مكفرات الذنوب
وقوع الذنب من الصحابي وارد , ولا اشكال فيه , ولا هو مسقط لعدالتهم رضي الله عنهم , وذلك لانهم من البشر , والبشر يخطئون , ويذنبون , وبما ان الذنوب لها مكفرات لعموم الامة فالصحابة داخلون في عموم الامة , ويشملهم ما يشمل غيرهم من هذه المكفرات للذنوب , بل نقول انهم اولى الناس بتكفير الذنوب , وذلك للمدائح القرانية , والنبوية لهم رضي الله عنهم , وبما بذلوا وقدموا نصرة لدين الله تعالى .
ان للذنوب مكفرات كثيرة ومنها :
1 - التوبة : قال الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) : طه } , وقال تعالى : { وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) : الفرقان } , وقال تعالى : { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ( 222 ) : البقرة } وفي سنن ابن ماجة بسند حسن عن عبد الله بن مسعود ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ " سنن ابن ماجه – ابو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني - ج 12 ص 301 , وحسنه العلامة الالباني في صحيح وضعيف ابن ماجة ج 9 ص 250
وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى ثَالِثًا، وَلاَ يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» " صحيح البخاري- بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ المَالِ - ج 8 ج 92
2 – الاستغفار : قال الله تعالى : { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) : نوح } , وقال تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) : الزمر } , وفي صحيح مسلم عن ابي ايوب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " لَوْلَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ يَغْفِرُ لَهُمْ» " صحيح مسلم - بَابُ سُقُوطِ الذُّنُوبِ بِالِاسْتِغْفَارِ تَوْبَةً - ج 4 ص 2105
3 – الاعمال الصالحة : قال الله تعالى : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) : هود } , وفي سنن الترمذي بسند حسن من حديث ابي ذر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال له : " اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ " سنن الترمذى - محمد بن عيسى بن سورة - ج 7 ص 262 , ووحسنه العلامة الالباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي ج 4 ص 487
وفي صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ " صحيح مسلم - بَابُ الْصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعُةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانِ إِلَى رَمَضَانَ مُكفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ – ج 1 ص 209
وفي حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : "
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " صحيح البخاري - بَاب صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ – ج 1 ص 16
4 – الذكر بعد سماع الاذان : ففي صحيح مسلم عن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» " صحيح مسلم - بَابُ الْقَوْلِ مِثْلَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ لِمَنْ سَمِعَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَسْأَلُ لهُ الْوَسِيلَةَ – ج 1 ص 290
5 - الوضوء : ففي صحيح مسلم من حديث عثمان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ» " صحيح مسلم - بَابُ خُرُوجِ الْخَطَايَا مَعَ مَاءِ الْوُضُوءِ – ج 1 ص 216
6 – الصدقة : ففي الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ، وَوَلَدِهِ، وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ، وَالصَّدَقَةُ وَالمَعْرُوفُ " صحيح البخاري - بَابُ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ – ج 2 ص 113 , وصحيح مسلم - بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْإِسْلَامِ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا وَأَنَّهُ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ - ج 1 ص 128
7 – التسبيح : ففي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ " صحيح البخاري - بَابُ فَضْلِ التَّسْبِيحِ – ج 8 ص 86 , وصحيح مسلم - بَابُ فَضْلِ التَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ ج 4 ص 2071
8 – صيام يوم عاشوراء ويوم عرفة : ففي صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ " صحيح مسلم - بابُ اسْتِحْبَابِ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ – ج 2 ص 818
9 – الحج والعمرة : ففي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» " صحيح البخاري - بَابُ فَضْلِ الحَجِّ المَبْرُورِ – ج 2 ص 133 , وصحيح مسلم - بَابٌ فِي فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ – ج 2 ص 982
وفي الصحيحين ايضا من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ» " صحيح البخاري - بَابُ وُجُوبِ العُمْرَةِ وَفَضْلِهَا – ج 3 ص 2 , وصحيح مسلم - بَابٌ فِي فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ – ج 2 ص 983
10 - الأمراض والأحزان والهموم : ففي صحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ " صحيح البخاري - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ المَرَضِ - ج 7 ص 114
وفي الصحيحين من حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المُسْلِمَ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا» " صحيح البخاري - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ المَرَضِ - ج 7 ص 114 , وصحيح مسلم - بَابُ ثَوَابِ الْمُؤْمِنِ فِيمَا يُصِيبُهُ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ حُزْنٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا – ج 4 ص 1992
ان هذه المكفرات للذنوب عامة لكل مسلم , فتكون للصحابة رضي الله عنهم من باب اولى , وذلك لان لهم السبق في كل خير , ولورود المدح الالهي لهم في القران الكريم , وفي السنة النبوية المطهرة , وقد انعقد الاجماع على عدالتهم وفضلهم رضي الله تعالى عنهم , وانهم خير هذه الامة كما ثبت ذلك بالنصوص الشرعية التي ذكرناها .