفر النبي الذي عادة ما يكون صاحبه فيها أبو بكر لا يمكن أن يكون تفضيلا على أبي بكر. فإن صحبة النبي دائما أفضل من مرتبة الاستخلاف وفي كل فضيلة.
ولم يختلف أحد أن استخلاف علي على فراش النبي أقل فضيلة من فضيلة صحبة أبي بكر للنبي في هجرته إلى المدينة.
وأما الاستخلاف الأكبر فقد أراده الله قدرا وشرعا. وتحقق ما أراد الله وارتضى علي ما أراد الله فبايع الخلفاء الثلاثة وسمى أبناءه بأسمائهم. وزوج أحدهم ابنته.
ولم يخلف رسول الله أحد بعد موته إلا أبو بكر ن فكان هو الخليفة دون غيره ضرورة، وهو الذي صار وليّ الأمر بعده، وصار خليفة له يصلّي بالمسلمين، ويقيم فيهم الحدود، ويقسم بينهم الفيء ويغزو بهم ويحمل راية غزوته علي رضي الله عنه.
بخلاف استخلافه لعلي فلم يكن من خصائص علي، وإنما شاركه في هذه الفضيلة العديد من الصحابة منهم عبد الله بن أم مكتوم وعثمان بن عفان وغيرهما.