شبهة آخر موتاكم في النار
أولا: تخريج حديث"آخركم موتا في النار"، المذكور بالطعن فيه: ورد عن
أبي هريرة من طرق، عن:
أبي أويس: رواه الطبراني في المعجم الكبير و الأوسط[ المعجم الكبير رقم: 1084. المعجم الأوسط رقم: 6386 ].قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بن كُسَا الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بن حَرْبٍ النَّشَّائِيُّ، قَالَ: نا أَبُو مَرْوَانَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ يُونُسَ بن عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بن زَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ كُنْتُ تَاجِرًا بِالْمَدِينَةِ، قُلْتُ: أَقْدُمُ، فَإِذَا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ لَقِيَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ فَسَأَلَنِي عَنْ سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ، وَإِذَا قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ سَأَلَنِي سَمُرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كُنَّا سَبْعَةً فِي بَيْتٍ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:"آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ". فَلَمْ يَبْقَ إِلا أَنَا وَسَمُرَةَ. لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يُونُسَ بن عُبَيْدٍ إِلا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بن أَبِي زَكَرِيَّا الْغَسَّانِيُّ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بن حَرْبٍ.
قلت: أبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغساني، قال فيه الحافظ في التقريب: ضعيف، ما له في البخاري سوى موضع واحد متابعة. وقال ابو داوود ضعيف .
سير اعلام النبلاء للذهبي ج5 ص206 (علي بن زيد , قال ابو زرعة وابو حاتم ليس بقوي , وقال البخاري وغيره لا يحتج به , وقال ابن خزيمة لا احتج به لسوء حفظة , وقال حماد بن زيد انه كان يقلب الاحاديث , وقال احمد بن حنبل ضعيف .
وعلي بن زيد ذكره الامام ابن حبان في كتاب المجروحن من المحدثين وذكرة الامام العقيلي في كتاب الضعفاء.
وأبي أُمَين: رواه الدولابي في الكنى والأسماء[ الكنى والأسماء رقم: 100048]، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ويزيد بن سنان، قالا: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا أبو هلال، عن جابر أبي حابس، عن أبي الوازع، عن أبي أمين، عن أبي هريرة، قال: انطلقت أنا وسمرة بن جندب، وعبد الله بن عمرو نطلب النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل لنا: تولى نحو مسجد التقوى، فجلسنا، فلما طلع قمنا، ويده اليمنى على كاهل أبي بكر، ويده اليسرى على كاهل عمر، قال: فلما دنونا، قال: «يا أبا بكر من هؤلاء»؟ قال: أبو هريرة، وسمرة بن جندب، وعبدالله بن عمرو، فقال: «أما إن آخرهم موتا في النار»، سمعت العباس بن محمد يقول: عن يحيى بن معين قال: لم أسمع بأبي أمين، إلا في حديث أبي هريرة: هذا آخركم موتا.
جاء في لسان الميزان لابن حجر[ لسان الميزان لابن حجر 3 / 146]: أبو أُمَيْن بالتصغير: روى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " انطلقت أنا وعبدالله بن عمرو وابن جندب فذكر حديثا طويلاً آخره: "آخركم موتاً في النار"، وعنه أبو الوازع جابر بن عمرو، قال يحيى بن معين في رواية عباس الدُّورِِي عنه: لم أسمع بأبي أمين إلا في هذا الحديث. قلت: أخرج حديثه أحمد في مسنده من هذا الوجه، وقال الحُسَيْني في رجال السند: مجهول. وأقول: بل هو شامي معروف، روى عنه أيضاً: أَرْطَاة بن المنذر، ومعاوية بن صالح، وذكر الحاكم أبو أحمد في الكنى أن اسمه كثير بن الحارث الذي روى عن القاسم بن عبدالرحمن، وفي ما قاله نظر؛ لأنه متأخر الطبقة عن هذا، نعم هو يُكنى أبا أمين أيضاً، وهو في التهذيب.
قلت: لكن يبقى مجهول الحال. وشيخه أبو الوازع قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق يَهِم.
أبو هلال الراسبي
واسمه محمد بن سليم وفيه ضعف.
أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: كان أبو هلال أعمى فكان لا يحدث حتى ينسب من عنده، قالوا: وتوفي أبو هلال سنة خمس وستين ومائة في خلافة المهدي. الطبقات الكبري لابن سعد
297 - محمد بن سليم أبو هلال يقال له الراسبى ولم يكن من بنى راسب انما كان نازلا فيهم، كان يحيى بن سعيد لا يروى عنه وابن مهدى يروى عنه وهو مولى سامة بن لؤى من قريش بصرى سمع الحسن وابن سيرين، قال لى محمد بن محبوب مات في ذى الحجة سنة سبع وستين ومائة. التاريخ الكبير للبخاري جزء1
(516) محمد بن سليم أبو هلال الراسبي ليس بالقوي . الضعفاء والمتروكين .
وقال الالباني : فيه لين . السلسلة الضعيفة ج1 ص618
وحجر أبي عمارة: رواه الدُّولابي في الكنى والأسماء[ الكنى والأسماء رقم: 955] قال: حدثنا أحمد، وعلي: ابنا حرب، قالا: حدثنا القاسم بن يزيد، عن شريك، عن عبيدالله بن سعد، عن حجر أبي عمارة، قال: جلبت غنما إلى المدينة، فجئت إلى أبي هريرة، فسألني، فأخبرته، قال: ما فعل سمرة بن جندب؟ قلت: حي، قال: ما على الأرض أحد أحب إلي حياة منه. قلت: لم ذاك؟ قال: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي وله ولآخر: «آخركم موتا في النار».
فيه: شريك بن عبدالله النَّخَعي : روى علي عن يحيى بن سعيد تضعيفة جداً .
وقال ابن المثنى : مارأيت يحيى ولا عبدالرحمن حدثا عن شريك شيئاً .
وروى محمد بن يحيى القطان عن ابيه قال : رأيت تخليطاً في اصول شريك .
وقال عبدالجبار بن محمد : قلت ليحيى بن سعيد : زعموا ان شريكاً انما خلط بأخرة ! قال : مازال مخلطاً .
قال ابن معين : شريك بن عبدالله بن سنان بن انس النخعي جده قاتل الحسين .
وقال ابن معين : كان عبدالرحمن يحدث عن شريك . وعن ابن المبارك قال : ليس حديث شريك بشئ .
وقال الجوزاني : سئ الحفظ مضطرب الحديث مائل ... راجع جميع اقوال العلماء ((مهم جداً)) في ميزان الاعتدال ج 3 ص 374 طبعة دار الكتب العلمية بيروت – لبنان
وأبي نضرة: رواه البيهقي في دلائل النبوة[ دلائل النبوة رقم: 2788] قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، ببغداد، أخبرنا عبدالله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا عبيدالله ابن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعشرة في بيت من أصحابه: «آخركم موتا في النار». فيهم: سمرة بن جندب. قال أبو نضرة: فكان سمرة آخرهم موتا. قال البيهقي: رواته ثقات؛ إلا أن أبا نضرة العبدي لم يثبت له عن أبي هريرة سماع، فالله أعلم. وروي من وجه آخر موصولا عن أبي هريرة.
وأنس بن حكيم: رواه البيهقي في دلائل النبوة[ دلائل النبوة رقم: 2789]، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا إسماعيل بن حكيم، حدثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن حكيم الضبي، قال: كنت أمر بالمدينة فألقى أبا هريرة فلا يبدأ بشيء يسألني حتى يسألني عن سمرة، فإذا أخبرته بحياته وصحته فرح، فقال: إنا كنا عشرة في بيت، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا، فنظر في وجوهنا، وأخذ بعضادتي الباب، ثم قال: «آخركم موتا في النار». فقد مات منا ثمانية، ولم يبق غيري وغيره فليس شيء أحب إلي من أن أكون ذقت الموت.
فيه: إسماعيل بن حكيم الخزاعي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح و التعديل و سكت عنه. وأنس بن حكيم الضبي مجهول، جهله كل من ابن المديني وابن القطان[ تهذيب التهذيب 1/327]. وأما توثيق ابن حبان فلا يلتفت إليه في هذا الموطن؛ لأنه لم يَخْبُرْ حال الرجل، واكتفى بقوله: روى عن أبي هريرة، وروى عنه الحسن[ الثقات 4/50].
رواه كل من: البيهقي[ دلائل النبوة رقم: 2790] وأبي نُعَيْم[ دلائل النبوة رقم: 478] في دلائل النبوة، من طريق الحَجّاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن أوس بن خالد، قال: كنت إذا قدمت على أبي محذورة سألني عن سمرة، وإذا قدمت على سمرة سألني عن أبي محذورة، فقلت لأبي محذورة: ما لك إذا قدمت عليك سألتني عن سمرة، وإذا قدمت على سمرة سألني عنك؟ فقال: إني كنت أنا وسمرة وأبو هريرة في بيت، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «آخركم موتا في النار». فمات أبو هريرة، ثم مات أبو محذورة، ثم سمرة.
قال البيهقي: وروي من وجه آخر ذُكِرَ فيه عبدالله بن عمرو بَدَلَ أبي محذورة، والأول أصح.
قال الهيثمي: رواه الطبراني، وأوس بن خالد لم يرو عنه غير علي بن زيد، وفيهما كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح[ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي 8/290].
قلت: أوس بن خالد جُهِّل وضُعِّف، قال البخاري: عامة ما يرويه عن سمرة مرسل، في إسناده كلام؛ لأن أوسا لا يروي عنه إلا علي بن زيد، وعلي فيه بعض النظر. وقال الأزدي: منكر الحديث. وقال ابن القطان: أوس مجهول الحال، له ثلاثة أحاديث عن أبي هريرة منكرة. وذكره ابن حبان في الثقات[ تهذيب التهذيب لابن حجر 1 / 334].
وأما ابن حبان فلم يزد على أن كشف إرسال أوس، وذكر ثلاثة رواة عنه، ولا يكفي في توثيقه على منهج جماهير المحدثين، ولذلك قال عنه ابن القطان: مجهول الحال.وأما علي بن جدعان وإن كان مختلفا فيه، فالراجح التضعيف الوارد فيه مفسرا، قال عنه شعبة: كانا رفاعا. وقال حماد بن زيد: يقلب الأحاديث، وقال: كان علي بن زيد يحدث بالحديث فيأتيه من الغد فيحدث به كأنه حديث آخر[ الضعفاء للعقيلي 3/231]. فهل بعد هذا يوثق !؟
- وله طريق أخرى مرسلة: رواها البيهقي في دلائل النبوة[ دلائل النبوة رقم: 2791] أيضا قال: أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، قال: سمعت ابن طاوس، وغيره، يقولون: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة ولسمرة بن جندب ولرجل آخر: «آخركم موتا في النار». فمات الرجل قبلهم وبقي أبو هريرة بالمدينة، فكان إذا أراد الرجل أن يغيظ أبا هريرة يقول: مات سمرة بن جندب، يعني: فإذا سمعه غشي عليه وصعق، ومات أبو هريرة قبل سمرة فقتل سمرة بشرا كثيرا.
قال البيهقي: هذا مرسل وهو يؤكد ما قبله.
فها هي ذي طرق الحديث كلها لا تخلو من مقال موهن للحديث.
وأما المتن فمنكر، لأمرين:
الأول: اضطرابه، فمرة جاء فيه أن الرسول صلى الله عليه وآله قالها لعشرة من أصحابه، ومرة: لسبعة، ومرة: لثلاثة، ومرة: ذكر عبدالله بن عمرو بن العاص ثالث الثلاثة، ومرة: عوض بأبي محذورة. والاضطراب مانع من تقوية الطرق خصوصا إذا كانت الآفة من المجاهيل وممن لا يُعْرَف، أو ممن عُرِف بالقلب والخلط. والدلائل على هذا شاهدة و معروفة في كتب التخريج.
الثاني: فُطِرَ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على الرحمة، و سماه ربه عز و جل في محكم كتابه: رؤوفا رحيما، فكيف يُفْزِع ثلاثة من أصحابه طول حياتهم بهذا الحديث، في حين أن المنافقين أعداء الإسلام لم يعلن أسماءهم؛ بل كتمها و أسرها لكاتم سره: حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
وأما إذا أراد التصريح بعيب في شخص ما فلا يواجهه به؛ و إنما يفصح عن ذلك في غيبته من باب النصح والتحذير. و الله أعلم.
------------------------------------------------------------------------------------
ثانيا: سقوطه في النار :
وقد تعلق من اتكأ على هذه الشبهة بـ:
كلام لابن عبدالبر في الاستيعاب، قال: وكانت وفاته بالبصرة في خلافة معاوية سنة ثماني وخمسين، سقط في قدر مملوءة ماء حاراً، كان يتعالج بالقعود عليها من كزاز شديد أصابه، فسقط في القدر الحارة، فمات، فكان ذلك تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولأبي هريرة ولثالث معهما: "آخركم موتاً في النار"[ الاستيعاب 1/197].
قلت: وأما سقوطه في النار، فلا يُحْتَفَلُ به، قال البيهقي في دلائل النبوة[ دلائل النبوة رقم: 2794]: بلغني عن هلال ابن العلاء الرقي أن عبدالله بن معاوية حدثهم عن رجل قد سماه: «أن سمرة استجمر، فغفل عنه أهله حتى أخذته النار». هذا معلق، وفيه: رجل مبهم، فكيف يعتمد عليه!؟
وله طريق أخرى، أشد ضعفا منها: ذكرها العراقي في تخريج أحاديث الإحياء[ الإسفار عن حمل الأسفار في الأسفار بتخريج ما في الإحياء من الأخبار رقم: 2544] قال : وقال ابن عبد البر: إنه سقط في قدر مملوءٍ ماءً حارا فمات. روي ذلك بإسناد متصل إلا أن فيه داود ابن المحبر، وقد ضعفه الجمهور.